16 عادة على كل من يريد تحقيق النجاح أن يقلع عنها

لا يحتاج تحقيق النجاح غالباً إلى بذل مزيدٍ من الجهود بقدر ما يحتاج إلى التوقف عن إضاعة الوقت؛ لكن قد يكون من غير البديهي في ثقافةٍ بُرمِجَت فيها عقولنا على تنفيذ كلِّ شيء "دفعةً واحدة" أن تَقِلَّ الجهود المبذولة، فهذا يتعارض مع كلِّ ما يُطلَب منَّا من بذلٍ لأقصى ما بوسعنا وإحراز مزيدٍ من الإنجازات.



لقد تعلَّم شخصٌ عاش قبل نحو ألفي عامٍ تقريباً أن يطبِّق فنَّاً راقياً يُعرَف باسم فن "الإقلاع"، وقد تمكَّن من خلال التوقُّف عن ممارسة العديد من العادات والتصرفات "الطبيعية" من تجاوز تحدياتٍ جسيمة.

وضع "ماركوس أوريليوس" (Marcus Aurelius) -إمبراطور روما الذي حكمها بين عامَي 161-180 ميلادي- يده على جميع ثروات روما، وهو أمرٌ لم يسبقه إليه أحد؛ لكنَّه حَمَل أيضاً عبء الإمبراطورية كلِّها، وقضى حياته في مواجهة مواقف عصيبةٍ وغامضة تتطلب اتِّخاذ قرارات قد ينهار بسببها معظم الرجال تحت الضغط، ولطالما فقدَ أشخاصاً عزيزين على قلبه، منهم: أبواه اللذَان تُوفِّيا في وقتٍ مُبكِّر، وزوجته، وحتَّى عدة أولادٍ تُوفُّوا في سنٍّ صغيرةٍ جدَّاً.

لقد شهدَت حقبته آثاراً مُدمِّرة سبَّبها الطاعون والمجاعات، وقد كانت الحروب تندلع دائماً في عصره، لا سيما مع الإمبراطورية الفارسية في الشرق والبرابرة في الشمال؛ كما اضطر أيضاً إلى التعامل مع "أفيديوس كاسيوس" (Avidius Cassius) الجنرال الخائن الذي حاول أن يزيحه عن العرش.

كيف نجا؟ "بالفلسفة وحدها" مثلما قال، حيث تمكَّن من خلال التحلي بضبط النفس من العثور على حلولٍ لجميع المشكلات، وتمكَّن من خلال بذل جهودٍ أقلَّ من العثور على طريقةٍ لتحقيق مزيدٍ من الإنجازات.

لحُسن الحظ، عرفنا هذا الإمبراطور بفضل نجاة مذكراته بأعجوبة قبل نحو ألفي عام، وقد جُمِعَت في عملٍ مميَّز أُطلِق عليه اسم "التأملات" (Meditations)؛ لذا دعنا نلقي نظرةً على طريقة تعامل ماركوس مع العقبات التي واجهته خلال حياته وكيف تجاوزها من خلال 16 اقتباساً مختلفاً من كتاب "التأملات":

1. توقَّف عن الاهتمام بما يقوله الآخرون:

"ادخل إلى عقولهم وسترى الأحكام التي تخشى جدَّاً أن يُصدرها الآخرون بحقك، والأحكام التي أصدروها بحق أنفسهم بعد تفكيرٍ متأنٍّ".

ماذا يعني وجود شخصٍ يكرهك؟ لا يعني شيئاً بالتأكيد، إذ ثمَّة 7.6 مليار شخص آخر في هذا العالم يمكنك أن تُصادقهم؛ لذا ركِّز اهتمامك على تطوير نفسك كلَّ يوم، وسيقصدك الناس ليَشهدوا سلوكك الجديد الرائع.

2. توقَّف عن بذل كثيرٍ من الجهود:

"إذا كنت تبحث عن الطمأنينة، فابذل جهوداً أقل، أو بعبارةٍ أدق: ابذل الجهود الضرورية بالطريقة المطلوبة -الجهود التي يحتاج إليها تطبيق الشعارات التي يؤمن بها البشر بصفتهم كائناتٍ اجتماعية-. يمنح بذل جهودٍ أقل وممارسة الجهود بطريقةٍ أفضل الإنسانَ إحساساً مُضاعفاً بالرضا؛ ذلك لأنَّ معظم الأعمال التي نؤديها والكلمات التي نقولها ليست ضرورية، وإذا استطعتَ التخلَّص منها، فستنال مزيداً من الوقت والطمأنينة؛ لذا اسأل نفسك كلَّ لحظة: هل هذا ضروري؟".

بُرمِجَت عقولنا في ثقافةٍ تُفضِّل "النشاط على الكسل" على الاعتقاد بأنَّ القيام بعملٍ ما مهما كان، أفضل من عدم القيام بأيِّ شيء؛ لكن ما ثمن أسلوب الحياة المليء بالمشاغل هذا؟ أتَصْرِف انتباهك بعيداً عن التعامل مع المشكلات الحقيقية التي بين يديك؟ أم تشغل نفسك بمهام تافهة عوضاً عن التصدي لأكبر المخاوف والمشكلات؟

كتب المؤلِّف "كريج مكيون" (Greg McKeown) متحدِّثاً عن النظرية الجوهرية: "الجوهرية هي مفتاح الحياة العظيمة؛ فإذا أحسست بأنَّك تبذل أقصى ما بوسعك بلا جدوى، فأجرِ عملية جَردٍ لتحديد الأعمال التي تركِّز عليها جهودك، وركِّز اهتمامك على نشاطٍ واحد وأدِّهِ بشكلٍ جيد عوضاً عن تشتيت جهودك في ممارسة العديد من الأنشطة، وراقب بعد ذلك التقدُّم الذي تحرزه من خلال تركيز جهودك على عدد أقل من المهام.

إقرأ أيضاً: أسطورة تعدد المهام: لماذا تؤدي أولويات أقل إلى عمل أفضل؟

3. توقَّف عن التدخُّل في شؤون الآخرين:

"لا يوجد أحدٌ أكثر إثارةً للشفقة من الأشخاص الذين يدورون في الحلقة نفسها بحثاً عمَّا يخفى من الأمور، ويُفتِّشون في أرواح مَن حولهم من الأشخاص، ولا يدركون أبداً أنَّ كلَّ ما هو مطلوب منهم: الانتباه إلى الطاقة الموجودة في داخلهم وتقديرها حقّ قدرها".

لماذا تشغل نفسك بمشكلات الآخرين إلى هذا الحدّ؟ أتفعل هذا حتى تمدَّ يد المساعدة فعلاً، أم كي تشتت انتباهك بعيداً عن مشكلاتك؟ إذا كان الذين تقدم لهم المساعدة يحتاجون إليها فعلاً، فقدِّمها لهم؛ أمَّا إذا كانوا لا يستطيعون شقَّ طريقهم وحدهم وليسوا مستعدِّين للتغيير، فدعهم وشأنهم، وركز اهتمامك على نفسك وعلى العمل والعائلة، ومارس كلَّ يومٍ عملاً يجعلك إنساناً أفضل، وكن خير نموذجٍ يُحتذَى به من خلال التميُّز في العمل.

4. توقَّف عن السعي خلف المتعة، واسعَ إلى تحقيق الهدف:

"لماذا وُلِدت؟ أمِن أجل المتعة؟ انظر إن كانت الإجابة ترتقي إلى مستوى السؤال".

تُعَدُّ المتعة من الأمور التي يُبالَغ في تقديرها، وإنَّنا نراها اليوم حاضرةً في كلِّ مكان، وقد تعطل لدينا الإحساس بها؛ إذ إنَّنا نجلس في أجواءٍ مضبوطةٍ بشكلٍ مثالي تبلغ درجات الحرارة فيها 20 درجة مئوية، ونطلب الطعام فيصلنا خلال دقائق، ونحتسي لتراتٍ من مشروبات الطاقة؛ وكلُّ ذلك ونحن ننتظر ضغطات الإعجاب والحُب على وسائل التواصل الاجتماعي. لقد أضحى السعي إلى الحصول على جرعةٍ سريعةٍ من المتعة الآنية إدماناً يشبه إدمان الهيروئين، ويَقِلُّ استمتاعنا بها في كل مرَّةٍ نحصل فيها على هذه الجرعة.

ابحث عن الشيء الذي يمنحك الإحساس بالرضا عوضاً عن تركيز الاهتمام على المُتعة العابرة، سواءً كان إنجازاً يبقى أثره وقتاً طويلاً أم معنىً يدفعك إلى المُضِيِّ قُدُمَاً في الحياة على طريق تحقيق النجاح.

