16 حقيقة خالدة عن الحرية المالية

عملتُ في السنة الأولى التي تلت تخرّجي من الجامعة، في قطاع العقارات التجارية؛ حيث كنت أتقاضى عمولة مباشرة من دون راتب ثابت؛ وهو ما ترتّب عليه أن أتضور جوعاً في بداية الأمر، لكن حدث أن بدأت تنهال علي العمولات فيما بعد، لأجنيَ في تلك السنة مبلغ 50 ألف دولار. لقد اعتقدت في حينه، أنَّ هذا المبلغ يكفي من أجل الادّخار والاستثمار وتكوين ثروة ذات يوم. بيد أنَّي قد واجهت مشكلةً صغيرة واحدة؛ فقد تجاوزَ مجموعُ مصروفاتي مجموعَ إيراداتي. "لا مشكلة"، قلت لنفسي؛ كل ما أحتاجه هو كسب المزيد من المال. لأجني مبلغ 75 ألف دولار في السنة التالية، لكن مرة أخرى؛ حدث وأن تجاوزَ مجموعُ مصروفاتي، مجموعَ إيراداتي. وبدا لي أنَّني كلما جنيت أكثر، رحتُ أنفق أكثر.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن مقال نشره المؤلف والمستشار المالي ديفيد باخ، والذي يستند في قسمٍ كبيرٍ منه على كتابه "كيف تكون ثرياً" وكتاب "THE LATTE FACTOR".

أصبحتُ بعد مضي بضع سنوات مستشاراً مالياً يجني مئات الآلاف من الدولارات، ظننت أنَّني سوف أكون بوضعٍ مثالي، لكنَّني وجدت نفسي أنَّني ما زلت لا أستطيع دفع معدل إنفاقي إلى نقطة تمكنني من توفير أي مبلغ محترمٍ من المال. وبقيت على تلك الحالة إلى أن جاء اليوم الذي التقيت فيه كُلَّاً من "جيم" و"سو" ماكنتاير.

حين حضر جيم إلى مكتبي في سن 52 رفقة زوجته سو لمعرفة إمكانية تقاعده مبكراً، أُصبتُ بالدهشة؛ إذ لم يجنِ جيم مطلقاً أكثر من 55 ألف دولار سنوياً في حياته كلها، في حين كنت أحصل أنا على ما يزيد عن مئة ألف في سنة واحدة؛ بيد أنِّي لم أوفر شيئاً.

لذا كنت شبه واثق من أنَّني سأبلغ جيم وزوجته بأنَّهما لا يستطيعان التقاعد في وقت مبكر؛ وبإمكانك طبعاً أن تتخيّل مدى صدمتي حينما اكتشفت بأنَّهما في حقيقة الأمر: "من أصحاب الملايين". إذ كانا يمتلكان منزلين اثنين؛ أحدهما يعيشان فيه، والآخر يؤجرانه. لقد وفَّر جيم أكثر من نصف مليون دولار من مدّخرات تقاعده، ووفر أكثر من ذلك المبلغ في حسابات تقاعدهما المشتركة. وكان الزوجان قد أدخلوا أولادهم إلى الجامعات من دون أي قروض طلابية؛ أضف إلى ذلك أنَّهما لم يكونا مديونين لأحدٍ ولو بدولارٍ واحد!

لقد كان ذلك الاجتماع بمثابة لحظة كشفٍ بالنسبة إلي؛ فقد أصبح جيم وسو أثرياء للغاية بالاعتماد على مدخول عادي، بينما كنت من ناحية أخرى؛ غنيّاً في الظاهر، لكنَّني في الحقيقة كنت أعيش من الراتب إلى الراتب. لذا قررت حينئذٍ أن أغير عقليتي وسلوكي لكي أكون أكثر شبهاً بعائلة الماكنتاير، وبذلك أصبحت مليونيراً عصامياً. ومنذ ذلك الحين، كرست عملي وحياتي لمساعدة الآخرين على العيش بثراء، والتقاعد بثراءٍ أيضاً.

