4 طرق للتعامل مع الأشخاص صعاب المراس

لقد تلقيت هذا الصباح بريداً إلكترونياً من أحد طلاب الدورة التي أقدم الكوتشينغ فيها؛ إذ ذكَّرني بكلامه بموسم الإجازات العائلية وحفلات الأعياد واحتفالات العمل المحرجة، وفي الأوقات التي تُجبَر فيها مجموعات كبيرة من الناس على تقاسُم الغرفة نفسها أو المنزل لفترة طويلة جداً، خاصةً بعد ساعات من الاحتفال والإرهاق، ممَّا يزيد من احتمالية حدوث كثير من المشكلات غير الضرورية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن مارك كرنوف (Marc Chernoff)، ويقدم لنا فيه 4 طرائق للتعامل مع الأشخاص صعبي المراس.

فقال: "أنا محاط بأشخاص صعبي المراس في عائلتي وفي محيطي الاجتماعي أيضاً؛ إذ يتعين عليَّ التعامل معهم في اللقاءات التي تحدث في العطلات، وثمة كثير من العطلات القادمة طيلة الأسابيع القادمة، ومجرَّد التفكير في الأمر يفقدني صوابي، ماذا يمكنني أن أفعل عندما يبدأ هؤلاء الأشخاص في إثارة غضبي؟ فهذا أمر لا مفر منه، كيف أحمي نفسي من سلوكهم السلبي حتى أتمكن من الحفاظ على هدوئي؟ وماذا لو لم أستطع الابتعاد عنهم تماماً؟ سوف أقدِّر أيَّ نصيحة تقدمها إلي".

إنَّ الشعور بالتوتر والانزعاج من الآخرين هو شعور شائع جداً، وخاصةً من أفراد العائلة والأصدقاء وزملاء العمل الذين تربطنا فيهم علاقة وطيدة، لكن حتى عندما تكون مشاعرنا مبررة، فإنَّنا لا نريد أن يؤدي وجود أيِّ شخص آخر أو سلوكه إلى إحباطنا، وبالتأكيد لا نريد أن نفتعل مزيداً من المشكلات.

ما الذي يمكن فعله عندما يكون الشخص المزعج أو الفظٌّ أو صعب المراس مقرباً منا؟

لأنَّنا لا نتعرض لأيِّ نوع من الخطر الحقيقي، ولا نحتاج إلى حماية أنفسنا جسدياً، فإنَّ الخيار الأفضل غالباً هو تغيير بسيط في العقلية؛ أي بدلاً من محاولة تغيير الشخص الآخر، يجب أن نغير رد فعلنا تجاهه.

أنا أعلم أنَّ هذا الاقتراح قد يكون محبطاً لبعض الأشخاص، فقد تتساءل لماذا يتعين عليَّ إجراء تغيير في نفسي عندما يكون الشخص الآخر هو الذي يسيء التصرف؟

مع ذلك، فإنَّ الأمر الأساسي هو أن تفهم أنَّه من خلال بعض التحولات العقلية البسيطة، يمكنك العثور على مزيد من السلام مع أيِّ شخص تقريباً، لكن إذا حاولت تغيير سلوك الآخرين، فسوف تفقد صوابك، لقد وُضِّح هذا الكلام من خلال استعارة سمعتها أمس من مدربٍ في درس التأمل الجماعي؛ إذ قال: "أين يمكنني أن أجد ما يكفي من المطاط لتغطية اليابسة في العالم بأسره؟ لا حاجة إلى ذلك حينما يكون نَعل حذائي من المطاط، فهذا يجعل العالم كلَّه مغطَّىً بالمطاط وأنا أمشي، وبالمثل أنا لا أستطيع التحكم بمواقف الحياة الخارجية؛ لكنَّني يمكن أن أتحكم بعقلي، فما فائدة التحكم بأيِّ شخص أو أيِّ شيء آخر؟".

