زيادة الإنتاجية عبر تحقيق الأهداف:
يعتقد كثير من الناس أنَّ مفهوم الإنتاجية العالية مرتبط بزيادة عدد ساعات الفراغ وتقليل الوقت المخصص للعمل، وهو افتراض أبعد ما يكون عن الصواب.
لا تزداد إنتاجية الفرد عندما ينجح في توفير عدد معيَّن من ساعات العمل خلال الأسبوع وتخصيصها لمشاهدة العروض التلفزيونية، ويقتضي مفهوم زيادة الإنتاجية استثمار هذه الساعات الإضافية في العمل على المهام التي تساعد على زيادة المدخول المادي.
هذا يعني أنَّ توفير جزء من الوقت المخصص للعمل هو الخطوة الأولى لزيادة الإنتاجية، في حين تقتضي الخطوة الثانية تحديد آلية استثمار هذا الوقت الإضافي، ويعتمد تقييم مستوى الإنتاجية على عاملين وهما الوقت المنقضي والأهداف المحقَّقة، ويمكن تلخيص العملية بالصيغة الرياضية الآتية:
الإنتاجية = الوقت x الأهداف
ثمة طريقتان أساسيتان لزيادة الإنتاجية، تقتضي إحداهما تقليل مقدار الوقت المخصص لتحقيق الأهداف، في حين تنص الأخرى على زيادة عدد المهام المنجزة خلال نفس الفترة الزمنية.
مثال: على فرض أنَّك مكلف بطلاء جدران منزل، وأنت قادر على إنهاء غرفة كاملة (أي ما يعادل 4 جدران) كل ساعتين.
كيف يمكنك أن تزيد إنتاجيتك في هذه الحالة؟
تقتضي الطريقة الأولى تقليل المدة الزمنية اللازمة لتحقيق الهدف، بمعنى أنَّك ستتمكن من مضاعفة إنتاجيتك عندما تنهي غرفة كاملة في غضون ساعة واحدة.
في حين تقتضي الطريقة الثانية زيادة مقدار العمل المُنجَز، وفي هذه الحالة يمكنك أن تضاعف إنتاجيتك عندما تنهي غرفتين كاملتين في غضون ساعتين.
يبحث المقال في خطوات تحقيق الأهداف، وزيادة الإنتاجية، وذلك عبر زيادة فعالية العمل.
4 خطوات لتحقيق الأهداف وزيادة الإنتاجية:
1. تحديد هدف دقيق:
يجب أن تكون قادراً على تعيين هدف دقيق ينبغي تحقيقه خلال مدة زمنية محددة، وحاول أن تكون دقيقاً قدر الإمكان، وتبتعد عن الأهداف العشوائية من قبيل: "أريد أن أنجز بعض التقارير في وقت لاحق خلال اليوم".
مثال آخر: "يجب أن أنهي 4 تقارير مالية في وقت لاحق خلال اليوم".
يفتقر المثال الثاني عنصراً هاماً هو موعد إنهاء المهمة.
يؤكد الخبراء أنَّ تحديد المدة الزمنية اللازمة لإنجاز الهدف ضروري لتحقيقه على أرض الواقع، ويمكن أن يؤدي غياب هذا العامل إلى ميل الفرد للتسويف وقد يعجز عن إنجاز المهمة المطلوبة منه في نهاية المطاف.
مثال عن الأهداف الدقيقة: "يجب أن أنهي 4 تقارير خلال مدة أقصاها أسبوعين".
يُنصَح من ناحية أخرى بتقسيم الأهداف الكبيرة إلى مهام جزئية.
شاهد بالفديو: 10 عادات سيئة عليك التخلّي عنها لتصبح أكثر إنتاجية في عملك
2. تحديد الدافع الكامن خلف الهدف:
يتطلب تحقيق الأهداف تجاوز منطقة الراحة والقيام بمهام ونشاطات أنت لا تحبذ العمل عليها ويجب أن تنجزها رغماً عنك، وتزداد صعوبة المهام الجزئية كلما كبر الهدف، كما يحتاج الفرد إلى بذل مجهود إضافي لتجاوز منطقة راحته والمضي في العمل في هذه الحالة، ويتعلق الجهد المبذول بمقدار المكافأة التي يتوقع الفرد أن يحصل عليها بعد تحقيق الهدف النهائي.
