4 طرق لتحديد بيئة العمل التي يسودها التقاعس

لطالما كرهتُ القيام بمهام معينة في أثناء نشأتي، وكانت المهمة الأكثر إزعاجاً بالنسبة إلي هي غسل الأطباق؛ فلِمَ لم نكن نملك غسالة أطباق وقتها؟ وكنَّا نتشاجر باستمرار أنا ووالدتي بشأن غسل الأطباق، وحتَّى الآن ما زلت أستطيع سماع صوت والدتي وهي تؤنبني بسبب ذلك قائلة: "لا تتركي صحنك دون غسله"، فكنت أجيب دائماً بـ: "أمي، سأغسل كل أطباقي لاحقاً"، لتقول بعدها: "أنتِ كسولة، إنَّه طبق واحد ومن الأسهل القيام بذلك الآن".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "ديوندرا فيلاسيتي" (Diondra Fillacetti)، وتُحدِّثنا فيه عن العلاقة بين الكسل وعدم الكفاءة والتقاعس.

لقد أزعجتني كلمة كسولة كثيراً؛ لأنَّني ظننتُ أنَّ غسل الأطباق مرة واحدة يومياً دفعة واحدة كان أمراً منطقياً وأكثر فاعلية بعد تراكم مجموعة أطباق، وبعيداً عن الأعمال المنزلية، إنَّني مجتهدة ولدي دوافع ذاتية؛ لذلك لم أحب لقب "كسولة".

كنت أفكر أكثر في الآونة الأخيرة في العلاقة بين كرهي لمهام معينة والشعور بالذنب بأنَّني كسولة، وأدركت أنَّ أكثر ما كرهته في غسل الصحون هو أنَّني كنت أعرف أنَّني أملك طريقة أفضل للقيام بذلك، ومع ذلك رفضت والدتي حتَّى التفكير في شراء غسالة أطباق؛ لأنَّها لا ترى أيَّ مشكلة في غسل الأطباق يدوياً، لقد أحبطتني؛ لأنَّها لم ترَ أنَّ غسالة الصحون ستوفر وقتاً كبيراً، وتنهي جدالنا المستمر وسيتوقف تلف الأظافر الذي كانت تشتكي منه باستمرار.

كانت لدي طريقة أفضل؛ لكنَّني كنت مشغولةً في القيام بمهمة متكررة؛ لذا كنت أشعر بالاستياء حقاً؛ لذلك أدركت أنَّ مشكلتي لم تكن مع غسل الأطباق؛ بل إنَّها كانت مهمة غير فعالة وغير ضرورية إلى حد ما؛ لأنَّها كانت مشكلة لها حل بالفعل.

حدث معي الأمر ذاته في العمل على مهام معينة في وظيفتي؛ فلم أطق القيام بها، وعندما اقترحت مجموعة متنوعة من الحلول الرقمية السريعة والفعالة لإنجازها، قوبلت برد الفعل نفسه؛ ألا وهو رفض الفكرة والتنبيه إلى أنَّني يجب أن أستمر في فعل ذلك بالطريقة التقليدية؛ لأنَّني لم يكن لدي مشكلة في النظام الحالي.

إقرأ أيضاً: فهم عقلية النمو

هل جعلتني رغبتي في إيجاد طريقة أفضل لإنجاز المهام كسولة؟

الرغبة في إيجاد طريقة أكثر فاعلية للقيام بشيء ما ليس كسلاً؛ بل ذكاء؛ فالهدف من الاختراعات هو تسهيل المهام، وتوفير الوقت لنا للقيام بأشياء أخرى أكثر أهمية، تخيل لو كان ما يزال يتعين علينا جميعاً حصاد طعامنا؛ فلن يكون لدينا الوقت لفعل أيِّ شيء آخر.

إذا كنت تكره المهام غير الفعالة؛ لأنَّك تعلم أنَّ لديك طريقة أفضل للقيام بها لا تظن أنَّك كسول لمجرد أنَّك ترفض ذلك؛ بل اسأل نفسك عمَّا إذا كنت في بيئة عمل قائمة على التقاعس.

كيفية تحديد بيئة العمل المتقاعسة:

1. انعدام الكفاءة:

إنَّ بيئة العمل غير المرضية مليئة بأساليب غير فعالة للقيام بالأشياء؛ لأنَّه لم يكلف أحدٌ نفسَه عناء تحسين هذه الأساليب، أو ربَّما لم يهتم أحد بإجراء تحسينات، ويتقبلون الوضع الراهن.

شاهد بالفيديو: كيف تحفّز موظفيك في العمل؟

2. قلة المبادرة:

بيئات العمل غير المرضية تحتوي على أشخاص يفتقرون إلى المبادرة؛ أي أناس غير مستعدين لتحمل مسؤولية المشاريع أو المهام غير الموجودة في وصفهم الوظيفي؛ فغالباً ما تسمع منهم عبارة: "هذه ليست وظيفتي".

3. الأسلوب السلبي والإهانات:

عندما لا يتَّفق بعض الأشخاص مع مبادرات الأشخاص المبادرين وأفكارهم، فغالباً ما يرغبون في تثبيط هؤلاء الأشخاص من خلال توجيه الإهانات أو الرد بأسلوب سلبي، مثل الأسلوب الذي اتبعته أمي معي بإعطائها لي لقب "كسولة".

4. لا يوجد استثمار ذاتي أو استثمار في الأعمال التجارية:

غالباً ما يكون سبب التقاعس في مكان العمل ناتج عن تقاعس الإدارة أو الافتقار إلى القيادة، وغالباً ما يكون السبب عدم رغبة المديرين في الاستثمار في الموظفين أو في الأعمال التجارية، وقد تُرفض مشاريع التحسين، وقد لا يوجد تمويل لتدريب الموظفين، وقد لا تتوفر سياسة مرنة في التعامل مع الأشخاص الذين يبتكرون ويحاولون القيام بالأشياء بطريقة مختلفة؛ والخلاصة أنَّ الإدارة ترغب في التمسك بالعمل كما هو؛ لأنَّه مناسب بالنسبة إليهم.

إذا وجدت نفسك في بيئة عمل غير مرضية فلديك خياران:

  • على الرَّغم من كلِّ المقاومة التي ستواجهها حاول إظهار القيمة التي يمكن أن تجلبها أفكارك للعملية؛ أي حاول إجراء تحسينات.
  • العثور على مكان عمل يصغون فيه إلى أفكارك ويقيِّمونها.
إقرأ أيضاً: المرونة في بيئة العمل: 4 نصائح لاستبدال عقلية الاستسلام

في الختام:

مهما كان المسار الذي تختاره لا تسمح لنفسك بالتقاعس وتقبُّل المهام غير الفعالة الموكلة إليك، وإذا لم تكن في بيئة تصغي إلى اقتراحاتك ويدعونك كسولاً أو صعب المراس، يجب عليك أن تدرك أنَّك قد تكون محاطاً ببيئةٍ من التراخي، وضع في حسبانك أنَّه لولا الأشخاص الذين يُطلَق عليهم "الكسالى"، والذين يبحثون عن تحسينات فربَّما لم تكن غسالة الأطباق والاختراعات العديدة التي نمتلكها في حياتنا اليوم موجودة.




مقالات مرتبطة