4 نصائح مفيدة في مجال العمل

إذا كنتَ تقرأ هذا المقال، فمن المحتمَل أنَّك تبحث عن نصائح تخصُّ العمل، وربما تكون قد تصفَّحت عشرات المقالات التي نشرها قادة ناجحين على المدوَّنات والصحف والمجلات، والتي يقدِّمون فيها النصائح التي نجحت معهم شخصياً أو التي وجدوها ببساطة على الإنترنت، وربما نقرت فوق رابط هذا المقال؛ وذلك لأنَّه ظهر في نتائج البحث على محرِّك غوغل أو شاركه شخص ما على منصة فيسبوك (Facebook).



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب مات سيماغليا (Matt Cimaglia)، والذي يحدِّثنا فيه عن تجربته في العثور على النصائح الجيدة في مجال العمل.

بغض النظر عن كيفية وصولك إلى هنا، فأنت جزء من مجموعة كبيرة من الباحثين عن النصائح، ووفقاً لدراسة أجراها مطوِّرو تطبيقات تتبُّع الوقت المعروفة باسم تي-شيتس (TSheets) في عام 2019، فإنَّ الإنترنت هو المصدر الأهم لروَّاد الأعمال الأمريكيين الذين يسعون إلى الحصول على المشورة التجارية؛ حيث أشار 26% من الذين استُطلِعت آراؤهم، والذي بلغ عددهم 1067، إلى أنَّه المصدر المفضَّل لديهم؛ بينما يفضِّل 19% منهم التحدُّث إلى زملائهم من أرباب العمل، واحتلَّت الكتب المرتبة الثالثة 14%، والتحدُّث إلى أفراد الأسرة المرتبة الخامسة 11%. 

إنَّها مشكلة حقيقية؛ فإذا تجاهلنا للحظة المفارقة الكامنة في أنَّني أنشر مقالات النصائح على الإنترنت، لا ينبغي أن يكون الإنترنت المصدرَ الذي تلجأ إليه للحصول على مساعدة في الأعمال التجارية، فغالباً ما تكون النصيحة عامة جداً.

عملك هو قضية شخصية بطبيعتها، وفيه الآلاف من المتغيِّرات التي يجب التفكير فيها، بما في ذلك مجالك المحدَّد والجمهور المستهدَف والتقلُّبات الاقتصادية المتعددة. لا يعني هذا أنَّ جميع النصائح التي نعثر عليها عبر الإنترنت سيئة، ولكن من الهام التحقُّق من أي نصيحة من العديد من المصادر الأخرى.

بعد قضاء أكثر من 20 عاماً كرائد أعمال واستراتيجي واستشاري في مجال الاتصالات والإعلان، أقدِّم دائماً نصيحة بسيطة لأي شخص يسألني: ابدأ بمجال محدد وتوسع.

1. ابدأ بأشخاص تعرفهم وتثق بهم:

لقد سمع الجميع بالنصيحة القائلة إنَّه يجب عليك أن "تحيط نفسك بالناجحين"؛ إذ نسمع هذه العبارة كثيراً، ولكن إلى جانب الاختلاط بالناجحين، اكتشفتُ أنَّه من الهام للغاية أن تحيط نفسك بأناس تثق بهم، وقد لا يعمل الأصدقاء والعائلة في مجالك المهني نفسه، ولكنَّ هذا ما يميزهم؛ إذ يمكن أن يساعدك شرح فكرتك لِمَن لا يعرف شيئاً عن مجال عملك على صقل رسالتك وتلقِّي تغذيةً راجعةً صادقةً.

مهنياً، غالباً ما ألجأ إلى أولئك الذين أعرفهم وأثق بهم، ولا سيما أولئك الذين لديهم سجلات حافلة كأصحاب مشاريع ناجحين؛ وعادةً ما تكون لدي علاقات أوثق معهم، مما يسهل طلب المشورة منهم، بدلاً من الذهاب إلى زملائي الذين لا يملكون الوقت.

إقرأ أيضاً: ماذا يحدث عندما تحيط نفسك بأشخاص إيجابيين؟

2. تحدَّث إلى أولئك الذين يفهمون مشكلاتك:

من الخطأ أن يُعدَّ إخفاء خططك في مجال الأعمال أمراً جيداً؛ فعلى الرغم من أنَّ الكثيرين يشعرون بالخجل من طلب المشورة أو المساعدة، معتقدين أنَّ ذلك يدلُّ على جهلهم أو ضعفهم؛ إلا أنَّ العكس هو الصحيح؛ حيث وجدت دراسة أجرتها كلية هارفارد للأعمال (Harvard Business School) وكلية وارتون (Wharton School) في شهر آب من عام 2014 أنَّ العمَّال الذين يطلبون المشورة يُنظر إليهم على أنَّهم أكثر كفاءة من أولئك الذين لا يطلبونها، وعلاوة على ذلك، شعر المشاركون في الدراسة بأنَّهم أذكى عندما طلب أحدهم مشورتهم، ومن غير المستغرب أن يحبذ الناس فكرة شعورهم بأنَّ الآخرين يقدِّرونهم. 

