5 أشياء يجب أن تعرفها عن التخلي عن الماضي

حتى بعد أن تتخلى عن الماضي يبقى جزءاً من هويتك، كلٌّ منَّا يعيش في الحاضر ويتَّخذ قراراته بناءً على جزء من الماضي، هذه الحقيقة لا مفر منها، بدءاً من قدرتك على قراءة هذه الكلمات الآن؛ إذ يربط عقلك الخبرات السابقة أو المهارات المكتسبة بهذه الكلمات.



تعتمد جميع أشكال التعلم على قدرتك على تذكر الماضي، وإذا فكرت في الأمر فإنَّ العديد من القرارات الحكيمة التي اتخذتها وأدت إلى هذه اللحظة بالذات بنيتها على تذكُّر ما نجح أو لم ينجح في الماضي، تستطيع فعل ما يمكنك فعله الآن بسبب ما تعلمته؛ على سبيل المثال تتعرف إلى صديقك عندما يدخل الغرفة؛ لأنَّك تسترجع اتصالاً سابقاً معه، هكذا تستخدم الماضي بفاعلية، ولكن تحدث مشكلة عندما تبدأ في استخدامه بصورة غير فعالة؛ لأنَّك تحسب أنَّه لا يمكن تغيير المستقبل.

قد تكون التقاليد القديمة مفيدة، أو قد تعوق تقدمك ونموك، يعتمد هذا على أهميتها في الحاضر، ومهمتك هي تحديد ذلك، وحين نتحدث عن التخلي عن الماضي والمضي قدماً، يجب أن نعرف ما الذي نحتاج بالتحديد إلى التخلي عنه؛ فلأنَّ الماضي يساعدنا على الأقل بقدر ما يؤلمنا، فكيف لنا أن نعرف الأجزاء التي يجب التخلي عنها؟

إليك 5 أشياء عليك معرفتها عن التخلي:

1. الربط لا شعوريَّاً بين تجارب الماضي والحاضر:

عندما تترك تجربة ما في حياتك أثراً عاطفياً يصنفها ذهنك على أنَّها هامة؛ فعندما تكون التجربة مأساوية تحفز استجابة الخوف التي تبقيك متيقِّظاً لأي ظروف تذكرك بهذه التجربة لحمايتك من الأذى في المستقبل، ثمَّ يحاول ذهنك إنشاء روابط بين التجارب الجديدة والتجربة الأصلية، ولكن اعتماداً على مدى ارتباطك عاطفياً بالتجربة الأصلية يمكن أن يؤدي ذلك إلى إنشاء نمط مطابقة خاطئ يؤدي حتماً إلى تضليلك.

على سبيل المثال آذاك رجل مفتول العضلات؛ لذلك تجد الآن صعوبة في الوثوق بكل الرجال أصحاب العضلات، أو ضايقك مدير قديم في العمل لفظياً؛ لذا فأنت الآن تواجه مشكلة في احترام أي مدير جديد أو أي شخصية في السلطة.

تحدث هذه التطابقات الخاطئة عندما تستجيب استجابة سلبية وبعاطفة قوية لتجربة معينة، ويحدث هذا كله لا شعوريَّاً؛ لأنَّك منطقياً تعلم أنَّ كل رجل لديه عضلات هو شخص مختلف؛ لكنَّك تستجيب عاطفياً كما لو كانوا جميعاً ذلك الشخص الذي آذاك.

إذا كنت تشعر أنَّك لا تستطيع تجاوز تجربة سابقة، فالسبب هو أنَّ ذهنك يعاملها كما لو أنَّها ما تزال تحدث الآن؛ مما يعني أنَّه يطابق الأنماط بصورة غير صحيحة مع تجارب في الوقت الحاضر.

إليك حل من خطوتين قد يساعدك:

  • اسأل نفسك: "ما هي التجربة السابقة والمشاعر المرتبطة بها التي تذكرني بها مشاعري الحالية؟" تعمق وكن صادقاً مع نفسك.
  • بمجرد تحديد مصدر مشاعرك الحالية ضع قائمة بجميع النقاط التي تختلف بها ظروفك الحالية عن الماضي، يجب أن يشمل ذلك الأماكن والأشخاص والتفاصيل التي سببت لك الألم وعدم الراحة، راجع الاختلافات مراراً وتكراراً حتى تحفظها تماماً، يجب أن يساعدك هذا على إدراك وتذكر أنَّ الظروف قد تغيرت بالفعل.

شاهد بالفيديو: 7 خطوات تساعدك على التعلم من أخطاء الماضي

2. عدم إدراك عقلك الباطن أنَّ قدراتك قد نَمَت:

عادةً ما يربط حراس الحديقة ساق فيل كبير بسلسلة معدنية رفيعة، ثمَّ يربطون الطرف الآخر بوتد خشبي صغير مغروس في الأرض، يمكن للفيل الضخم أن يكسر السلسلة ويقتلع الوتد بسهولة ويحرر نفسه بأقل جهد ممكن؛ لكنَّ ذلك لا يحصل؛ لأنَّه في الحقيقة لا يحاول الفيل أبداً، ينهزم أقوى حيوان بري في العالم الذي يمكنه اقتلاع شجرة كبيرة بسهولة فضلاً عن وتد خشبي صغير وسلسلة واهية؛ ذلك لأنَّه عندما كان صغيراً استخدم مدربوه الأساليب نفسها لتدريبه، فقد ربطوه بسلسلة رفيعة حول ساقه وربطوا الطرف الآخر من السلسلة بوتد خشبي، كانت السلسلة والوتد حينها قويتين بما يكفي لكبح جماح الفيل الصغير؛ فعندما حاول التحرك بعيداً كانت السلسلة المعدنية تبقيه في مكانه، وسرعان ما أدرك الفيل الصغير أنَّ محاولة الهروب غير ممكنة؛ لذلك توقف عن المحاولة.

بعد أن كبر الفيل يرى السلسلة والوتد ويتذكر ما تعلمه حين كان صغيراً، وهو أنَّه من المستحيل التحرر من السلسلة والوتد، بالطبع لم يعد هذا صحيحاً؛ لكنَّ ذلك لا يهم؛ لأنَّ ما يقيده الآن هي أفكار ومعتقدات حددها لنفسه.

إذا فكرت في الأمر فنحن جميعاً مثل الأفيال نتمتع جميعاً بقوة كبيرة، وبالطبع لدينا سلاسل وأوتاد على شكل الأفكار والمعتقدات التي تعوقنا، في بعض الأحيان يكون منشؤها تجربة في طفولتنا أو فشل قديم أو شيء قيل لنا عندما كنا أصغر سناً، يجب علينا إدراك أنَّنا يجب أن نتعلم من الماضي، لكن يجب أن نكون على استعداد أيضاً لتغيير ما تعلمناه بناءً على تغير ظروفنا، وهو ما يحدث باستمرار.

إليك شيئان يجب مراعاتهما:

  • إذا كنت تشك في أنَّك تعيش حالياً حياتك وفق معتقدات مقيدة اكتسبتها في الماضي، فذكِّر نفسك بما تغير الآن من حيث الظروف وقدراتك.
  • راجع ما تعلمته من محن سابقة ويمكن أن يساعدك الآن، وبدلاً من مجرد الندم على الأشياء اسأل كيف ساعدتك على النمو؛ على سبيل المثال ربما علمك ماضيك أن تكون حازماً وواعياً ومتعاطفاً وقادراً على الاعتماد على نفسك؛ لذا ركز على ما اكتسبته بدلاً ممَّا خسرته من التجارب السابقة السلبية.
إقرأ أيضاً: كيف يمكن للتفكير بطريقة سلبية أن يدمر حياتك

3. أي نوعٍ من التقدُّم غير مريحٍ في البداية:

لا شيء يبدأ بسهولة، كل شيء صعب في البدايات، وحتى الاستيقاظ في الصباح يتطلب أحياناً جهداً ملحوظاً؛ لكنَّ الشيء الجميل في الحياة هو أنَّ أصعب التحديات غالباً ما تكون مجزية ومُرضية على الأمد الطويل.

مقابلات التوظيف الصعبة حقاً هي التي تؤدي إلى تقدُّم مهني كبير، وتبادل الكلمات القليلة الأولى المحرجة في اللقاءات الأولى يؤدي إلى صداقات طويلة، والتدريب المؤلم يمهد الطريق للرياضيين للفوز بالميداليات الذهبية؛ فلم تبدأ أي من هذه النتائج الناجحة بالراحة والسهولة.

يخاف كثير من الناس من المجهول، ويفضلون بذل أقل قدر من الجهد، وهم غير مستعدون لتحمل الألم قصير الأمد لتحقيق مكاسب طويلة الأمد؛ لذا لا تكن واحداً منهم، فأنت تعلم أنَّ النمو والتقدم يتطلبان عدم الراحة، وفي كل مرة تتحمل عدم الراحة العاطفية والفكرية والجسدية تحرز التقدم.

في جميع مناحي الحياة من خلال الالتزام بخطوات متواصلة وصغيرة غير مريحة للأمام يمكنك تجاوز أكبر عائق أمام التغيير الإيجابي؛ وهو الخوف.

تذكر أيضاً أنَّ النمو يبدأ بالخروج من منطقة راحتك ليس من الضروري فقط تقبل عدم الراحة التي ترافق اتخاذ خطوات للأمام؛ بل من الضروري أيضاً التخلي عن الروتين والمواقف المريحة من الماضي؛ فالتمسك بالطريقة التي كانت عليها الأمور يمنعك من تكوين شخصيتك الحالية ومن تطويرها لاحقاً.

