3 طرق للسيطرة على العواطف والتحلي بالذكاء العاطفي

يثق العديد من الخبيرين بأنَّ الذكاء العاطفي يتفوق على الذكاء العادي وأنَّه سبيل النجاح والتميز والعلاقات والسعادة عموماً في الحياة.



من المثير للاهتمام أن نلاحظ كيف تطوَّر مفهوم الذكاء العاطفي على مر السنين، من بدايته كشيء يسمى "الذكاء الاجتماعي" في الثلاثينيات، إلى "القوة العاطفية" في منتصف القرن العشرين، إلى أن أصبح اليوم يُعرَف باسم "الذكاء العاطفي".

ولكن ما الذكاء العاطفي بالضبط وما سبب أهميته؟

ما هو الذكاء العاطفي؟

الذكاء العاطفي (EI) هو - بعبارةٍ بسيطة - مستوى قدرتنا على:

  • التعرُّف إلى عواطفنا وردود الأفعال وفهمها (وعي ذاتي).
  • إدارة عواطفنا ومزاجنا وردود أفعالنا والتحكم بها وتعديلها (إدارة ذاتية).
  • استثمار عواطفنا في تحفيز أنفسنا لاتخاذ الإجراءات المناسبة والالتزام والمتابعة والعمل نحو تحقيق أهدافنا (التحفيز).
  • تمييز مشاعر الآخرين، وفهم عواطفهم واستخدام هذا الفهم للتواصل مع الآخرين تواصلاً أكثر فاعليةً (التعاطف).
  • بناء العلاقات، والتواصل مع الآخرين في المواقف الاجتماعية، والقيادة، والتفاوض بشأن الخلافات، والعمل كجزءٍ من فريق (المهارات الاجتماعية).

أهمية الذكاء العاطفي:

إن اعتقدتَ أنَّ الذكاء العاطفي يهم فقط مَن يتعيَّن عليهم دائماً التفاعل مع الناس أو التواصل معهم، فأنت مخطئ تماماً، فالذكاء العاطفي هو المفتاح لحياة متوازنة، وضرورة لكل جانب من جوانب الحياة.

1. الصحة الجسدية:

ترتبط القدرة على الاعتناء بأجسادنا وخاصةً السيطرة على التوتر لدينا - التي لها تأثير عظيم في سلامتنا العامة - ارتباطاً وثيقاً بذكائنا العاطفي، فمن خلال إدراك حالتنا العاطفية وردود أفعالنا على التوتر في حياتنا فقط، قد يكون في مقدورنا السيطرة على التوتر والحفاظ على صحة جيدة.

2. السلامة النفسية:

يؤثر الذكاء العاطفي في سلوكنا وتوقعاتنا للحياة، ويمكن أن يساعد أيضاً على تخفيف القلق وتجنُّب الاكتئاب وتقلبات المزاج، يرتبط المستوى العالي من الذكاء العاطفي ارتباطاً مباشراً بموقفٍ إيجابي ونظرة أكثر سعادةً للحياة.

شاهد بالفديو: خمس مكونات رئيسة للذكاء العاطفي

3. العلاقات:

من خلال فهم عواطفنا وإدارتها جيداً، نكون أكثر قدرةً على إيصال مشاعرنا بطريقةٍ بنَّاءة أكثر، فنحن أيضاً أكثر قدرةً على فهم الأشخاص الذين تربطنا علاقات بهم ونتواصل معهم؛ حيث يؤدي فهم احتياجات ومشاعر واستجابات الأشخاص الذين نهتم لأمرهم إلى بناء علاقات أقوى وأكثر إرضاءً.

4. حل النزاعات:

عندما نتمكن من تمييز عواطف الناس والتعاطف مع وجهات نظرهم، يكون من السهل حل النزاعات أو ربما تجنُّبها قبل أن تندلع، ويُعَدُّ البشر أيضاً بارعين في التفاوض نظراً لقدرتهم الطبيعية على فهم احتياجات الآخرين ورغباتهم، فإعطاء الآخرين ما يريدون يصبح أسهل حينما نعلم ما الذي يريدونه.

5. النجاح:

يساعدنا الذكاء العاطفي العالي على التمتع بتحفيزٍ داخلي أقوى؛ مما يحد من التسويف، ويزيد من الثقة بالنفس، ويحسِّن قدرتنا في التركيز على الهدف، كما يتيح لنا تلقِّي المزيد من الدعم، والتغلب على الانتكاسات، والحفاظ على نظرة مستقبلية أكثر مرونةً، وتؤثر قدرتنا على الصبر ورؤية الصورة الأبعد تأثيراً مباشراً في قدرتنا على النجاح.

إقرأ أيضاً: الذكاء العاطفي والشخصية الناجحة

6. القيادة:

إنَّ القدرة على فهم ما يحفز الآخرين، والتعامل معهم تعاملاً إيجابياً، وبناء روابط أقوى مع الآخرين في مكان العمل، تجعل حتماً الذين يتمتعون بذكاء عاطفي أعلى قادةً أفضل، كما يمكن للقائد الناجح أن يدرك ما هي احتياجات مرؤوسيه، بحيث يمكنه تلبية هذه الاحتياجات تلبية تشجع على الأداء العالي وتعزز الرضا في مكان العمل.

