4 خطوات لاكتساب عقلية مرنة تؤمن بالنجاح

يبدو "الإخفاق السريع" (Failing fast) فكرةً بسيطة -وهي فلسفةٌ تثمِّن إجراء اختباراتٍ موسَّعة واتِّخاذ خطوات تحسين تدريجية لتحديد إذا ما كانت فكرةٌ ما ثمينةً أم لا- وقد أضحت الفكرة شعاراً واسع الانتشار؛ لكنَّ هذه الفكرة تمتدُّ لتشمل مجالات أوسع من ريادة الأعمال، وأصبح الكثيرون يُلقون المواعظ حول الطاقات الكامنة التي يفجرها الإخفاق فينا، وكيف يقودنا إلى النجاح السريع والمباشر، لقد غدا الإخفاق شعيرةً نُعنْون بها دربنا في هذه الآونة، ولكي تثبت نفسك وقدراتك عليك أن تتخبط في الأزمات.



ليس المقصود هنا تنحية الخبرات التعليمية والنمو الحاصل نتيجةً للإخفاقات السابقة، لكن يفيدنا كثيراً تسليط الضوء على النجاحات السابقة؛ فإن نظرنا إلى الأمر من الناحية الذهنية، لوجدنا أنَّ العقلية المرنة التي تؤمن بالنجاح هي حجر الأساس للتعامل مع الأمور، بينما لا يُعَدُّ السماح لفكرة الإخفاق بالتسلل إلى أهدافنا وتطلعاتنا أمراً مُجدياً.

النجاح أهمُّ من الإخفاق:

عندما تتقبل الإخفاق، كأنَّك تقول أنَّ نتيجة مساعيك هي الإخفاق حتماً، وفي المستقبل، تحدد هذه العقلية التصرفات التي تُقبِل عليها أو تمتنع عنها، مما قد يزيد من احتمالية إخفاقك، وبذلك تجد نفسك تجري في حلقة مستمرة من الإخفاق.

إن نظرنا للأمر من الناحية الإحصائية، تخفق الغالبية العظمى من الشركات الناشئة والمشاريع التجارية بطريقة أو بأخرى، وسواء كان ذلك بسبب المشكلات المتعلقة بالتمويل أم التوسع أم إطلاق منتج في السوق، فستأخذ نصيبها من الإخفاق، وعلى كل عاملٍ تقبل هذه الحقيقة، ومع ذلك فإنَّ عَدها ركيزةً للنجاح لن يزيدك إلا إخفاقاً.

أحياناً يضطر رائد الأعمال إلى اتخاذ أصعب القرارات في مسيرته في مجال ريادة الأعمال، كأن يبيع أسهماً في شركته التي بذل سنين عمره لإعمارها، خصوصاً إن كان يفكر في التوسع، وتحدث الصفعة الأكبر عندما تتراجع أعماله فيأخذ الموظفون بالاستقالة خوفاً على مستقبلهم المهني.

لكن إياك أن تَصِم نفسك بالإخفاق، بل عليك أن ترغم نفسك على المضي قدماً والسعي إلى تنفيذ مشروعك التالي بعيداً عن نطاق قطاعات الأعمال التقليدية.

يتجلى الفرق الشاسع بين عقلية الإخفاق ونظيرتها التي تركز على المرونة في السلوك والأفعال؛ إذ ربما تتسلل إليك مخاوف من الوقوع في الخسارة، لكن في الواقع عليك أن تنتقل فوراً إلى الخطوة التالية.

اشرع في التفكير في كيفية النجاح بدلاً من البحث عن طريقة لتلافي الإخفاق؛ لذا يجب عليك أن تتحلى بالصمود والتصميم وتقتنص الفرص دون أن يسيطر عليك التردد وتحاشي المخاطرة، فهاتان سمتا الإخفاق.

شاهد بالفيديو: الاخفاق سرّ النجاح... كيف تحول فشلك إلى نجاح؟

عامل المرونة:

يقوم تبني عقلية مرنة تؤمن بالنجاح على طرح أفكار الإخفاق جانباً، والسماح لعقلك بالتركيز على الإجراءات الاستراتيجية اللازمة للنجاح، قد يكون الحديث عن هذا نظريَّاً أسهل من تطبيقه على أرض الواقع، ولكن من المحتمل جدَّاً أن تساعدك الخطوات التالية في التعامل مع مشاريعك بعقلية مرنة:

1. وضع قائمة يومية للتحديات:

يختبر أداء مهمة تكون فيها نسبة النجاح ضئيلة شجاعتك، ومن ناحية أخرى، يمكن أن يساعدك القيام بذلك يومياً على تطوير وتعزيز عقلية المرونة لديك، فمن المعروف للجميع أنَّ في الإعادة إفادة.

ابدأ تحدي المرونة بخطوات بسيطة على مدار عشرة أيام، وضمِّن فيه تشكيلةً متنوعةً من الأنشطة الذهنية والبدنية، فعلى سبيل المثال: ابدأ التحدي الأول في الجري اليومي لمسافة 10 كيلومترات، وتحضير الوجبات في المنزل، والاستيقاظ أبكر بساعة دون تفعيل وضع الغفوة، وطلب الحسم على الأغراض التي تشتريها من المتجر، والتعرف إلى أشخاص جدد  كل يوم، وغيرها من الأنشطة الأخرى.