4. السعادة ليست حكراً على الماضي:

من الجيد دائماً أن نتذكر الأوقات الماضية الرائعة شريطة ألا يكون تذكُّرها وسيلة للتأكيد على مدى فظاعة الحاضر مقارنة بها، فإذا بدأت في العيش في الماضي لدرجة أنَّك تتجاهل الفرص في الحاضر فلديك مشكلة؛ على سبيل المثال إذا لم تمنح حتى صديقاً جديداً محتملاً فرصة لمجرد أنَّك تظنُّ أنَّه لن يتمكن أبداً من أن يكون بروعة صديق سابق فهذه علامة تحذير كبيرة.

الشعور بأنَّ الماضي كان مثالياً وتعمه السعادة اللامتناهية ليس تقييماً دقيقاً للواقع، ويمكن أن تقودك مقارنة هذه الذكريات المثالية مع الحاضر إلى الاعتقاد بأنَّ الحاضر لا يمكن أبداً أن يكون مكاناً سعيداً، ومن ثمَّ يمنعك من الاستمتاع باللحظة والتطلع إلى المستقبل.

فيما يأتي نوعان من الممارسات التي قد تكون مفيدة:

  • لمساعدتك على الشعور الأفضل تجاه مواقف معينة في الوقت الحاضر، يمكنك أن تغمض عينيك وتسترخي وتركز على وقت رائع من الماضي، ثمَّ تتخيل نفسك تنتقل إلى الحاضر بكل تلك المشاعر الجيدة من الماضي، فقد حدثت هذه الأشياء وتستحق الفرح بها، ويمكن أن يساعدك هذا على استخدام النقاط الإيجابية من الماضي بدلاً من التحسر على زوالها.
  • البحث عن أي طريقة تقنعك أنَّ الحاضر أفضل من الماضي، مهما كان الاختلاف ضئيلاً، وحتى لو كان الأمر ببساطة أنَّك تعلمت من الماضي وأنت الآن قادر على اتخاذ قرارات أفضل للمستقبل.

خلاصة القول هي أنَّ الحياة يجب أن تستمر حتى لحظة وفاتك، وإذا كان كل ما تفعله في كل لحظة هو التفكير في الماضي فقد توقفت عن العيش؛ لذا يجب عليك مقاومة الاعتقاد الخاطئ بأنَّ الماضي كان مثالياً لدرجة أنَّه لا يمكن تقدير الحاضر على الإطلاق.

شاهد بالفيديو: 10 طرق لجعل التفكير الإيجابي عادة من عاداتك

5. استحالة توقع أي شيء أو معرفة أي شيء بشكل مؤكد دائماً:

يجب عليك أن تفهم أنَّ لا أحد يعرف ما سيحصل، أحياناً نفوز وأحياناً نخسر، والحياة دائماً تحقق التوازن؛ لذا لا تتوقع استرداد كل ما تقدمه، ولا تتوقع تقديراً لكل جهد تقوم به، ولا تتوقع أن تُقَدَّر على الفور أو أن يفهمك كل شخص تقابله.

توجد أشياء لا تريدها أن تحدث ولكن يجب عليك تقبُّل حدوثها، وأشياء لا تريد أن تعرفها ولكن يجب عليك أن تتعلمها، وأشخاص وظروف لا يمكنك العيش دونها ولكن يجب عليك التخلي عنها، تدخل بعض الأشياء إلى حياتك فقط لتقويتك، حتى تتمكن من المضي قدماً دونها.

في أثناء عيشك وتجربتك للأشياء يجب أن تدرك ما يناسبك وما لا يناسبك، وما ينجح وما لا ينجح، ثمَّ تتخلى عما لا ينفعك عندما تعلم أنَّك يجب أن تفعل ذلك، ليس من باب الكبرياء أو عدم القدرة أو الغطرسة، ولكن ببساطة لأنَّه ليس من المفترض أن يتناسب كل شيء مع حياتك؛ لذا أغلق باب الماضي، وغير طريقة تفكيرك، وتخلص من الأفكار السلبية، وتقبَّل التغيير حتى تستطيع التركيز على المستقبل، فقد حان الوقت لبدء مرحلة جديدة من حياتك.

إقرأ أيضاً: 10 عادات يومية ستُغيِّر حياتك تغييراً جذرياً

في الختام:

في كثير من الأحيان لا علاقة للتخلِّي بالضعف؛ بل إنَّه يتطلب التحلي بالقوة، ونحن نتخلى ونمضي قدماً في حياتنا ليس لأنَّنا نريد من الأشخاص أن يدركوا قيمتنا، ولكن لأنَّنا ندرك أخيراً قيمة أنفسنا.

لذا توقف عن التركيز على السلبيات وكل شيء يمكن ألا يجري على ما يرام، وابدأ في التفكير فيما يمكن أن يحدث كما تريد، والأفضل من ذلك فكر في كل ما هو بالفعل جيد، وكن ممتناً لإشراقة كل يوم جديد تعيشه، والأصدقاء الذين تحولوا إلى أفراد من العائلة، والأحلام والأهداف الماضية التي تحققت، واستخدم طريقة التفكير الإيجابية هذه لعيش حياة أفضل.




مقالات مرتبطة