يمكن أن يعجز الفرد عن إنهاء المهام المطلوبة إذا كان يفتقر للحماسة والدافع اللازم، وبالعودة إلى المثال السابق: مهمة إنهاء 4 تقارير خلال مدة أقصاها أسبوعين، فيمكن أن يُفصَل الموظف من عمله إذا لم يسلم التقارير في الموعد المحدد، وهو ما يدفعه لبذل ما بوسعه لإنجاز المطلوب والالتزام بمواعيد التسليم، لكنَّه بالمقابل يستهتر بالعمل إذا لم يكن ثمة عاقبة على تقصيره وسبب وجيه يجبره على الالتزام، وينجم الدافع في هذه الحالة عن ميل الإنسان لتجنب الألم.
يتولد الدافع من ناحية أخرى عن المكافأة المالية التي تنتظر الموظف عند تسليم التقارير في الموعد المحدد، وينجم الدافع في هذه الحالة عن ميل الإنسان لتحصيل اللذة؛ أي باختصار، تهدف سلوكات الإنسان وأفعاله لتجنب الألم وتحصيل اللذة.
لكن ليس ثمة شخص مخول لمعاقبتك أو مكافأتك على نتائج أفعالك المتعلقة بالمهام والأهداف اليومية، لهذا السبب عليك أن تعثر على سبب وجيه يدفعك للعمل من تلقاء نفسك دون أن تعتمد على الدوافع الخارجية، فقد لا تجد أي سبب وجيه يدفعك لإعداد التقارير، ولكن ماذا لو كان الهدف النهائي من إنجاز المهمة الحصول على ترقية في نهاية العام؟ هذا يعني أنَّك ستحصل على علاوة في الراتب وتقضي عطلة سعيدة مع أفراد عائلتك.
كلما كان الدافع أقوى، ازداد احتمال إنجاز المهام المطلوبة لتحقيق الهدف النهائي.
3. تحديد التضحيات المطلوبة:
يحتاج الفرد إلى القيام ببعض التضحيات في أثناء سعيه إلى تحقيق هدفه، بمعنى أنَّك ستضطر لرفض القيام ببعض النشاطات عندما تقرر السعي إلى تحقيق هدف معيَّن.
هذه التضحيات ضرورية لأنَّ الوقت محدود وأنت تحتاج إلى تحقيق التوازن في حياتك، والحصول على قسط كافٍ من النوم، وقضاء الوقت مع عائلتك؛ لذا عليك أن تقدم بعض التضحيات إذا كنت تسعى إلى إنهاء 4 تقارير في غضون أسبوعين؛ لكي تحصل على ترقية مجزية في عملك، وتذهب في عطلة مع عائلتك.
يمكن أن تشمل هذه التضحيات:
- قضاء ساعات طويلة في العمل.
- التغيب عن الأمسيات العائلية.
- عدم تخصيص ما يكفي من الوقت لأطفالك.
- عدم القدرة على مساعدة صديقك أو قريبك عندما يحتاج إليك.
هنا يبرز السؤال الآتي: هل أنت مستعد لتقديم التضحيات اللازمة لتحقيق أهدافك؟
لا يمكنك أن تحصل على مبتغاك في الحياة دون أن تقدم شيئاً بالمقابل، وقد تبيَّن أنَّ مقدار التضحية يتناسب طرداً مع المكافأة المتوقعة من تحقيق الهدف النهائي؛ وهذا يعني أنَّ التضحيات تزداد كلما كان الهدف أكبر.
4. اتخاذ القرار النهائي:
تقتضي هذه الخطوة اتخاذ قرار الالتزام بتحقيق الهدف وتقديم التضحيات اللازمة؛ أي عليك أن تكون منضبطاً، وتجتهد في العمل، وتفعل ما يلزم لتحقيق الهدف المطلوب في كافة الظروف والأحوال.
يتسنى لك بهذه الطريقة أن تنمِّي شخصيتك، وانضباطك الذاتي، وتبني مستقبلاً ناجحاً، ويجب التذكير مجدداً بأنَّ تحقيق الأهداف ضروري لزيادة الإنتاجية.
في الختام:
يساعد تحقيق الأهداف على زيادة الإنتاجية، ولقد قدَّم المقال 4 خطوات عملية لتحقيق الأهداف وتعزيز الإنتاجية في نهاية المطاف.
أضف تعليقاً