ينقل هذا التشبيه البسيط الحقيقة الآتية: يصعب المشي حافياً في معظم الأماكن على سطح الأرض؛ لذلك يمكننا محاولة العثور على غطاء للعالم بأسره - وهو أمر مستحيل - أو يمكننا ببساطة تغطية أقدامنا بأحذية ذات نعل مطاطي؛ ومن ثَمَّ نتمكن من التجول أينما يحلو لنا بسلام، وبالمثل يمكننا محاولة التحكم بالأشخاص صعبي المراس من حولنا - وهو أمر مستحيل أيضاً - أو يمكننا التحكم بردود أفعالنا تجاههم.

إقرأ أيضاً: صعبو المراس وكيفية التعامل معهم

4 طرائق للتعامل مع الأشخاص صعبي المراس:

1. مُلاحظة ما تخبر نفسك به عن الشخص الآخر:

كلَّما وجدت نفسك متوتراً ومنزعجاً من سلوك أيِّ شخص آخر، فأول ما ستلاحظه هو بدء عقلك في تكوين مشاعر من الغضب والاستياء تجاهه؛ إذ يتعلق الأمر بتصرفه بهذه الطريقة المزعجة دائماً، وكم أنَّك سئمت منه، لكن سيسبب لك هذا الأمر التوتر على الفور، وسيبقي تركيزك على الصفات السلبية للشخص الآخر حصراً، وفي النهاية سيجعلك شخصاً ربما لا تريد أن تكون عليه؛ لذا ابذل قصارى جهدك لرؤية الأمور على حقيقتها.

2. تفسير سلوكه السلبي على أنَّه غير شخصي:

عندما تشعر بسلبية شخص ما، قاومها قليلاً بفكرة مثل: "هذه الملاحظة (أو الإيماءة، أو أيِّ شيء آخر) لا تتعلق بي؛ بل إنَّها تتعلق بك (أو بالعالم بأسره)"، تذكر أنَّ جميع الأشخاص لديهم مشكلات عاطفية يتعاملون معها (مثلك تماماً)، وهذا ما يجعلهم في بعض الأحيان فظين وغير قادرين على التفكير، ومن الممكن أنَّهم يبذلون قصارى جهدهم، أو من الممكن أيضاً ألا يكونوا على دراية بمشكلاتهم.

على أية حال، يمكنك أن تتعلم عدم تفسير سلوكاتهم على أنَّها هجمات شخصية، ورؤيتها بدلاً من ذلك على أنَّها مواجهات غير شخصية (مثل الأرض تحت قدميك)، والتي يمكنك الاستجابة لها بفاعلية عند الضرورة (من خلال ارتداء ما يشبه الحذاء)، أو ألا تستجيب على الإطلاق.

شاهد بالفديو: 6 تقنيات تساعدك في التعامل مع الأشخاص صعبي المِراس

3. التحكم بالمحادثات السلبية بإيجابية:

لا بأس في تغيير الموضوع أو التحدث عن شيء إيجابي أو تغيير المحادثات المليئة بالتذمر والمشكلات والأنانية، كن على استعداد للاختلاف مع الأشخاص صعبي المراس والتعامل مع العواقب اللحظية؛ فبعض الناس لا يدركون أنَّهم صعبو المراس أو لا يدركون سلوكهم المتهور.

في الواقع، يمكنك أن تقول إنَّك تشعر وكأنَّك تتعرض للنقد، ويمكنك أيضاً أن تكون صادقاً إذا كان موقفهم السلبي هو ما يبعدك عنهم، ويمكنك أن تقول إنَّك تحاول التركيز على الأشياء الإيجابية؛ ومن ثَمَّ يمكنك تغيير الحديث إلى حديث جيد، وقد ينجح الأمر وقد لا ينجح أيضاً، لكن سيساعدك صدقك عند إكمال الحديث.

4. ممارسة السلوك الذي تأمل أن تراه:

عندما يُصرُّ شخص ما على فرض المشكلات عليك، تجاهل تصرفاته الغريبة وركز على التعاطف، وتواصل وعبِّر عن نفسك بسلام وبحب وبأفضل النوايا، كن مصدراً للخير والإلهام والتشجيع والتثقيف وانشر السلوك الذي تريد رؤيته في الآخرين.