5. توقَّف عن التفكير في الهُراء:

"تحدد الأفكار التي تجول في رأسك نوعية عقلك، وتتلوَّن الروح بلون هذه الأفكار".

إذا كانت الروح تتلوَّن بلون الأفكار، فما الأثر الذي تتركه متابعة الأخبار في العقل؟ وما الانطباع الدائم الذي سيَظلُّ في عقلك بعد متابعة كلِّ هذا الجنون الذي نراه عبر شاشات التلفاز؟

إذا كنت تعير اهتمامك لعناوين الأخبار، فستعتقد في النهاية أنَّ العالم يخرج عن السيطرة، وأنَّ الأمور لم تكن قَطُّ أسوأ ممَّا هي عليه اليوم؛ حيث انتشرت الحرب انتشار النار في الهشيم، وأضحى الكره وباءً، وتَفَشَّت الجرائم في كلِّ مكان.

أَأَنت نرجسيٌّ حتى تعتقد أنَّ المعاناة التي تُحِس بها في هذا الوقت جسيمة وغير مسبوقة؟ فماذا إذاً عن الناس الذين عاشوا وماتوا خلال الحربين العالميتَين؟ وماذا عن كلِّ الأهالي الذين واجهوا طيلة عقودٍ احتمال وفاة طفلٍ في سنٍّ صغير من بين كلِّ أربعة أطفال لديهم؟

نحن نميل إلى التفكير في أنَّ ما نعانيه فريدٌ من نوعه، لكنَّه في الحقيقة ليس كذلك؛ فالوضع الآن أفضل بشكلٍ ملموس ممَّا كان عليه في أيِّ وقتٍ مضى.

يُثبِت أستاذ علم النفس في جامعة هارفارد "ستيفن بينكر" (Stephen Pinker) في كتابه الجديد الذي يحمل عنوان "التنوير الآن" (Enlightenment Now)، أنَّ معدلات اندلاع الحروب انخفضت انخفاضاً حادَّاً منذ عام 1946، وأنَّ معدلات جرائم القتل في الولايات المتحدة انخفضت منذ عام 1992، وأنَّ معدلات الوفيات والمجاعات والفقر المُدقع والأمية والقمع انخفضَت جميعاً حينما قيسَت بمقياسٍ ثابت؛ صحيحٌ أنَّها لم تنخفض إلى الصفر، لكنَّها انخفضَت انخفاضاً كبيراً".

املأ عقلك بالمعرفة، وابحث عن الجانب الخيِّر في الحياة، وسيذهلك انزياح مشاعر القلق عن قلبك ويغير نظرتك إلى الحياة.

إقرأ أيضاً: 7 طرق لتبنّي التفكير الإيجابي كمنهج حياة

6. توقَّف عن تحديد النتائج:

"لا ينبع الإحساس بالانزعاج إلَّا من داخل نفوسنا، ومن التصورات التي في عقولنا".

يعتقد ماركوس -مثل جميع أتباع المذهب الرواقي- أنَّ ما يحدث في الحياة ليس خيراً أو شرَّاً، وأنَّ تصوراتنا وحدها تجعل أمراً ما خَيِّراً أو شرِّيراً؛ لذا بإمكانك أن تحدد إن كان أمرٌ ما فظيعاً أم لا، أو أن تختار التعامل مع حدثٍ ما بوصفه فرصةً للتعلُّم.

لقد قرر عالم النفس "فيكتور فرانكل" (Victor Frankl) ألَّا خير يمكن أن يُرتَجى من التفكير في تجربته التي خاضها في معسكرات الاعتقال خلال الحرب العالمية الثانية؛ لكنَّه اتَّخذ قراراً بأن يستوعب المعلومات التي جمعها خلال عمله كعالم نفس، وأن يطبِّقها على تجربته التي خاضها في معسكرات الاعتقال.

لقد تمكَّن من خلال الاستفادة من تجربته في المعسكرات من مساعدة الأشخاص الآخرين الذين خاضوا تجارب مأساوية في العثور على الخير الكامن في المآسي، وكانت لديه من خلال هذا الهدف الرغبة في النجاة من المعسكرات وتحقيق النجاح بعد الخروج منها، وقد وجد أنَّه لم يكن هناك مفرٌّ من الموت بالنسبة إلى أولئك الذين لم يتمكَّنوا من العثور على غايةٍ ما في أثناء تواجدهم في المعسكرات.

