تتمُّ في هذه المرحلة دراسة وضع الطرف الآخر، وترتيب اللقاءات التي تساعد على التعارف وزيادة المحبة والألفة والتقارُب، وتكون سعادة الطرفين في أوجها خلال هذه المرحلة رغم الصعوبات والتحديات التي لا بدَّ أن تطرأ بين الحين والآخر.
تساعد العوامل البيولوجية على زيادة الحماسة والشغف في بداية العلاقات، لأنَّ الدماغ ينشط عند التعامل مع التجارب الجديدة.
فتور الشغف بين الزوجين:
تفتر الحماسة بين الزوجين بعد عدة سنوات نتيجة عدد من العوامل الحيوية المتعلقة بالهرمونات والكيمياء العصبية، ويزداد إفراز هرمونات الرغبة واللذة في مرحلة التعارف، لهذا السبب يكون الشغف والحماسة في أوجهما، ويبدي كل من الطرفين اهتماماً وفضولاً كبيرَين تجاه الآخر.
تصبح كيمياء الدماغ وعملياته عند الوقوع في الحب مشابهة لحالة "الاضطراب الوسواسي القهري" (obsessive-compulsive disorder)، لهذا السبب يعجز الفرد عن إيقاف التفكير بمحبوبه.
تفتر هذه الحماسة والشغف بعد الزواج، ويمكن تفسير هذه النتيجة بحالة الاستقرار والاطمئنان التي يشعر بها الفرد بعد تحقيق الهدف النهائي من العلاقة، وضمان وجود الشريك في حياته.
يستجيب دماغ الإنسان بحماسة عندما يكون المنبِّه جديداً عليه، ولكن سرعان ما تفتر هذه اللهفة بعد إشباع الفضول والرغبات، ويسيطر التعود واللامبالاة على أجواء العلاقة.
يتعاون الزوجان بعد ذلك على إدارة شؤون الأسرة، ورعاية الأطفال، وتنظيم نشاطاتهم، وترتيب الرحلات والعطل الترفيهية، ويسود الاستقرار والاطمئنان في هذه المرحلة ولكن تصبح الأسرة بمنزلة مؤسسة يتعاون الزوجان على إدارتها دون شغف ولهفة.
هنا يبرز السؤال الآتي: "هل يمكن استعادة مشاعر الشغف والحماسة بين الزوجين؟".
بالطبع هذا ممكن.
الأركان الأساسية للشغف في العلاقات:
لا يستمر الشغف والحب بشكل طبيعي من تلقاء نفسه، بل إنَّه يتطلَّب من كلٍّ من الزوجين بذل الجهود اللازمة للحفاظ على الألفة، والتقارب، والشغف فيما بينهما.
يهتمُّ معظم الأفراد بتنمية حياتهم المهنية، لكنَّهم بالمقابل يهملون علاقاتهم الزوجية ولا يبذلون ما يكفي من الوقت لتحسينها والحفاظ عليها.
لا يتوانى الفرد عن فعل ما يلزم لزيادة رشاقته، وتنمية مواهبه، وتحقيق التقدم في حياته المهنية، لكنَّه غالباً ما يهمل المشكلات في علاقته مع الشريك، وينتظر أن تتحسن من تلقاء نفسها.
لقد أثبتت الأبحاث العلمية دور العلاقة الزوجية الناجحة في زيادة مستويات السعادة، وتحسين الصحة، وإطالة العمر، لهذا السبب عليك أن تتوقف عن إهمال العلاقة، وتبذل ما بوسعك لتحسين الوضع واستعادة الحماسة والشغف.
شاهد بالفيديو: 6 قواعد اساسية لنجاح العلاقة الزوجية
3 أركان أساسية للشغف في العلاقات:
1. الحميمية:
تشمل الحميمية التقارب العاطفي، والتواصل، والتفاهم المتبادل، والقدرة على تسوية النزاعات، والشعور بالألفة والاطمئنان بين الزوجين.
2. الحماسة:
تشمل الحماسة مشاعر التوق، والإثارة، والشوق، واللهفة للقاء الشريك في نهاية اليوم.
3. الألفة الجسدية:
يضم هذا النوع من الألفة ممارسات التقارب الجسدي بين الشريكين مثل الاحتضان، والعلاقة الزوجية.
تتوفر أركان الشغف آنفة الذكر في الزواج الناجح، ويؤدي غياب أحدها إلى حدوث خلل وفتور في العلاقة بين الزوجين؛ لذا يجب عليك أن تدرس علاقتك مع الشريك وتحدد جوانب القوة والضعف فيها.
تفتر بعض العلاقات عند غياب عامل الحماسة بين الزوجين حتى لو كانت عناصر الحميمية والتقارب والتواصل متوفرة، ويحدث هذا الفتور أيضاً عند غياب التقارب والتفاهم بين الزوجين حتى لو كانت الحماسة والشغف في أوجهما؛ لذا يجب أن يوازن الزوجان بين هذه الأركان الأساسية لضمان استمرارية الشغف والحماسة فيما بينهما، فيشعر بعض الأزواج بالإحباط نتيجة الفتور الذي يصيب العلاقة، وهذا يستدعي إعادة الشغف إلى العلاقة.
الشغف هو مهارة يمكن اكتسابها وتنميتها، وهي تتطلب التصميم، والعزم على بذل الجهود اللازمة، والعمل على تحسين الوضع على الفور دون تأجيل، فيجب أن يكون الحب ممارسة وفعلاً يجب أن تعطيه حقه من الوقت والمجهود، وتبذل ما بوسعك لتحسين جوانب الضعف في الأركان آنفة الذكر.
وضع أهداف يومية للعلاقات:
يقتضي الحل التزام كل من الزوجين بوضع أهداف يومية للعلاقة، مثل ضبط الانفعالات والتحدث بنبرة هادئة ولطيفة عند الشعور بالضيق ونفاد الصبر خلال اليوم.
لذا عليك أن تلتزم بتخصيص بضع دقائق كل صباح مع الشريك لوضع الأهداف اليومية الخاصة بالعلاقة، ويمكن أن تشمل هذه الأهداف التخطيط لتناول العشاء في الخارج، أو الترحيب الحار بالشريك عند عودته إلى المنزل بعد انتهاء عمله على سبيل المثال.
تقتضي الخطوة التالية تخصيص بضع دقائق في نهاية اليوم لمراجعة التقدم، والتأكد من تطبيق الأهداف، والالتزام بها، والتفكير في إمكانية تعديلها وتحسينها وزيادة قابليتها للتطبيق على أرض الواقع.
في الختام:
ليس ثمة أسهل من الوقوع في الحب، ولكن يكمن التحدي الحقيقي في الحفاظ عليه، ويتطلَّب الحفاظ على الحب التخطيط والالتزام وبذل المجهود اللازم للتغلُّب على المشكلات وتنمية العلاقة.
أضف تعليقاً