5 أسباب تجعلك تمتلك هدفاً في الحياة

ما هو الهدف من الحياة؟ هل هو أمر خيالي لا يحصل عليه إلا الأشخاص الذين يتأمَّلون؟ فما هو بالضبط الهدف من الحياة؟ توجد عدة تفسيرات لما يعنيه الهدف من الحياة، ولكنَّه بسهولة رسالة حياتك التي ترغب في نشرها في العالم في أثناء وجودك على الأرض، ومن أمثلة أهداف الحياة: "إلهام الجميع لتحقيق النجاح"، أو "التخفيف من معاناة كل كائن حي".



"حينما لا يعرف المرء إلى أي ميناء يبحر، فلا رياح مواتية له" - الفيلسوف "سينيكا" (Seneca).

توجد مصطلحات أخرى لهدف الحياة، وهي "مجرى الحياة"، و"رسالة الهدف"، و"مهمة الحياة"، وجميعهم لهم نفس المعنى. لا يهم عمرك، فإذا كنت ترغب في أن تعيش حياة أكثر وضوحاً ووعياً، فإنَّ هدف الحياة هو سبيلك.

لماذا يجب أن نمتلك هدفاً في الحياة؟

قد يتساءل بعضٌ منَّا: لماذا يجب أن يكون لدينا هدف في الحياة؟ ولماذا لا نعيش الحياة كما نعرفها ونتجاهل كل أمر آخر؟ ولماذا لا نهدأ ونسترخي ونعيش حياتنا كما هي حتى نموت؟ فيما يأتي 5 أسباب ليكون لديك هدف في الحياة:

1. الهدف هو نقطة البداية للحياة:

لعلَّك تقرأ هذا المقال لأنَّك ترى أهمية التطوُّر الشخصي، ففي أعماقك، أنت متحمِّس لعيش حياة أفضل، وتشعر أنَّ المحتوى هنا سيساعدك على القيام بذلك.

إنَّ تحديد الهدف من الحياة هو الخطوة الأولى لتعيش حياتك الأكثر وعياً، فيمكنك الانشغال بمليون مهمة كل يوم، لكن عندما لا يكون لديك هدف واضح، قد تكون في المسار الخاطئ من حياتك، وهذا لأنَّ مساعيك قد لا تكون لها علاقة بهدفك في الحياة، ممَّا يعني أنَّه يمكنك متابعة مساعيك الحالية خلال العشر أو العشرين عاماً القادمة، لتدرك بعدها أنَّ هذا ليس ما كنت تريده، كما قال الكاتب "ستيفن كوفي" (Stephen Covey) ذات مرة: "إذا كان السُلَّم لا يتَّكئ على الجدار الصحيح، فإنَّ كل خطوة نتخذها ستوصلنا إلى المكان الخاطئ بسرعة".

من ناحية أخرى، عندما يكون لديك هدف في الحياة، فعندها تبدأ حياتك بوعي، ومع أنَّ هذا الأمر لا يعني أنَّ جميع مشكلاتك ستختفي، فأنت تعرف على الأقل ما الذي تريده في هذا العالم، فمع وجود هدف واضح، يمكنك تحديد بقية الأهداف والخطط المناسبة في حياتك، واتخاذ الخطوات اليومية المناسبة لبناء حياتك الأكثر أهمية.

باختصار، لا هدف في الحياة يعني وجود مساعٍ غامضة أو عدم وجودها، وهذا يعني وضع خطط غامضة أو عدم وضع خطط نهائيَّاً، ومن ثمَّ اتخاذ إجراءات يومية عشوائية، أو التسويف، أو الانشغال المستمر بخطط الآخرين، وهذا أمر خاطئ.

ففي حين وجود هدف واضح في الحياة، يعني اتِّباع مساع واضحة، ومن ثمَّ وضع خطط واضحة، وهذا بدوره يؤدي إلى اتخاذ إجراءات يومية واضحة، وهو الأمر الصحيح؛ لذا يجب أن تحرص على أن يتَّكئ سُلَّمك على الجدار المناسب أولاً، ثم تسلَّق السُلَّم، واحرص على حصولك على الصورة الكبيرة للأمور بالطريقة الصحيحة أولاً، ثمَّ أنجِز أهدافك وخططك واتخذ إجراءاتك اليومية، فهذه الصورة الكبيرة هي هدف حياتك.

