5 أسباب تجعل إدارة الوقت من أهم المهارات

تخيل أنَّك ورثت مليون دولار، ما هو أول شيء ستفعله بهذه الأموال بعد أن تنفق منها على ملذاتك الشخصية؟ سيشجعك أي مستشار مالي على وضع خطة لإدارة أموالك، فربما ستضعها في حساب التوفير، أو تستثمر بعضاً منها في شراء الأسهم، لكن بدون وجود استراتيجية، قد لا تدوم أموالك لفترة طويلة.



هذا ينطبق أيضاً على وقتك، إذ يعد تَعلُّم كيفية إدارة الوقت أمراً هامَّاً للتميُّز في مكان العمل الآن أكثر من أي وقتٍ مضى، ففي استطلاع أُجري عام 2016، أفاد المسؤولون التنفيذيون أنَّ مهارة إدارة الوقت والقدرة على تحديد المهام ذوات الأولوية هي أكثر المهارات المطلوبة بين العاملين.

لكن لماذا تُعَدُّ إدارة الوقت أمراً هامَّاً؟ ببساطة لأنَّ العمل بجد لا يعني دائماً الإنتاجية؛ فيمكنك العمل لساعات طويلة، لكنَّك لن تحقق الكثير إذا لم تُنظِّم وقتك جيداً، وكما عَبَّر الدكتور ألكسندر مارغوليس (Dr. Alexander Margulis)، مؤلف كتاب "الطريق إلى النجاح" ( The Road to Success) عن ذلك قائلاً: "العمل لساعات طويلة ليس دليلاً عن الكفاءة".

إذا كنت مستعداً للعمل بشكل أكثر ذكاءً حتى تتمكن من تحسين إنتاجك، فيما يلي 5 أسباب تجعل إدارة الوقت من أهم المهارات التي يجب صقلها في مكان العمل:

1. التركيز على الأمور الهامة:

أنا أجلس في مكتبي مساء كل يوم أحد وأضع خطةً تُنظِّم عمل أيام الأسبوع، وبعد أن أحدد ما أحتاج إلى تحقيقه، أخطط لمهام كل يوم وفق طاقتي وقدرتي.

على سبيل المثال، عادة ما أكون أكثر إنتاجية في فترة الصباح بعد الإفطار مباشرةً، لذلك أخصص بضع ساعات للعمل والتركيز على تنفيذ المهام والمشاريع في الوقت المناسب.

أفكر بإدارة وقتي كما أدير أموالي، حيث يساعدني وضع خطة لإدارة أموالي في عدم هدرها، كذلك الأمر بالنسبة للوقت فوضع استراتيجية لوقتي يمنعني من إضاعة ساعات العمل، وهو الأمر الذي يعزز إنتاجيتي على الأمد الطويل.

من الأسباب الأخرى التي تجعل إدارة الوقت أمراً هامَّاً أنَّ يوم العمل الطبيعي مليء بمصادر المقاطعة والإلهاء، منها طلب اجتماع في اللحظة الأخيرة أو الطلبات الشخصية التي ترافق العمل من المنزل؛ حيث يشجعك الفشل في تحديد الأولويات في بداية كل يوم أو أسبوع على الانتقال من مهمة إلى أخرى، والتفاعل مع أي شيء أمامك بدلاً من التركيز على ما يجب القيام به.

عندما تحدد وقتك حسب الأولويات، ستضمن القيام بالمهام الضرورية، وسيكون لديك المزيد من الوقت والقدرة على مواجهة حالات الانقطاع عن العمل والتعامل معها مستقبلاً.

إقرأ أيضاً: دليل الإنتاجية: الاستراتيجيات الفعالة لإدارة الوقت

2. تقليل الجهد والتوتر:

لقد كنت سعيداً بالحصول على وظيفةٍ في مجال عملي، ولأُحافظ عليها، لم أرفض طلب عمل قُدم لي، سواء احتاج شخص ما إلى المساعدة في مشروع شخصي أم أراد رأيي في فكرة معينة.

ساعدتني هذه الطريقة في بناء علاقات، إلا أنَّها أضعفت قدرتي على أن أكون منتجاً، وهذا ليس التأثير السلبي الوحيد بل أيضاً الخوف من تفويت الفرص في أثناء العمل؛ حيث يمكن أن يؤدي عدم وجود حدود في العمل (بمعنى آخر، عدم القدرة على قول "لا") إلى زيادة مستويات التوتر، مما قد يؤثر سلباً على صحتك العقلية والبدنية.

لذلك، إنَّ عدم وجود إدارة للوقت قد يوهمك في البداية أنَّ الإنتاجية تزداد، إلا أنَّك ستفقد قوتك وتُنهك بمرور الوقت، ومن ناحية أخرى فإنَّ التعامل مع عملك باستراتيجية وأهداف واضحة يعزز قدرتك على إنجاز الأشياء ويحمي صحتك؛ ويجعلك تؤدي دوراً أهم في مكان العمل.

شاهد بالفديو: 8 طرق للتخلص من التوتر

3. الحضور الذهني:

قبل عدة سنوات، وخلال فترة الضغط في العمل، اقتربت مني زميلة في المكتب لتطلب المساعدة في اكتشاف خطأ، أجبتها في عجلة دون أن النظر إليها؛ وذلك لأنَّني كنت بحاجة لكل دقيقة من العمل، وما زلت أفكر في طريقة تواصلي معها في ذلك اليوم، لم أُفوِّت فقط فرصة للمساهمة في مشروع بطريقة هادفة، لكن أيضاً فاتتني فرصة بناء الثقة والألفة في علاقاتي في مكان العمل.

يُعَدُّ الحزم واحداً من أهم مكونات إنجاز المهام في الوقت المناسب، فيمكن أن يؤثر نقص مهارات إدارة الوقت في قدرتك على التفكير بوضوح، والذي يمكن أن يجعلك تتراجع في عملك بشكل كبير، لكن من واقع خبرتي أقول إنَّ الإحساس المستمر بالتوتر بسبب الوقت يتعارض مع الحضور الذهني والتفاعل مع علاقات العمل، وهو جزء هام من الإنتاجية في العمل.

إقرأ أيضاً: 5 طرق لإعادة السكينة إلى العقل والحفاظ على الحضور الذهني

4. تعزيز الإبداع:

من الأسباب الأخرى التي تجعل إدارة الوقت أمراً هامَّاً هو أنَّها تساعد في تعزيز إبداعك. تعد الإنتاجية عنصراً أساسياً للنجاح في العمل، ولكنَّ القيام بالمهام ليس الجزء الوحيد من معادلة النجاح.

يتطلب التقدم في العمل الابتكار والتفكير الإبداعي وكلاهما يتطلب قوة ذهنية لن تتوفر لديك إذا كنت تهدر الكثير من الوقت في أمورٍ تافهةٍ تُشتت انتباهك.

اتفق الخبراء على أنَّ تعدد المهام أو التنقل بين المهام ليس طريقة فعالة للعمل؛ وذلك لأنَّه يُضعِف قدرتك على القيام بشيء واحد ببراعة، فلنفترض أنَّك على الهاتف مع عميل وتتحقق من بريدك الإلكتروني في نفس الوقت، وتستمع إلى حديث شخص ما، عندها ستصبح أقلَّ قدرةً على فهم ما تراه، وبالتالي لا يستطيع عقلك معالجة ما تقوله إذا كنت تنظر إلى شيء ما، ومع مرور الوقت لن تكون منتجاً إذا كنت تحاول تأدية عدة مهام مختلفة في نفس الوقت.

إذا كنت تُدير وقتك بفاعلية، ستتمكن من التركيز على ما هو أمامك وإنجاز المهام  بكفاءة أكبر، وتتمكن من الحصول على المزيد من فترات الراحة لتجديد مخزونك العقلي، وتعطي طاقة أفضل في العمل.

شاهد بالفديو: 6 نصائح تساعد على تنمية التفكير الإبداعي

5. التطور في مجالات أخرى:

كما هو الحال مع أي تطور إيجابي، فإنَّ التحسن في إدارة الوقت يتطلب تطوير مهارات جديدة، بما في ذلك الوعي الذاتي، والاستراتيجية والتخطيط، والقدرة على التكيُّف في العمل، وتساهم هذه المهارات مساهمة مباشرة في إدارة الوقت، والانتقال إلى مجالات أخرى، مما سيمكنك في النهاية من أن تكون أكثر إنتاجية في عملك وحياتك.

على سبيل المثال، عندما تعي ما تريد تحقيقه، يمكنك تحديد أهداف أوضح وهذه مهارة تساعدك في تجنب ما يشتت انتباهك بعيداً عن هدفك، وعندما تنمو وتُحسِّن مهاراتك في التفكير الاستراتيجي، ستتمكن من معالجة المشكلات التي تظهر في العمل بشكل أفضل.

النقطة المهمة هي عندما تصقل مهارة إدارة الوقت، فأنت تضيف تنظيماً ليومك، وتصبح عاملاً أفضل على الأمد الطويل، وهذا استثمار مفيد لك.

أفكار أخيرة:

من المفارقات أنَّ تحسُّن إدارة الوقت يستغرق وقتاً، لهذا السبب لا يستطيع معظمنا البقاء على نفس المسار والتركيز، فإذا كان وقتك محدوداً، قد يبدو استخدام وقت الفراغ الثمين في وضع خطة تُنظِّم جدول الأعمال تنظيماً استراتيجيَّاً غير مثمر، لكنَّ بذل جهدٍ إضافي لتنظيم الوقت وتعديله أمرٌ يستحق العناء.

سترى فوائد واضحة في حياتك المهنية، وصحتك العقلية والبدنية إذا عملت على اتِّباع نظامٍ يزيد من فعاليتك وإنتاجيك، ومن خلال تجربتي الشخصية أرى أنَّ أي تطوير يزيد من قوتك ويجعلك شخصاً أفضل هو دائماً استثمار مفيد لك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة