يقول المؤلف والمتحدث الأمريكي "توني روبنز" (Tony Robbins): "تقتضي الأهداف الحياتية السامية التي تتجاوز الحدود المألوفة إدراك الرسالة الوجودية، وامتلاك عزيمة وإصرار للعمل على تحقيقها بصرف النظر عن العقبات والتحديات التي يمكن أن نتعرض لها".
يوشك المؤلف والمتحدث الأمريكي "توني روبنز" (Tony Robbins) على تحقيق هدفه بتوزيع مليار وجبة طعام مجانية بالتعاون مع منظمة "فيدينغ أمريكا" (Feeding America) قبل عامين من الموعد المتوقع لتحقيق هذا الهدف.
قدَّم رجل غريب سلة غذائية لعائلة "توني" عندما كان يبلغ من العمر 11 عاماً، كانت هذه الحادثة بمنزلة مصدر إلهام دفعه إلى اتخاذ قراره بردِّ الجميل ومساعدة الفقراء، أصبح رد الجميل الهدف الأساسي الذي يوجه مسيرته الحياتية، لكنَّه لم يملك أدنى فكرة عن كيفية تحقيقه آنذاك.
قام "توني" بتوزيع سلتين غذائيتين على أسرتين فقيرتين في منطقته عندما كان يبلغ من العمر 17 عاماً، ولقد أيقظت هذه التجربة شعوراً لا يوصف في داخله، وألهمته لتحقيق أهداف سامية تساعده على الحفاظ على هذا الإحساس بعدما أعربت الأسرتان الفقيرتان عن امتنانهما وفرحتهما بالحصول على الطعام، فنجح "توني" في إطعام 4 أسر في العام التالي، ثم ارتفع العدد إلى 10، ثم إلى 4 مليون، و100 مليون حتى وصل إلى المليار في نهاية المطاف.
يجب ألا تكون أهدافك سهلة المنال، بل ينبغي أن تخيفك وتدفعك خارج منطقة راحتك، فهذا يدل على طموحك ورغبتك بإحراز التقدم في حياتك والمساهمة في تحسين العالم من حولك.
يبحث المقال في خطوات اختيار الأهداف العظيمة التي تساهم في تغيير العالم وتبدو خارجة عن المألوف للوهلة الأولى.
السعي إلى تحقيق أهداف عظيمة:
لدى الإنسان حاجة غريزية للتقدم والنمو، والسعي إلى تحقيق أهداف سامية تساهم في خدمة البشرية، فتحقيق النمو والتقدم في الحياة هو الدافع الكامن خلف الجهود المضنية التي يبذلها الفرد في أثناء العمل لتحقيق الهدف، وهذا يعني أنَّ شعورَ الرضى غير مرتبط بالنتيجة النهائية؛ بل هو ينجم عن العطاء والنمو والعمل بشغف خلال رحلة الإنجاز.
يعمل "توني" مع فريقه في الوقت الحالي على إيجاد حل جذري لأزمة الجوع حول العالم، وإطعام 345 مليون فرد محتاج، يعاني حوالي 2 مليار فرد من أزمة المياه الصالحة للشرب، وقد بدأ الفريق بالعمل على تأمين المياه النظيفة لحوالي 250000 شخص في الهند، وهم يبذلون ما بوسعهم لتوسيع نطاق عملهم ليشمل مليون نسمة.
يساعد "توني" في إنقاذ آلاف الأطفال من العبودية عن طريق التعاون مع المنظمات المعنية بالإغاثة وإعادة التأهيل، وقد نجح في مساعدة 29000 طفل حتى الآن، ساهم "توني" في تمويل إنتاج فيلم "صوت الحرية" (Sound of Freedom) وفيه يؤدي الممثل "جيم كافيزل" (Jim Caviezel) دور "تيم بالارد" (Tim Ballard) المناهض ضد الاتجار بالبشر.
تقوم المؤسسة التابعة "لتوني روبنز" برعاية "مؤتمر القمة العالمية للقيادة الشبابية" (Global Youth Leadership Summit) الذي يساعد آلاف الشباب على تنمية مهاراتهم القيادية كل عام.
لا يتوانى "توني" عن إرسال المساعدات الطبية خلال الحروب والأزمات، فيمكن أن تبدو بعض المشكلات مستحيلة الحل، ولكنَّ الإصرار والعزيمة والشغف عوامل كفيلة بتحقيق أي هدف يضعه الفرد نصب عينيه.
شاهد بالفيديو: سبع مهارات اساسية تساعدك على تحقيق أهدافك
يُعد "توني روبنز" من أبرز الشخصيات الملهمة حول العالم بسبب طموحه وأهدافه السامية التي ساهمت في مساعدة شريحة سكانية كبيرة، وفيما يأتي:
3 خطوات أساسية لتحقيق الأهداف السامية:
1. تحديد الغاية السامية التي يخدمها الهدف:
تقتضي الخطوة الأولى تحديد الغاية السامية والدافع الذي سيجبرك على الالتزام بتحقيق هدفك، فيساعد هذا الدافع على تحويل الهدف من طموح تتمنى أن تحققه عندما تتوفر المقومات والظروف المواتية إلى التزام مفروض عليك بصرف النظر عن قسوة الواقع وصعوبة العمل.