يمكن للقائد الذكي عاطفياً الذي يتمتع بالدهاء أيضاً وبناء فِرَق أقوى من خلال التوظيف الحذِق للتنوع العاطفي لأعضاء فريقه من أجل إفادة الفريق ككل.

لا يزال الذكاء العاطفي غير مفهوم تماماً، ولكنَّنا نعرف أنَّ العواطف تؤدي دوراً حساساً للغاية في نوعية حياتنا الشخصية والمهنية أكثر من ذكائنا العادي، وصحيح أنَّه يمكن أن تساعدنا الأدوات والتكنولوجيا على اكتساب المعلومات وإتقانها، ولكن لا شيء يمكن أن يحل محل قدرتنا على التعلم وإدارة عواطفنا وعواطف مَن حولنا وإتقانها.

كيف تطوِّر الذكاء العاطفي؟

الذكاء العاطفي ليس صفةً فطرية، وهناك طرائق للسيطرة على عواطفك وهي:

1. ملاحظة مشاعرك:

نفقد السيطرة بسهولة على عواطفنا عندما يشغل بالنا التفكير فيما يجب القيام به وما يمكن فعله فعلاً أفضل، فبدلاً من أن نهتم بعواطفنا، نختار تجاهلها في أغلب الأحيان، لكنَّنا لا ندرك أنَّ كبت عواطفنا يزيد الأمور سوءاً، فكلما أغفلنا عواطفنا، فقدنا السيطرة عليها.

عندما يكون لدينا رد فعلٍ عاطفي تجاه أمر ما، فقد يكون ذلك نتيجة مواجهتنا لبعض المسائل العالقة؛ لذا في المرة القادمة التي تشعر أنَّ لديك بعض العواطف السلبية، هدِّئ من روعك وفكِّر في سبب شعورك بها، وخذ نفساً عميقاً واكتب العواطف التي تختبرها والأسباب المحتملة وراءها.

عندما تُدوِّن، يمكنك تحديد الأمور التي ثير عواطفك، والتفكير في سبل للتعامل مع كل منها.

إقرأ أيضاً: العودة إلى الأساسيات: سجّل أفكارك

2. التدرب على الاستجابة وليس رد الفعل:

رد الفعل عملية نتبعها دون أن نشعر حينما نتصرف تصرفاً لا واعية في أثناء التعبير عن العواطف أو التنفيس عنها، بينما الاستجابة عملية واعية ننتبه فيها لمشاعرنا ونقرر كيفية التصرف.

عندما تكون أكثر وعياً بالأمور التي تثير عواطفك، سوف تستطيع دائماً التفكير مسبقاً في طريقة للتصرف، على سبيل المثال: إن كنتَ تعي أنَّك تغضب بسهولةٍ وتُغضب زملاءك عندما تشعر بالتوتر الشديد في العمل، فعليك تدوين ذلك والتفكير فيما يمكنك فعله في المرة القادمة عندما تواجه المحفز نفسه، كأن تخبر زملاءك أنَّك بحاجة إلى بعض الهدوء لأنَّك تشعر بالتوتر في الوقت الحالي، أو ربما يمكنك قضاء بضع دقائق بمفردك فقط لتهدئة نفسك أولاً.

3. الحفاظ على التواضع:

عندما تعتقد دائماً أنَّك أفضل من الآخرين، فلن ترى أخطاءك، ومن المحتمل أن تتأثر بالأشياء التي لا تلبي توقعاتك، فحاول أن تنظر إلى الشيء نفسه من منظورٍ مختلف، وبدلاً من الحكم على شخص أو شيء ما، ضع نفسك مكان شخصٍ آخر وحاول التفكير أو الشعور مثله، هل ستفعل الشيء نفسه أو تشعر بالشعور نفسه أيضاً ولماذا؟

بهذه الطريقة، من المحتمل أن تفهم أفكار الآخرين وعواطفهم، ومن المحتمل أن تتعلم درساً جديداً حول كيفية التعامل مع الأشياء في المواقف المماثلة أيضاً، فكن متواضعاً واعلم أنَّك لستَ أفضل من غيرك، وكن واعياً بما يكفي لتعلم أنَّك مختلف عن البقية.

الخلاصة:

يمكن تعلُّم الذكاء العاطفي، فصحيح أنَّها عملية تستمر مدى الحياة، ولكن لم يفت الأوان بعد لتعلُّم أيِّ شيء، فالأمر يتطلب فقط الملاحظة والممارسة المستمرة؛ لذا بغضِّ النظر عن عمرك، لا يزال في إمكانك تطوير ذكائك العاطفي وجعل بقية حياتك أفضل وأكثر سعادةً.

المصدر




مقالات مرتبطة