فقمت منذ ذلك الحين بكتابة سلسلة من 10 كتب أصبحت فيما بعد ضمن أكثر الكتب مبيعاً في قائمة صحيفة نيويورك تايمز. وحين بلغت 52 عاماً، صرت أعمل متى ما أشاء؛ ذلك لأنَّني على غرار عائلة الماكنتاير، كنت قد "اشتريت" حريتي المالية.

إنَّ الدروس التي تعلمتها خلال رحلتي تلك، هي ما جعلت هذا الواقع ممكناً؛ وبإمكانك أنت أيضاً أن تجعل الحرية المالية حقيقة واقعة بالنسبة إليك. سأخبرك في هذه المقالة عن 16 حقيقة ثابتة يمكن لأيِّ شخص -بصرف النظر عن دخله- استخدامها للعيش والتقاعد بثراء.

إقرأ أيضاً: 13 أمر يُمكنك تحقيقه بأموالك قبل سن الأربعين

1- أنفق أقلَّ ممّا تجني وستكون حياتك أكثر سهولة وأقلّ توتراً:

هذا هو أكبر درس تعلمته من عائلة الماكنتاير: إنَّ الأمر لا يتعلق بما تجنيه، وإنَّما ما توفره؛ فهو ما يُحدّد ما إذا كنت ستقوم بتكوين ثروة. من الناحية النسبية، لم تكن عائلة الماكنتاير يجنون الكثير من المال، بيد أنَّهم أجادوا توفيرَ ما جنوه.

قبل أن أقابل عائلة الماكنتاير، كنت أستأجر سيارة جاكوار حديثة الطراز، وشقة في سان فرانسيسكو؛ لكنَّني كنت أرزح تحت ضغوطاتٍ شديدة. بيد أنَّني حين غيَّرت عقليتي وركزت أكثر على توفير أموالي واستثمارها بدلاً من إنفاقها على أشياء لا أحتاجها، قلَّت ضغوطاتي.

2- ادفع لنفسك أولاً، احتفظ يومياً بما قيمته أجر ساعة من دخلك اليومي:

في كتابي "The Latte Factor"، أروي حكايةً رمزية تتحدث عن زوي دانييلز؛ فتاة من جيل الألفية تعمل في مدينة نيويورك وتجني دخلاً محترماً؛ بيد أنَّها -حالها حالي حينما كنت في سنها- تعيش من الراتب إلى الراتب. ومن ثم تلتقي زوي بعامل مقهى اسمه هنري؛ والذي سيصبح مرشدها.

أولى الدروس التي علمها هنري لزوي هي فائدة أن تكون أنانية مالياً؛ إذ علمها أنَّ سر بناء الثروة يتلخص في ثلاث كلمات: ادفع لنفسك أولاً. حينما تقبض راتبك؛ فإنَّ أوَّل شخص يجب أن تدفع له هو "أنت". قم تلقائياً بإيداع أجر ساعة عن كل يوم من الشهر في حسابك التقاعدي.

إذا قمت بحسبة بسيطة، فإنّ هذا الأمر سيوفّر لك %12.5 من إجمالي دخلك السنوي القائم.

3- لا تضع ميزانية، بل أَتْمِتْ حياتك المالية:

ما فعلته عائلة الماكنتاير -وما قمت به أنا شخصياً- هو أتمتة عملية توفير الأموال. إحدى الأساليب المتبعة في القيام بذلك هو اقتطاع مبلغ من الراتب بشكل آلي (تلقائي) من قِبَلِ البنك، ومن ثم إيداعه في حسابك التقاعدي من دون أي تدخل شخصي من قبلك.

أمَّا إن أردتَ توفير المال من خلال كتابة شيك بالمبلغ الذي تريد توفيره، أو إيداع هذا المبلغ في أحد الأدراج؛ فلن يتم ذلك على المدى الطويل. لكن ولحسن الحظ، من السهل توفير الأموال تلقائياً؛ إذ تساعدك العديد من التطبيقات على القيام بذلك، وتقوم بتحويل المبلغ الذي تريد إيداعه في حسابك التقاعدي في غضون بضع دقائق.