على الرغم من كل هذا، شعر العديد من أرباب العمل بجنون العظمة، فوفقاً للدراسة التي أجرتها شركة تي-شيتس (TSheets) المذكورة آنفاً، يشعر أرباب العمل بأنَّ التحدي الأكبر هو المنافسة؛ لذلك فمن المنطقي أن يفضِّلوا شقَّ طريقهم الخاص.

ولكن من خلال تجربتي، تفيد الشبكات الاجتماعية وبناء العلاقات إفادةً أفضل على الأمد الطويل، وفي المجالات الإبداعية غالباً ما يتعاون المتنافسون، ويلجؤون أحياناً إلى شركات أخرى لتقديم أفضل الحلول المتكاملة الممكنة للعملاء، ويقدِّم لي التحدُّث إلى زملائي نظرةً فريدةً حول ما هو ناجح وما هو غير ناجح، ويساعدني على توليد الأفكار التي يمكنني تقديمها لعملائي.

من الواضح أنَّك لا تريد التخلِّي عن الأفكار التي تبقيها طي الكتمان، ولكنَّ حضور اللقاءات التي تتناول مجال عملك وفعاليات التواصل لأصحاب المشاريع الآخرين يمكن أن يكون مفيداً بشكل لا يُصدَّق؛ فهذه المناسبات تمثِّل مكاناً مثالياً لطرح المشكلات وطلب المشورة، ففي نهاية المطاف، لا أحد يفهم مشكلاتك أكثر منك.

3. اجمع أعضاء مجلس الإدارة الذين تقدِّرهم:

 كتب روجر مارتن (Roger Martin)، العميد السابق لكلية روتمان للإدارة (Rotman School of Management) في جامعة تورنتو (University of Toronto)، في مجلة هارفارد بيزنس ريفيو (Harvard Business Review)، وحلل دور مجلس الإدارة في إحدى الشركات قائلاً إنَّه في أسوأ السيناريوهات يمكن للمجالس إما أن تضم أفراداً خاضعين طائشين أو مجموعة من الديكتاتوريين، في حين يمكن أن يفشل المديرون التنفيذيون إما برفض تقبُّل الآراء التي يطرحها المجلس، أو بالإذعان الشديد لأهوائه، ومن الواضح أنَّ كلا الواقعين سيئان، وينبغي لمجلس الإدارة الجيد أن يتحدى المدير التنفيذي، والذي ينبغي أن تتأثَّر قراراته بمجلس الإدارة في الوقت ذاته.

أنا شخصياً أخذتُ هذه النصيحة على محمَل الجد طوال عام 2019؛ حيث أطلقتُ بعدها شركتي الجديدة، ثيرد ساميت (Third Summit)، وطوال العام الماضي، التقيت العشرات من القادة والمديرين التنفيذيين من ذوي الخبرة وروَّاد الأعمال الناجحين والمبدعين المهرة لتشكيل مجلس استشاري قوي لضمان نجاح شركتي، فأنا أحترم مستشاريِّ وأثق بهم تماماً، وحرصت على إنشاء فريق متنوِّع قادر على تقدير وتحدي مهمَّتنا الأساسية، وحتى الآن، كانت آراؤهم لا تُقدَّر بثمن.

ومع ذلك، أفضِّل اللجوء إلى أعضاء مجلس إدارتي للحصول على المشورة عندما تكون الفكرة هامة لتحقيق أقصى استفادة من آرائهم، مما يعني اللجوء إليهم للمساعدة على صقل استراتيجيات طرح المنتجات إلى السوق والترويج من أجل الحصول على المستثمرين وتصميم المنتجات.

إقرأ أيضاً: 5 أنواع من المنتورز يحتاج إليهم كل رائد أعمالٍ ناجح

4. دع بياناتك الخاصة ترشدك:

مع مرور الوقت، لن تحتاج إلى طلب النُّصح من الآخرين؛ حيث يجب أن يكون نشاطك التجاري قادراً على مساعدتك مباشرة.

لقد كتبت من قبل عن قيمة التحقُّق من بياناتك الخاصة، فخلال السنوات العشرين التي ركَّزت فيها على بناء علامتي التجارية الإبداعية، كنت أفكِّر في كثير من الأحيان في الأرباح والمبيعات السابقة التي حقَّقتها لاتخاذ قرارات حول المستقبل.

لا يتعلَّق الأمر بتوقُّعات الأداء والنمو السنوي فحسب؛ بل يتعلق بمدى أداء المشاريع المحددة ومدى رضا العملاء في النهاية أيضاً، كما يمكن لأيِّ قائد أعمال دراسة شهور من حملات وسائل التواصل الاجتماعي والإنفاق الإعلاني والاستثمارات الضخمة لفَهْم ما ينجح وما لا ينجح، ويمكنه عادةً تحديد ما قد ينجح استناداً إلى أدائه السابق.

يجب أن يحقِّق أي عمل ناجح أمرين: أن يحل مشكلة، وأن يتكيَّف وفقاً لما تُشير إليه البيانات النوعية، ولتحقيق الأول، تحتاج إلى الإبداع والابتكار، أما لتحقيق الثاني، فتحتاج إلى التواضع والثقة في البيانات الخاصة بك؛ لذا التزم بهذه النصائح، وسيكون طريقك إلى النجاح واضحاً.

المصدر




مقالات مرتبطة