7. توقَّف عن الإحساس بأنَّ مشاعرك قد جُرِحَت:

"اختر ألَّا تُحِسَّ بأنَّك تعرضتَ إلى الأذى، ولن تُحِسَّ بأنَّك تعرضتَ إليه؛ وألَّا تُحِس بأنَّك تضررت، ولن تتضرر. توقَّف عن الإحساس بالألم الذي تتخيَّله، وستظلُّ معافىً تماماً".

هل أهانك شخصٌ ما؟ أيتحدثون عنك في غيابك؟ لا تكترث لهذا، وافعل ما هو مناسب، وركِّز اهتمامك على الأمور التي تُطوِّرك.

تستطيع قضاء عددٍ لا يُحصَى من الساعات في التفكير في الكلمات التي قالوها، وتستطيع القيام بعملٍ مثمرٍ يطوِّر شخصيتك؛ وستندهش حينما ترى كيف أنَّ المشكلات تختفي فجأةً بعد أن تركز اهتمامك على الأمور الضرورية، وعلى تطوير حياتك.

8. لا تتلكَّأ:

"حينما تواجه مشكلةً في النهوض من السرير عند طلوع الفجر، قل لنفسك: "يجب عليَّ أن أذهب إلى العمل مثل بقية البشر"؛ فما الذي يجب عليك أن تتذمر بشأنه إذا كنت ستؤدي العمل الذي خلقك الله لتأديته، والذي أتيت إلى هذه الدنيا من أجله؟ أم أنَّك خُلِقت للنوم تحت غطاءٍ على سريرٍ دافئ؟".

نتمنَّى جميعاً في بعض الأحيان أن نبقى في أسرَّتنا، وألَّا نغادرها أبداً؛ لكن ما المفيد في ذلك؟

نرى العديد من الناس اليوم قانعين بالاختباء تحت الأغطية -مجازياً- لسببٍ أو لآخر، لكنَّ الشيء الهام هو أن تبدأ، لذا انزع عنك غطاء الراحة، وانطلق.

إقرأ أيضاً: 8 طرق للاستفادة من صباحاتك

9. توقَّف عن مراعاة مشاعر الغرور:

في إشارةٍ إلى أبيه بالتبنِّي "أنتونيوس": "لقد كان متسامحاً مع الأشخاص الذين شكَّكوا صراحةً بآرائه، ويفرح عند رؤية أفكاره تتطوَّر".

ما الذي يعنيه النِقاش المُحفِّز؟ إنَّه ذلك النوع من النقاشات التي تتضمَّن الاحترام، وغياب الانفعالات، والاهتمام الصادق بفهم الشخص الآخر، وما يمكن أن تقدمه لك وجهة نظر الشخص الآخر ورأيه.

نسارع في أجواء اليوم إلى إطلاق الأحكام بحقِّ الآخرين اعتماداً على رأيٍ واحدٍ من آرائهم؛ لكنَّ المشكلة هي أنَّه من الهام أن نفهم فهماً كاملاً رأي الشخص؛ ذلك لأنَّه من غير الممكن أن نعرف جميع تجارب حياته التي أدَّت إلى تبنِّيه تلك الآراء.

لكن إذا أنصت، فلديك فرصة التعلُّم وفهم ما يدور في خلده بشكلٍ أفضل؛ فحينما يطرح شخصٌ ما رأياً مخالفاً لرأيك، توقَّف عن الافتراض بأنَّه مخطئ، وتوقَّف عن الافتراض بأنَّ المسألة شخصية حينما يشكك أحدٌ ما بآرائك؛ إنَّما تعامل مع مثل هذه المواقف بوصفها فرصاً للتعلم وتوسيع مدارك الذهن.

10. توقَّف عن محاولة القيام بكلِّ شيءٍ وحدك:

"لا تخجل من الحاجة إلى المساعدة؛ إذ لديك مَهمَّة يجب عليك أن تنجزها مثلما يفعل جنديٌّ يهاجم سوراً؛ فإذا أُصِبت واحتجتَ إلى رفيقٍ يسحبك، فماذا تفعل؟".

إذا كان إمبراطور روما متواضعاً بما يكفي لطلب المساعدة، فلماذا لا يمكن أن تكون أنت كذلك؟

كان "بول دورهام" (Bull Durham) -الذي أدَّى شخصيته الممثل كيفين كوستنر (Kevin Costner)- جامعَ كراتٍ في فيلم "بيسبول" (أو كرة القاعدة) الذي عُرِضَ في عام 1988، وقد اقترب على التل من قاذف كرات شاب عنيد -أدَّى دوره تيم روبنس (Tim Robbins)- وقال الكلمات الحكيمة التالية: "لا تحاول إقصاء الجميع؛ فالإقصاء عملٌ ممل، ناهيك عن أنَّه فاشل".

