5 أنماط لمتلازمة المُحتال و6 نصائح للتخلص منها

هل سبق لك أن نظرت إلى نفسك على أنَّك محتال، أو أنَّك شخص لا تستحق النجاح الذي حقَّقته، أو شعرت أنَّ الآخرين ينظرون إليك على أنَّك محتال؟ إذا كان لديك أي من هذه الأعراض فأنت تعاني من متلازمة المحتال، ولست الوحيد الذي يعاني منها، فقد وجدت الدراسات أنَّ 70% من الناس قد اختبروا الشعور بأنَّهم محتالون في وقت من الأوقات.



وفي هذا المقال، سنتحدَّث بالتفصيل عن متلازمة المحتال، حتى تتمكن من التعرف إلى الأعراض، ومن ثمَّ اتخاذ الخطوات التي تساعدك على الشفاء منها، وبمساعدة أستاذ علم النفس التربوي في "جامعة تكساس" (University of Texas) الدكتور "كيفين كوكلي" (Kevin Cokley) ستتعرف إلى كل ما تحتاج إلى معرفته عن هذه المتلازمة.

ما هي متلازمة المحتال؟

متلازمة المحتال هي ظاهرة نفسية، تشعر فيها أنَّك لا تستحق الإنجازات التي حققتها، أو أنَّ لا فضل لك في النجاح الذي وصلت إليه، وقد تكون دائم القلق من أنَّ الآخرين سيفضحون أمرك على أنَّك محتال.

الأشخاص المصابون بمتلازمة المحتال غير قادرين على الاعتراف لأنفسهم بأنَّهم يستحقون النجاح الذي حققوه؛ فمثلاً الممثل المصاب بهذه المتلازمة يشعر أنَّه محتال مع أنَّه حصد لقب أفضل ممثل للعام، والسبب أنَّه لا يستطيع التخلص من هذا الشعور الداخلي بأنَّه وصل إلى هذا الإنجاز بالاحتيال.

فقد يظن الممثل في مثالنا هذا، أنَّه حصل على هذا اللقب بواسطة الحظ، أو أنَّه تمكَّن من جذب انتباه الجميع في السنوات القليلة الماضية بواسطة الحيلة، لكن سيُكتَشف أمره قريباً وسيُفضَح على أنَّه محتال.

وفي حين تجعل التغذية الراجعة الإيجابية الشخص السوي يشعر بالرضى ويثق بقدراته، فإنَّ الشخص المصاب بمتلازمة المحتال ينظر إلى المديح الذي يتلقاه من الآخرين على أنَّه تقدير مبالغ فيه لقدراته وليس تقييماً دقيقاً.

مَن الذي يصاب بمتلازمة المحتال؟

على الرغم من انتشار هذه المتلازمة، إلا أنَّ الحديث عنها قليل، ويمكن أن يُصاب أي شخص بمتلازمة المحتال ومن مختلف الفئات، سواء من المهنيين أم الطلاب، وحتى الأشخاص الذين بلغوا مستويات عالية من النجاح والتفوق.

حتى السيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة الأمريكية "ميشيل أوباما" (Michelle Obama)، والكاتب الإنكليزي "نيل جيمان" (Neil Gaiman)، والشاعرة الأمريكية "مايا أنجيلو" (Maya Angelou) قد اعترفوا بإصابتهم بنوبات من متلازمة المحتال.

يمكن أن يكون لهذه المتلازمة آثار مدمرة؛ إذ تشير الدراسات إلى أنَّ متلازمة المحتال يمكن أن تؤدي إلى انخفاض في الأداء الوظيفي وتدنِّي الشعور بالرضى، فضلاً عن زيادة القلق والاكتئاب، ومع أنَّ جميع الناس معرَّضون للإصابة بمتلازمة المحتال، إلا أنَّ بعض الأشخاص أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بها وخاصةً النساء.