إقرأ أيضاً: التحسين المستمر: كيف يعمل؟ وكيف نتقنه؟

2. توضيح ما هو هام مقابل ما هو غير هام:

عندما تعرف هدفك، سيساعدك ذلك على التمييز بين الأمور الهامة وغير الهامة في الحياة، فمعظم الناس اليوم عالقون في أمور كثيرة لا تُحدِث فرقاً في حياتهم في النهاية؛ مثل كسب المزيد من المال، أو الحصول على منازل أو سيارات، فعندما يكون لديك هدف، يمكنك على الفور معرفة الأهداف الهامة وأيُّها لا يتعارض مع مسار حياتك طويل الأمد، ويمكنك تجاوز الأمور غير الهامة والوصول مباشرة إلى الأمور التي تهمك.

على سبيل المثال، بعد أن تجد هدفك ستدرك أنَّ جميع المساعي التي كنت تعمل لتحقيقها سابقاً كانت بلا معنى.

الأمر العظيم، هو أنَّ الاستثمار لبضعة أشهر من حياتك لاكتشاف هدفك سيسمح لك بالعمل عليه مباشرةً، فبدلاً من إهدار سنين من حياتك في السعي وراء أمور تعتقد أنَّك تريدها وتحتاجها، يمكنك أن تمهِّد الطريق نحو مستويات أعلى من حياتك، حتى لو لم تتمكَّن من التصرف على الفور.

غالباً ما نسمع عن مبدأ 80/20 (مبدأ باريتو)؛ إذ تركِّز على أولوياتك بنسبة 20% للحصول على أقصى قدر من التغيير، ومع ذلك لا يمكنك معرفة ما هي أولوياتك التي تشكل نسبة 20% ما لم تكن واضحاً بشأن ما هو هام بالنسبة إليك؛ إذ يبدأ هذا الأمر بمعرفة هدف حياتك، فعندما تكتشف هدفك، يمكنك توجيه تركيزك نحو الأمور الهامة، بدلاً من إضاعة وقتك في الأمور غير الهامة، يمكنك التركيز على 20% من أولوياتك، فأولوياتك لا تهم الآخرين ولا تهم المجتمع؛ وإنَّما تهمك أنت وحدك.

شاهد بالفديو: 18 نصيحة لاستثمار الوقت بفاعلية

3. عيش حياة ذات معنى:

عندما تسعى وراء هدفك، تصبح حياتك موجهة وذات معنى، فبدلاً من إضاعة الوقت في وظيفة لا تحبها، يمكنك الآن العمل في مهنة تناسب هدفك جيداً، وبدلاً من الوجود مع أشخاص سامِّين لا يناسبونك، يمكنك الآن العثور على أشخاص يشاركونك نفس القيم لبناء حياة أفضل، وبدلاً من عيش حياة عشوائية، يمكنك الآن بناء حياة ذات معنى.

توضِّح إحدى العميلات التي تلقت الكوتشينغ للعثور على هدفها، بعد أن وجدت هدف حياتها، أنَّها بدأت في الانتقال إلى حياتها المثالية، ومع أنَّها بدأت من نقطة غير مثالية؛ فقد كانت تعمل في وظيفة لا تحبها، فقد تمكَّنت بسرعة من تحديد خطتها طويلة الأمد لتحقيق هدفها؛ إذ تلقَّت دورة تدريبية لبناء المهارات المناسبة، وأنشأت صفحة أعمال على منصة "فيسبوك" (Facebook)، وأنشأت مدونة، وحصلت على عملائها الأوائل، ووجدت جمهورها، وفي الآونة الأخيرة، قدَّمت استقالتها لمتابعة هذا العمل بدوام كامل.

تقول هذه العميلة: "أشعر كأنَّني سمكة، ولأول مرة في حياتي قفزت إلى المحيط لأسبح مع أصدقائي من الأسماك".

هذا لا يعني أنَّ الحياة تزدهر بمجرد أن تجد هدفك، فأنت ما زلت بحاجة إلى العمل الجاد لتحقيق الأمور التي تسعى إليها، لكن الآن أنت تملك الوجهة الصحيحة لدفعك نحو الأمام.