الفكرة هي أن تدع أعضاء الفريق يشاركون معك؛ إذ ستسُدُّ من خلال طلب مساعدة الآخرين نقاط الضعف التي لديك بنقاط القوة التي لديهم، فتخيل أيَّ مدى ستبلغون معاً.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن للمتفائلين والمتشائمين أن يشكلا فريقاً متكاملاً ناجحاً

11. توقَّف عن التفكير في المستقبل:

"انسَ المستقبل، وحينما يأتي -إذا أتى- ستكون لديك الموارد نفسها التي تعتمد عليها، والشعارات نفسها التي تؤمن بها".

إنَّه لمن السهل أن يحاصرك المجهول، وحينما تمتنع عن اتِّخاذ خطوة البداية، قد يصبح العدد غير المحدود من الخيارات المطروحة خانقاً؛ فالخوف من المجهول يتمثَّل في أغلب الأحيان في الخوف من ألَّا ترى الطريق أمامك.

عانى الدكتور "درو بينسكي" (Drew Pinsky) في أثناء دراسته في كلية الطب من نوبات هلعٍ مُنهِكة، ولقد أثقل كاهله النظر بعيداً في طريق المستقبل عوضاً عن تركيز الاهتمام على الخطوة القادمة التي يجب عليه أن يخطوها، وقد كان علاج هذه النوبات بسيطاً جدَّاً؛ إذ تخيَّل أنَّه يبني بيتاً من الطوب، وعوضاً عن الانتقال سريعاً إلى النهاية والتفكير في السقف والتفاصيل الدقيقة ركَّز اهتمامه على وضع أول حجر في رحلته في كلية الطب، ثمَّ ركز الاهتمام بعد أن وضع هذا الحجر على الحجر التالي في رحلته داخل الكلية، والذي يُقرِّبه أكثر من نيل الشهادة.

لذا ركِّز الانتباه على تحديد الهدف، واسعَ إلى بلوغه حجراً تِلوَ حجر.

12. توقَّف عن مقارنة نفسك بالآخرين:

"تعامل مع الأشياء التي لا تمتلكها كما لو أنَّها غير موجودة، وانظر إلى الأشياء التي تمتلكها وإلى الأشياء التي تحظى بأعلى درجات التقدير لديك، وتذكَّر كيف كنت ستتمنَّى وجودها لو لم تكن تمتلكها؛ لكن انتبه من الوصول إلى درجةٍ من الشعور بالرضا تبدأ معها المبالغة في تقدير هذه الأشياء".

إنَّه لمن المستحيل تقريباً في عالم فيسبوك وإنستغرام ألَّا تقارن نفسك بالآخرين، لكن تذكَّر أنَّ ما يُنشَر على هذين الموقعَين هو فقط الأشياء التي يريد منك ناشروها رؤيتها؛ فإذا رأيت أنَّك تَحسُد الناس دائماً على ما يملكون، أعِد ترتيب أفكارك، وخصص وقتاً لتدوين الأشياء التي تشكر الله على وجودها في حياتك، وركِّز الاهتمام على الأشياء التي تمتلكها مهما كانت صغيرةً أو ضئيلة؛ وسيتحول عقلك من تركيز الاهتمام على الأشياء النادرة إلى تركيز الاهتمام على الأشياء المتوفرة، وستُحِسُّ برضىً أكبر عن جميع مُتَع الحياة الموجودة التي تتمتع بها، والتي غيَّبها النسيان عن ذهنك.

افعل مثلما تفعل العَدَّاءة "شانون روبيري" (Shannon Rowbury) قبل التوجُّه إلى السرير: اكتب ثلاثة أشياءٍ تَحمَد الله لحدوثها خلال اليوم، وانظر كيف سيتحسَّن مزاجك.

إقرأ أيضاً: المقارنة لص يسرق السعادة من حياتك

13. توقَّف عن تأجيل أهم الأعمال:

"حتى لو كنت ستعيش ثلاثة آلاف عامٍ أخرى، أو عشرة أضعاف ذلك؛ تذكَّر أنَّك لا تستطيع أن تفقد حياةً أخرى غير التي تحياها الآن، أو أن تعيش حياة أخرى غير التي تفقدها الآن".

