4 نصائح للتخلص من الصوت السلبي الموجود في داخلك

نحن غالباً ما نفكر بسلبية ونتوقَّع "الأسوأ"، ونرى الجانب السلبي للمواقف الإيجابية، وحتى نتوقع الفشل؛ ظناً منَّا بأنَّ ذلك نوع من التأمين العاطفي؛ إذ نحسب أنَّنا إن توقعنا الأسوأ فلن نشعر بخيبة الأمل عندما يحدث ذلك.



إنَّ رغبتنا في أن نكون على حق هي سبب شائع آخر لاختيارنا للتفكير السلبي دون وعي، وفي بعض الأحيان نفضل أن نكون على حق بشأن تنبُّؤاتنا السلبية على أن تُثبِت النتائج الإيجابية أنَّنا مخطئون، ونظراً لأنَّ التفكير السلبي يؤدي إلى أفعال سلبية، أو إلى عدم اتخاذ أي إجراء على الإطلاق في كثير من الحالات؛ فمن خلال التفكير السلبي نختلق نبوءة تحقق ذاتها لأنفسنا؛ بعبارة أخرى إنَّنا نفكر بسلبية، ونتوقع نتيجة سلبية، ونتصرف بسلبية، ثمَّ نتلقى نتيجة سلبية تحقق توقعاتنا.

بالطبع لا شيء من هذا هو ما نريده أو نحتاجه في حياتنا حقاً؛ لذا دعنا نلقي نظرة على أربع نصائح قوية لتهدئة الصوت الداخلي السلبي الذي يقودنا إلى الضياع:

1. ابدأ بالتركيز على المنطقة الرمادية:

إنَّ الحياة ليست أسود أو أبيض فقط، أو كل شيء أو لا شيء، فالتفكير بهذه الطريقة يؤدي إلى البؤس؛ لأنَّ التفكير السلبي يجعلك ترى أي موقف غير مثالي على أنَّه موقف سيئ للغاية؛ على سبيل المثال:

  • بدلاً من أن نقول: "لقد أخَّرت العاصفة عودتي إلى المنزل"، نقول: "لقد دمرت العاصفة أمسيتي بالكامل وأفسدت ليلتي".
  • بدلاً من أن نقول: "يستغرق مشروعي التجاري بعض الوقت لاكتساب اهتمام الناس"، نقول: "لن ينجح مشروعي أبداً، وسوف يُدمِّر مستقبلي المالي تماماً".
  • بدلاً من تقبُّل التوتر الناتج عن مقابلة مجموعة جديدة من الناس، نقول: "أعلم أنَّ هؤلاء الأشخاص لن يحبونَني".

نظراً لأنَّ الغالبية العظمى من مواقف الحياة هي مواقف غير مثالية؛ فإنَّ التفكير بطريقة "كل شيء أو لا شيء" يجعلنا نركز على السلبية؛ أي المآسي، والفشل، وأسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تحدث، فمن المؤكد أنَّ الكوارث قد تحدث أحياناً، ولكن على عكس ما تراه غالباً في قنوات الأخبار فإنَّ معظم أحداث الحياة تحدث في منطقة رمادية بين أقصى درجات النعيم وأقصى درجات الدمار.

إذا كنت تعاني رؤية المنطقة الرمادية لموقف ما اجلس وأحضِر قلماً وورقة، واكتب أفضل النتائج، وأسوأها، ونتيجة واقعية واحدة على الأقل تقع بين هذين النقيضين؛ على سبيل المثال لنفترض أنَّك كنت قلقاً بشأن علاقة عاطفية ما، اكتب ما يأتي:

  • أسوأ نتيجة: "إنَّ هذه العلاقة فاشلة، وستنتهي بانفطار قلبي".
  • أفضل نتيجة: "إنَّ هذه العلاقة رائعة ولن يحدث فيها أي جدالات".
  • النتيجة الواقعية: "ستكون هناك أوقات رائعة، وأوقات جيدة، وأوقات سيئة؛ لكنَّنا سنعمل معاً، وسيحترم بعضُنا بعضاً، وسنمنح علاقتنا فرصة عادلة قبل التوصل إلى أي استنتاج".

