3 طرق لبناء أماكن عمل يحبها الموظفون

لا تملك المؤسسة رصيداً أكثر أهميةً من موظفيها، إذ تُحدِّد كل من المواهب والجهود والطموحات الجماعية لموظفي الشركة قدرتها على تحقيق أهداف العمل.



وتؤدي القيادات اليوم دوراً نشطاً أكثر فأكثر في الاستفادة من أماكن العمل للتأثير في عملية التوظيف، وزيادة الاحتفاظ بموظفيها؛ وذلك من خلال إنشاء مكاتب تلبِّي احتياجات الموظفين وتحقِّق رضاهم مع تسهيل تأدية الأشخاص لوظائفهم قدر الإمكان.

وفي طليعة هذا التوجُّه الجديد، تستعمل الشركات حالياً الفترات التجريبية، وهي نماذج أوَّلية سريعة تسمح للموظفين بتجربة الأجواء المستقبلية المحتملة في مكان العمل، ومشاركة التغذية الراجعة النوعية والكمية للتأثير في عملية صنع القرار في المستقبل.

3 طرائق لتقوية موظفيك وشركتك:

تُقلِّل الشركات التي تستثمر في الفترات التجريبية في مكان العمل من مخاطر إنشاء مساحات تفشل في مواءمة ثقافة الشركة وأهدافها وأنماط العمل وبيئته، فبدلاً من ذلك، ينشئون لأنفسهم بيئات مُربِحة تُقوِّي الأفراد والشركة.

أحد الأمثلة الحديثة للفترات التجريبية في مكان العمل هو الجهود المكثَّفة التي بذلتها مجموعة "زيورخ" (Zurich) للتأمين قبل افتتاح مقرِّها الرئيس الجديد البالغ مساحته 750 ألف قدم مربع؛ أي 69677 متر مربع، في ضواحي "شيكاغو" في الولايات المتحدة الأمريكية، في خريف عام 2016.

لقد عقدت العزم على إشراك موظفيها في إنشاء مكان العمل الجديد الذي سيقود النجاح لعقود من الزمن، وبنَت "زيورخ" برنامجاً مكثَّفاً بنماذج أولية متعددة ليقوم أكثر من 150 موظف باختبارها خلال الأشهر الثلاثة الأولى، وفيما يأتي ثلاث خطوات أساسية تحتاج الشركات إلى اتِّباعها اتِّباعاً صحيحاً في سبيل هيكلة برنامج تجريبي ناجح في مكان العمل:

1. إنشاء نماذج بيئات مناسبة:

لكي ينجح البرنامج التجريبي في مكان العمل، يجب أن يكون لدى قادة الشركة فهم قوي لمنظمتهم وماهية العمل الذي يؤديه موظفوها، على سبيل المثال، يجب على الشركات العالمية الكبرى التي ترغب في تقوية التعاون أن تستعمل البيئات من النوع عالي التقنية التي تسمح بمثل هذا العمل، بينما المنظمات الإقليمية الأصغر قد لا تتطلَّب مثل هذا التركيز على التعاون، ولكنَّها تحتاج إلى موازنة مساحات العمل الخاصة مع مناطق العمل الجماعي.

إنَّ الطريقة الوحيدة لتضمن أن يؤدي البرنامج التجريبي إلى تحقيق بيئة العمل المُثلى، هي تحديد أهداف وغايات واضحة، وتطوير نماذج أولية يمكنك اختبارها ضمن تلك المعايير النسبية.

ونظراً لسمعة "زيورخ" بصفتها شركة رائدة في إدارة المخاطر العالمية، فإنَّها بحاجة إلى تحقيق بيئة متوازنة للغاية تعطي فرصاً للأفراد للعمل دون تشتيت، وتمكِّنهم من الاتصال بفِرق أخرى حول العالم؛ ونتيجة لذلك، فإنَّ نواحي العمل النموذجية الأربع يجب أن تكون متوازنة بدقة لكن بدرجات مختلفة.

يضمن هذا التوجيه من قادة "زيورخ" أنَّ البرنامج التجريبي يختبر السيناريوهات الصحيحة ليقود النجاح على الأمد الطويل؛ إذ تقول "جينيفر كيونغ" (Jennifer Kyung)، رئيسة المقر الرئيس للأعمال: " إنَّنا حريصون على إنشاء التصميم المناسب لتلبية احتياجات الموظفين؛ وهذا يمكِّنهم من أن يكونوا فعَّالين ومنتجين، ولقد التزمنا منذ البداية بالتفاعل مع موظفينا لوضع التصميم؛ وذلك لأنَّ مشاركتهم الجيدة تؤدي حتماً إلى نتائج أفضل".

شاهد بالفديو: 6 إجراءات يعزز بها القادة الناجحون التعاون في فرقهم

2. تقديم خيارات متعددة:

تحتاج البرامج التجريبية إلى تقديم مجموعة واسعة من الخيارات للموظفين في بيئات النماذج، فالبرامج التي تختبر بضعة متغيرات فقط، تحدُّ من مستوى التغذية الراجعة التي يمكن للمؤسسة أن تستمدها من موظفيها.

