3 مشاكل يجب معالجتها في مجال تجارة التجزئة لتحقيق أرباح أكبر

يتوقَّع مستهلكو التجزئة اليوم أن يكون التسوُّق داخل المتاجر بنفس جودة التسوق عبر الإنترنت، لكن مع ميزة إضافية تتمثَّل في التحدُّث إلى موظف لديه اطلاع على المنتجات التي يرغبون في شرائها، ومع ذلك، من الواضح أنَّ الموظفين الذين يعملون في مجال بيع التجزئة لا يُدرَّبون أو تُستثمَر قدراتهم استثماراً يسمح لهم بتقديم تجربة للعميل تتسم بالحماسة والمعرفة والمشاركة.



أظهر استطلاعٍ ضخم أنَّ هؤلاء العمال لا يفتقرون إلى أخلاقيات العمل أو الالتزام؛ بل يفتقرون إلى الدعم من المؤسسات التي يعملون لديها، الدعم الذي يشجعهم على البقاء في وظائفهم، وتوجد ثلاثة أسباب رئيسة تجعل عمال البيع بالتجزئة غير قادرين على تلبية توقعات العملاء وتدفعهم إلى ترك وظائفهم في نهاية المطاف.

في هذا المقال سنوجز هذه الأسباب، ونقدِّم أمثلة عن تجارب ناجحة في مجال بيع التجزئة لمؤسسات تمكَّنت من التغلب على هذه العقبات لتنمية قوة عاملة تعمل في مجال البيع بالتجزئة وتكون ملتزمة بعملها ومنتجة في نفس الوقت، وهي:

1. تقلُّب برنامج العمل:

من المُتعارَف عليه أنَّ تطبيق جداول عمل بدوام جزئي وعند الحاجة هي الوسيلة التي حققت لكبار تجَّار التجزئة الأذكياء أرباحاً كبيرة؛ فالموظفون بدوام جزئي لا يحصلون على المزايا التي يقدِّمها رب العمل للعمال بدوام كامل، وهذا يقلل جداً من النفقات التي يجب على رب العمل أن يدفعها، ومع ذلك، فإنَّ مثل هذه الممارسات لها تأثير سلبي كبير في الموظفين في مجال البيع بالتجزئة، وفي الواقع جداول العمل الجزئي هي السبب الرئيس في ترك العمال بدوام جزئي لوظائفهم.

فقد أظهرت الأبحاث أنَّ المواعيد غير المتوقعة، وعدم إخبار الموظف مسبقاً بمواعيد مناوباته، واستدعائه عند الحاجة، كل ذلك يقلل من جودة نوم الموظفين وشعورهم بالسعادة، ويزيد من مستويات التوتر لديهم؛ فالموظفون الذين لديهم عائلات، أو أولئك الذين يعملون في وظائف متعددة بدوام جزئي لكسب أجور تعادل أجور الدوام الكامل، فإنَّهم يكونون في وضع غير مناسب لتُطبَّق جداول العمل غير المتوقعة عليهم.

إذاً؛ ماذا لو كان هذا التصور خاطئاً؟

أظهرت تجربة في متاجر "جاب" (Gap) أنَّ إنشاء جداول عمل متناسقة ليس فقط أمراً ممكناً؛ إنَّما يساعد على تحقيق مزيدٍ من الأرباح؛ إذ التزمت ثلاثة متاجر من مجموعة "جاب" لمدة 35 أسبوعاً بإلغاء الورديات عند الطلب، وأعلمَت الموظفين بجداول عملهم قبل أسبوعين، وتأكَّدت من عمل الموظف لمدة 20 ساعة أو أكثر في الأسبوع، وحدَّدت أوقات بدء المناوبات وانتهائها، ومنحت مزيداً من الموظفين جدولاً أسبوعياً ثابتاً مع استخدام تطبيق على الهواتف الذكية يسمح للموظفين بتبديل ورديات العمل بسهولة، وقد أدت هذه التغييرات إلى زيادة بنسبة 7% في المبيعات، و5% في إنتاجية العمال.

تشير التقديرات إلى أنَّ مجموعة متاجر "جاب" قد حققت 2.9 مليون دولار من خلال هذه التجربة، وقد تحقق هذا العائد المرتفع في الاستثمار من خلال الأموال التي أُنفِقَت في هذه التجربة، والتي بلغت 31200 دولار.

في حين أنَّ ثبات برامج العمل هو بلا شك مهمة رئيسة تتطلب المشاركة على كل مستوى من مستويات المؤسسة، إلا أنَّها تفيد في كلٍّ من تعزيز سلامة الموظفين، وتحقيق مزيدٍ من الأرباح للمؤسسة.

إقرأ أيضاً: التجارة الإلكترونية: أنواعها، ومزاياها، وسلبياتها، ومجالاتها

2. التدريب غير الكافي:

غالباً ما يُنظَر إلى عمال البيع بالتجزئة على أنَّهم موظفون يمكن استبدالهم في أي وقت، ويُدرَّبون بناءً على هذه الفرضية؛ إذ يُعلَّمون المهارات الأساسية في أقصر وقت ممكن حتى يتمكنوا من البدء بالعمل على الفور، ومن الطبيعي ألَّا نندهش من الآثار السلبية لهذه الممارسة في الخدمة التي تُقدَّم للعملاء.

وجدت دراسة أجراها موقع "توليب ريتيل" (Tolip Retail) أنَّ أكثر من 80% من المتسوقين شعروا أنَّهم أكثر دراية من عمَّال المتجر الذين يساعدونهم على التسوق، وعلاوةً على ذلك، فإنَّ قلة التدريب لها آثار سلبية أيضاً في تجربة الموظفين؛ فمن غير المحتمل أن يكون الموظفون غير الواثقين من إمكاناتهم في العمل متحمسين لتقديم أفضل أداء وظيفي لديهم، ومن المرجح أن يرتكبوا مزيداً من الأخطاء.

يمكن لبائعي التجزئة النظر إلى متجر "بست باي" (Best Buy) بوصفه مثالاً، وهو أكبر متجر لبيع الإلكترونيات في العالم، ومعروف بتجربته الرائدة في مجال تدريب الموظفين؛ فبالنسبة إلى هذا المتجر، بعد أن واجه فترة من التراجع وعدم اليقين في السابق، عاد ليصبح أقوى من ذي قبل.

تُركِّز استراتيجية النمو لمتجر "بست باي" والمسماة استراتيجية "بناء الأزرق الجديد" على إنشاء تجربة خدمة عملاء لا مثيل لها؛ وذلك من خلال الاستثمار في تدريب الموظفين وتطويرهم؛ لذلك يُعَدُّ موظفو "بست باي" الأكثر خبرة في المجال.

بخلاف ذلك من أساليب التدريب القائمة على الفصول الدراسية، والتي كانت ذات يوم معياراً لبرامج تدريب "بست باي"، فإنَّ أساليبها الجديدة في التدريب تعتمد على التعلُّم الافتراضي ووسائل الفيديو والتعلم عبر الإنترنت، بالإضافة إلى الدورات التدريبية التنشيطية التي تهدف إلى الحفاظ على خبرة الموظف. وقد حققت هذه التغييرات في وسائل التدريب الهدف المرجو منها؛ إذ كان موظفو "بست باي" هم الأكثر خبرة ومعرفة على الإطلاق، ورضى العملاء يرتفع باستمرار، كما احتلت "بست باي" للتو المرتبة الثالثة في قائمة "مجلة التدريب" (Training Magazine) لأكثر البرامج التدريبية نجاحاً في العالم.

ومن خلال تمكين موظفيها العاملين في مجال بيع التجزئة من تقديم خدمة للعملاء باستخدام خبراتهم الشخصية، فقد استطاعت "بست باي" التقليل من معدل دوران العمالة، وتمكَّنت من الاحتفاظ بعملائها، وهذا بدوره أدى إلى تحقيقها 40 مليار دولار من المبيعات سنوياً، وارتفاع في سعر أسهمها ارتفاعاً كبيراً.

