يعاني معظم الأفراد من الوحدة، وتراهم يتألمون بصمت وحدهم بسبب عدم وجود صديق مقرب يلجؤون إليه، فيمكنك أن تحظى بصديق مقرب يفهمك ويساندك في وقت الشدة عندما تحقق عدداً من الشروط الأساسية في العلاقات الإنسانية.
4 أركان للصداقة الحقيقية:
فيما يأتي 4 أركان للصداقة الحقيقية:
1. القبول:
القبول شرط لازم لتكوين الصداقات؛ وذلك لأنَّ الإنسان يميل إلى انتقاد ورفض أفعال وسلوكات الأشخاص الذين لا يستطيع تقبُّلهم، فيصعب على صديقك في مثل هذه الظروف أن يكون مرتاحاً وعلى طبيعته عندما يكون برفقتك، وسيشعر بأنَّه محكوم بمعاييرك ويخشى إبراز عيوبه وشخصيته الحقيقية، وبناءً على ما سبق، يجب أن تنتبه إلى طريقة تعاملك مع أصدقائك، وإذا شعرت بأنَّك تنتقد تصرفاتهم باستمرار، فهذا يعني أنَّك لا تتقبلهم، وهم غير مناسبين لصداقتك.
يعني القبول أن تتخلص من الأفكار والأحكام المسبقة التي تحدد المعايير المقبولة لتصرفات وأفعال صديقك بالنسبة إليك؛ إذ تنجح الصداقة عندما يتسنى لصديقك أن يبرز شخصيته الحقيقية أمامك بكل أريحية، ويتصرف كما يحلو له سواء كان حزيناً أم سعيداً، فلن تنزعج من مزاحه أو جديته أو تقلبات مزاجه عندما تقبله؛ لذلك القبول شرط لازم لبناء الصداقة الحقيقية، وهو أعظم هدية قد تمنحها لصديقك.
2. التفاهم:
تشترط الصداقة المتينة التفاهم المتبادل والعميق بين الطرفين، فلن تتمكن من التعاطف مع صديقك عندما تكون عاجزاً عن فهم مشاعره وتقدير الموقف الذي يتعرض له، ناهيك عن أنَّ أفعاله وتصرفاته ستكون غريبة وغير مفهومة بالنسبة إليك عندما لا تدرك الأسباب والدوافع الكامنة خلفها، وقد يتفاقم هذا الوضع وتتأزم الهوَّة بينكما وتعجزان عن التواصل والتفاهم، وتبدأ المشكلات وحالات سوء الفهم والخلافات بالسيطرة على علاقتكما.
يفهم الصديق الحقيقي الأسباب والدوافع الكامنة خلف أفعال وتصرفات صديقه المقرب، كما أنَّه يعرف الأشياء التي تسعد صديقه والأخرى التي تحزنه، ويمتلك فكرة واضحة عن طريقة تفكيره وأسلوب تعامله مع ما يحدث له وكيف يتصرف في كل موقف؛ إذ يساهم هذا التفاهم في تعزيز قدرة الأصدقاء على التعاطف مع بعضهم بعضاً، ولهذا السبب، يجب أن تبذل ما بوسعك لقبول أصدقائك وفهمهم؛ إذ تتكون الصداقات القوية والدائمة عند تحقُّق شروط القبول والتفاهم بين الأطراف.
شاهد بالفديو: 4 قواعد لبناء علاقات عمل قوية
3. الثقة:
يستغرق بناء الثقة وقتاً طويلاً، ولكنَّها بالمقابل قد تنهار في لحظة، فلا يمكن أن تستمر الصداقة دون الثقة، وقد يتصرف الفرد بحيطة وحذر عندما يكون برفقة صديق لا يثق به، كما أنَّه سيكون متحفظاً، ويعجز عن المشاركة بانفتاح وصدق وإبراز ذاته الحقيقية.
يصعب على الإنسان أن يستمر بالتظاهر ويخفي ذاته الحقيقية، كما يؤدي التحفظ والتكتم إلى بروز الحواجز وتدنِّي مستوى التواصل بين الطرفين، ولا يمكن أن تنشأ علاقة صداقة قوية في مثل هذه الظروف، فلا تتكون الصداقة من دون الثقة، وإنَّها ستكون علاقة سطحية لا تعدو كونها مجرد مضيعة للوقت والجهد.
هذا يعني أنَّ الثقة ضرورية لتكوين علاقات صداقة مثمرة وحقيقية، فهي تدفع الأفراد إلى مشاركة أفكارهم ومشاعرهم بصدق وأريحية، ويجب التنويه هنا إلى أنَّ الصراحة والصدق لا يعنيان أن تتعمد التحدث بطريقة مؤذية وتجرح مشاعر الآخرين؛ بل يجب أن تكون لبقاً وحريصاً على مشاعر الآخرين؛ إذ يعتمد الأصدقاء الحقيقيون على بعضهم في الأوقات الصعبة مدفوعين بالثقة والمحبة المتبادلة.
4. الإيثار:
الفعل أبلغ من الكلام، ويجدر بالمرء أن يعتاد على العطاء دون أن ينتظر مقابلاً، كما يصعب على الفرد أن يحظى بعلاقة صداقة متينة عندما يركز على مصالحه الشخصية ولا يهتم للآخرين، فلا يمكن أن تنشأ علاقة صداقة متينة عندما يمتنع الأطراف عن العطاء؛ بل تصبح العلاقة مؤذية ومتعبة عندما يصر الطرفان على الأخذ والتلقِّي ويمتنعان عن العطاء.
هذا يعني أنَّ الإيثار وحب الآخرين والعطاء عوامل ضرورية لنجاح الصداقة، ومن ثمَّ يجب أن تهتم لمصالح أصدقائك المقربين من أعماق قلبك؛ إذ تدفعك هذه العقلية إلى التصرف بصدق ومودة وتساعدك على بناء علاقات متينة، فتصبح الصداقة في هذه الحالة مصدراً للدعم والمساعدة والنصح والإرشاد يلجأ إليه الأفراد عند الحاجة.
في الختام:
تنشأ الصداقات القوية والدائمة عند توفُّر الأركان الأربعة الواردة في المقال، فقد يواجه بعضهم صعوبة في الثقة، أو في قبول الآخرين على سبيل المثال، وهي سلوكات قابلة للتغيير وخاضعة لإرادة الإنسان.
يجب أن تقدِّر الصديق الذي يساندك في السراء والضراء، فقد تتعلم منه كيف تكون صديقاً حقيقياً وتلبِّي أركان الصداقة الواردة في المقال، فلا تُبنَى الصداقات القوية والدائمة بين عشية وضحاها؛ بل إنَّها تستغرق بعض الوقت، ولهذا السبب يجب أن تسارع إلى التقرب من الأشخاص الذين يستحقون هذا الجهد والعناء وتباشر في بناء صداقاتك.
أضف تعليقاً