4 أشياء يمكنك القيام بها عندما تشعر بالإرهاق والتعب من الحياة

يمكن أن تكون الحياة متعبة في بعض الأحيان؛ إذ يبدو أنَّنا نعيش في مجتمع يمجد الانشغال ويجعل الإرهاق والتعب والضغط أموراً طبيعية.



بصفتي اختصاصية اجتماعية ومعالجة نفسية سابقة، كان من السهل جداً الانشغال بالأعمال اليومية من واجبات أو التزامات شخصية ومهنية، وأن نصبح منهكين بشدة بسبب واجباتنا اليومية.

ولكن بصفتي متخصصة في التعاطف أو المساعدة المهنية، من السهل جداً أيضاً الشعور بإرهاق التعاطف الذي يمكن أن يؤدي أيضاً إلى الانهيار بشكل أسرع، يمكن تجنب الإرهاق سواء في المنزل أم العمل إذا كنت على استعداد لإعطاء الأولوية لبعض الرعاية الذاتية وحب الذات والاعتناء بالنفس، إذا كنت تشعر بالتعب من الحياة أو الإرهاق، فإليك 4 أشياء بسيطة يمكنك القيام بها بدءاً من اليوم:

1. إعادة تقييم جدول أعمالك والتوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين:

أصبح من السائد جداً أن يصف الناس أنفسهم بأنَّهم مشغولون أو لديهم جدول مزدحم بالحجوزات، عندما أعمل مع عملائي، غالباً ما يكون من الصعب عليهم تحديد متى يرهقون أنفسهم، فيفترضون أنَّه يجب ملء أي وقت فراغ في جداولهم، وإلا سيشعرون بعدم الكفاءة أو الكسل أو نقص الإنتاجية.

غالباً ما أُخبِر عملائي بضرورة إعادة تقييم جداولهم، فما أدركته، من وجهة نظر نفسية، هو أنَّهم يقارنون أنفسهم بالآخرين، فهم يشعرون وكأنَّهم في سباق مع أقرانهم، وعليهم الاحتفاظ بجدول ممتلئ في كثير من الأحيان، وغالباً ما يخشون الشعور بأنَّ الآخرين سيطلقون الأحكام عليهم أو يخافون من الشعور بالخجل أو اللوم أو الذنب إذا لم يكن جدولهم ممتلئاً مثل جيرانهم أو زملائهم أو أقاربهم أو أصدقائهم، بالإضافة إلى ذلك، يشعرون بعدم الجدارة إذا لم يحققوا التوقعات المتصورة لمن حولهم.

غالباً ما أخبرهم أن يتوقفوا عن التفكير في كل هذا، وأن يعودوا إلى التفكير فيما تحتاج إليه أجسادهم، تذكر أنَّ ما نفكر فيه عن الآخرين ليس من شأن الآخرين، كما أنَّ ما يعتقده الآخرون عنا ليس من شأننا أيضاً.

يمكن أن يكون التخلي عن الاضطرابات المعرفية مثل تصوُّر ما يعتقده الآخرون عنا مفيداً للغاية في إعادة تقييم جداول أعمالنا، بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ تذكُّر أنَّ المقارنات تسرق منا الفرح، يمكن أن يدعمك أيضاً؛ لذا افهَمْ أنَّ ما يفعله الآخرون له تأثير ضعيف إذا قارنَّاه بما تفعله لنفسك، وألقِ نظرة فاحصة على جدولك وأَعِد تقييم الأشياء الضرورية ورغباتك واحتياجاتك.

أقول لعملائِي: "لا يمكنكم حمل بطيختين بيد واحدة، أليس كذلك؟ فلماذا تُزحِمون جداولكم أكثر من اللازم لمجرد ملء أوقات الفراغ جميعها بالمهام والفعاليات غير الضرورية والالتزامات التي يتوقعها الآخرون منك، والتي لا تحتاجها حقاً؟" هذا هو حرفياً الإرهاق الذاتي الذي لن يؤثر في صحتك العقلية والعاطفية وحسب؛ بل على صحتك الجسدية؛ حيث ستصاب بالأمراض، وتتعرض لمشكلات نفسية عندما تكون مرهقاً جداً.

بعد الانتهاء من قراءة هذا، تأكد من إعادة تقييم جدولك، والأهم من ذلك، توقَّف عن مقارنة نفسك بالآخرين.

إقرأ أيضاً: 10 حقائق تؤكد أضرار مقارنة نفسك مع الآخرين

2. وضع الحدود والرفض:

يعتمد جزء من القدرة على إعادة تقييم جدول أعمالك على القدرة على تقييم مهاراتك في وضع الحدود، تذكر أنَّه في بعض الأحيان، يتعين علينا رفض بعض الفُرص الجيدة، لنقبل لاحقاً ببعض الفرص العظيمة.

عندما نواجه صعوبة في الرفض، يمتلئ جدولنا بأشياء غير ضرورية أبداً، ولا تخدمنا، ولا تعود بالنفع علينا، وهي أشياء لا نريد فعلها حقاً.

التوقف عن الشعور بالذنب والخجل واللوم وحكم الآخرين بسبب الرفض والحفاظ على الحدود هو الحل، يمكن لكوتش مساعدتك على العمل وتنظيم هذا الأمر، أو يمكنك استخدام عبارات مطمئِنة إيجابية مثل: "أَعرِف نفسي وأَعلَم نواياي"، وذلك للمساعدة على التخلص من أي شعور بالذنب مرتبط بالرفض خاصة مع الأشخاص الذين تحبهم.

تذكر أنَّه بينما يُعَدُّ وضع الحدود أمراً أساسياً، من الهام أيضاً تعزيز الرفض والحدود التي تضعها في كل مرة، فلسوء الحظ، سيحاول بعض الأشخاص استغلالنا عندما نساعدهم؛ لذلك من الهام للغاية إعادة تأكيد حدودك والاستمرار في الرفض في كل مرة.

نحن نعلِّم الناس كيف يعاملوننا، إذا كنت تضع حدوداً ولا تعززها أو تتراجع عن قراراتك، فأنت تُثبت للناس بأنَّك لا تلتزم بكلامك، الأمر مشابه لرؤية طفل في محل البقالة مع والده الذي يضع حدوداً تنص على أنَّه لن يحصل على أي حلوى، ثم يعاني الطفل من نوبة غضب، وخوفاً من إطلاق الأحكام عليه من الآخرين أو من الشعور بالذنب، يستسلم الأب ويتراجع عن الحدود التي وضعها في البداية، علَّم الأب ذلك الطفل أنَّه عندما يرفض هناك ثغرات يمكن استغلالها، فيفهم هذا الطفل الآن أنَّ الرفض لا يعني الرفض حقاً.

تذكر أنَّ الأشخاص الوحيدين الذين ينزعجون من الحدود التي وضعتها أو عندما ترفض طلباتهم، هم الأشخاص الذين يستفيدون بشكل مباشر من عدم وجود حدود لك في المقام الأول، سيكون وضع الحدود والقدرة على الرفض أمراً حاسماً في تجنب الإرهاق في الحياة سواء في العمل أم في المنزل.

شاهد بالفيديو: 5 خطوات لوضع حدود شخصية لنفسك

3. تخصيص مواعيد للرعاية الذاتية وحب الذات والاعتناء بالنفس:

عندما نكون مرهقين ومتعبين وعلى وشك الإنهاك، لا نحتاج إلى التوقف قليلاً وإعادة تقييم ما نخصص له وقتاً في جدول أعمالنا فحسب؛ بل إلى تقييم مقدار الرعاية الذاتية وحب الذات والعلاج الذاتي الذي نمارسه في روتيننا أيضاً.

إذا ركبت طائرة من قبل، ينصحك المضيفون دائماً بارتداء قناع الأوكسجين الخاص بك، في حالة الطوارئ، قبل أن تساعد شخصاً آخر على ارتداء قناعه، أقول هذا لعملائي وأُذكِّرهم أنَّهم لا يستطيعون مساعدة الناس، إذا كانوا بحاجة إلى المساعدة.

فما الذي لديك في الواقع في جدولك ليساعدك قبل أن تساعد الآخرين؟ هل لديك روتين صباحي أو روتين ليلي مخصص لك؟ ماذا تفعل يومياً وأسبوعياً وشهرياً وسنوياً لممارسة الرعاية الذاتية وحب الذات والاعتناء بالنفس؟ لا يمكنك فقط تحديد موعد في صالون للعناية ببشرتك ظنَّاً منك أنَّ هذا وحده هو رعاية ذاتية؛ وذلك لأنَّها في الواقع بمنزلة "صيانة" لجسدك.

ماذا تفعل للاعتناء بنفسك عقلياً وعاطفياً وروحياً وجسدياً؟ يمكن أن تشمل الرعاية الذاتية اختيار يوم لتعزيز صحتك النفسية والذهاب إلى الشاطئ، بينما يمكن أن يكون العلاج الذاتي أخذ موعد في صالون التجميل، ويمكن أن يكون حب الذات هو تحديد وقت للتعاطف مع نفسك، أو ترديد كلمات مطمئِنة إيجابية، أو أخذ حمام طويل، أو جلسة يوغا.

عادةً ما أتحدى عملائي للنظر في جداولهم مع بداية كل فصل في السنة، وتخصيص موعد للرعاية الذاتية وحب الذات مقدماً على مدار العام مع جدولة بعض الأيام التي لا تفعل فيها شيئاً أبداً.

يجب التعامل مع أيام "عدم القيام بأي شيء" مثل المواعيد، إذا طلب منك مديرك تنفيذ مشروع آخر يتطلب ساعات خارج أوقات العمل، أو إذا دعاك أحد الأصدقاء في اللحظة الأخيرة إلى فعالية ما، فعليك حقاً أن ترفض؛ وذلك لأنَّك قد تعهدت لنفسك بعدم القيام بأي شيء، ويجب أن تتعامل مع هذا الموعد على أنَّه التزام لا يمكنك تفويته أو تجاوزه.

في أثناء إلقاء نظرة على جدولك الزمني، تأكد من عدم الاكتفاء بالاهتمام بالذات أو حب الذات؛ ولكن بالإضافة إلى ذلك، تأكد من تخصيص أيام "لا تفعل خلالها شيئاً"، يساعد هذا على تخفيف بعض الإرهاق والتأثيرات طويلة الأمد، مثل تفاقم مشكلات الصحة النفسية بما في ذلك الاكتئاب والقلق أو الاعتماد على التدخين أو المخدرات للتأقلم مع الإرهاق.

إقرأ أيضاً: 5 خطوات للرعاية الذاتية للأشخاص المشغولين

4. العلاج باستخدام الحرمان الحسي:

في هذه الأيام، أصبحنا نشعر بضغط حسي زائد، فنحن نستخدم الأجهزة الإلكترونية طوال اليوم ونُفرِط في استهلاك الأشياء من خلال البصر والصوت.

عندما نشعر بالإرهاق أو التعب، فإنَّ العمل الجسدي، وتنظيم المشاعر، وتقنيات تحمل الضيق مثل ممارسات الحد من الإجهاد القائمة على اليقظة الذهنية والتنفس والابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي والتخلص من السموم الرقمية، والتشتت الحرفي للحواس، يمكن أن يكون مفيداً جداً لتخفيف الإرهاق فور الشعور به.

5. العلاج باستخدام ما يسمى بـ "خزان العزل":

على مر السنين، ازداد عدد العيادات التي تقدم خدمات علاج الحرمان الحسي، مثل خزانات العزل التي يمكن أن تساعد على تخفيف التوتر.

خزان العزل هو حوض صغير أو بركة مفتوحة من الماء، الذي يضاف إليه الملح الإنكليزي "إبسوم" (Epsom salt)، المعروف أيضاً بخصائصه العلاجية وفوائده الصحية، يجعلك الملح الإنكليزي المضاف إلى الماء تطفو؛ لذلك لا تقلق بشأن الغرق، الفكرة هي وضع الجسم في وضع الحرمان الحسي في أثناء الطفو في الماء.

توفر بعض خزانات العزل مصابيح زرقاء وأصوات مهدئة وإضاءة خافتة للمساعدة على تقليل المحفزات الخارجية وتحقيق الحرمان الحسي الكامل، الهدف هو أن تكون قادراً على تخفيف استخدام الحواس، وفي حين أنَّ تقليل استخدام حاسَّتَي البصر والسمع أمر اختياري، إلا أنَّه من المفيد جداً للجسم تخفيف أو تقليل المحفزات الخارجية.

إقرأ أيضاً: 8 أمور يفعلها الأذكياء للتخلّص من التوتر والإجهاد

تقنية ترسيخ الحرمان الحسي:

إذا لم تُشعِرُك تجربة العلاج باستخدام خزان العزل بالراحة، فإنَّ أسلوب ترسيخ الحرمان الحسي هو أسلوب آخر أَنصَح بتجربته عندما يتملكك الإرهاق.

وإليك كيفية القيام بذلك:

اجلِس بهدوء واجَعل الزوايا الأربع لقدميك تلامس الأرض، ثمَّ تنفس ببطء، وضع يداً على قلبك ويداً على بطنك وتنفس، في أثناء الشهيق والزفير، راقب تنفسك الطبيعي وإيقاع صعود وهبوط بطنك وصدرك، وركز على اللحظة الحالية من خلال تركيز طاقتك على الواقع واللحظة الراهنتين، وادعُ طاقتك وأفكارك لتكون حاضرة، وبعيداً عما عليك فعله بعد ذلك وبعيداً عما كنت تفعله قبل ذلك.

افحص حواسك الخمس؛ فماذا تسمع؟ وماذا تشم؟ وماذا ترى؟ وماذا تتذوق؟ وكيف تشعر؟ ثم ضع راحتي يديك ببطء فوق أذنيك لتقليل استخدام حاسة السمع مع الاستمرار في التركيز على أنفاسك، ابقَ على هذه الحالة مع أخذ بعض الأنفاس البطيئة، ثمَّ ضع راحتي يديك برفق على عينيك دون الضغط على الجفنين، واسمح لعينيك بالتوقف والراحة وأنت جالس مكانك لبضع لحظات، استمر في مراقبة صعود وهبوط بطنك وصدرك مع كل شهيق وزفير، وافعل ذلك مرات عدة طوال اليوم، إذا كنت تشعر بالراحة، جرِّب هذا النشاط في مكان هادئ ومظلم وآمن لبضعة أنفاس أو دقائق، ولا تتردد في ضبط المؤقت.

المصدر




مقالات مرتبطة