شاهد بالفيديو: 8 قواعد لخدمة عملاء جيدة

3. ضعف الأجور:

إنَّ الاستثمار الأكثر تحقيقاً للفائدة في مجال رأس المال البشري هو الاستثمار المالي، لكنَّ تجار التجزئة يرون أنَّ العمالة هي تكلفة يجب خفضها بدلاً من النظر إليها بوصفها استثماراً مفيداً، وعادةً ما تكون العمالة أكثر التكاليف التي يمكن إدارتها والتحكم بها من قِبل تاجر التجزئة؛ إذ تمثِّل تكلفة العمالة أكثر من 10% من الإيرادات.

في أوقات الضائقة الاقتصادية، يقرر تجار التجزئة تعويض ضعف الأرباح؛ وذلك عن طريق تخفيض الأجور أو عدم زيادتها، وأظهرت البيانات أنَّه مع ارتفاع الحد الأدنى للأجور إلا أنَّ رواتب عمال بيع التجزئة ظلت كما هي، حتى بالنسبة إلى العمال الذين لديهم خبرة واسعة في مؤسساتهم، لكن عندما ينظر تجار التجزئة إلى موظفيهم على أنَّهم موارد ثمينة يمكن الاستفادة منها، فإنَّ كل شي يتغير.

عندما نتحدَّث عن أفضل سياسة تعويضات للموظفين في مجال البيع بالتجزئة؛ فنحن بلا شك نتحدث عن مجموعة متاجر "كوستكو" (Costco)؛ إذ يكسب موظفو "كوستكو" أكثر بكثير من جميع أقرانهم في متاجر بيع التجزئة الأخرى.

فقد أعلنت مجموعة متاجر "كوستكو" أنَّها رفعت الحد الأدنى لأجور العاملين لديها إلى 15 دولار في الساعة، وبعد بضع سنوات من العمل في "كوستكو"، يمكن للموظفين أن يحصلوا على أكثر من 20 دولار لكل ساعة عمل؛ وذلك بعد خمس سنوات من العمل لديها.

كان متوسط الدخل في الحد الأدنى قبل الزيادة الأخيرة 23 دولاراً في الساعة، لكن من الواضح أنَّ رفع الحد الأدنى للأجور يؤتي ثماره؛ فلدى "كوستكو" معدَّل دوران عمالة أقل بنسبة 6% مقارنةً بغيرها من متاجر بيع التجزئة، التي تصل فيها نسبة دوران العمالة إلى 60%، و15% في جميع المجالات في الولايات المتحدة الأمريكية (USA)، وبلغت عائدات "كوستكو" 138.4 مليار دولار في العام المالي الماضي، بينما أقرب منافس لها وهو مجموعة متاجر "سامز كلاب" (Sam's Club) قد حققت 59.2 مليار دولار.

إقرأ أيضاً: كيف تزيد عدد عملائك المحتملين؟

في الختام:

تجنَّب تجار التجزئة الاستثمار برأس المال البشري لفترة طويلة، وبدلاً من ذلك اختاروا تخفيض تكاليف العمالة من خلال اعتماد أسلوب الدوام الجزئي للموظفين، والتدريب غير الكافي، والأجور المنخفضة، وإبقاء الرواتب على حالها.

لكن أدرك تجار التجزئة مثل "جاب"، و"بست باي"، و"كوستكو"، أنَّ مفتاح النجاح المالي هو النجاح في إدارة الموارد البشرية؛ بمعنى إيجاد استقرار في جداول عمل الموظفين وتطوير خبرة عمالهم وتقديم أجور جيدة.

إذاً؛ سيتمكَّن العمال المدرَّبون جيداً من تقديم تجربة تسوق ممتازة للعملاء، وسيكون العمال الذين يلتقَّون أجوراً وتعويضات جيدة متحمسين للعمل وتقديم خدمة ممتازة للعملاء.

المصدر




مقالات مرتبطة