4 طرق جديدة لتقليل القلق والخوف

"تسنح الفرصة للعقل المهيَّأ لها" – "لويس باستور" (Louis Pasteur).



يعد التوتر والقلق شائعَين جداً في ثقافتنا، ويعد القليل من التوتر مفيداً للصحة ويحسِّن التركيز والأداء، لكن لكل منا حد معيَّن ونقطة يفيض عندها الكيل، وعندما يحدث هذا، ينحدر الأداء؛ إذ يؤدي الوعي بهذا التدهور إلى احتمالية الشعور بالخوف بوصفه رد فعل، وإلى حلقة تغذية راجعة سلبية.

تتراجع القدرة على حل المشكلات وتتسع الفجوة بين القدرة والمطالب عند تنشيط الجهاز الحوفي (الخوف)، وفي حال استمرار هذه الحالة لما يكفي من الزمن، فإنَّها تتحول إلى نوبة هلع، وإذا تُركت دون علاج، فقد تؤدي إلى اضطراب الهلع أو رهاب الأماكن المفتوحة أو اضطراب القلق العام أو الاكتئاب.

الأعراض:

يمكن أن يظهر القلق بطرائق عدة تبعاً للتركيب الفردي والشدة، وكما يمكن أن يكون شعوراً غامضاً بالخوف أو التهديد، ويتظاهر جسدياً في بعض الأحيان على شكل ألم في المعدة أو الصدر، وله علامات أخرى مثل ضيق التنفس والأيدي الباردة والمتعرِّقة، وفي مراحل الهلع الشديدة، قد تظهر على شكل فرط تنفس وارتعاش وتعرُّق وفقدان ذاكرة مؤقت والاضطراب الانفصالي.

طرائق جديدة لتقليل القلق:

يوضح هذا المقال عدداً من الاستراتيجيات للتعامل مع القلق والهلع، إذا حدث لك أو لشخص آخر، ولا يُقصد بهذه الطرائق أن تكون بديلة للتقييم والعلاج المهني؛ بل هي عناصر من الممكن أن تكون مفيدة لك خلال رحلة العلاج.

إليك 4 طرائق جديدة لتقليل القلق والخوف:

1. النوايا المتناقضة:

توجد مقولة قديمة لعالِم النفس "كارل يونغ" (Carl Jung) يقول فيها: "كل ما نقاومه يستمر"، وقد يشبه القلق وجود أغنية عالقة في رأسك، كلما حاولت التخلص منها، علقت أكثر، فعندما لا نرغب بشعور معيَّن، فإنَّنا نتجاهله حتى يتحول إلى القلق، ولا يعد القلق عاطفة بمعناه الصحيح؛ بل إنَّه ما يحدث عندما نتجنب المشاعر؛ إذ يتظاهر القلق جسدياً إلى آلام في المعدة أو آلام في الصدر أو صداع، عندما نقوم بتجنبه لمدة طويلة.

لنحاول قلب العملية؛ وهذا يعني إعادة تركيزك إلى ما تتجنبه، والمكان المناسب للبدء هو حيث توجد الأحاسيس حالياً؛ إذ يجد معظم الناس الأحاسيس في المنطقة ما بين المعدة والرأس، كما يجب أن تتعلم أكثر عن تجربة القلق، مثل الطريقة التي تعلم بها أنَّك قلق الآن، وما هي الأحاسيس التي تسري في جسدك؟ يجب أن تكون على دراية بكل هذا، كما لو كنت تخبر طبيبك بالأعراض التي تشعر بها.

يكمن المفتاح في التركيز على التجربة الجسدية وليس الانغماس بالتفكير بها، فابحث عن أيَّة علامات للمقاومة في أثناء الفحص الذاتي؛ إذ يعد توتر العضلات مقاومة واضحة، لكن من المحتمل وجود أنواع مقاومة دقيقة أخرى أيضاً، فاسعَ إلى التخلي عن المقاومة عندما تكتشفها، فقد تجد التنفس مفيداً، وقد يأخذ الأمر بعضاً من الوقت لتتحرر من المقاومة، لكن في حال وجدت الأمر صعباً، اطلع على طريقة التأمل الموجَّه لفحص الجسد.