اجعل النتيجة الواقعية مفصلة وطويلة بقدر ما ترغب، أو قم بإدراج أكثر من نتيجة واقعية واحدة، فإنَّ منح عقلك المزيد من الخيارات للنظر فيها سيساعد على تقليل المشاعر المبالغ فيها ويسمح لك بالتفكير بطريقة أكثر وضوحاً وواقعية.

إقرأ أيضاً: عود نفسك على غرس عادة التفكير الإيجابي

2. توقَّف عن البحث عن الإشارات السلبية من الآخرين:

في كثير من الأحيان نسارع إلى الاستنتاجات فقط لنسبب لأنفسنا وللآخرين إحباطاً وأذى وغضباً غير ضروري؛ لذلك إذا قال أحدهم شيئاً ما فلا تفترض أنَّه يعني شيئاً آخر، وإذا لم يقل شيئاً على الإطلاق فلا تفترض أنَّ لصمته بعض الدلالات السلبية الخفية.

بالتأكيد سيقودك التفكير السلبي إلى تفسير كل ما يفعله الشخص الآخر على أنَّه سلبي، خاصةً عندما تكون غير متأكد ممَّا يفكر فيه الشخص الآخر؛ على سبيل المثال قد تفكر: "لم يتصل بي بعد؛ لذلك لا بد أنَّه لا يريد التحدث معي"، أو "لقد قالت ذلك فقط لتكون لطيفة؛ لكنَّها لا تعنيه حقاً".

إنَّ تفسير موقف ما قبل أن تعرف القصة بأكملها يجعلك أكثر عرضة للاعتقاد بأنَّ عدم اليقين الذي تشعر به (بناءً على قلة المعرفة) هو علامة سلبية أيضاً، وعلى الجانب الآخر فإنَّ تأجيل تفسير القصص غير المكتملة بعد هو أمر ضروري للتغلب على التفكير السلبي، عندما تفكر تفكيراً أكثر إيجابية، أو تكون أكثر وضوحاً بشأن الحقائق ستتمكن من تقييم جميع الأسباب المحتملة التي يمكنك التفكير فيها، وليس الأسباب السلبية فقط؛ بمعنى آخر ستفكر بهذه الطريقة: "لا أعرف لماذا لم يتصل بي بعد، ولكن ربما ..."

  • "... مشغول في العمل".
  • "... إشارة هاتفه ضعيفة في مكان عمله".
  • "... ينتظرني للاتصال به".

لا تُعَدُّ أي من هذه الظروف سلبية؛ بل كلها معقولة مثل أي تفسير آخر محتمل؛ لذا في المرة القادمة التي تشعر فيها بعدم اليقين وعدم الأمان، وتجد نفسك متوتراً بشأن مشكلة غير موجودة؛ توقف وخذ نفساً عميقاً، ثمَّ قل لنفسك: "هذه المشكلة موجودة في ذهني فقط"، وتعد القدرة على تمييز ما تتخيله ممَّا يحدث بالفعل في حياتك خطوة هامة نحو عيش حياة إيجابية.

شاهد بالفيديو: 9 طرق لممارسة التحدث الإيجابي إلى الذات من أجل تحقيق النجاح

3. قيِّم واستبعد القواعد والتوقعات غير المعقولة:

يجب أن تعامل العالم كما هو، وليس بالطريقة التي تتوقعه أن يكون عليها؛ فالحياة ليست مُلزمة بتقديم ما تتوقعه بالضبط، في الواقع نادراً ما يأتي ما تبحث عنه بالشكل الذي تتوقعه، ولكن هذا لا يجعله أقل روعة؛ لذا توقف عن فرض توقعاتك وقواعدك المُساء فهمها على الحياة، وغير طريقة تفكيرك كما يأتي:

  • بدلاً من أن تقول: "لقد تأخر؛ لذلك لا بد أنَّه لا يكترث لأمري"، قُل: "ربما علق في زحمة السير".
  • بدلاً من أن تقول: "إذا لم أتمكن من القيام بهذا الأمر على نحو صحيح؛ فلا بد أنَّني لست ذكياً بما يكفي"، قُل: "ربما أحتاج إلى المزيد من الممارسة فقط".
  • بدلاً من أن تقول: "لم أتلقَّ أي رد من طبيبي؛ لذا لا بد أنَّ نتائج التحليل سيئة"، قُل: "ربما المختبر مزدحمٌ جداً ولم تظهر نتائجي بعد".