4. الدافع المستمر والشغف:

عندما تسعى وراء هدفك، فإنَّك تكتسب دافعاً كبيراً من الطاقة التي تبقيك مستمراً، ومن ناحية أخرى، عندما لا تعيش هدفك، تصبح الأيام التي تعيشها عبئاً؛ إذ تأتي أيام الأسبوع وأنت تفعل ما هو مطلوب منك، ثمَّ تأتي عطلة نهاية الأسبوع التي تتطلَّع إليها، ثمَّ يبدأ الأسبوع من جديد وتستيقظ لتبدأ عملك من جديد، في انتظار عودة نهاية الأسبوع مرةً أخرى.

فإذا كنت تتطلَّع إلى عطلات نهاية الأسبوع والعطلات الأخرى هرباً من عملك الذي تؤديه كل يوم، فقد حان الوقت للتفكير فيما إذا كان عملك أمراً تهتم به، أو ما إذا كان مجرد وسيلة لتحقيق غاية ما، لذا اسعَ وراء أمر له أسمى المعاني بالنسبة إليك، وللقيام بذلك عليك أن تبدأ أولاً بمعرفة هدفك. 

إقرأ أيضاً: نظرية الدافع وأمثلة عنها

5. تحقيق النجاح وفقاً لشروطك:

يبحث معظم الناس عن النجاح بصفته غايةً في حدِّ ذاته، ومع ذلك النجاح هو نتيجة فعل أمر تحبه، ووجود خطط وأهداف ومهارات واضحة؛ إذ إنَّ الموهبة ليست أمراً فطرياً بقدر ما هي أمر يمكن تطويره عبر الزمن، فسواء كان الأمر يتطلَّب 10000، أو 20000 ساعة من العمل الشاق، فإنَّ النقطة الهامة هي أنَّ الجميع يبدأ من نقطة ما، ومن خلال العمل المستمر، نصبح موهوبين في مرحلة ما.

إنَّ قضاء 10000 أو 20000 ساعة لإتقان أمر ما ليس بالأمر السهل، فإذا كنت تقضي 4-5 ساعات يومياً - بحيث لا يشمل ذلك العمل الإداري والمشتتات - فهذا يعني قضاء نحو 8.5 سنوات لتصل إلى 10000 ساعة لتطوير موهبتك، والتي قد تساعدك على تحقيق النجاح في مجالك، لكن من يمتلك الطاقة اللازمة للذهاب إلى العمل كل يوم، والازدهار في مجال لا يهتم به لمدة 8.5 سنة؟

إذاً، بدلاً من السعي إلى تحقيق النجاح بصفته غايةً في حدِّ ذاته، سيكون من المنطقي تحديد ما يهمك أولاً، ثمَّ توجيه طاقتك لجعل ذلك حقيقةً، ومن هنا يظهر هدفك، فعندما تكتشف هدفك الحقيقي:

  • سترغب بطبيعة الحال في تكريس حياتك لمتابعتها، لأنَّها تمنحك أكبر قدر من الإنجاز.
  • سترغب بطبيعة الحال في قضاء الوقت في القيام بذلك لأنَّك تهتم به.
  • ستتحسَّن في ذلك بصورة طبيعية، حتى لو كنت تبدأ من الصفر، لأنَّ الوقت الذي تقضيه في تعلمه سيمنحك الخبرة والمهارات اللازمة لتحقيق النجاح.

وبسبب ذلك، لقد بات النجاح وشيكاً وستتفوق في كل ما تريد القيام به.

بعد أن شاركنا الفوائد الخمسة لإيجاد هدف حياتك، سنتحدث في الجزء التالي عن بعض الأهداف الخاطئة، فمن الهام معرفة هذا، وذلك لأنَّنا نعمل على اكتشاف الهدف الخاص بك لاحقاً في هذه السلسلة.

ففي الجزء الثالث من هذه السلسلة، سنتحدث عن السبب الذي يجعل كسب المال ليس هدفك الحقيقي، وكيف تعرف ما هو هدفك.

المصدر




مقالات مرتبطة