يستطيع الإنسان أن يحقق أي هدف يضعه نصب عينيه عند توفر عنصر الدافع الذي لا يكون واضحاً في كثير من الحالات.
ينبغي أن تطرح على نفسك الأسئلة الآتية: "ماذا يمكنني أن أفعل لتحسين العالم من حولي؟ ما هي المساهمة التي يمكن أن أقدمها للعالم؟ ما هو الهدف الذي أتمنى أن أحققه لولا خوفي من الفشل؟"، فتساعد هذه الأسئلة على تحديد الأهداف السامية في الحياة.
لا يقبل الإنسان بعيش الحياة المفروضة عليه؛ فيسعى إلى تغيير واقعه وتحقيق أهدافه عندما يدرك أنَّها واجبٌ وليست مجرد طموح مرهون بالظروف، وتعتمد نجاحات الإنسان في حياته اليومية والمهنية وعلاقاته على عزيمته وإصراره وقدرته على التحمل، فهو يحتاج إلى السعي إلى تحقيق أهداف سامية تخدم البشرية، ويصبح تحقيق الهدف واجباً مفروضاً على الفرد وليس مجرد خيار عندما يكون مرتبطاً بغايات سامية تخدم مصالح البشرية.
2. التخلص من المعتقدات المقيِّدة:
يعجز معظم الأفراد عن تحقيق أهدافهم على أرض الواقع بسبب المعتقدات المقيدة، والمُعتَقد هو شعور يقين تجاه أمور لا تمت للواقع بصلة في كثير من الأحيان، وهذه المعتقدات المقيِّدة هي مصدر الشكوك والمخاوف التي تمنع الفرد من المضي في تحقيق أهدافه، وتجبره على التفكير في خطة العمل عندما يجب عليه أن يركز على الدافع والرسالة السامية التي يؤديها.
لا ينبغي أن تبدأ بالتفكير في طريقة تحقيق الهدف وخاصة عندما يكون واسع النطاق وجديداً وغير مسبوق بالنسبة إليك؛ لأنَّ عقلك الباطن سيقنعك بعجزك عن تحقيقه، وأنت لا تعرف كيف ستحقق هدفك وهو ما يزيد من شكوكك ومخاوفك، فلا يبدأ الإنسان الناجح بالتفكير في طريقة تحقيق الهدف، فهو يدرك أنَّ الخطة تتضح تباعاً عند المضي في العمل.
يتولَّد إحساس اليقين في الجهاز العصبي عندما يكون الهدف والدافع واضحَين ومحدَّدين وقائمَين على أساس منطقي، وهو ما يساعدك على بلوغ مرادك وإلهام الآخرين على المشاركة، فيتطلب تحقيق الأهداف تضافر جهود فريق من الناس، وتحديد غاية ودافع واضحَين ومنطقيَّين من أجل تحفيز شعور اليقين والتخلص من الشكوك والمخاوف.
3. الإيمان بالقدرات والإمكانات:
لا بدَّ أنَّك سمعت بالمقولة الآتية: "يزداد الثري ثراء ويزداد الفقير فقراً"، وهذا لا ينطبق على مسألة المال فقط، إذ يُلاحَظ تزايد مستويات سعادة الفرد السعيد، وتزايد مستويات تعاسة الفرد التعيس، فيمتلك الإنسان قدرات وإمكانات تؤهله لتحقيق جميع أهدافه، ولكن تكمن مشكلة معظم الأفراد في قلة ثقتهم بأنفسهم.
يمتنع الفرد عن اتخاذ التدابير اللازمة عندما لا يكون متيقناً من قدرته على إنجاز هدف ما؛ لأنَّه لا يضمن الحصول على النتيجة المرجوة، فلا يستثمر الفرد في هذه الحالة كامل إمكاناته، ويقل اهتمامه بالفكرة أو الهدف، ويحرز نتائج دون المستوى المطلوب، وهو ما يؤدي إلى ترسيخ اعتقاده بعجزه عن تحقيق الهدف، وتؤدي هذه التجربة إلى تقويض إمكاناته وقدرته على العمل وتحقيق النتائج المرجوة.
ولكن يمكن أن يحدث الأمر بطريقة مناقضة على النحو الآتي:
يتسنى للفرد أن يستثمر كامل إمكاناته ويعمل بجدٍّ عندما يكون متيقناً في قرارة نفسه وواثقاً بقدرته على تحقيق النجاح، ويجب أن يكون هذا اليقين حقيقياً وبعيداً عن التفاؤل المزيَّف حتى يساعد الفرد على تحقيق النتائج المرجوة وترسيخ المعتقدات البنَّاءة التي تعزز قدراته وإمكاناته.
لا بد أنَّك تتساءل كيف ستمتلك يقيناً بقدرتك على تحقيق هدف لم تحققه من قبل؛ عليك امتلاك اليقين عن طريق تخيُّل نتيجة واضحة وحية ومفعمة بالعواطف قبل أن تباشر العمل على الهدف.
يمارس الرياضيون هذه التصورات الذهنية عن طريق تخيُّل عملية إحراز الهدف لعدة مرات قبل أن يحاولوا التسديد؛ لذا ينبغي أن تتخيَّل التجربة بدقة ووضوح بكافة تفاصيلها وحذافيرها لكي يتولد شعور اليقين وتتمكن من تحقيق هدفك على أرض الواقع.
أضف تعليقاً