3 طرق هامة تساعدك على القيادة دون الخجل من إظهار مواطن ضعفك

تزخر وسائل الإعلام بالصورة النمطية للقائد الحكيم الذي يحيط إلماماً بكل شيء، بينما يجهل المديرون والمؤسسون على أرض الواقع كثيراً من الأمور. في الحقيقة، سيزعزع ادعاءَك الإلمام بكل بشيء جسور الثقة بينك وبين زملائك، في حين أنَّ القادة الناجحين يوجهون الآخرين بقيادتهم دون خجل من إظهار مَواطن ضعفهم.



قد يواجه عملك انتكاسة، وتخسر الكثير من الأشخاص الذين يلعبون أدوراً هامةً في شركتك، فتعتريك المخاوف من انهيارها بعد أن كانت في الصدارة؛ لذا عليك في هذه الحالة أن تجتمع بأعضاء فريقك وتحاورهم بكل شفافية، وتعبِّر عن مشاعرك بصدق حتى لو أشعرك ذلك بالضعف أو خشيت ألا يتفهموك.

لكنَّّك في الحقيقة ستُظهر أمامهم مَواطن قوتك من صدق وانفتاح، وسيثقون أنَّك لن تخفي الحقيقة عنهم إن ساءت الأمور، وعندها سيعمل الجميع على الارتقاء بالعمل.

الدمج بين الضعف والقيادة:

قد لا تحبذ فكرة إظهار جانبك العاطفي، لكنَّ التوجس من المصارحة أمر طبيعي، حتى بين أولئك الذين يؤمنون بأهمية عدم الخجل من إظهار مَواطن الضعف في القيادة، ناهيك عن كونها ليست بصفةٍ فطريةٍ لدى الجميع.

يتطلب إظهار مَواطن الضعف درجات عالية من الذكاء العاطفي والوعي الذاتي والتواضع، لذا يجب أن تكون منفتحاً على فكرة الاعتراف بالأخطاء والاعتماد على زملائك في الفريق. وإن كنت قدوةً يُحتذى بها في تطبيق هذا الأسلوب من القيادة، ستكون الثمرة موظفين متحمسين ومبدعين.

يشعر الموظفون العاملون تحت إمرة رؤساء ودودين وصادقين بالقدرة على استكشاف الحلول المبتكرة، ولا يقلقون إزاء روعة أو سخف أفكارهم لكونهم قد وجدوا ألا ضير في ارتكاب الأخطاء، وتمنحهم هذه الحرية ولاءً وإنتاجية منقطعة النظير، مما يساهم في تحقيق الرؤية العامة للشركة وإحراز أهدافها.

يعد تعزيز السلامة النفسية إحدى الفوائد التي يمنحها اعتراف القادة بمَواطن الضعف لديهم؛ ففي أثناء الأوقات العصيبة والأزمات، يشعر أعضاء الفريق الذي يكونون تحت إمرة قائد يعترف بمَواطن الضعف لديه بأنَّهم أشد بأساً وقابليةً للتكيف.

أشارت الأستاذة في جامعة هارفارد إيمي إدمنسون (Amy Edmondson) إلى أنَّ القادة الذين يُظهرون الصراحة، يبنون في أماكن عملهم ثقافاتٍ لا يبحث الموظفون فيها عن طرائق ملتويةٍ لإنجاز مهامهم، ويُعبِّر فيها الناس باحترامٍ عن آرائهم، ويُحِسُّ جميع مَن فيها بالانتماء؛ أي بعبارة أخرى، يشجع القائد الذي لا يخشى إظهار مَواطن ضعفه أعضاء الفِرق على التفكير الفعال والمشاركة، وذلك إيماناً منه بأنَّهم ليسوا "بقطع غيارٍ" يمكن استبدالها.

إقرأ أيضاً: الاستفادة من الذكاء العاطفي في القيادة

فن القيادة التي تقوم على الاعتراف بمَواطن الضعف:

إن أردت معرفة كيفية نشر ثقافة الاعتراف بمَواطن الضعف في قيادتك، فاتبع هذه الخطوات لتنمية الذكاء العاطفي وبث روح الأصالة ضمن مؤسستك:

1. التعبير عن مشاعرك بعيداً عن المواربة أو مجاملة الآخرين:

إن كانت الانتكاسة التي واجهتك تقضُّ مضجعك، فلا تتردد في إخبار فريقك؛ فمن المحتمل أنَّهم يشاركونك الشعور نفسه. وعندما تعترف بالقلق الذي يعتريك، فأنت تضع نفسك مع زملائك في خندق واحد؛ لذا عليك أن تقول بحزم: "إليكم الطريقة التي سنتعامل بها مع مخاوفنا".

