4 استراتيجيات لمعرفة منظور شريكك في العلاقة

نحن نظن أنَّ الطريقة التي ننظر بها إلى العالم هي في الواقع حقيقة العالم، وعندما يختلف رأي شركائنا في العلاقة مع رأينا، نظن أنَّ معلوماتهم خاطئة، أو أنَّ تصورهم مشوِّه للواقع، وإلا كيف يمكنهم رؤية الأشياء رؤية مختلفة؟



والحقيقة هي أنَّ قيمنا ومعتقداتنا هي التي تنشئ عالمنا، وتؤثر في آرائنا وسلوكاتنا وكذلك في وجهة نظرنا من العلاقة.

لكنَّ الفشل في فهم أنَّ كل فرد له حق في أن يكون لديه وجهة نظر خاصة، هو الفشل في تقدير طبيعة الشخص الآخر، وفي النهاية، كلاكما شخصان فريدان، لديهما ماضٍ فريد وتجارب حياتية مختلفة، تساعد على تكوين وجهات نظر فريدة، وتحتاج وجهات النظر هذه إلى الاحترام والتقدير.

قد يكون فهم وجهة نظر أخرى صعباً في بعض الأحيان، فستحتاج إلى فهم منظور شريكك في التواصل، وتعلُّم تعديل وجهة نظرك وفقاً لذلك، لكن من خلال الانضباط والممارسة ومهارات التعاطف، ستتمكن من إيجاد طرائق جديدة لفهم وجهة نظر شريكك، ومن خلال القيام بذلك، ستتمكن من دعم رؤيتك للواقع، وستتمكن أيضاً من إنشاء مستوى جديد من المودَّة في علاقتك مع شريكك.

ما هو المنظور في العلاقة؟

يتأثر منظورك في العلاقة بمعتقداتك المحدودة واحتياجاتك والقواعد التي طورتها في حياتك، والتي تحدد ما تتوقعه من العلاقة؛ على سبيل المثال، إذا كنت لا تملك ثقةً بنفسك، فقد تعتمد منظور عدم الثقة في علاقاتك، وتفترض دوماً أنَّ شريكك يخونك أو لا يحبك، ومن ناحية أخرى، إذا كان منظورك هو حب الذات والثقة، فستكون أكثر قدرة على إنشاء علاقة داعمة ومليئة بالثقة.

كيف تفهم وجهة نظر شريكك؟

التواصل في العلاقة هو أساس العلاقة طويلة الأمد، ولكنَّ التمكُّن من فهم وجهة نظر أخرى لا يحدث دائماً بشكل طبيعي؛ لذا استخدم هذه الاستراتيجيات الأربع لمعرفة منظور شريكك في العلاقة:

1. تعلُّم كيفية الإصغاء:

لا بد أنَّ شريكك قد أظهر وجهة نظره في العلاقة مراراً وتكراراً؛ أي المعتقدات والأفكار والمشاعر الأكثر أهمية بالنسبة إليه، ولكنَّك، لم تستوعب إلا جزءاً بسيطاً من هذه المعلومات؛ فإذا كنت تريد تعميق فهمك للواقع الذاتي لشريكك، فأنت تحتاج إلى تكييف نفسك للإصغاء والتواصل الفعال.

ومن أولى خطوات الإصغاء والتواصل الفعالَين، هي الانتباه إلى ما تعنيه الكلمات لشريكك؛ فمع أنَّك أنت وشريكك تتحدثان بنفس اللغة، إلا أنَّ كليكما لديه معانيه الخاصة وتفسيراته التي يربطها بكلمات وعبارات مختلفة، وهذه هي نتيجة النشأة في بيئات مختلفة مع تجارب حياتية مختلفة، ويمكن أن تساعدك ممارسة الإصغاء العميق على اختراق حواجز التواصل وفهم شريكك فهماً أعمق.

شاهد بالفديو: 10 أسرار تضمن لك السعادة في زواجك

2. كسر الأنماط غير المثمرة:

توجد أيضاً تحديات يجب التغلب عليها بوجهات النظر في التواصل؛ ففي كثير من الأحيان، عندما يختلف اثنان، يكون من السهل على أحدهما أو كليهما الدخول في أنماط غير شعورية مثل الإنكار؛ إذ يرفضان تصديق ما يقوله الآخر، ويميل بعض الأفراد أيضاً إلى الاستفادة من وسائل متعددة للمساعدة على إثبات وجهة نظرهم سواء من خلال إدانة شريكهم أم تجاهله أم حتى تهديده.

