3 طرق للاحتفاظ بالنساء في القوى العاملة

ليس سراً أنَّ هناك مشكلة تمييز على أساس الجنس في سوق العمل؛ إذ إنَّ النساء ما تَزلنَ تُمثلن تمثيلاً محدوداً إلى حد كبير بين القوى العاملة، ولا سيما فيما يخص تولِّي المناصب القيادية.



وفقاً لبحث صدر عن مؤسسة "لين إن" (LeanIn) الداعمة للنساء وشركة "ماكنزي" (McKinsey & Co) المتخصصة بتقديم استشارات إدارية؛ أنَّه في مقابل كل 100 امرأة أمريكية رُقِّيَت إلى منصب مديرة، رُقِّيَ 130 رجلًا؛ الأمر الذي يعني أنَّ فرص النساء في أن يسرن على طريق القيادة أقل بكثير، نظراً لعدم توفر مفاتيح الوصول وسبل النمو الضرورية لتسريع وتيرة حياتهن المهنية؛ ونتيجة لذلك ووفقاً لبحث نشرته شركة "ماكنزي"، فإنَّ 14% فقط من النساء في الولايات المتحدة يعملن في اللجان التنفيذية و3% فقط يعملن كرئيسات تنفيذيات.

ألقَت العديد من هذه الدراسات الحديثة الضوء على هذه المشكلة على مستوى سوق العمل عموماً؛ وهذا دفع المنظمات إلى إعادة هيكلة الممارسات الخاصة بالتعيين والتوظيف لزيادة عدد النساء في القوى العاملة، ومع ذلك فإنَّ أحد المجالات التي غالباً ما يُركَّز فيها تركيزاً أقل هو الاستبقاء أو الاحتفاظ.

يجب فهم الأسباب التي تدفع النساء إلى مغادرة وظائفهن عند مستويات وظيفية معينة، وهل تشترك النساء اللواتي حطمن الحواجز والمعوقات المرتبطة بالتمييز على أساس الجنس في أثناء مسيرتهن المهنية مع النساء اللواتي بدأن للتو بالأسباب ذاتها؟

كلما استمر الحديث عن نقص القيادات النسائية، زادت المنافسة في سوق العمل بالنسبة إليهنَّ، وستكون المنظمات بمنزلة باب دوار للموظفات يدخلن إليها من جهة لتراهنَّ خرجن من جهةٍ أخرى ما لم يضع مديرو الموارد البشرية الأولوية لهنَّ، أو يُقدَّم لهنَّ برامج ومبادرات للاحتفاظ بهنَّ طوال حياتهن المهنية.

تصبح تأثيرات اختلاف الأجيال عاملاً رئيساً في الاحتفاظ بالموظفين؛ وهذا يتطلَّب من المنظمات التفكير في أفضل الممارسات التي تجعل الموظفين يعملون على تنمية حياتهم المهنية مع مؤسسة واحدة.

احتياجات مختلفة في مراحل مختلفة:

لنأخذ مثالاً عن موظفة شابة تدخل سوق العمل، فقد تواجه بعد سنوات عدَّة - وتحديداً عندما تصل بين منتصف وأواخر العشرينيات من عمرها - سلسلة من الأحداث في الحياة؛ كالزواج، والحمل، وقرارات رعاية الأطفال، وغير ذلك؛ وهذا سيخلق مفترق طرق بين حياتها الشخصية والمهنية؛ فهل ستكون بحاجة إلى مزيدٍ من المرونة، أم إلى دور وظيفي يوفر لها قدراً أقل من السفر؟

لن يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فكِّر في "الجيل إكس" (Generation X) الذي يُطلَق عليه أحياناً اسم "جيل الشطيرة" (Sandwich Generation)؛ إذ إنَّ هؤلاء الأفراد لا يكوِّنون عائلة فقط؛ بل ويعتنون أيضاً بكبار السن. وقد ترغب النساء اللواتي تغلَّبن على المعوقات المرتبطة بالتمييز على أساس الجنس في المزيد من فرص التطوير الوظيفي. وعندما تكون فرص العمل المفتوحة في أعلى الهرم الوظيفي قليلة ومتباعدة، هل ستكون مؤسستك مستعدة لتقديم الخيارات التقليدية وغير التقليدية للتطوير الوظيفي؟

ستواجه الشركات التي لا تحدد أو تبتكر طرائق لدعم القوى العاملة النسائية خلال المراحل المختلفة عواقب عدَّة؛ وذلك نتيجة انخفاض معدلات الاحتفاظ بالنساء وخاصة مع زيادة المنافسة بالنسبة إلى النساء العاملات في المناصب التنفيذية. وتجدر الإشارة إلى أنَّه في الوقت الذي نركز فيه في النساء، تظهر رغبة متزايدة من الرجال أيضاً في مرونة أكبر في العمل.

شاهد بالفديو: 4 خطوات لتكوني امرأة ناجحة

ولمعالجة هذه المشكلة؛ إليكم ثلاث خطوات عليكم اتباعها للاحتفاظ بالموظفات الماهرات بغض النظر عن المرحلة التي يمرون بها في حياتهن.

ثلاث خطوات لتحسين استبقاء الموظفات:

1. تعزيز المرونة بين القوى العاملة:

قد تكون العودة إلى العمل بعد محطة فارقة في الحياة قراراً صعباً للغاية؛ فقد تجد النساء العاملات أنفسهنَّ يؤدين مهمتين معاً بعد عودتهن إلى العمل؛ أي بممارسة مهنهنَّ من جهة وممارسة الأمومة من جهة أخرى؛ ونتيجة لذلك يصيبهنَّ شعوراً مضاعفاً بالتوتر عندما يهرعن من العمل لاصطحاب أطفالهنَّ من الحضانة، وتعلم النساء أنَّهن بحاجة إلى إيجاد توازن لمنع تكرار هذا السيناريو يوماً بعد يوم.

إنَّ إتاحة خيارات عمل مرنة تتبع نهج التركيز في النتيجة وليس في وجود وحضور الموظفين، هو أمر سيجذب الموظفات اللواتي يواجهن المشكلة السابقة نفسها والعديد من المشكلات الأخرى. وإنَّ بناء بيئات العمل المرنة يمنح الموظفات والموظفين الفرصة للمواءمة بين عملهم وحياتهم الشخصية؛ فيتمكنوا من التوفيق بين اصطحاب أطفالهم بعد المدرسة أو حضور نشاطات ما بعد المدرسة، أو حتى اصطحاب أحد والديهم إلى الطبيب.

وعلى الرغم من وجود بعض الشركات التي تستبعد خيارات العمل عن بعد، إلَّا أنَّ البحوثات تُثبِت أنَّ هذا الخيار رائع بالنسبة إلى القوى العاملة في المؤسسة أيضاً، ويعتقد 90% من الأشخاص أنَّ توفُّر إمكانية الوصول إلى خيارات عمل مرنة يساهم في تحسُّن عام في جودة حياتهم إلى حد متوسط أو كبير؛ وذلك وفقاً لدراسة أجرتها "كلية بوسطن" (Boston College)؛ لذلك لن تضطرَّ المرأة إلى اختيار الحياة المنزلية وترك حياة العمل إن مُنِحَت المرونة التي تحتاج إليها لتحقيق التوازن بين حياتها المهنية والشخصية.

إقرأ أيضاً: 3 طرق لتوفير المرونة في شركتك

2. إنشاء مجموعات متعاونة من الموظفين:

يجب ألَّا تقلِّل المنظمات من أهمية إنشاء مجموعات تعارف بين الموظفين؛ وإنَّما يجب أن تعززها؛ إذ سيؤدي القيام بهذا الأمر إلى إنشاء مجتمع مكوَّن من الموظفين الذين يمرون بتجارب مماثلة - سواءً في حياتهم المهنية أم الشخصية - ليشاركوا الممارسات والمصاعب والمشورة الأفضل.

ليس من الضروري أن يأخذ هذا وقتاً طويلاً؛ فيمكن أن يتم الأمر في أثناء اجتماع لتناول القهوة أو على الغداء أو خلال محادثة سريعة مدتها 15 إلى 30 دقيقة، ويمكن أن يساعد هذا التحفيز الإيجابي الذي تساهم به المجموعات الشبكية من الموظفين على تسهيل التحول الحاصل، وخاصة بالنسبة إلى النساء اللواتي قد تكون لديهنَّ مخاوف بشأن العودة إلى القوى العاملة.

قدَّمت شركة البرمجيات متعددة الجنسيات "إس أي بي" (SAP) - عبر بث على شبكة الإنترنت - سلسلة شهرية بعنوان "النمو المهني للمرأة"، وقد وصلت إلى قرابة 14000 شخص في أكثر من 43 دولة، وقد ساعد هذا موظفي الشركة على الاستفادة من كبار الخبيرين بغض النظر عن موقعهم؛ إذ إنَّهم يشاركون قصصاً مُلهِمة قد تساعد على الشعور بمزيد من الارتباط بزملائهم في جميع أنحاء العالم الذين يواجهون غالباً تحديات وعقبات مماثلة، وأصبحت السلسلة شائعة جداً لدرجة أنَّها أصبحت تُبَث لعملاء الشركة على أساس ربع سنوي.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح لتعزيز التعاون في بيئة العمل

3. إيجاد المرونة في جميع أقسام المنظمة:

من أجل توظيف النساء والاحتفاظ بهنَّ؛ يجب أن تركز المنظمات في منح الأفراد فرصاً للتنقل في جميع أقسام الشركة وفي المناصب التي تعزز مهاراتهنَّ وتُمكِّنهنَّ من التطور وتُوفِّر فرصاً جديدة تثير اهتمامهنَّ وتلهمهنَّ.

ذكرت مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review) أنَّ 17% من النساء يتخلَّين عن الإثارة في حياتهن المهنية كون العمل ليس ممتعاً أو مُرضياً. ولتجنُّب فقدان هذه المواهب، يجب على المنظمات أن تمنح النساء الفرص والدعم لتبديل مجالات تركيزهن المهني و"إشباع شغفهن".

يجب أن يكون فهم وإدراك أهمية الاحتفاظ بالنساء والاحتياجات التي تتوافق مع مهنتهن جزءاً أساسياً من استراتيجية الموارد البشرية لكل مؤسسة، وستشهد المؤسسات زيادة في الاستبقاء والحركة المهنية للمرأة وستُخلَق بيئة شاملة تجذب المزيد من المتقدمين للوظائف، كما ستُتعزِّز خبرة موظفيها الحاليين؛ وذلك من خلال منح النساء اللواتي التحقن من جديد بالقوى العاملة الأدوات المناسبة والدعم الذي يحتاجون إليه لتعزيز شعورهن بالإلهام والدعم اليومي؛ الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى إحداث تأثير إيجابي في العمل.

المصدر




مقالات مرتبطة