بعد ذلك، سيتسنى للجميع التفكير في الخطوات التالية سوياً. فعلى سبيل المثال، يمكنك عقد جلسة مع أعضاء الفريق، وحَث جميع من فيها على التعبير عن مخاوفهم، لكن لفترة وجيزة فقط؛ ثم تضعون معاً قائمةً بأسوأ الاحتمالات، وبعدها تحسبون احتمالية وقوع كل محنة.

يساعدك التحدث العقلاني عن أكثر المحن التي من المحتمل أن تحدث على إخراج الأشخاص من وضعية الكر والفر.

اعلم أنَّ هذه التمارين تعطي أفضل النتائج عندما تذكرُ ما الذي يسبب لك القلق بشفافية، متبوعاً بخطة عمل. ليس المطلوب هنا تقديم إجابات، إذ يكفي أن تكون شغوفاً ومتحفزاً وصريحاً بشأن رغبتك في تقدم فريقك.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح لكي تعبر عن مشاعرك بالطريقة الأمثل

2. التحدث عن نفسك وعن التجارب التي حددت شكل شخصيتك:

قد تكون من الأشخاص الذين يتشبثون بالفكرة القائمة على عدم إقحام الأمور الشخصية في شؤون العمل، لكن لا تكن غامضاً، وتحدث عن المصاعب التي شكَّلت شخصيتك الحالية؛ فعلى سبيل المثال: يمكنك الإفصاح عن تجربة تعرضت إليها وأنت صغير؛ كالتنمر وشعورك عندها بتدني تقديرك لذاتك، وربما تأثيرها عليك حتى الآن. اذكر لهم كيف تجاوزت انعدام الثقة بالنفس، وكيف ساعدك التعلم من أخطاء الماضي على تطوير ذاتك.

لا يهدف الإفصاح عن التحديات الشخصية ومَواطن الضعف إلى استجداء الشفقة، بل يؤكد على إنسانيتك ويبرهن للفريق أنَّ النمو يتطلب بذل الوقت والجهد.

إن لم ترتح لفكرة الإفضاء بمكنونات صدرك، فابدأ التحدث عما تفعله خارج أوقات العمل -ليس عليك الدخول في أدق التفاصيل- وسيساعدك ذلك على الإفصاح عن تجارب الماضي والمستقبل شيئاً فشيئاً. فمثلاً يمكنك ذكر نشاطات تطوير الذات كتعلم العزف على الغيتار وقراءة كتب مساعدة الذات؛ وحاول ضمَّ الموظفين إلى دائرة الأشخاص المقربين منك.

3. طلب المساعدة:

إن كنت تفوض مهاماً معيَّنة إلى موظفيك، فعليك أن تراعي المفردات التي تستخدمها؛ فمثلاً لا تقل "افعل ذلك لو سمحت" وإلا سيُعتبر أمراً، بل قل "هل بإمكانك مساعدتي في هذا الأمر؟" وستُشعر الموظف أنَّك تدعوه للمشاركة وتحترم قدراته.

قد يجد البعض أن ليس هنالك فرقٌ يُذكر بين العبارتين، لكنَّ تحويل كلامك من الأمر إلى الطلب، سيساعد في الحقيقة على تغيير عقلية زملاءك في العمل، وسيعتبرون أنَّ المهام ذات أهمية حقيقية. علاوةً على ذلك، سيتبع قادة المستقبل خطاك في الصدق والاعتراف بمَواطن ضعفهم.

وعلى هذا المنوال، تأكد أنَّك إن طلبت المساعدة، فسيقبلونها على الرحب والسعة. فلنفترض أنَّ لديك مشروعاً صعباً لا تعرف كيف تنجزه؛ ابدأ حينئذٍ بتوضيح ما أنجزته فيه، ثم اطلب مساعدة أحد زملائك في الفريق. سيعطيك هذا منطلقاً جديداً ومزيداً من القدرات الذهنية لحل المشكلة؛ وعندما يقدم لك زملاؤك حلولاً ممكنةً، أنصت إنصاتاً صادقاً يعكس اهتمامك وتقديرك، ولا تقلق من عدم توظيف أي من هذه الحلول مباشرةً، فقد تحتاجها لاحقاً.

ليس من المغالاة التأكيد على أهمية إظهار مَواطن الضعف عند ممارسة القيادة، وستدُهَش كيف أنَّ مصارحة الآخرين دون فقدان السيطرة على الموقف يمكنها أن تغير شكل الفريق وتبعث فيه النشاط من جديد.

 

المصدر




مقالات مرتبطة