إقرأ أيضاً: 10 أمور يمكنك أن تتعلمها عن المال في 10 دقائق من شأنها أن تغير حياتك

4- استثمر بدلاً من أن تقترض: فالمستثمرون يصبحون أثرياء، والمقترضون يبقون فقراء:

يوجد نوعين من "السلالم المتحركة" -مجازياً- التي توصلك إلى بناء الثروة: امتلاك الأسهم، وامتلاك العقارات. السُّلَّمانِ اللذان ينقلانك لأعلى هما هذين الفئتين من الأصول؛ أمَّا السلم الذي ينقلك إلى أسفل هو: الديون المعدومة (Bad Debt). لكن لماذا؟

إنَّ الأمر بسيط للغاية: يزداد الأغنياء غنىً لأنَّ النظام المالي العالمي مصمم بحيث ترتفع هاتان الفئتان من الأصول. فإذا لم يكن لديك أسهم أو عقارات، فأنت لا تقف حينئذٍ على سلم يصعد بك إلى بناء الثروة.

بينما يتمثل سلم "النزول" بتكديس الديون على بطاقات الائتمان ذات الفائدة المرتفعة، والاستدانة من أجل شراء أشياء لا تحتاجها، والحصول على سلفة من الراتب، واقتراض الأموال للاستثمار في أشياء يمكن أن تنخفض قيمتها؛ وهو ما يُعدُّ "وصفة إفلاسٍ" أبدية.

5- امتلك منزلاً بدل أن تستأجر، المستأجرون يبقون فقراء، في حين يُكوِّن أصحاب المنازل ومُلَّاك العقارات ثروة:

إليك حقيقة أخرى لبناء الثروة: لن تصبح غنياً إذا كنت تستأجر عقاراً لتسكن فيه؛ فالثروة الصافية (Net Worth) لأصحاب المنازل في أمريكا مثلاً، أعلى 44 مرة من الثروة الصافية للمستأجرين.

إنَّ من يخبرك بأنَّه من الأوفر أن تسكن بالأجرة بدلاً من أن تمتلك عقاراً؛ هو مخطئ ببساطة. فإذا كنت مستأجراً على مدار حياتك، فسوف تنفق مليوناً -أو أكثر- على الإيجار، ولن تمتلك أي شيء تستفيد منه بعد 30 عاماً من الآن. وعلى النَّقيض من ذلك؛ إذا كنت تملك عقاراً، فستحصل على أصل صافٍ يمكن تحويله إلى قدرٍ كبيرٍ من الأسهم.

6- لا تُقرِض المال لأحد من أصدقائك، سوف تخسر الاثنين معاً:

هذا العنوان يُفسّر نفسه بنفسه؛ فحين يأتي إليك صديق لاقتراض المال، يكون قد لجأ قبل ذلك إلى عدة بنوك من أجل الحصول على قرض. فإذا لم ترغب الشركات التي تقرض أموالاً بإقراض صديقك، فلماذا يجب أن تفعل أنت ذلك؟

يؤدي إقراض المال للأصدقاء أو أفراد الأسرة -في معظم الحالات- إلى نتائج عكسية؛ إذ إنَّه يعقد العلاقة، خاصة إذا لم يردُّوا إليك أموالك.

إقرأ أيضاً: كيف تتخلّص من ديونك في 5 خطوات

7- إيَّاك والاستثمار في أشياء لا تفهمها:

مصدر هذه النصيحة هو بيتر لينش، المستثمر الأسطوري الذي أدار صندوق فيديليتي ماجلان الائتماني؛ فقد علم بيتر أنَّ الابتعاد عن الاستثمارات المعقدة هو أفضل طريقة لتفادي خسارة الأموال. وعن ذلك يقول وارن بافيت: "أستطيع أن أعلم خلال 10 دقائق من مقابلة أحد البائعين المحتملين، إن كنت سأشتري ما يحاول بيعيَ إيَّاه".

لا يجب أن يكون الاستثمار معقداً؛ فإذا لم يكن الأمر واضحاً، فلا تستثمر فيه.

8- استثمر على المدى الطويل، يتطلّب بناء الثروة عقوداً وليس أياماً:

إنَِّ السبب وراء فشل معظم المستثمرين هو سرعة نفاذ صبرهم؛ فهم يبيعون -باستمرار- الاستثمارات التي يشعرون أنَّها لا تؤدي على النحو المطلوب. لينتهي بهم المطاف في كثير من الأحيان بالبيع في وقت مبكرٍ جداً. سرُّ بناء الثروة هو شراء استثمارات عالية الجودة، ومن ثمَّ الاحتفاظ بها.

دعنا نضرب مثالين بسيطين وفقاً إلى تقريرٍ نشرته قناة CNBC:

"إذا كنت قد استثمرت مبلغ ألف دولار في شركة أمازون خلال طرح أسهمها للاكتتاب العام في شهر مايو من 1997؛ فستكون قيمة هذه الألف قد أصبحت 1.36 مليون دولار في شهر سبتمبر من عام 2018.

وبالمثل؛ سيكون استثمارك مبلغ ألف دولار في شركة آبل خلال طرح أسهمها للاكتتاب العام في شهر ديسمبر عام 1980، قد عاد عليك بأكثر من نصف مليون دولار في عام 2019".

إن اشتريت استثمارات عالية الجودة واحتفظت بها على المدى الطويل، يمكن أن يجدي ذلك نفعاً. أما إن كنت لا تظنُّ أنَّك ستحتفظ بهذا الاستثمار، أو إذا كنت لا تؤمن بأنَّه سيعود عليك بفائدةٍ ملموسةٍ مستقبلاً، فلا تستثمر أموالك فيه.

9- لا تحاول "توقيت السوق": لن تنجح في ذلك:

يعد توقيتُ سوقِ الأسهم -محاولة توقع الحركة الوشيكة في الأسهم صعوداً أم هبوطاً- خياراً خاسراً. فإذا افترضنا -بحسب ما تظهره بيانات نشرت في موقع Yahoo Finance- أنَّك استثمرت ألف دولار في مؤشر "إس أند بي 500" للأسهم لمدة 20 عاماً بين 1 يناير 1998 و31 ديسمبر 2017؛ فأنت ستكون قد حققت عائداً سنوياً يبلغ %7.2 (هذا إن لم تكن قد تصرفت بهذه المبالغ طبعاً).

حسناً، فلنفترض الآن أنَّك حاولت توقيت السوق، وفوتَّ على نفسك بعض الأيام التي حصلت فيها أكبر المكاسب خلال تلك السنوات العشرين، ستتغير مكاسبك حينئذٍ على النحو التالي:

  • تكون نسبة التَّغيير لو فوتَّ على نفسك 5 أيام من أيام التداول هي (%5.02).
  • تكون نسبة التَّغيير لو فوتَّ على نفسك 10 أيام من أيام التداول هي (%3.53).
  • تكون نسبة التَّغيير لو فوتَّ على نفسك 20 يوماً من أيام التداول هي (%1.15).
  • تكون نسبة التَّغيير لو فوتَّ على نفسك 40 يوماً من أيام التداول هي (%2.8-).

هذا تغيير بنسبة (%114-) يمكن أن ينتج عن تفويت 40 يوماً فقط من إجمالي 5036 يوم تداول.

10- إيَّاك والاستثمار باستخدام الهامش، سيقضي عليك استغلال المقرضين إذا ما ساءت الأمور:

حينما يتعلق الأمر بالاستثمار في سوق الأوراق المالية، لا يوجد شيء أكثر خطورة من اقتراض المال لشراء الأسهم. يُعرَفُ هذا في قطاع الاستثمار باسم استخدام الهامش (Using Margin). ستوفر لك شركات السمسرة قروضاً مقابل أصولك، من أجل شراء مزيدٍ من الأسهم. وهو ما يعد أخطر شيء يمكنك القيام به. لكن ولسوء الحظ، يتم القيام به بمستويات قياسية في الوقت الراهن؛ إذ تجاوز مستوى ديون الهامش في عام 2018، حاجز 600 مليار دولار، وذلك لأول مرة منذ حدوث فقاعة الانترنت.

ففي حال كنت تستثمر في الهامش، وانخفضت محفظتك إلى مستوى معين؛ فيمكن لشركة السمسرة التي أقرضتك المال أن تنقلب عليك وتبيع محفظة أسهمك بخسارة. ولو كنت عاقداً النية على الاستثمار في استثمارات طويلة الأجل، ستكون حينئذٍ لا تملك المال اللازم لتغطية ديون الهامش، لأنَّه قد تم اقصاؤك مالياً.

إقرأ أيضاً: كيف تدير محفظتك الاستثمارية بالشكل الأمثل

11- لا تخاطر بكل ما لديك، فقد تخسر كلَّ شيء:

يَحدُثُ أن تظهر كل بضع سنوات بعض الاستثمارات الجديدة التي قد تُشعِركَ وكأنَّها المكان المناسب لوضع مالك فيه. تارةً يكون الذهب، وتارة أخرى يكون الانترنت، والبيتكوين في الآونة الأخيرة.

في عام 1636 في هولندا، وخلال ما أُطلق عليه اسم "توليب مانيا" -أو جنون التوليب- كانت ورود التوليب استثماراً رائجاً. فقد هرع كل مستثمر إلى شراء هذا النوع من الورود، ليكتشف هؤلاء المستثمرين بعد مرور عام واحد أنَّ استثماراتهم لم يعد لها أي قيمةٍ؛ كان ذلك حين انفجرت هذه الفقاعة الاقتصادية.

قد تعتقد أنَّ هذه المرة تختلف عن سابقاتها، وأنَّ هذا الاستثمار هو الذي سيجعلك غنياً، لكنَّ الاحتمالات لا تشير إلى ذلك؛ إذ إنَّ الأشياء التي تصبح رائجة لا تبقى رائجة إلى الأبد، وإذا كنت ترغب في بناء الثروة، يجب ألا تستثمر كل ما تملك في شيء واحد.

12- حافظ على غناك متى ما صرت غنياً، ذلك أفضل من أن تعاود البدء من الصفر:

إحدى الأساطير المتداولة في عالم ريادة الأعمال هي تلك التي تحكي عن ذلك الشخص الذي صعد إلى القمة بعد أن أفلس مرة (أو مرات عدة). ورغم أنَّ هذا قد يبدو ملهماً؛ إلا أنَّه نهج حياة يَصعُبُ اتباعه.

توجد طريقة أفضل بكثير (أفضل وليس أسهل): وهي أن تُصبحَ مليونيراً وتظلَّ مليونيراً؛ وذلك عن طريق التَّمسك بالمبادئ التي جعلتك مليونيراً في المقام الأول. ناهيك عن أنَّك كلما تقدمت في العمر، تصبح أكثر فطنةً، لكن أقل طاقة وزخماً أيضاً.

لذا ثق بي، أنت لا تريد أن تبدأ من جديد في الستين أو السبعين من عمرك.

13- كن معطاءً: كلما أعطيت أكثر، كَبُرتَ أكثر وجعلت العالمَ مكاناً أفضل:

إن ألقيت نظرة فاحصة على أصحاب الملايين العصاميين -خاصة أولئك الذين تبلغ ثروتهم الصافية أكثر من 10 ملايين دولار- ستجد أنَّ أحد القواسم المشتركة فيما بينهم هو أنَّهم كانوا معطائين قبل أن يصبحوا أثرياء.

قال جون تمبلتون -الملياردير والمحسن الشهير- ذات مرة: "سر الحياة هو أن تكون مانحاً، لا مانعاً". لا عجب إذاً أنَّ هذا الرجل الذي أعطانا هذه الحكمة، كان يتبرع بنصف دخله قبل أن يصبح ثرياً. فإذا لم يكن بإمكانك أن تكون معطاءً من الناحية المالية، فيمكنك دائماً أن تساهم بوقتك؛ كأن تتطوع في تقديم إحدى الخدمات المجتمعية.

14- إيَّاك والاستسلام، لا يهم ما قد يحدث، ولا عدد المرات التي تفشل فيها، فطالما أنَّك تعاود النهوض والمحاولة؛ فأنت لست بخاسر:

قررت في عام 1994، تدريس مادة دراسية عن النساء والمال ضمن إحدى الدورات التدريبية. أخبرني جميع أقراني في المهنة، بما في ذلك المسؤولون التنفيذيون في مكتبي، أنَّه لن يكون هناك سوق رائجٌ لدوراتٍ تدور حول النساء والمال. وفي حين كان من الممكن أن أستمع إلى نصائحهم، إلا أنَّني رفضت الاستسلام؛ إذ كنت على ثقةٍ بأنَّ الفصل سيكون ناجحاً، وهو ما كان. فقد استرعت أول دورةٍ أقمتها انتباه 225 امرأة.

لذا قررت بعد عامين، أن أؤلف كتاباً يتحدث عن النساء والمال، عنونته لاحقاً باسم "Smart Women Finish Rich". وحينما طرحت هذا الكتاب في عام 1998، أخبرني الناشر بأنَّه إذا ما بيعت من هذا الكتاب ثلاثين ألف نسخة؛ يكون ذلك نجاحاً ساحقاً. الآن وبعد مُضيِّ عشرين عاماً، اشترت أكثر من مليون امرأة كتابيَ هذا، وحضرت أكثر من نصف مليون امرأة دورتنا التدريبية تلك.

لم يكن لأيٍّ من هذا أن يكون ممكناً، لو كنت قد تخليت عن حلمي.

15- إنَّ الفائدة المركبة هي معجزة، تنجح حين تعمل على إنجاحها:

يظن كثير من الناس أنَّك بحاجة إلى امتلاك أموال كثيرة كي تصبح ثرياً يوماً ما؛ لكن هذا ليس بصحيح. فحين تجمع بين مبالغ صغيرة من المال، وبين عامل الوقت وقوة الفائدة المركبة؛ يمكنك تغيير حياتك.

ألا تصدق ذلك؟

إذا استثمرت 5 دولارات يومياً -تكلفة كوب من اللاتيه؛ على سبيل المثال لا الحصر- وحصلت على عائد سنوي قدره 10 في المئة، يصبح لديك 948،611 دولاراً بعد 40 عاماً من الآن.

إذا ما سألت أشخاصاً أكبر سناً عن أكثر ما يندمون عليه من الناحية المالية، سيجيبك معظمهم بأنَّهم يندمون على عدم بدئهم الادخار حينما كانوا صغاراً. وإن أنت سألت الشباب عن سبب عدم ادخارهم، فإنَّ أول شيءٍ سيخبروك إياه هو أنَّهم لا يملكون مالاً ليدخروه.

لكن وبفضل الفائدة المركبة -كما برهن كل من جيم وسو ماكنتاير- لا حاجة إلى أن تكون غنياً لكي تعيش عيشة الأغنياء.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح من أصحاب الأموال تعلّمك الادخار

16- إن أردت أن يتوفر لديك المال لعملية الادّخار والاستثمار، عليك أن تكتشف ما هو "عامل اللاتيه" لديك:

منذ أكثر من عقدين، كُنتُ أُدَرِّسُ مبدأً يسمى عامل اللاتيه (Latte Factor)، وهو ما تحدثت عنه في الفقرة السابقة. لو قمت بمضاعفة ذلك واستثمرت 10 دولارات في اليوم، أو 300 دولار في الشهر، وأخذت عليه فائدة بنسبة 10 في المئة سنوياً، فإليك ما تكون قد وفَّرتَهُ حين تبلغ 65 عاماً، بناءً على العمر الذي بدأت التوفير فيه:

  • إن بدأت التوفير في سن 25: 1,913,334 دولار.
  • إن بدأت التوفير في سن 35: 684,097 دولار.
  • إن بدأت التوفير في سن 45: 230,009 دولار.
  • إن بدأت التوفير في سن 55: 62,265 دولار.

إذا أنفقت يومياً أكثر مما تجني في يوم عملٍ واحد، تظل فقيراً على الدوام. أما إن أردت تحقيق الأمن والحرية المالية، يجب عليك توفير المال واستثماره، حتى وإن كان 5 دولارات في اليوم.

 

المصدر




مقالات مرتبطة