إنَّ إنشاء مثل هذه القواعد عن كيف يجب أن تكون الحياة بناءً على توقعاتك العنيدة، هو طريقة رائعة لتبقى عالقاً في الحضيض، وهذا لا يعني أنَّه لا يجب أن تتوقع أي شيء من نفسك ومن الآخرين (الاجتهاد، والصدق، والتصميم، وما إلى ذلك)؛ بل يعني أنَّ القواعد التي تحكم توقعاتك لا ينبغي أن توجهك نحو استنتاجات سلبية غير معقولة.

إذا شعرت بعدم الرضى أو بالإحباط بسبب نتيجة ما فلا بد أنَّك كنت تتوقع شيئاً مختلفاً؛ لذا بدلاً من الانزعاج، اسأل نفسك: "هل كانت توقعاتي محدودة جداً؟"، و"ما هي الحقائق الجديدة التي تعلمتها؟".

خلاصة القول هي أنَّك يجب أن ترى الأشياء وتتقبلها كما هي بدلاً من حصرها فيما كنت تأمل أو تتمنى أو تتوقعها أن تكون؛ فلمجرد أنَّها لم تكن كما كنت تتصور فهذا لا يعني أنَّها ليست ما تحتاجه للوصول إلى حيث تريد.

إقرأ أيضاً: 6 طرق لتنمية التفكير الإيجابي

4. تقبَّل الرفض واستخدمه لإيجاد الفرص المناسبة:

بمجرد أن ينتقدك أو يرفضك أحدهم، قد تفكر: "هذا يثبت لي مرة أخرى أنَّني لست قيماً"، ولكن ما يجب إدراكه هو أنَّ هؤلاء الأشخاص لا يستحقونك، والرفض هو دواء ضروري؛ إذ إنَّه يعلمك كيفية رفض الفرص التي لن تعمل لمصلحتك، بحيث يمكنك العثور على فرص جديدة ستكون كذلك.

إنَّ الرفض لا يعني أنَّك لست جيداً بما يكفي؛ بل يعني أنَّ الشخص الآخر قد فشل في ملاحظة ما لديك لتقدمه، وهذا يعني أنَّك تملك المزيد من الوقت للتحسن، وللاعتماد على أفكارك، وإتقان حرفتك، والانغماس في عملك بصورة أعمق.

بالطبع ستُجَرح عندما يحدث ذلك؛ فأنت إنسان، ولا يوجد أحد لا ينفطر قلبه ولو قليلاً عند التعرض للرفض، وستطرح على نفسك لفترة قصيرة بعد ذلك كثيراً من الأسئلة، مثل:

  • "ما هو الخطأ الذي ارتكبته؟".
  • "لماذا لم يحبونَني؟".
  • "كيف حدث ذلك؟".

لكن بعد ذلك عليك أن تسمح لعواطفك بأن تغذيك؛ فهذا هو الجزء الهام، فاسمح لمشاعرك الناتجة عن الرفض بأن تدفعك وتغذيك وتُلهمك للانفتاح للمرحلة التالية من حياتك.

عندما تنظر إلى حياتك الماضية ستدرك أنَّه في كثير من المرات التي ظننت فيها أنَّك حُرِمت شيئاً جيداً قد وجَّهك ذلك في الواقع إلى شيء أفضل، ولا يمكنك التحكم بكل شيء، وفي بعض الأحيان لا تحتاج إلا إلى الاسترخاء والإيمان بأنَّ الأمور ستنجح؛ لذا اسمح للحياة بأن تسير بالطريقة التي من المفترض أن تسير فيها؛ لأنَّه في بعض الأحيان ستغيرك النتائج التي لا يمكنك تغييرها.

شاهد بالفيديو: 8 فوائد للرفض ستثير إعجابك بالتأكيد

في الختام:

فكر بإيجابية؛ فالحياة جيدة، وكثير من الناس يفوِّتون الشيء الجيد لأنَّهم يتوقعون رؤية شيءٍ أفضل، ولا يتعلق التفكير الإيجابي بتوقع حدوث الأفضل دائماً؛ بل بتقبُّل أنَّ كل ما سيحدث هو الأفضل في الوقت الحالي؛ لذا استمر في الابتسام وحافظ على صدقك ووفائك، ويوماً ما لن يتبقى للصوت السلبي بداخلك شيءٌ ليقوله.




مقالات مرتبطة