3 نصائح لتجنب التسرع في الحكم أثناء العمل

سؤال: عندما ترزح تحت ضغط العمل، هل يمكن أن يكون تفكيرك بأفضل حالاته؟ بالنسبة إلينا جميعاً تقريباً، فإنَّ الإجابة هي "لا"، وبالنسبة إلى الكثيرين، فقد نذهب أبعد من ذلك ونقول: إنَّ تفكيرنا يكون بأسوأ حالاته عندما نكون تحت الضغط، ولكنَّ المشكلة هي أنَّ الوقت الذي نشعر فيه بالضغط غالباً ما يكون هو الوقت الذي نكون فيه بأمس الحاجة لنكون في أفضل حالاتنا؛ أي للتفكير بشكل واضحٍ ومنطقي.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الباحثة في علم النفس "ليزا بيني" (Lisa Penney) والتي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها في التحكم بردود أفعال الدماغ التلقائية تجاه المواقف المزعجة.

بحثت "ليزا بيني" (Lisa Penney) في هذه الظاهرة، وهي أستاذة "كلية إدارة الأعمال في جامعة جنوب فلوريدا، ساراسوتا ماناتي" (University of South Florida, Sarasota-Manatee) ومتخصصة في دراسة التوتر؛ العنصر أساسي في عالم الأعمال.

عندما بدأَت، ركزَت على محاولة تحديد أسباب التوتر؛ وذلك لأنَّها أرادت معرفة كيفية تبديد تلك الأسباب، وقالت في حديثٍ على منصة "تيد" (TED): "ما تعلمتُه هو أنَّ هذا غير واقعي، فلا يمكننا أن نجعله يختفي كلياً، وحتى لو استطعنا، فهذا ليس مبشراً؛ وذلك لأنَّنا بحاجة إلى تحديات للتعلم والنمو".

وفي سياق بحثها، أدركَت أنَّه عندما يتشتت انتباهنا أو نشعر بالحزن، فإنَّ من الممكن أن تتشوه أفكارنا، تقول "بيني": "لا يمكنك الوثوق دائماً ببعض الافتراضات الأساسية التي تضعها على أساس يومي بشأن العالم الذي تعيشه والأشخاص الموجودين فيه، بما في ذلك نفسك".

إقرأ أيضاً: لماذا يقلل الحكم على الآخرين من جودة حياتك وكيف تمنع حدوث ذلك؟

ووُضِّح ذلك في العديد من التجارب المخبرية، على حد تعبيرها: "في بعض الأحيان، نرى أشياء غير موجودة، وأحياناً نفشل في رؤية الأشياء التي تظهر في مرمى البصر، ويحدث هذا لأنَّنا مجبولون على اتخاذ قرارات سريعة وغير دقيقة".

كما كشف الخبير الاقتصادي الحائز على "جائزة نوبل" والمتحدث في "تيد" (TED) "دانيال كانيمان" (Daniel Kahneman)، إنَّ أدمغتنا تعالج المعلومات بإحدى طريقتين: سريعة أو بطيئة، وتوضِّح "بيني": "يتمتع دماغنا السريع بكفاءة عالية، وهو يتخذ القرارات تلقائياً من خلال التركيز على بعض التفاصيل التي يعتقد أنَّها هامة، بناءً على معطياتٍ سابقة، ومن ناحية أخرى، يستخدم دماغنا البطيء معالج التحكم من أجل اتخاذ القرارات، ويأخذ في الحسبان معلومات أكثر بكثير ويفكر تفكيراً نقدياً".

تقضي أدمغتنا جُلَّ وقتها في الوضع السريع، ويُعتَقَد أنَّ أكثر من 95% من أفكارنا غير واعية وتلقائية، تقول "بيني": "حقيقة أنَّ أفكارنا وقراراتنا تصبح تلقائيةً أمرٌ مفيدٌ حقاً ويعمل عملاً رائعاً في المواقف التي تتطابق تطابقاً وثيقاً مع تجاربنا السابقة، لكنَّها تُسبب لنا مشكلة عندما تكون لدينا تجارب جديدة وعندما نكون تحت الضغط"؛ حيث إنَّ أدمغتنا السريعة هي المسؤولة أيضاً عندما نقع ضحية لعمليات الاحتيال عبر البريد الإلكتروني وغيره.