في كل حالة من هذه الحالات، يقوم شخص ما بتقليص إحساس الآخر بذاته واستبداله بمنظوره الذاتي، وهذا الأمر يضر بالعلاقة؛ إذ يتطلب فهم وجهة نظر الآخر مزيداً من الجهد بدلاً من اللجوء إلى الأنماط القديمة والعادات السيئة، ولكنَّ الأمر يستحق بعضاً من الجهد.

إقرأ أيضاً: هل أنت جاهز لتصغي: مشكلة قلة الإصغاء بين الأزواج

3. طرح هذه الأسئلة الثلاثة:

بدلاً من إخبار شريكك أنَّ جزءاً فقط من وجهة نظره في العلاقة مقبول، والقيام بإهانة وأذية إحساسه بالذات، ركز على مساعدته على تخطِّي آلامه، وبدلاً من رؤية وجهات النظر المختلفة لشريكك على أنَّها احتمالية للنزاع، انظر إليها على أنَّها فرصة لمعرفة المزيد عنها، وبدلاً من ذلك، حاول أن تسأله:

  1. ما الذي تراه رؤية مختلفة عن رؤيتي؟
  2. ما الذي اختبرته في الماضي وقادك إلى هذه القناعة؟
  3. كيف يمكنني استخدام هذا الأمر بوصفه فرصة للتعرف إليك تعرُّفاً أفضل؟

عندما تصبح أكثر تقبُّلاً لمنظور شريكك في العلاقة، يمكن أن يحدث أيضاً تحوُّل في الطاقة، وسيشعر شريكك بأنَّه مفهومٌ أكثر، ومن ثمَّ سيشعر بمزيدٍ من الأمان والثقة؛ وذلك لأنَّك لم تعد تتحدى معتقداته أو مشاعره.

كلما شعر شخص ما بمزيد من الأمان في العلاقة، زادت صراحته معك، وسيختار مشاركة المعلومات معك لأنَّه يثق بما ستفعله بها؛ أي إنَّه يثق بأنَّك لن تستخدمها ضده؛ بل ستستخدمها بوصفها طريقة لفهمه فهماً أفضل، وهذا في حد ذاته أمرٌ قيِّمٌ جداً.

لن يشعر شريكك أيضاً بالحاجة إلى تضخيم مشاعره ليتأكد أنَّه مسموع، ويمكنك بدورك التعبير عن مشاعرك بقوة أقل، ومن ثمَّ سيساعد هذا الأمر كلَّاً منكما على اتخاذ موقف دفاعي أخف حدةً، ويصبح أكثر استعداداً للتعرف إلى منظور الآخر وفهمه.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح للتعامل مع شريك الحياة بشكل صحيح

4. إيلاء الأولوية لعلاقتك:

تذكَّر أنَّك تملك الخيار دائماً، ويمكنك حل الخلاف بمنح الأولوية لعلاقتك، ومن خلال بذل الجهد لفهم منظور شريكك في العلاقة، فإنَّك تبذل جهداً لسد الفجوة بينك وبينه بصفتكما فردين مستقلين لديهما وجهات نظر مختلفة بشأن العالم، ومن ثمَّ أنت تعزز التواصل بينكما وتقدِّم طريقة جديدة للثقة؛ إذ يشعر شريكك فيها بأنَّه مقبول ومُرحَّبٌ به ومفهوم، بصرف النظر عن اختلاف مشاعره أو معتقداته عن مشاعرك أو معتقداتك.

من المفهوم أنَّه قد تحدث مواقف معينة تجد فيها أنَّ فهم وجهة نظر أخرى أمرٌ شبه مستحيل، وفي تلك اللحظات، ربما يكون التعاطف أو الشفقة هو أبعد شيء عن ذهنك، ولكنَّ تلك الأوقات الأكثر صعوبة تمثِّل أيضاً أكبر مجال للنمو، وتضع نفسك فيها جانباً للتركيز على وضع شريكك أولاً، وتبتعد عن الغضب والخوف وتختار جلب الحب والأمان إلى العلاقة.

إنَّ تحقيق علاقة صحية وسعيدة ليس أمراً سهلاً، لكن في نهاية المطاف، ستساعدك رؤية الأشياء من منظور الآخرين على أن تصبح أكثر وعياً في علاقتك، وسيساعد ذلك شريكك على الشعور بالحب والأهمية والأمان، وسيساعدك أيضاً على إنشاء العلاقة المذهلة التي تستحقها.

المصدر




مقالات مرتبطة