اختبار لتعرف ما إذا كنت تعاني من متلازمة المحتال:

أجب بـ "نعم" أو "لا" عن أسئلة هذا الاختبار:

  • هل سبق وشعرت بأنَّك لا تستحق ما حققته من إنجازات؟
  • هل سبق وشعرت بالقلق من أن يكتشف الناس أنَّك في الحقيقة غير جدير بما حققته؟
  • بعد تحقيق النجاح، هل ترفض أن تعترف لنفسك بأنَّ ما حققته كان بسبب جهودك وتعزو نجاحك إلى الحظ أو التوقيت الجيد؟
  • هل تظن أنَّك خدعت الآخرين حتى يظنوا أنَّك أكثر نجاحاً مما أنت عليه في الواقع؟
  • هل تظن أنَّ الآخرين يبالغون بتقدير نجاحك؟

إذا أجبت بـ "نعم" عن أكثر من اثنين من هذه الأسئلة، فربما تكون تعاني من مستوى معين من متلازمة المحتال.

يمكن لهذا الاختبار أن يوضِّح احتمالية الإصابة بهذه المتلازمة فقط، أما إذا كان الوضع الذي تعاني منه يجعلك تشعر بمعاناة نفسية شديدة، فربما يجب أن تستشير معالجاً للحصول على تقييم رسمي وخطة للعلاج.

5 أنماط لمتلازمة المحتال:

متلازمة المحتال ليست متشابهة لدى جميع المصابين، فقد وجدت الدكتورة "فاليري يونغ" (Valerie Young) - وهي الخبيرة في هذه المتلازمة - 5 أنماط من الناس الذين يصابون بهذه المتلازمة، وهم:

1. المثالي:

يركِّز الشخص المثالي على الطريقة التي يجب أن يُنجز بها الشيء؛ إذ يريد أن يُنجَز أي مشروع أو مهمة إنجازاً مثالياً تماماً، وعندما لا تُنجَز المهمة إنجازاً مثالياً، تبدأ متلازمة المحتال بالظهور لدى هذا الشخص، وهذه بعض السمات التي يتميز بها الشخص المثالي:

  • يلتزم دائماً بالمعايير المثالية.
  • يُتَّهم بأنَّه يمارس أسلوب الإدارة التفصيلية.
  • حتى عندما يقدِّم عرضاً ناجحاً فإنَّه يوبخ نفسه لمجرد أنَّه نسي تفصيلاً بسيطاً.
  • لا يقبل بأقل من المركز الأول وما عدا ذلك فهو فشل.

علاج المتلازمة في حالة الشخص المثالي:

للتخلص من مثاليتك، جرِّب طريقة "جيد بما فيه الكفاية"؛ ومن الأفضل الحصول على شيء جيد بدلاً من السعي إلى الحصول على أفضل نتيجة.

يرغب المثاليون في تخصيص مزيدٍ من الوقت في التحضير؛ لذلك يجب أن تكسر هذه الحلقة من خلال القيام بشيء ما فعلياً، وفيما يأتي بعض الإجراءات التي تساعدك على تقبُّل نفسك دون أن تكون مثالياً:

  • التأكيد على عدم الحاجة إلى الوصول إلى الكمال: عندما تشعر أنَّك تحاول أن تكون مثالياً، فردد عبارات تشجيع إيجابية مثل: "لا بأس بأن يُنجَز 75% من المشروع بدلاً من إنجازه بنسبة 100%"، أو "من الأفضل الحصول على نتيجة جيدة اليوم بدلاً من الحصول على نتيجة مثالية في الغد"، كرر عبارات التشجيع هذه يومياً.
  • الرسم غير المكتمل: أحضر قلماً وورقة وابدأ برسم شيء ما، فقد ترغب في رسم شخص ما أو منزلك أو آلة موسيقية، فاضبط ساعتك لمدة دقيقتين وابدأ الرسم، وحاول إضافة أكبر قدر ممكن من التفاصيل في اللوحة لكن لا ترسم بسرعة كبيرة.

وعندما تنتهي مدة الدقيقتين ألقِ نظرة على ما رسمته، فإذا وجدت أنَّها لم تنتهِ، فيكون الهدف من التمرين قد تحقَّق؛ وهو أن تتقبَّل عملك غير المكتمِل وتشعر بالرضى حيال ذلك.

  • وضع أهداف واقعية: إذا كنت من النوع الذي يضع قائمة بالأهداف التي تريد تحقيقها، فراجِع هذه القائمة مجدداً، وتأكَّد من أنَّ الأهداف التي وضعتها واقعية؛ وذلك لأنَّك ربما تكون قد وضعت أهدافاً مبالغاً فيها.

2. العبقري بالفطرة:

هل تظن أنَّك يجب أن تكون دائماً ذكياً، وسريع التعلُّم أو متفوقاً في كل شيء تدرسه؟ إذاً ربما تكون عبقرياً بالفطرة، وغالباً ما يكون الأشخاص المجتهدون والمتفوقون والذين ينشدون الكمال هم أكثر الأشخاص عرضة للشعور بأنَّهم محتالون.

يميل العباقرة بالفطرة إلى مقارنة أنفسهم بالمحترفين في نفس مجالهم، ويتساءلون عن السبب الذي منعهم من أن يكونوا في نفس موقع أولئك الأشخاص، وغالباً لا يدرك العباقرة بالفطرة وجود عملية في منتصف المرحلة تُسمى التعلُّم، وهي التي تنقل المبتدئين إلى المستوى الاحترافي؛ لذلك عندما يواجهون انتكاسات، فإنَّهم عادةً ما يشككون في كفاءتهم، ويشترك العباقرة بالفطرة بالسمات الآتية:

  • يؤمنون بأنَّ الناس موهوبون أو ماهرون بالفطرة.
  • يصابون بالإحباط بسهولة، وينتقلون بسرعة من هواية إلى أخرى.
  • يرون أنَّ كل مَن حولهم يحققون النجاح بينما هم الوحيدون الذين يفشلون.

علاج المتلازمة في حالة العبقري بالفطرة:

لتتخلص من عقدة العبقرية لديك، حاول استبدالها بعقلية النمو؛ إذ إنَّ هذه العقلية تعني أنَّه من خلال بذل الجهد ستكون قادراً على تحسين قدراتك ومهاراتك ومواهبك، وهي على النقيض من العقلية التي تؤمن بأنَّ الناس يُولَدون بمهارات أو مواهب ولا يكتسبونها، فعندما تمتلك عقلية النمو أو الازدهار، ستبدأ بتوجيه جهودك في المجال الذي يؤدي إلى تحقيق أهدافك.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح مؤكدة لاكتساب الثقة بالنفس

3. الخبير:

يسعى هذا النمط من الأشخاص إلى كسب مزيد من المعرفة والخبرة والمكافآت، وحتى عندما يحققون النجاح والشهرة في مجال عملهم فإنَّهم يظنون أنَّ ذلك ليس كافياً.

وفي الواقع ظهر المصطلح الأصلي "ظاهرة المحتال" (impostor phenomenon) في عام 1978، بعد فحص مجموعة من النساء المتفوقات مهنياً ولكنَّهن يشعرن باستمرار بأنَّ مستواهن متدنٍ وأنَّهن يخدعن الآخرين.

يسعى الشخص الخبير جاهداً إلى أن يكون مثالياً ليُرضي الآخرين، وهو يشعر بأنَّه يحتال لأنَّه يوجد دوماً شخص آخر أفضل منه، وهذه بعض السمات التي يتميز بها الخبير:

  • يميل إلى الاستعداد الكامل من خلال القراءة المكثفة للكتب والخضوع لدورات تدريبية مكثفة وما إلى ذلك، قبل البدء بمشروع كبير أو أداء عرض تقديمي.
  • يتجنب التقدُّم لوظائف؛ وذلك لأنَّه يظن أنَّه لا يستوفي الشروط المطلوبة.
  • حتى لو كان يعمل في وظيفته لعدة سنوات، فإنَّه يشعر بأنَّه ليس خبيراً بما يكفي.