شاهد بالفيديو: 12 أمراً يساعدك في التغلب على الخوف

2. الثقة بقدرتك على التعافي:

يخشى الأشخاص المصابون بالقلق والهلع في بعض الأحيان من تعرضهم لأزمة قلبية، وقد يحدث هذا بسبب ضوضاء عالية أو فكرة حفزت الأدرينالين، وهذا ما يجعل القلب ينبض، وسيجعل هذا الخوف القلق أسوأ، ويؤسس حلقة تغذية راجعة سلبية، فيصبح الجهاز الحوفي نشطاً أكثر فأكثر.

إن كنت قد أُصبت بنوبات هلع فيما مضى، فأنت تعلم كيف يكون الأمر، وأنَّه سوف يمر في النهاية، فكلما حاولت السيطرة على الأمر أكثر، كان أسوأ، وتذكر بأنَّ جسدك يعمل عملاً جيداً بما فيه الكفاية دون أن تفكر بالأمر، كما هو الحال عندما تكون نائماً؛ إذ يكون الاستسلام هو خيارك الوحيد.

كرر هذه العبارة "سيعتني الجسد بنفسه" مراراً وتكراراً حتى تهدأ الأمور، فلا يهم إن كنت تُصدِّق الأمر أم لا؛ إذ إنَّ اللاوعي لا يتبع الحقيقة فقط، فقط استمر بتكرارها حتى تهدأ.

3. تخيُّل نهاية سعيدة:

تأتي العديد من اضطراباتنا العصبية من الخوف من المستقبل؛ إذ إنَّه مكان غامض ومجهول تماماً، ويمكننا اختلاق بعض التخيلات الرهيبة عما يمكن أن يحدث لنا، وإنَّنا ندرب أنفسنا على سيادة التفكير الكارثي، بينما ننغمس في هذه القصص مراراً وتكراراً، وإن كانت محاولاتك لاستبدال هذه الأفكار بأخرى إيجابية قد باءت بالفشل، فحاول مجاراة الأحداث، وتخيَّل وقوع الأسوأ، ومن ثم تخيَّل كيفية مواجهتك لمخاوفك في حال تحققها جميعها، واتبع خيالك إلى أن تصل إلى اللحظة التي ستكون بخير تماماً بها.

سيقلُّ عدد الأمور التي تقلق بشأنها عندما ترى كيف ستتجاوز أسوأ مخاوفك، وبمجرد تحديدك لهذه النهاية الجديدة، تخيَّل الأمر من جديد في كل مرة يظهر بها خوفك.

إقرأ أيضاً: الخوف الزائد: أسبابه وطرق التغلب عليه

4. تحويل الطاقة:

لحسن الحظ فإنَّ الجزء العقلاني من الدماغ (القشرة الأمامية) لديه القدرة على كبح الجزء العاطفي (الجهاز الحوفي) لكن لسوء الحظ، هذه القدرة على الكبح ضعيفة جداً، وعلى أي حال إن كنت ذكياً ومثابراً، فبإمكانك تجاوز هذا الحد، فقم بتحويل طاقتك من دماغك العاطفي إلى العقلاني من خلال القيام بمهمةٍ فقط العقلاني قادر على فعلها، على سبيل المثال جرب العد تنازلياً من 1000 بأجزاء 4 أو 7، فلا يجب أن تكون المهمة سهلة كثيراً أو صعبة كثيراً؛ بل متوسطة الصعوبة.

سيعود الجزء العقلاني من دماغك إلى السيطرة بعد دقائق عدة من هذا النشاط، وإن لم ينجح هذا، فإنَّ السبب يكمن في سهولة أو صعوبة المهمة أو استسلامك المبكر، فحافظ على استمراريتك؛ إذ إنَّ الأمر يحتاج إلى دقائق عدة كي يتم استقلاب هرمونات التوتر الموجودة في دمك.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح تخلصك من الشعور بالخوف

في الختام:

إن كنت تعاني من نوبات هلع متكررة، فعليك طلب المساعدة من مستشار متخصص في علاج اضطراب الهلع، وتأكد من كونه على معرفة بتطبيق علاج التعرض، وهو المعيار الذهبي لعلاج الهلع، وفي حال كان الوسواس القهري متزامناً، فإنَّ العلاج النموذجي هو التعرض ومنع الاستجابة (ERP)؛ إذ يعاني العديد من الناس من هذه الاضطرابات بلا داعي لسنوات لأنَّهم لم يتلقوا العلاج المناسب.




مقالات مرتبطة