الحديث عن كلِّ ذلك أسهل طبعاً من تطبيقه على أرض الواقع، لكن يتطلب الأمر بعض الممارسة، وبالنسبة إلي، حتى بعد عقود من الممارسة، أجد نفسي  في بعض الأحيان فظاً مع الأشخاص الفظِّين معي؛ إذ إنَّني أتصرف تصرفاً سيئاً لأنَّهم تصرفوا تصرفاً سيئاً معي، وحتى وإن كانوا هم المخطئين تماماً، فإنَّ سلوكي سيؤدي إلى تصعيد ا لموقف؛ لذلك، أبذل قصارى جهدي لأخذ نفس عميق ولإعطاء مثالاً جيداً لكيفية التعامل مع الغضب والإحباط.

إنَّني أحاول التحلي بالصبر وأن أتعاطف معهم من أجل إظهار طريقة إيجابية للتعامل مع الأشخاص صعبي المراس، ويجلب لي القيام بذلك السلام دائماً، وإن لم يكن فورياً.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح لتكون ذكيّاً في التعامل مع الناس

في الختام:

أريد أن أختَتِم هذا المقال بإعطائك مثالاً على كيفية تطبيق بعض الممارسات والاستراتيجيات المذكورة أعلاه للتعامل مع الأشخاص صعبي المراس في حياتك، فقد كان الأمر الأساسي بالنسبة إلي هو جهودي المدروسة والمستمرة للتوقف عن الحكم على الآخرين.

نعم، أحد أكثر التغييرات المدهشة التي قمت بها في حياتي، والتي جعلتني أكثر سعادة وأكثر قدرة على التعامل مع الأشخاص صعبي المراس حولي، هو ببساطة تعلُّم عدم الحكم على الأشخاص حولي.

بالطبع لن أتظاهر بأنَّني لا أطلق أحكاماً متهورة تجاه الناس على الإطلاق؛ فجميعنا نقوم بذلك؛ إنَّها غريزة إنسانية فطرية؛ لذا أنا لست استثنائياً؛ لكنَّني تعلمت أن أنتبه إلى نفسي عندما أفعل ذلك، واليوم أطلب منك أن تفعل الشيء ذاته أيضاً.

أولاً وقبل كلَّ شيء، يجب أن تعي حقيقة أنَّك تطلق الأحكام؛ فتوجد علامتان واضحتان تماماً يمكنك البحث عنهما لديك:

  • أنت تشعر بالاستفزاز أو الانزعاج أو الغضب أو الرفض تجاه شخص ما.
  • أنت تشكو من شخص ما أو تتحدث عنه في غيابه.

بعد أن تلاحظ أنَّك تُصدر حكماً بحق شخص ما، توقف وخذ نفساً عميقاً، ولا توبخ نفسك، لكن ببساطة اسأل نفسك بعض الأسئلة:

  • لماذا تحكم على هذا الشخص الآن؟
  • ما هي التوقعات غير المبررة التي تملكها تجاه هذا الشخص؟
  • هل يمكنك أن تضع نفسك في مكان هذا الشخص؟
  • ما الذي قد يمر به هذا الشخص؟
  • هل يمكنك معرفة مزيد عنه؟
  • ما هو الشيء الصغير الذي يمكنك تقديره بشأن هذا الشخص الآن؟

بمجرد القيام بذلك، كن لطيفاً وتعاطف معه، فربما يحتاج هذا الشخص إلى من يسمعه، شخص لا يحكم عليه، أو لا يتحكم به، ولا يكون له غاية خفية، لكن على أيَّة حال، ذكِّر نفسك أنَّك لا يمكنك مساعدته عندما تكون في موقف الحكم عليه، ولا يمكنك مساعدة نفسك أيضاً؛ لأنَّ الحكم على الأشخاص طوال الوقت هو أمر مرهق للغاية وصعب في حد ذاته.




مقالات مرتبطة