علاج المتلازمة في حالة الشخص الخبير:

يجب أن يدرك الخبير أنَّه لا توجد نقطة تنتهي عندها المعرفة؛ لذلك بدلاً من السعي الدائم إلى الحصول على مزيدٍ من المعرفة والمهارات، فيجب أن تحاول الحصول عليها عند الحاجة فقط، وهذا يعني التركيز الكامل على تحسين مهارة واحدة بدلاً من تشتيت انتباهك بين عدة مجالات.

على سبيل المثال، إذا كنت مهتماً بعدة مجالات مثل برمجة الحاسوب والتدريب على القيادة والمهارات الهندسية، ولكنَّك ستُرقَّى إلى منصب مدير في القريب العاجل، فيجب أن تركِّز على التدريب على القيادة حالياً وبنسبة 100%.

4. العازف المنفرد:

يُسمى هذا النمط من الأشخاص بالعازف المنفرد؛ وذلك لأنَّه يظن أنَّه قادر على القيام بأي شيء بنفسه، ويفضِّل القيام بالأشياء دون طلب المساعدة؛ والسبب هو ظنُّه أنَّ طلب المساعدة من الآخرين هو دليل على الضعف، وهذه بعض السمات التي تتميز بها شخصية العازف المنفرد:

  • يشعر أنَّه يحتاج إلى مزيد من الوقت من أجل التحضير.
  • يفضِّل المشاريع الفردية أكثر من المشاريع الجماعية.
  • لا يطلب المساعدة حتى لو احتاج إلى ذلك.

علاج متلازمة المحتال في حالة العازف المنفرد:

قد يكون سبب عدم الطلب من الآخرين هو أنَّك لا تجد الأشخاص المناسبين لتطلب منهم؛ لذلك حاول أن تتذكَّر أفضل 5 أشخاص تقضي وقتك معهم، وإذا كان هؤلاء الأشخاص إيجابيون وداعمون، فيجب عندها أن تحاول التعلُّم منهم.

5. البطل الخارق:

يحب هذا النمط من الناس، تحمُّل مزيدٍ من المسؤولية، ولا يجيدون الرفض، وغالباً ما يعملون بجد أكثر من أقرانهم، ويحاولون إنجاز العديد من المهام في وقت واحد، وهذا يجعلهم يصابون بالإرهاق المُفرط.

فيما يأتي بعض السمات التي تُميز شخصية البطل الخارق:

  • يحاول التعامل مع عدة مهام في وقت واحد، مثل العمل والأعمال المنزلية والدراسة والعمل الإضافي وما إلى ذلك.
  • غالباً ما يعمل لساعات إضافية بعد انتهاء ساعات العمل العادية.
  • يهمل أصدقاءه أو عائلته وحتى هواياته من أجل العمل لساعات إضافية.

علاج متلازمة المحتال في حالة البطل الخارق:

توجد عدة احتمالات، فإذا كنت تبذل قصارى جهدك لإنجاز الأعمال، فأنت أيضاً تجعل الناس يشعرون بالرضى؛ أي إنَّك تجتهد لفعل الخير من أجل نفسك، ومن أجل الآخرين أيضاً؛ فأنت تريد إبهار الآخرين وإثارة إعجابهم، وطريقتك لتحقيق ذلك هي من خلال تحمُّل مسؤولية إضافية.

6 نصائح لعلاج متلازمة المحتال:

1. اتَّبع طريقة "إميل كوي" (Émile Coué):

هي طريقة لعالِم النفس "إميل كوي" تهدف إلى توجيه أفكارك ومشاعرك وسلوكاتك من خلال تغيير حديثك مع نفسك، ويمكن القيام بها من خلال 3 خطوات بسيطة:

  1. اختيار عبارة مخالفة لمتلازمة المحتال، مثل عبارات الإطراء الإيجابية أو عبارة خاصة بك تساعدك على التخلص من متلازمة المحتال.
  2. اختيار مكان لا تتعرض فيه للتشتيت، ويمكن أن يكون هذا المكان هو غرفتك، أو ربما تفضِّل أن تكون في الهواء الطلق؛ لذلك قد يكون مكانك المفضَّل هو الحديقة.
  3. اختيار صورة ذهنية، وهذا هو الجزء الأهم في هذه العملية؛ إذ يجب أن تختار صورتك الذهنية الفريدة التي يمكنك تصوُّرها وربطها بالعبارة التي اخترتها في البداية.

وفي كل مرة تفكِّر في هذه الصورة ستتذكر عبارتك الخاصة؛ فمثلاً، يمكنك تخيُّل فراشة وربطها بعبارة الإطراء، ومن خلال تكرار العبارة الخاصة بك في أثناء تخيُّل الصورة لبضع دقائق في اليوم، سترتبط الصورة التي تخيلتها بالعبارة الخاصة بك.

مع مرور الوقت، سيعتاد عقلك تلقائياً على تصديق أفكارك؛ لذا جرِّب هذه التقنية لمدة أسبوعين وستلاحظ كيف سيتلاشى شعورك الداخلي بأنَّك محتال، وإذا راودتك أفكار من قبيل أنَّك لا تستحق النجاح الذي حققته، أو أنَّ ما حققته كان ضربة حظ لا أكثر، فتوقَّف قليلاً وسجِّل ملاحظة في دفتر يومياتك أنَّ لديك هذه الأفكار بسبب متلازمة المحتال، ومن ثمَّ كرر عبارتك وتخيَّل الصورة المرتبطة بها.

وتخيَّل الصورة المرتبطة بعبارتك في كل مرة تجد نفسك تقول شيئاً سلبياً، وتخيَّلها قبل المناسبات التي تتطلب منك التحدث أمام مجموعة من الناس، وقبل اجتماعات العمل؛ إذ ستساعدك هذه الطريقة على تعزيز تقنية "كوي".

2. اعترف لنفسك بالجانب الذي تحاول إخفاءه عن الآخرين:

جميعنا نملك جانباً نحاول إخفاءه عن الآخرين، ويمكن تؤدي متلازمة المحتال دوراً في إرسال إشارة إليك بأنَّك تُخفي شيئاً عن الناس، ومواجهة هذا الجانب الذي تخفيه مباشرة يمكن أن تكون طريقة إيجابية لعلاج المتلازمة.

وللقيام بذلك، أحضِر ورقة وقلماً، واكتب كل شيء تظن أنَّك تحاول إخفاءه، بدءاً من توقعاتك التي تصنفها على أنَّها سخيفة والجوانب السيئة في شخصيتك وكل الأشياء التي تجعلك تشعر أنَّك محتال.

ومع أنَّ هذه الممارسة لن تساعدك على التخلص من الجوانب السيئة في شخصيتك، إلا أنَّ التعبير عنها بالكتابة يمكن أن يساعدك على رؤيتها من منظور مختلف، ومن ثم تقبُّلها على نحوٍ أفضل، وستشعر أنَّك أزحت عبئاً ثقيلاً عن كاهلك، وإذا كان لديك الشجاعة الكافية، فيمكنك مشاركة هذه الأفكار التي كتبتها مع صديق مقرَّب؛ إذ يمكنكما التحدث معاً عنها.

على سبيل المثال، قد تكتب أنَّك تشعر أنَّك أناني لأنَّك لا تعتني بقريبك المسن كما ينبغي، أو أنَّك تجد نفسك مملاً وغير ظريف، وعندما تتحدث مع صديقك عن هذا، فقد يؤكِّد لك أنَّك تؤدي واجبك مع قريبك المسن، وأنَّك في الواقع ظريف ومرِح.

يمكن أن يساعدك هذا النوع من المحادثات على جعلك أكثر فهماً لمشكلتك، ومن الممكن أن يجعلك ترى أجزاء إيجابية من شخصيتك لم تكن تفكِّر فيها من قبل.

3. احصل على مكاسب صغيرة:

هل يجب أن تبذل مزيداً من الجهد؟ أو أن تتحمَّل مزيداً من المخاطر؟ كثيراً ما تتبادر هذه الأسئلة إلى أذهان الأشخاص المصابين بمتلازمة المحتال، والسبب هو أنَّهم يشعرون أنَّهم لا يبذلون ما يكفي من جهد أو أنَّ عليهم العمل بجد أكبر، والجواب هو أنَّه يجب أن تتحمل مزيداً من المخاطر لكن إذا كانت هذه المخاطر مدروسة.

