3 أسباب للتوقف عن محاولة العثور على هدفك في الحياة

تزعم المدونات والدورات التدريبية والكوتشز في الإنترنت أنَّنا لا نملك إلا سبباً واحداً فقط لوجودنا، وأنَّنا يجب أن نتوَّقف عن القيام بأي شيء آخر حتى نجده، وبمجرد أن نفعل ذلك سيصبح كل شيء منطقياً ويمكننا أخيراً أن نشعر بالرضى؛ لكنَّ هذا النوع من التفكير هو مشكلة كبيرة يجب معالجتها.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّن "جريج فاكسون" (Greg Faxon)، ويُقدِّم لنا فيه 3 أسباب للتوقف عن محاولة العثور على هدفنا في الحياة.

فيما يأتي ثلاثة أسباب للتوقف عن محاولة العثور على هدفك:

1. إنَّه مجرد خرافة:

إنَّ أكبر مشكلة بالنسبة إلي مع فكرة "هدف الحياة" هي أنَّ معظم الناس لن يجدوه أبداً أو على الأقل ليس كما يظنُّون؛ إذ إنَّ إخبار أحد ما أنَّه لا يوجد سوى سبب واحد فقط لوجوده في الحياة يشبه إخباره أنَّه لا يوجد سوى شخص واحد مناسب له، ولكن في الحياة لا يوجد شيء من هذا القبيل؛ بل ثمَّة شيء مناسب للوقت الحالي، وإذا لم تؤمن بذلك فسوف تفقد صوابك، ومن الممكن أنَّ فكرة هدف الحياة قد جاءت من منطلق إيماني؛ فمن أحد أسباب فاعلية الإيمان هو أنَّه يحتوي على معنى وهدف، ومن المريح الاعتقاد بأنَّنا موجودون في هذه الحياة لسبب محدد.

عندما نخبر الناس أنَّهم بحاجة إلى هدف للشعور بالرضى؛ فهذا سيشعرهم بالفراغ إلى أن يجدوا هذا الهدف، وهذا هو السبب في أنَّ هذه خرافة منتشرة في مجال تحسين الذات، وبالنسبة إلي لقد شعرت بالنقص لفترة طويلة لأنَّني لم أكن أعرف هدفي في الحياة وظننت أنَّني يجب أن أملك هدفاً، ولكن ثمَّة عدة دراسات تُظهِر أنَّ المحاولة الحثيثة لنكون سعداء يمكن أن تجعلنا تعيسين في الواقع، وأنا أرى أنَّ ذات الشيء يحدث مع الأشخاص الذين يحاولون إيجاد هدفهم؛ أي إنَّ البحث يُشعِرنا بالسوء، وهذا نقيض ما نريده.

2. إنَّه يأتي بنتائج مناقضة:

حتى لو لم يكن يوجد إلا شيء واحد مثالي بالنسبة إليك، فمن غير المجدي قضاء الوقت في التفكير فيه؛ أي إذا كنت تنتظر ظهور هدفك في حياتك فجأة، فإنَّك تضيع وقتك.

عندما أنظر إلى الوقت الذي قضيته سابقاً في محاولة العثور على هدفي، أرى أنَّه كان من الأفضل لو أنَّني قضيته في اتخاذ إجراء ما؛ إذ إنَّ الهدف لا يظهر فجأةً في حياتك، بل أنت بحاجة إلى إضفاء معنى على الحياة، وأن تبذل جهداً لاستكشاف أشياء جديدة، وبالطبع ينطبق ذات الشيء على إيجاد الشغف (وهي كلمة تُستخدم بديلة للهدف).

لقد ذكرت رائدة الأعمال الأمريكية "ماري فورليو" (Marie Forleo) في مقالها الذي يحمل اسم "كيف تجد شغفك؟": "إنَّ الوضوح يأتي من المشاركة، وليس من التفكير"، وكذلك لا ينبغي لتحسين الذات أن يعوق التقدم؛ لذا أفضل طريقة لفهم نفسك هي جمع البيانات، ويمكنك القيام بذلك من خلال إجراء التجارب؛ فمثلاً إذا كنت تحاول أن تجد طريقك خلال الغابة، ووصلت إلى تقاطع، ماذا ستفعل؟ هل ستجلس على جذع وتنظر إلى أول بضعة أمتار من كل مسار؟ بالتأكيد لن تفعل ذلك؛ بل ستختار المسار الذي شعرت بأنَّه أفضل من الآخر وسوف تسلكه، مع العلم أنَّك تستطيع دائماً تغيير المسار بمجرد حصولك على مزيد من المعلومات، بالطبع أنا لا أقترح أن تمشي بلا تفكير، ولكن عليك أن تبدأ بالمشي؛ فيمكن لمعظم الناس أن يشعروا إذا كان الطريق الذي يسلكونه خاطئاً.

شاهد بالفديو: 5 أسباب تجعلك تمتلك هدفاً في الحياة

3. إنَّه ثابت لا يتغير:

إنَّ مفهوم "الشيء المثالي الواحد" مُقيِّدٌ على نحو لا يُصدَّق؛ لأنَّه لا يأخذ في الحسبان بقية العالم؛ إذ إنَّ طريقك سوف يتغير، وأنت ستتغير، وما هو مطلوب منك سوف يتغير أيضاً، وكلما دعمت هدفاً ما أصبحت أكثر جموداً، وبالنسبة إلي أفضِّل أن أكون منفتحاً ومرناً، هذا هام جداً، لا سيَّما إذا كنت شاباً؛ إذ إنَّ محاولة التفكير في هدفك في العشرينيات من العمر، هو أمر مثير للسخرية؛ لكنَّ معظم الناس يخافون ويجبرون أنفسهم على ذلك وينتهي بهم الأمر في وضع أنفسهم في مواقف يصعب فيها القيام بأي شيء آخر.

من شبه المستحيل تقريباً وضع رسالة سامية قابلة للتطبيق طوال حياتك، وحتى ولو حاولت فلن تكون ذات مغزى؛ فمثلاً يقول بعض الناس إنَّ هدفهم هو الشعور بالرضى، أو الاستمرار في التطور، أو مساعدة الآخرين، ولكن أليس هذا ما يجب أن يفعله الجميع؟ لذلك مثل هذا الكلام لا يساعدنا على اتخاذ أي قرار.

أنا من أشد المؤمنين بأنَّك لا يجب أن تنتقد أي شيء إلا إذا جربته أو كان يمكنك تقديم بديل أفضل؛ لذلك إذا كان لديك هدف مناسب لك في الحياة فهذا رائع؛ إذ يوجد بعض الأشخاص الذين يعرفون بالضبط ما يريدون فعله في حياتهم في سن الـ 5 سنوات.

ما تريد تحقيقه في الحياة:

بوصفي مدرباً خاصاً فإنَّ أحد الأسئلة الأكثر شيوعاً التي تُطرَح علي: "ما هي الخطوة التالية؟"، ولكن قبل أن أجيب عن ذلك يجب أن أسأل دائماً: "أين أنت الآن؟"؛ أي يجب أن تعرف الإجابة من أجل تحديد الاتجاه الذي يجب أن تسلكه.

جميعنا نمر بفترات نشعر فيها بالارتباك والضياع، وعندما يحدث ذلك يبدأ معظم الناس بالتفكير في تحديد هدف لهم، ولكن ما يجب عليهم فعله حقاً هو التأقلم، ويمكن أن نفعل ذلك من خلال اكتشاف ما نريده في الحياة، صحيحٌ أنَّنا جميعنا نواجه معوقات في طريقنا كل يوم؛ لكنَّ الطريق الأفضل هو ليس دائماً الطريق الأقل مقاومة.

ستساعدك العملية الآتية المكونة من ثلاث خطوات على معرفة ما تريد تحقيقه في حياتك، لقد نجح ذلك مع عملائي الذين أقدم لهم الكوتشينغ، والذين لم تعجبهم أبداً فكرة "الهدف"، وسوف تجبرك هذه العملية التي تستجيب للظروف المتغيرة على اتخاذ الإجراءات.

3 خطوات لمعرفة ما تريده في حياتك:

1. تحديد نقاط قوتك:

أنا لا أتحدث هنا عن المهارات؛ إذ يمكنك تعلم أي مهارة جديدة بسهولة إلى حد ما؛ بل أنا أتحدث عن نقاط القوة الموجودة في الشخصية مثل المثابرة والطموح والتفاؤل.

إليك بعض الأسئلة لتطرحها على نفسك:

  • ما هي السمات الشخصية التي أعتمدها لمساعدتي في المواقف الصعبة؟
  • ما هو أكثر ما أفتخر به في نفسي؟
  • ما الذي أجيده بصورة فريدة؟
إقرأ أيضاً: كيف تحدد أهدافك في الحياة؟

2. زيادة شغفك:

لاحظ أنَّني لم أقل: "اتباع شغفك"؛ فهذا يسبب لي التوتر كما يفعل "هدف الحياة"؛ لذا بدلاً من ذلك اكتب بعض النشاطات أو التحديات أو الموضوعات التي تجعلك متحمساً وطبِّق نقاط قوتك على تلك المجالات، وإليك بعض الأسئلة لتطرحها على نفسك:

  • ما الذي أقضي معظم وقتي في التفكير فيه أو القراءة عنه أو البحث عنه في الإنترنت؟
  • ما الذي يمكنني فعله كل يوم من أيام الأسبوع دون أن أتقاضى أجراً مقابله؟
  • ما الذي أحببت القيام به عندما كنت طفلاً؟

3: التركيز على تقديم قيمة:

لن تستفيد من البوصلة إلا إذا عرفت مكانك على سطح الأرض؛ أي إذا تعلمت تحديد المشكلات، ويمكنك استخدام نقاط قوتك وحماستك لحلها؛ لذا ابحث عن طرائق لمساعدة الناس، وانسَ كل شيء آخر، وإليك بعض الأسئلة لتطرحها على نفسك:

  • بماذا يلجأ الناس إلي؟
  • ما الذي ناضلت وتغلبت عليه في الماضي وقد يتعلم منه الآخرون؟
  • ما هي التحديات التي أواجهها الآن ويمكنني حلها بنفسي (واستخدامها لاحقاً لمساعدة الآخرين)؟
إقرأ أيضاً: 5 أسئلة تحدد هدفك في الحياة

في الختام:

اكتشف كيف تستثمر نقاط قوتك، وافعل ما يثير حماستك، واخدم الأشخاص المحتاجين، وبعد ذلك اتخذ خطوة واحدة نحو الأمام تماشياً مع ما تريد تحقيقه في الحياة.

من المغري قضاء بعض الوقت في التفكير في سبب وجودك في الحياة؛ لكنَّ الأهم من ذلك هو أن تجعل وقتك قيِّماً؛ لذا توقف عن البحث عن هدف الحياة وابدأ بعيش حياتك بتروٍّ.




مقالات مرتبطة