في المرة القادمة التي تكون فيها في موقف متوتر في العمل، إليك بعض النصائح التي يمكنك القيام بها لمواجهة التسرع في الحكم:

1. انتبه لأفكارك:

تقول "بيني": "كن على علم بأنَّ الوضع الافتراضي لعقلك هو اتخاذ قرارات سريعة، وليست دقيقة؛ لذا انتبه في المرة القادمة التي تجد فيها نفسك تحكي قصة مألوفة حول ما يحدث في العمل".

على سبيل المثال: لنفترض أنَّك أرسلت للتو عرضاً تفصيلياً لمديرتك قضيتَ وقتاً طويلاً في إعداده، وتردُّ على رسالتك الإلكترونية الطويلة بهذه الكلمة: "حسناً"، يبدأ الشعور بالقلق بالتسلل إليك لأنَّها لم تعجبها، والأسوأ من ذلك، ربما هي تكرهك، لكن قبل أن تبدأ بالوقوع في دوامة الاجترار والقلق، تحقق من نفسك، وقل شيئاً مثل: "أعلم أنَّني مضغوط الآن، وهذا يؤثر في تفكيري".

2. خذ نفساً عميقاً:

تقترح "بيني": "بمجرد أن تلاحظ ذلك الأمر، تنفَّس، وتذكَّر، فعندما نشعر بالتوتر، يغيب جزءٌ من دماغنا بينما تدخل أجسادنا في وضعية الكر والفر، ولا يمكننا الرؤية بوضوح، وأخذ نفس عميق في تلك اللحظة يُشعِر جسدك أنَّك في أمان".

يمكنك تجربة ما يسمى "التنفس المتماسك"، والذي ثبت أنَّه يساعد على تهدئة الجهاز العصبي، وإليك كيفية القيام بذلك: خذ نفساً واحتفظ بالشهيق من خمس إلى ست ثوانٍ، وتوقَّف للحظة، وأخرِج زفيراً واترك زفيرك يستمر من خمس إلى ست ثوانٍ، وكرر هذه الخطوات إلى أن تشعر بآثارها الكاملة؛ حيث يوصي بعض الخبراء بممارسة التنفس المتماسك لمدة 10 دقائق أو أكثر يومياً.

إقرأ أيضاً: فوائد تمرينات التنفس للعقل والروح والجسد

3. كن فضولياً:

تقول "بيني": "اسأل نفسك: ما هي القصة التي أحكيها لنفسي؟ هل هي حقيقية؟" وتُحذِّر: "تذكَّر، ستبدو الأفكار المألوفة حقيقية؛ لذلك لا تتوقف عند هذا الحد، واسأل نفسك: "ما هو الدليل الذي لدي؟ فهل لدي قصص أخرى قد تكون حقيقية أيضاً؟".

مع رسالة البريد الإلكتروني "حسناً" من رئيستك في العمل، ضع في حسبانك العديد من الاحتمالات الأخرى: ربما تكون مشغولةً حقاً، ولا بُدَّ أنَّها ستنظر في الأمر لاحقاً، لقد أرادت فقط الرد وتأكيد تلقيها، وستذهب إلى اجتماع آخر، إنَّها مشغولة حقاً، وما إلى ذلك.

 وفقاً لـ "بيني" فمن خلال الممارسة، يمكنك تعلُّم كبح تفكيرك السريع قبل فوات الأوان، ولكنَّ هناك شيئاً واحداً هاماً يجب أن نضعه في حسباننا، إنَّ وجود هذه الأفكار التلقائية في المقام الأول لا يجعلنا سيئين أو ساذجين أو ضعفاء؛ حيث تقول "بيني": "إنَّها تجعل منا بشراً، وعلينا فقط أن نكون على دراية بهذه الأفكار وأن نشكك فيها حتى نتمكَّن من تحديد الأفكار التي نريد أن تقودنا".

كلما خصصنا وقتاً كافياً للتَّشكيك في أفكارنا، كانت القرارات التي سنتخذها لأنفسنا ومؤسساتنا أكثر حكمة، كما تقول "بيني": "نحن نعيش في أوقات عصيبة ومرهقة ونواجه تحديات حقيقية وخطيرة للغاية سواء في حياتنا الشخصية أم في العمل أم في المحيط الاجتماعي، ومن أجل مواجهة هذه التحديات بشكل فعال، نحتاج أن نكون نافذي البصيرة".

المصدر




مقالات مرتبطة