في حين تتعدد مسببات ظاهرة خسارة الموظفين الاهتمام بالعمل؛ فقد يكون شعورهم بالخوف تجاه فكرة الأمان الوظيفي وتفاقم التجارب السيئة مع الرؤساء أحد الأسباب الرئيسة؛ إلا أنَّ الشعور بعدم التقدير، وعدم الاعتراف بالجهود، والتقليل من قيمة الموظف هو السبب المشترك عند أغلب الانعزاليين ضمن بيئات العمل.
تقع مسؤولية تقدير مساهمات العمال على عاتق المديرين، جنباً إلى جنب مع مهمتهم في الاحتفاء بإنجازاتهم. وفي ظل حرية التنقل بين الوظائف وهيمنة أصحاب المواهب، فإنَّ ثقافة الاحتفاء بمساهمات وإنجازات الموظفين أمرٌ هام جداً لتمييز أفضل المواهب والحفاظ عليهم في مراكزهم. لهذا تحتاج أماكن العمل إلى تجديد نهجها.
التقدير ليس مجرد هدايا:
لطالما أدرك أرباب العمل قوة أسلوب التقدير في التعامل مع الموظفين، لرفع إنتاجيتهم ومعنوياتهم. فعندما يتعلق الأمر بالاحتفاء بالمهمات التي يؤديها الموظفون جيداً، فستكون الهدايا أول بادرة تقدير من أرباب العمل.
وقد استمر هذا التقليد حتى اليوم، وأصبح ضرورةً من ضرورات إتمام الصفقات بين المحامين والاستشاريين والسماسرة تقديمُ هدية باهظة الثمن كعربون امتنان ضمن بيئة العمل وخارجها. ولكن يتطلب الاحتفاء بالموظفين اليوم أساليب تقدير وامتنان مختلفة.
فقد تنامت توقعات الموظفين لأساليب أكثر جدوى من الهدايا الرمزية لإظهار التقدير. ومع ذلك، لم يحقق العديد من أرباب العمل بعد هذه التوقعات؛ بل اعتمدوا بدلاً من ذلك على أساليب قديمة، أو تناسوا تقدير إنجازات موظفيهم بالكامل في أسوأ الأحوال.
مع أنَّ العديد من المنظمات تتطور هيكلياً بناءً على كفاءة موظفيها بعيداً عن التسلسلات الهرمية الصارمة للوظائف للوصول إلى فريق عملٍ متعاون، إلا أنَّه ينبغي لها أيضاً أن تطوِّر برامج التقدير الخاصة بإنجازات الموظفين.
فيما يأتي بعض الخطوات الاستراتيجية التي ينبغي لقسم الموارد البشرية تطبيقها لإظهار التقدير والاحتفاء بإنجاز الموظفين:
1. تغليب نهج "مصلحة الموظف" لإظهار التقدير:
علينا الاحتفاء بالموظفين الأكثر إنتاجية وفائدة للشركة، وليس الأكثر هيمنة بالصوت في الاجتماعات. عادة ما تغفل نُهُج التقدير التقليدية الإشارة إلى إنجازات الموظفين الأكثر هدوءاً لمصلحة أولئك الذين يلفتون الانتباه إلى إنجازاتهم ببراعة.
ولكن لتعزيز ثقافة عادلة تحتفي بالموظف، فستحتاج الشركات إلى الاعتراف بجميل كل مَن يخدم مصالح العمل، سواء كانوا هادئين أم متحدثين جيدين. لهذا السبب من الهام أن تعزز الشركات النشاطات الاجتماعية لإظهار التقدير للموظفين في الوقت المناسب. ستؤدي الخبرات والوسائل الاجتماعية المتوفرة دوراً هاماً في بناء مجتمعات مهنية متعاونة وتحقيق مشاركة فعالة للموظفين.
2. استعمال الإحصاءات والتحليلات لإظهار التقدير بطرائق جديدة:
يمكن لقسم الموارد البشرية تصميم برامج تقدير بأشكال غير تقليدية من خلال الاستفادة من أساليب التحليل لتحديد خبرة الموظفين؛ إذ ترتفع أهمية التحليلات المستندة إلى أداء الأشخاص لسببين:
أولاً:
ستعمل أساليب تحليل الأداء على تعزيز كفاءة الشركة نظراً للمكافآت المصممة خصيصاً لتحفيز الأفراد على أفضل وجه، مع الوضع في الحسبان أنَّ المكافآت قد تختلف من شخصٍ لآخر.
ثانياً:
ستؤدي التحليلات المعتمدة على الأفراد دوراً رئيساً في ضمان مشاركة القيادة في برامج التقدير على مستوى الشركة.
شاهد بالفيديو: كيف تحفّز موظفيك في العمل؟
3. إظهار التقدير:
يؤمن الموظف بأنَّ إظهار التقدير والحصول على المكافآت ليس مجرد حوافز للأداء الجيد؛ بل مؤشرات ملموسة على اهتمام رب العمل. فعندما تتخذ الشركات خطواتٍ جادة ومدروسة لتنفيذ المكافآت والحوافز، مثل تقديم نقاط للأداء الجيد يمكن استبدالها بعد ذلك بمجموعة واسعة من المكافآت المجانية أو أيام العطلة؛ فإنَّها تعزز الولاء وتحسِّن مشاركة الموظفين.
وفيما يقضي الموظفون جزءاً كبيراً من حياتهم في العمل، يتحمَّل أرباب العمل مسؤولية إثراء ساعات العمل، وجعلها مصدر سعادة لهم عن طريق إظهار التقدير الجدِّي.
أضف تعليقاً