ويتَّسم برنامج "زيورخ" تحديداً بالقوة؛ وذلك لأنَّه يوفر أربع بيئات عمل فريدة محتمَلة، ستختبرها المجموعات المختلفة لمدة ثلاثة أسابيع في المرة الواحدة، ويوجد داخل كل بيئة أكثر من 22 خياراً مختلفاً للجلوس، إضافةً إلى مجموعات فريدة من محطات العمل، ومناطق الاجتماعات غير الرسمية، وغرف المؤتمرات، ومراكز للتسلية والمكاتب الخاصة.

ستتيح هذه الخطة الشاملة للموظفين بفهم النماذج الأولية المختلفة فهماً كاملاً، وتقديم الملاحظات ذات الصلة، ويعود ذلك لثلاثة أسباب رئيسة:

  • الوقت: لا يقتصر البرنامج التجريبي في "زيورخ" على مطالبة الموظفين باختبار بيئات جديدة معينة لمدة يوم أو أسبوع فقط؛ وذلك لأنَّ الاختبار سيستمر 12 أسبوعاً، بحيث يقضي الموظفون ثلاثة أسابيع في كل بيئة من البيئات الأربع، فالموظفون سيعيشون حرفياً ويأكلون ويعملون في هذه البيئات ليفهموا تماماً ما يناسبهم وما لا يناسبهم.
  • عمق الاختبار: لا يُركِّز البرنامج التجريبي على اختيار واحدة من البيئات الأربع فقط؛ بل سيجرِّب الموظفون ترتيبات مختلفة لمساحة العمل وخيارات جلوس غير رسمية ومناطق خاصة داخل كل بيئة أيضاً، وترغب "زيورخ" في الحصول على تغذية راجعة عن كل شيء، وتدرك تماماً أنَّ بيئة العمل المثالية قد تكون مزيجاً من النماذج الأولية الحالية.
  • عدم إهمال العمل: غالباً ما تُقصِّر البرامج التجريبية في أنَّها تطلب من الموظفين اختبار بيئات مختلفة لا يمكنهم إنجاز العمل فيها، أمَّا في "زيورخ"، دُمِجت جميع التقنيات وأدوات الاتصال والطباعة اللازمة ضمن التصميم الأوَّلي؛ وهذا ما سمح للموظفين أن يجرِّبوا تجربةً كاملةً حالة العمل في هذه النماذج مع البقاء منتجين في الوقت نفسه.
إقرأ أيضاً: 8 طرق تجعل شركتك بيئة عمل مريحة

3. الاستماع للموظفين في كل مراحل التجربة:

إنَّ التغذية الراجعة التي يقدِّمها موظفوك هي الوقود الذي يمدُّ البرامج التجريبية الناجحة بالطاقة؛ لذلك يجب أن تستغرق القيادة وقتها الكافي لجمع أفكار وآراء الموظفين الذين يجرِّبون بيئات النموذج الأوَّلي.

أوجدت شركة "زيوريخ" مراحل سير عمل للموظفين لتقدِّم من خلالها المعلومات والنصائح لجميع البيئات المحتملة، وكانت تحدد اللقاءات المفتوحة وتجري دراسات استقصائية لتفهم بدقة ما يحتاجه موظفوها للعمل؛ إذ ساهم ذلك كله في خلق البرنامج التجريبي المثالي.

وقالت "كيونغ": "إنَّ هدفنا في "زيورخ" هو بناء مقر على مستوى عالمي مع الحفاظ على تركيزنا على صحة الموظفين وسلامتهم، ومع حصولنا على نتائج أكثر من 75% من استقصاءاتنا الأولية، ومع وجود مجموعة نقاش مركَّزَة خصَّصناها لدراسة بيئة مكان العمل وهذا البرنامج التجريبي، أصبحنا واثقين بأنَّنا سنتوصل إلى نتيجة يمكن من خلالها تمكين قوَّتنا العاملة الموهوبة وزيادة تفاعلها حتى تبلغ أقصى إمكاناتها".

ويعمل البرنامج اليوم بالطاقة القصوى، ويواصل قادة "زيوريخ" التفاعل مع موظفيهم يومياً، ومراقبة أدائهم، وجدولة مجموعات التركيز، وإجراء الدراسات الاستقصائية عند اكتمال البرنامج؛ وذلك لضمان حصولهم على جميع المعلومات اللازمة لإنشاء مقر يمكن فيه لموظفيها أن يكونوا مرتاحين ومنتجين.

إقرأ أيضاً: كيف يساعد الإصغاء إلى موظفيك على تحسين عملك؟

استثمر التغذية الراجعة على الأمد الطويل:

يضمن هذا الالتزام بالإنصات للتغذية الراجعة أنَّ العمل الجاد الذي أُنجِزَ خلال البرنامج التجريبي سيؤتي ثماره على الأمد الطويل.

تُواصل الشركات في مختلف المجالات إيلاء أهمية أكبر لأماكن العمل بوصفها أدوات لتمكين موظفيها وزيادة الاحتفاظ بهم وتحسين عملية التوظيف؛ إذ تستمر البرامج التجريبية الناجحة مثل تلك التي استعملَتها "زيورخ" في التأكيد على أنَّ إحدى أفضل الطرائق للقيام بذلك، هي تصميم أماكن العمل بمساعدة الموظفين ومشاركتهم وليس من أجلهم فقط.

المصدر




مقالات مرتبطة