يقول العالم الدنماركي بيت هاين (Piet Hein): "الأشخاص الذين يدَّعون أنَّهم يعرفون كلَّ شيء هم آفة عالمية"؛ إذ يريد بعض الناس إثبات مدى ذكائهم أو معرفتهم دائماً، وينتهزون كلَّ فرصة لإعلام الناس بأنَّهم يعرفون شيئاً ما، لكن ما هي الغاية من ذلك؟ ألا يمكنهم الإصغاء فحسب؟ بالطبع لا يستطيعون ذلك، فهؤلاء الأشخاص لديهم شيء ليقولوه دائماً.
كما أنَّهم لا يخطئون على الإطلاق، فغرورهم أكبر من أن يعترفوا بذلك، هل هي ثقة بالنفس أم ضعف بالثقة بالنفس؟ عندما أفكر في الأمر، فإنَّ الإجابة واضحة: عندما تُظهر سلوكاً يشير إلى أنَّك تعرف كلَّ شيء، فهذا دليل على انعدام الأمان؛ فالأشخاص الذين يدَّعون أنَّهم يعرفون كلَّ شيء يعانون اضطراب الوهمية.
لست الشخص الوحيد الذي لا يستطيع تحمُّل هذا النوع من الناس؛ إذ يتحدَّث معظم أصدقائي والأشخاص الذين أعمل معهم دائماً عن مدى انزعاجهم من هؤلاء الأشخاص، كما أتلقى بريداً إلكترونياً واحداً على الأقل يومياً عن هذا الأمر، أنا أعي تماماً أنَّ بعض الناس مستفزون للغاية.
3 نصائح للتعامل مع الأشخاص الذين يدَّعون أنَّهم يعرفون كلَّ شيء:
1. لا تنزعج منهم:
الأشخاص الذين يدَّعون أنَّهم يعرفون كلَّ شيء مزعجون، لكن توجد طريقة أخرى للتعامل معهم، كنت منذ فترة في مؤتمر في أمستردام (Amsterdam) مع صديق يُدير شركة ناشئة، كنا نتحدث إلى اثنين من رواد الأعمال الألمان الطموحين، وكان صديقي يشارك بعض الأشياء التي تعلمها في السنة الأولى من تأسيس شركته؛ والتي كانت أشياء بسيطة مثل عدم التفكير تفكيراً كافياً في المستخدم، والانطلاق في وقت مبكر، وما إلى ذلك، لقد كان يشارك وجهة نظره عن الأخطاء الشائعة، فقال أحد الرجلين الألمان: "كلامك بديهي للغاية"، ورد صديقي بطريقة ساخرة: "حسناً، أنت عبقري للغاية"، لم ينزعج صديقي منه؛ بل سخر منه، وهذا ما أفعله أيضاً مع هؤلاء الأغبياء.
2. لا تحاول تعليمهم:
محاولة تعليم المعرفة ومشاركتها مع شخص يدَّعي أنَّه "يعرف كلَّ شيء" أكبر مضيعة للوقت؛ فهو يعرف كلَّ شيء بالفعل، وربما تحاول مساعدته، لكن فكر في الأمر، لا يمكن للآخرين أن يساعدوه، فالحل بين يديه.
شاهد بالفديو: مهارات التعامل مع الآخرين
3. ابقَ بعيداً عنهم:
حظيت طيلة السنوات الماضية بفرصة العمل مع جميع أنواع الأشخاص من جميع أنحاء العالم، أحب لقاء أشخاص جدد من بلدان مختلفة، وذوي شخصيات وخلفيات مختلفة، وما إلى ذلك؛ لكنَّني أتفادى الأشخاص الذين يدَّعون أنَّهم يعرفون كلَّ شيء، ولا أريدهم بوصفهم عملاء أو أصدقاء أو طلاب، ولا يهمني إذا كانوا يعتقدون أنَّني لست لطيفاً لأنَّني لا أريد الإصغاء إليهم.
عدم معرفة كلِّ شيء هو الحكمة:
في نهاية المطاف، الذين يعرفون كلَّ شيء هم فاشلون، والشيء الوحيد الذي يمكننا القيام به هو ألا نتصرف مثلهم، والسبب، كما قال الفيلسوف سقراط (Socrates): "أنا أحكم امرئ على الإطلاق؛ لأنَّ كلَّ ما أعرفه هو أنَّني لا أعرف شيئاً".
هذه هي الحقيقة المطلقة الوحيدة؛ أنَّنا لا نعرف شيئاً، ويكمن جمال الاعتراف بعدم معرفة كلِّ شيء في أنَّه يقربك من الناس أكثر ممَّا تتخيل؛ فبمجرد أن تتوقف عن الاهتمام بما إذا كنت على صواب أو لا، يمكنك حقاً التعرف إليهم دون إصدار الأحكام.
في الختام:
إنَّه لأمرٌ رائعٌ أن تسمع وجهات نظر الآخرين، أو ربما لأنَّنا ليس لدينا كلُّ الإجابات، فلدينا القليل من الحقائق المطلقة في الحياة، وهذا أمر جيد، لكنَّ الاعتراف بذلك، وإدراكنا أنَّنا لا نعرف الكثير، هو ما يتطلب حكمة حقيقية.
أضف تعليقاً