أشرك صديقاً لك في هذا التحدي لزيادة فرصك في النجاح؛ ليس بالضرورة أن تتوليا المهام نفسها، ولكن في الحقيقة، يساعدك وجود ند لك في تحفيزك وإخضاعك للمساءلة طوال فترة التحدي.

إقرأ أيضاً: 10 عادات تقف وراء تفوّق الشخص الناجح

2. مراقبة عقليتك:

عليك بمتابعة عقليتك بنفس القدر الذي تتابع به تمرينات الرياضية وتعيرها اهتمامك، انتبه جيداً عندما تكون في أفضل حالاتك وعندما تكون في أسوأها، وحاول تكرار الإجراءات التي قادت إلى أفضل الإنجازات، وتنحية أية إجراءات أدت إلى أسوأ النتائج.

خصص 10 دقائق كل يوم لكتابة أنشطتك اليومية؛ ولكن لا تجعل التركيز على ما حدث يعيقك، بل ادخل في الأعماق واذكر بالتفصيل ما شعرت به نتيجة اختياراتك، يمكنك أن تكتب ما يلي على سبيل المثال: "لقد بدأت يومي بالجري لمدة 30 دقيقة، وكانت الشمس ترتفع في السماء ناشرةً أشعتها فوق الحقول"، أو "أفكر أن أعطي درساً في الهواء الطلق لنستمتع جميعاً بألوان الخريف، كم أحب عملي!"

تتيح لك مراقبة سلوكك أثناء نشاطٍ ما التفكير بسهولة في الخيارات التي ولَّدت حالةً ذهنيةً إيجابيةً، يمكنك بعد ذلك تنظيم يومك تنظيماً أفضل للحفاظ على عقلية أكثر إيجابية، إضافةً لكونه يوفر لك فرصة لتسخير أي عاطفة معينة -حتى السلبية منها- لإيقاد حماسك لتحقيق النجاح.

3. إنشاء حوار داخلي إيجابي:

أظهرت عبارات التشجيع الإيجابية فاعليتها، فيمكن أن يمنحك تكرار الأمور التي تعكس مفهوم النجاح لديك، التشجيع على الاستمرار في الدرب الذي اخترته.

تدرب على الموقف قبل حدوثه، واستخدم هذه التقنية كلما أردت مواجهة مواقف معينة، مثل لقائك مع الموظف المصرفي، تخيل نفسك ترتدي بِزَّة رسميةً وقميصاً أنيقاً وربطة عنقك المفضلة التي تمنحك الثقة، وتخيل بعد أن يدخل الموظف المصرفي مكتبك ويصافحك أنَّك تعطيه مستنداً يتضمن مبلغ التمويل الذي تطلبه بالإضافة إلى بياناتك المالية الحالية.

فكر كيف ستذكر له أعمالك المزدهرة ومسار النمو التصاعدي لها، وكيف ساعد تمويله السابق في تحقيق هذا النجاح، فضلاً عن تقديرك وحماسك لدعمه المستمر، تخيله يتعهد بتحقيق ذلك، وتنهي الاجتماع بشروط لصالحك.

لا يجب عليك الخوض في التفاصيل، لكن يُفضل أن تنقل حوارك الداخلي من التفكير في الأسوأ إلى تصور النتيجة المُرضية، حتى وإن لم تكن واثقاً من النتائج، سيعزز أسلوبك المفعم بالثقة من فرص نجاحك.

إقرأ أيضاً: كيف تدرب نفسك على الإيحاء الذاتي الإيجابي

4. تطوير ذاكرة قصيرة الأمد:

لا مفر من الإخفاق ولا عيب فيه، اعترف بالإخفاق عندما تقع به، وخذ الوقت الكافي للتفكير في الموقف للتزود بالخبرات وتشجيع النمو، ثم امض قدماً، فلن يفيدك التحسر على تجاربك الفاشلة السابقة شيئاًَ.

يتحفنا كتاب "عقيدة المتفائل" (The Optimist Creed) لمؤلفه كريستيان دي لارسن (Christian D. Larson) بحكمة ثمينة وهي: "انسَ أخطاء الماضي، واسع لتحقيق إنجازات أكبر في المستقبل"، قد تعتقد أنَّ في الأمر مبالغةً، لكن راقب طفلاً لبضع دقائق، والحظ كيف يمكنه الانتقال من حالة نفسية سيئة إلى حالة نفسية جيدة في غضون ثوانٍ، دون أن تشغله الانتكاسة.

مع كون الإخفاق أمراً شائعاً إلى حد كبير، فهذا لا يعني أنَّ عليك تبني عقلية "الإخفاق السريع"؛ لذا اتبع العقلية التي تؤمن بالنجاح وتركز على التفكير الإيجابي وحل المشكلات والعزيمة، وانظر كيف ستتضاعف فرص نجاحك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة