5 أسئلة هامة يجب أن تطرحها على نفسك في سبيل تحقيق سعادة دائمة

عندما تبحث عن عبارة 'سر السعادة' في محرك البحث "غوغل" (Google) سوف تحصل على 345 مليون نتيجة، يمكن أن تستنتج من هذا، أنَّ كيفية تحقيق شعور الرضا والسعادة هو سؤال يصعب الإجابة عنه؛ لكن من المريح جداً لو وجدت إجابة بسيطة واحدة عامَّة، لكنَّ أحد أسباب التعقيدات التي تشوب طريق السعي إلى السعادة؛ هو أنَّ تعريف 'السعادة' يختلف من شخص إلى آخر، ولهذا فإنَّ مفتاح الوصول إليها، هو تحديد ما تعنيه بالنسبة إليك.



وفقاً لعالمة النفس الحائزة على شهادة الدكتوراه "أندريا بونيور" (Andrea Bonior) مؤلفة كتاب "تخلص من الأفكار السامة" (Detox Your Thoughts)، هناك نوعان من السعادة، الأول هو السعادة "الهيدونية" (hedonic) - المشتقة من كلمة الهيدونية (Hedonism) بمعنى مذهب اللذة - والثاني هو السعادة "اليودايمونية" (eudaimonic) - المشتقة من كلمة اليودايمونيا (Eudaimonia) بمعني السعادة والرخاء الإنساني -، وكلاهما هام لكنَّهما يختلفان من شخص لآخر؛ تشرح أندريا أنَّ "السعادة الهيدونية هي الشعور بالمتعة" مثل التلذذ بمذاق طعامك المفضل، بينما "تتعلق السعادة اليودايمونية بشعور عميق بالرضا والارتباط بالأمور التي تعني لك، حتى لو لم تكن تلك الأمور مثيرةً للسعادة أو للفرح".

وتقول الدكتورة بونيور أنَّ السعادة الهيدونية ضرورية، لتشعر بالسعادة اللحظية، بينما تحتاج إلى السعادة اليودايمونية لتشعر بالرضا على الأمد الطويل، وتشرح أنَّه يستحيل أن يشعر أي أحد بالسعادة طوال الوقت، فالحياة لا تخلو من المصاعب والأحداث المحزنة، لكنَّ السعادة اليودايمونية؛ هي شعور عميق بالرضا عن الحياة يلازمك حتى خلال الأوقات العصيبة.

تعرف أنت غالباً ما الذي يُشعرك بالسعادة الهيدونية، فقد تبعثُها فيك المشاركة في جلسة تدريب على الملاكمة، أو الخروج بصحبة شريكك، لكنَّ تحديد مصدر السعادة اليودايمونية أصعب قليلاً، لكي تتمكن من معرفة ما تعنيه السعادة اليودايمونية بالنسبة إليك؛ تنصحك الدكتورة بونيور أن تطرح على نفسك الأسئلة الخمسة التالية عن السعادة.

5 أسئلة عن السعادة:

1. كيف قد تقضي يومك إذا لم يكن لديك أي التزامات؟

تقول الدكتورة بونيور: "يتعلق جزء من السعادة اليودايمونية بمعرفة قيمنا وكيف يمكننا استخدامها في حياتنا اليومية، وإذا لم تكن تعرف ما هي قيمك، فقد يساعدك التفكير في الطريقة التي تمضي بها وقتك في يومٍ يخلو تماماً من أي التزام على ذلك، والمقصود هنا ليس يوماً تشعر فيه بالإنهاك وترغب فقط بتناول الطعام والاستلقاء، بل تخيل أنَّك مرتاح تماماً وليس لديك أيَّة مهام، وفكر كيف قد تقضي هكذا نهار، بالنسبة إلى البعض قد يرغبون بالخروج إلى مقهى والجلوس في الهواء الطلق أو قراءة كتاب، من دون أن تزعجهم رسائل التنبيه التي يتلقونها على هواتفهم المحمولة، أو قد يرغب آخرون بجرعة من المغامرة، فيخرجون للتخييم، بينما قد يختار شخص آخر قضاء كامل النهار لوحده، ويُفضِّل غيره الاختلاط بالآخرين.

تقول الدكتورة بونيور إنَّه حينما تطرح على نفسك هذا السؤال، يجب عليك الانتباه إلى أهم جوانبه بالنسبة إليك، ثم حاول جعل القيم التي يعبِّر عنها جزءاً من حياتك اليومية؛ ففي حين أنَّه لا يمكن لأيام الناس أن تكون كلها خاليةً من الالتزامات مثلما يحلمون، لكنَّ بإمكانك العثور على طرائق لإضافتها جزئيّاً إلى حياتك بين الفينة والأخرى، عن طريق ممارسة نشاطٍ اجتماعيٍّ أو مغامرة.

2. كيف تريد أن تُوصف حياتك في المستقبل؟

طريقة أخرى تقترحها الدكتورة بونيور لصياغة هذا السؤال، وهي 'ما الذي تريد أن يكتب في نعوتك؟'، حيث تقول: "يسمح لك هذا السؤال بالنظر إلى الصورة الشاملة"، فمن السهل أن تشغل متطلبات الحياة اليومية تفكيرك لدرجة أن تنسى الأمور الهامة حقاً؛ لكن فكر في الأمر، هل تريد أن تُذكر لكونك والداً حنوناً؟ أم صديقاً يُعتمد عليه؟ أم إنساناً يساعد المحتاجين؟

إذا كنت تقضي وقتك حالياً على أمور غير التي تريد أن تُذكَر بها، فهذه فرصتك للتفكير في التغييرات التي يجب أن تجريها على حياتك، وما من داعٍ لتكون تغييرات ضخمة؛ قد يدفعك هذا السؤال إلى إدراك أنَّك لا تعتني بصداقاتك كما تود، فتجري مكالمة مع شخص لم تحادثه منذ وقت طويل أو ترتب لقاءً معه، أو قد يُلهمك للتطوع والعمل مع منظمة تتوافق أهدافها مع قيمك.

إقرأ أيضاً: كن نسراً، كن أنت التغيير الذي تنشده في هذا العالم

3. ما الأمور التي تشعر أنَّك مستعد لبذل الجهد في سبيلها؟

إحدى حقائق الحياة هي أنَّه عليك قضاء وقت في العمل على أمور لا ترغب بالعمل عليها؛ تشجع الدكتورة بونيور الناس على التفكير في الأمور التي هم على استعداد لتكريس وقت لها، حتى حين يكونون مشغولين، حيث تقول: "يساعدنا هذا على تحديد النشاطات التي تؤدي ممارستها إلى بلوغنا "حالة التدفق"، والتي تعني أن نؤدي ما نفعله بانسيابيَّةٍ تامَّة، لدرجة أنَّنا لا نلاحظ مرور الوقت؛ طاقتك محدودة، وحين تختار قضاء الوقت في العمل على أمور محددة، فذلك يدلُّ أين تكمن أولوياتك".

4. ما هي النشاطات التي تساعدك على بلوغ حالة "التدفق" (flow)؟

يجب ألا يقتصر قضاء الوقت في حالة التدفق على الأوقات التي لا تعمل فيها، فمن المهمِّ أن تُتم جزءاً من عملك في حالة التدفق أيضاً، تقول الدكتورة بونيور: "ستكون أكثر اندماجاً في حياتك حين تقضي وقتك في حالة التدفق"، وتقترح أن تسأل نفسك أي نواحٍ من وظيفتك تجد نفسك متفاعلاً معها تماماً، وإذا لاحظت حين تحاول الإجابة على هذا السؤال أنَّك نادراً ما تصل إلى حالة التدفق في العمل، فربما يجب أن تطرح على نفسك أسئلة أهم، مثل ما إذا كان الوقت قد حان لتسلك طريقاً مختلفاً في حياتك المهنية.

إقرأ أيضاً: 5 طرق لتنمية عقلية النمو لتطوير الذات

5. من الأشخاص الذين يتبادرون إلى ذهنك حين تفكر في كلمة 'حُب'؟

لقد تعلمنا من الجائحة أنَّ التواصل مهم جداً، تقول الدكتورة بونيور أنَّه من الضروري التفكير في الأشخاص الذين يشعرونك بالفرحة، وأن تقوي علاقاتك معهم بفاعلية، حيثُ أنَّ "للوحدة تأثير هائل على الصحة النفسية والجسدية، فهي تقصِّر العمر، ولهذا فالعلاقات الاجتماعية بالغة الأهمية"، كما تقول الدكتورة بونيور أنَّ كمية الوقت الجيد الذي تقضيه مع الآخرين تختلف من شخص إلى آخر، وهذا طرف آخر من السؤال الذي يجب أن تطرحه على نفسك: "كم من الوقت تحتاج بالضبط لقضائه في التفاعل مع الآخرين؟"، تقول الدكتورة بونيور: "أُشبِّه وقت التواصل الاجتماعي بالنباتات، فبعضها يحتاج كمية كبيرة من أشعة الشمس كي تزهر، بينما تحتاج أنواع أخرى إلى كمية قليلة، يجب أن تكتشف ما هي كمية الوقت التي تحتاجها أنت من التواصل الاجتماعي".

لا يوجد شكل متفق عليه للسعادة طويلة الأمد، لكن، تهدف هذه الأسئلة الخمسة إلى مساعدتك في تحديد ما تعنيه بالنسبة إليك أنت، وتقول الدكتورة بونيور أنَّ من المفيد العودة إليها حين تشعر بعدم الرضا، إذ من المحتمل أن يدلك أحد هذه الأسئلة على السبب؛ ولربما لا يصعب تحقيق السعادة في النهاية.

 

المصدر




مقالات مرتبطة