فعندما نجازف وننجح، نشعر غالباً بنشوة المنتصر، كما نشعر بالرضى عن أنفسنا، وكلما شعرنا أنَّنا ناجحون، زادت فرصتنا في تحقيق مزيد من النجاح، وهذه هي حلقة النجاح التي يمكننا تطويرها، لكن ألا يؤدي تحقيق مزيد من النجاح إلى تعزيز متلازمة المحتال؟

بالتأكيد، يمكن أن يحدث ذلك إذا لم توظِّف مكاسبك توظيفاً صحيحاً؛ فالنجاح رائع، لكن يجب أن نمنح أنفسنا الوقت الكافي لدمج هذا النجاح الجديد في هويتنا، وهذا هو سبب إفلاس 70% من الفائزين باليانصيب بعد بضع سنوات، فهم لا يطوِّرون أبداً ما يلزم لتحقيق النجاح في المقام الأول.

وقد وجدت دراسة ضخمة تناولت 238 موظفاً، أنَّ الحصول على مكاسب صغيرة يساعد على زيادة الحافز وبناء الثقة بالنفس؛ لذلك لتوظيف نجاحاتك لمصلحتك، حاول الاحتفاظ بدفتر يوميات تُسجِّل فيه نجاحاتك، أو دفتر امتنان؛ وذلك لأنَّ هذه الممارسة هامة من أجل النصيحة التالية.

4. احتفظ بملف للنجاحات:

لا شيء يجعلك تستمر في العمل أكثر من كتابة الأشياء التي تشعر بالامتنان لأجلها؛ إذ أثبتت الكتابة أنَّها علاج ممتاز لمتلازمة المحتال، فعندما تراودك الشكوك عن نفسك، أخرِج دفترك واكتب 5 أشياء تشعر بالامتنان لوجودها، أو اكتبها في مفكرة على هاتفك المحمول، والتقط لها لقطة شاشة، واحفظ الصورة في مجلد باسم "ملف النجاح"، ويمكنك أيضاً الاحتفاظ بأكثر اللحظات التي تجعلك تشعر بالفخر في يومك أو أي انتصارات صغيرة حققتها.

عندما تحاول إحراز تقدُّم في علاجك من متلازمة المحتال، فمن المفيد أن يكون لديك قائمة تحتوي بعض الأشياء التي ترفع من معنوياتك؛ لذلك اكتب ما يقوله الآخرون عنك على سبيل المديح، ودوِّن إنجازاتك حتى تتمكن من التفكير فيها ملياً فيما بعد تفكيراً صحيحاً.

وقد يكون أحد هذه الأشياء مكافأة حصلت عليها في العمل، أو تعليقاً على موقع "فيسبوك" (Facebook) من أحد أصدقائك يُبدي فيه إعجابه بمناسبة أقمتها في الفترة الأخيرة، أو رسالة حب من شريكك العاطفي.

وفي بعض الأحيان ننسى أنَّنا نستحق هذه الأشياء؛ لذلك إذا كنت تعلم أنَّ لديك بعض أعراض متلازمة المحتال، فابدأ بجمع الأشياء التي تذكِّرك بنجاحك في دفتر يوميات خاص بهذه الأشياء، وكما ذكرنا، يمكن أن تكون هذه الأشياء رسائل البريد الإلكتروني من الزملاء أو الأصدقاء أو العائلة، أو رسالة تلقيتها، أو صوراً لك في مناسبات جعلتك فخوراً بنفسك.

5. خذ استراحة من مواقع التواصل الاجتماعي:

إذا كنت تتصفَّح مواقع التواصل الاجتماعي باستمرار، فقد تقارن نفسك بالآخرين مقارنةً تحطُّ من قيمتك؛ فيمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي أحياناً سبباً في جعل الناس يشعرون بأنَّهم لا يحرزون أي تقدُّم؛ فمشاهدة الأشخاص الذين يشاركون أفضل لحظاتهم تؤثر سلباً في تقديرك لنفسك، خاصةً إذا كان نمط حياتك يختلف عن نمط حياتهم.

ولكي تتخلص من الآثار السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي، ضع هدفاً سنوياً أو نصف سنوي، تقوم خلاله بالامتناع عن استخدام هذه المواقع والبريد الإلكتروني لمدة 10 أيام مثلاً، وبعد نهاية هذه المدة، قد تلاحظ أنَّك أقل ميلاً لمقارنة نفسك بالآخرين وستشعر بمزيدٍ من السعادة.

إقرأ أيضاً: 9 أسباب تجعل التخلص من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أمراً مفيداً لك

6. تعلَّم أن تُقدِم على ما تخشاه:

إذا كنت من النوع الذي يتهرب من المسؤوليات، فحاول أن تؤكِّد على قدرتك على تحمُّل المسؤوليات؛ وذلك لأنَّك إذا كنت تعاني من متلازمة المحتال فقد تشعر أنَّك لا تملك ما يكفي من المؤهلات للتقدُّم إلى وظيفة مثلاً، أو أنَّك سترتكب خطأ في مشروع كبير؛ وهذا يدفعك للتهرب من المسؤولية.

لذا حاول أن تستبدل موقفك هذا من خلال الموافقة على التقدُّم إلى الوظيفة حتى لو لم تكن لديك المؤهلات المطلوبة، ووافق على القيام بالمشروع الجديد الذي يطرحه رئيسك في العمل حتى لو لم تكن واثقاً من قدرتك على إنجازه.

فقط تقبَّل فكرة أنَّه من الممكن أن تفشل حتى لو كان ذلك يعني أن يرفضك الشخص الذي تملك تجاهه مشاعر إعجاب، لكن إذا كنت من النوع الذي يحاول إرضاء الجميع، فالنصيحة الجيدة بالنسبة إليك هي تعلُّم الرفض بدلاً من الموافقة.

إقرأ أيضاً: 10 خطوات كي تخرج من منطقة راحتك وتتغلب على مخاوفك

ما هي الظاهرة المخالفة لمتلازمة المحتال؟

الظاهرة المخالفة لمتلازمة المحتال تُسمى "تأثير دانينغ - كروجر" (Dunning-Kruger effect)، وتحدث هذه الظاهرة عندما يظن الشخص أنَّه يعرف كل شيء ويتجاهل أي نصيحة من الآخرين، والأشخاص الواقعون تحت تأثير هذه الظاهرة يتمتعون بثقة بالنفس مبالغ فيها وتصل إلى حد الغرور.

في الحقيقة لقد اختبرنا جميعاً هذه الظاهرة في بعض الأحيان؛ على سبيل المثال، قد يقرر الطالب عدم الدراسة للاختبار؛ وذلك لأنَّه يظن أنَّه يعرف الإجابات، وفي النهاية يفشل فشلاً ذريعاً في الاختبار لأنَّه لم يستعد بما يكفي.

ومن الممكن أن يقع الشخص بكلا الظاهرتين؛ أي يعاني من متلازمة المحتال في بعض الأشياء وتأثير دانينغ - كروجر في أشياء أخرى؛ لذا يؤدي كلاهما إلى عواقب سلبية إذا لم يُتعامَل مع كل حالة تعاملاً صحيحاً.

في الختام:

إذا كنت تعاني من متلازمة المحتال فيجب أن تعرف أنَّك لست وحدك مَن يعاني من هذه المشكلة، ويجدر بنا أن نقول إنَّه من الجيد أن تشعر أنَّك محتال من حين لآخر، لكن دون أن يتحول هذا الشعور إلى متلازمة.

إنَّ النصائح التي قدَّمناها ستفيدك بلا شك لكن جنباً إلى جنب مع علاج المتلازمة المباشر، وقد يكون من المفيد أيضاً أن تزيد من ثقتك واحترامك لنفسك؛ فهذا يفيدك عموماً؛ وذلك لأنَّه يمنحك أساساً عاطفياً تعمل عليه بينما تتابع العمل على تطوير ذاتك.

المصدر




مقالات مرتبطة