في فيلم "فوق" (Up) اللطيف جدَّاً الذي عُرِضَ في عام 2009، يقرر السيد فريدريكسن -الشخصية الرئيسة في الفيلم- في سنوات عمره الأخيرة أن يخوض أخيراً مغامرة العُمر التي حلم هو وزوجته عقوداً بأن يخوضاها، والتي كانت السفر إلى أرض العجائب الاستوائية التي تُدعَى "شلالات الجنة".

كانت المشكلة الوحيدة أنَّهما انتظرا الرحلة طويلاً جدَّاً، وبعد سنواتٍ من تأجيل الأحلام تمرض السيدة فريدريكسن وتموت.

لم يتحلَّ السيد فريدريكسن بالشجاعة لخوض هذه المغامرة البطولية أخيراً إلَّا بعد أن فقد أغلى الناس على قلبه؛ لذا فكِّر في العمل الذي لو أجَّلته، فإنَّه سيتحوَّل إلى مأساةٍ إذا لم تتمكَّن أبداً من تنفيذه؛ وتخيَّل الإحساس المريع الذي ستشعر به، وقم الآن وخطط لتنفيذه.

14. توقَّف عن التواجد في كلِّ مكان:

"قدِّم هديةً لنفسك، وعش لحظة الحاضر".

أطفئ الهاتف، وانظر حولك، وكن مع مَن حولك مِن الناس، وقم بأجمل ما يمكن من أشياء مع عائلتك من خلال تكريس انتباهك لهم بشكلٍ كامل.

15. توقَّف عن خسارة السيطرة:

"لا تُعِر اهتمامك لأيِّ شيءٍ مهما كان، إلَّا الشعارات التي تؤمن بها؛ وواظب على ذلك في جميع الظروف".

يقول أشهر خبراء التأمُّل أنَّ الأفكار الرائعة لا تجول إلَّا في العقول الهادئة، حيث يؤدي التفكير بعقلٍ يسيطر عليه الهدوء إلى التوصُّل إلى أفكارٍ واضحة، ويؤدي وضوح الأفكار إلى اتِّخاذ قرارات عظيمة.

لكن لا يعني هذا التخلي عن العواطف، بل الانتباه إلى العقل والجسد؛ فإذا تابعتَ أعظم المدربين الرياضيين في أيامنا هذه، فستراهم ثابتين وهادئين في جميع المواقف، ويبدون عزماً لا ينثني في أيِّ مباراةٍ وتحت أيِّ ظرف.

غالباً ما يتحدث هؤلاء بشكلٍ مقتضبٍ ولغةٍ مضحكة، ويكون حديثهم مع الصحافة ومع المتشائمين أكثر اقتضاباً؛ إذ لا يكتفي هؤلاء المدربون بمعرفة أنَّ هدوء العقل يؤدي إلى اتخاذ قراراتٍ عظيمةٍ فحسب، بل يُطبِّقونه.

نستطيع من خلال الحفاظ على السيطرة وتركيز الاهتمام على الشعارات التي نؤمن بها، تحليل الموقف تحليلاً دقيقاً، واتِّخاذ القرار المناسب الذي لا يستطيع أحدٌ غيرنا تقريباً اتِّخاذه.

16. توقَّف عن التظاهر بالاندهاش:

"يتصرف الأشخاص الفَظُّون تصرفاتٍ فَظَّة، فما الغريب أو ما الشيء غير المسبوق في ذلك؟ ألستَ أنت من يتحمل مسؤولية عدم توقُّع تصرفهم بهذه الطريقة؟".

كم مرَّةً يجب على الشخص أن يكرر سلوكاً معيناً قبل أن تدرك أنَّه يمارسه؟ يُعَدُّ التصرف بحيرةٍ وادِّعاء الدهشة من علامات الكسل؛ إذ لا يحتاج الأمر إلى بصيرةٍ لتدركه؛ لذا توقَّع ما سيحدث، وكن مستعدَّاً.

  • كيف ستتعامل مع تلك الإهانة؟ برَويَّة.
  • كيف ستتجاوز عقبةً ما؟ بأفكارٍ واضحةٍ ومدروسة.
  • كيف ستتعامل مع آخر الأخبار العاجلة الكارثية؟ حسناً؛ لست مضطراً إلى ذلك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة