15 أسلوب مرفوض في تربية الأطفال

هل تعتقد أنَّ تربية الأطفال هي مهمة سهلة؟ هل تعتقد أنَّها تتطلب فقط حباً واهتماماً؟ هل فكرت يوماً في الأساليب التي تستخدمها في توجيه أطفالك نحو مستقبل مشرق؟ كي نكون صادقين تربية الأطفال ليست بالمهمة السهلة، وهي تتطلَّب أكثر من مجرد حنان واهتمام، إنَّها فن يجمع بين المعرفة والصبر والتفهم، مهمة تتطلب توجيهاً دقيقاً وحكمة عميقة، تمزج بين حنان الأم وقوة الأب، وتوافر حساسية كبيرة لديهم لتحقيق فهم عميق لاحتياجات الأطفال النفسية والاجتماعية، ومن ثم الوصول إلى تنمية شخصيات صغيرة تكبر في محيط مليء بالحب والإيمان بالقيم الإنسانية.



عادة يسعى الأهل إلى اتِّباع أفضل الأساليب التربوية التي تسهم في تنمية أبنائهم وتحقيق توازن إيجابي في تكوين شخصياتهم، ولكن في بعض الأحيان، قد يلجأ بعض الأهل إلى استخدام أساليب تربوية مرفوضة، سواء بسبب عدم الوعي بتلك الأساليب أم نتيجة للضغوطات والظروف اليومية، هذه الأساليب التربوية تكون مضرة بالصحة النفسية وبنمو الأطفال.

دعونا نستكشف معاً في هذا المقال خمسة عشر أسلوباً مرفوضاً في تربية الأطفال، هذه الأساليب التي قد تبدو وكأنَّها صحيحة، لكنَّها في الحقيقة تخفي خلفها عواقب سلبية ومخيفة في كثير من الأحيان:

15 أسلوباً مرفوضاً في تربية الأطفال:

1. إهمال فهم الأسباب وراء سلوك الطفل السلبي:

إهمال فهم الأسباب وراء سلوك الطفل السلبي أو الخاطئ هو خطأ تربوي شائع يؤثر بشكل كبير في تطور وتنمية الأطفال، يتضمَّن هذا الخطأ عدم البحث عن الأسباب الجذرية لسلوك الطفل والاكتفاء بمعاقبته دون فهم الدوافع والاحتياجات الكامنة وراء تلك السلوكات.

على سبيل المثال، قد يُظهِر الطفل سلوكاً عدوانياً في المدرسة، مثل الانفعالات المتكررة أو الاشتباكات مع زملائه، إذا تمت مجرد معاقبته دون فهم السبب الحقيقي لهذا السلوك، فقد يتجاهل الأهل تعرض الطفل للتنمر أو الضغط النفسي من قبل زملائه، ومن ذلك العراك بين الأطفال بسبب المنافسة على المكانة أو الانتباه من قبل المعلمين أو الأصدقاء، والتصادم بسبب اختلافات الشخصيات والاهتمامات، والضغوطات المنزلية، والأمراض النفسية مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط؛ لذا من الضروري دائماً التفكير في السياق والأسباب وراء سلوك الطفل والعمل على توجيهه وتقديم الدعم والإرشاد بشكل مناسب بدلاً من الاكتفاء بالمعاقبة.

2. عدم الصبر في التعامُل مع أخطاء الأطفال:

عدم الصبر، خطأ تربوي يعني عدم القدرة على تحمل أخطاء الأطفال بروية وتفهُّم، وبدلاً من ذلك، التفاعل بشكل سلبي مثل الانفعالات والغضب والعقوبات الصارمة دون مراعاة لعواقب ذلك، مثلاً عندما يكسر الطفل لعبة غالية الثمن عن طريق الخطأ، إذا رد الوالدان بغضب ومعاقبة فورية دون التحدُّث مع الطفل لفهم السياق والتوعية بأهمية الحفاظ على الأشياء، فقد يشعر الطفل بالإهمال والاستياء.

قد يظهر عدم الصبر أيضاً في مواقف يومية أخرى، مثل عدم التحلي بالصبر عند تعلم الأطفال مهارات جديدة مثل ربط الأحذية أو حل المسائل الرياضية، فيؤدي الضغط والتوقعات العالية من الوالدين إلى انخراط الأطفال في سلوكات سلبية أو الاعتماد على الآخرين بدلاً من تطوير مهاراتهم بأنفسهم، فالصبر في التعامل مع أخطاء الأطفال يسهم في بناء ثقتهم بأنفسهم وتطوير مهاراتهم في حل المشكلات والتعامل مع التحديات بشكل صحيح وبنَّاء.

3. فرض الأوامر باستمرار على الطفل:

يتضمن هذا الخطأ فرض تعليمات وقواعد صارمة دون الاهتمام برغبات واحتياجات الطفل، وهذا يُشعِر الطفل بأنَّه غير محترم وغير هام، فالأمهات غالباً ما يرغبن بالشعور بفرض سيطرتهن على الأطفال ويبدأن بتوجيه الأوامر: ادرس، نم، كل، اذهب، اخرج، البس، العب، توقف عن اللعب، وهذا يدفع بالطفل مع الوقت لتجاهل هذه التعليمات.

يصبح الأمر أصعب إن اتجهت الأمهات لترويض أطفالهن من خلال الضرب وتبدأ رحلة الطفل في المشكلات النفسية؛ لذا من الضروري تجنُّب أسلوب فرض الأوامر، فالتربية تحتاج إلى توازن بين فرض الحدود واحترام احتياجات وآراء الطفل، فيجب على الوالدين التفكير في كيفية تشجيع التعاون والتواصل مع الطفل بدلاً من فرض الأوامر بشكل جامد.

4. فرط التدليل:

يتمثَّل هذا الخطأ في منح الأطفال مزيد من الرعاية والاهتمام والمكافآت أكثر من اللازم، دون توجيههم نحو تطوير مهارات الاستقلال وتحمل المسؤولية، يحمل هذا النهج كثيراً من التأثيرات السلبية في الأطفال وتنميتهم، فالأطفال الذين يتعرضون لفرط التدليل يفتقدون إلى مهارات التحمل عندما يواجهون تحديات أو صعوبات في الحياة، كما يؤدي التدليل المفرط إلى تشجيع سلوكات سلبية مثل الاعتماد الزائد على الآخرين، وعدم الاكتفاء واستمرار الطفل في طلب الأشياء التي يرغب فيها مهما كانت، والغرور، وقيامه بأذية أقرانه إيماناً منه بدفاع والديه عنه متى احتاج إلى ذلك؛ لذا يجب على الوالدين السعي إلى تحقيق توازن مناسب بين تقديم الدعم والاهتمام وتوجيه الأطفال نحو تطوير مهاراتهم الشخصية والاستقلالية.

شاهد بالفديو: 18 طريقة تجعل تربية الأطفال سهلة

5. الإسراف في معاقبة الطفل:

يتمثَّل في استخدام عقوبات صارمة وغير مناسبة بشكل مفرط عند تصحيح سلوك الطفل، فالعقوبات مثل الضرب أو التعنيف الجسدي، وانتقاد الطفل باستمرار، ومنع الطفل من الحصول على الطعام أو اللعب أو النوم بوصفها عقوبة، ومنع الطفل من اللعب مع أصدقائه لمدة طويلة دون سبب مبرر؛ تؤدي إلى تكوين عواطف سلبية لدى الأطفال مثل الغضب والاستياء والعداء نحو الوالدين، كما تؤثِّر في ثقته بنفسه، فيشعر بأنَّه غير كفء أو غير محبوب، ولتجنُّب هذه المساوئ، يجب على الوالدين استخدام أساليب التربية الإيجابية والمناسبة والتفهم والتواصل مع الأطفال لتصحيح سلوكهم بشكل فعال دون اللجوء إلى العقوبات المفرطة.

إقرأ أيضاً: العنف ضد الأطفال: أسبابه، آثاره السلبية، وطرق علاجه

6. الاستهزاء بالطفل والتقليل من شأنه:

هي أخطاء في التربية تتضمن إساءة معاملة الطفل بطرائق تجرح مشاعره وتؤثر في تقديره لذاته، تمثل هذه الأخطاء تهديداً كبيراً لتطور الطفل وسلامته العاطفية، فالسخرية من الطفل بسبب مظهره أو أدائه في مجال معين، وتقييمه بشكل سلبي وتقديمه بوصفه شخصاً لا قيمة له أو غير قادر على تحقيق أي إنجاز، جميعها سلوكات ضارة يجب تجنبها، بدلاً من ذلك، يجب على الوالدين تقديم الدعم والتشجيع والاحترام للأطفال لمساعدتهم على بناء ثقتهم بأنفسهم وتحقيق إمكاناتهم بشكل أفضل.

7. التمييز بين الأبناء:

يتضمَّن هذا الأسلوب منح أحد الأبناء مزيد من العناية أو الاهتمام أو الامتيازات على حساب الآخرين، يؤدي هذا النهج إلى تأثيرات سلبية في العلاقات الأسرية وتطور الأطفال، عندما يميز الوالدان بين الأبناء، يشعر الأبناء الذين تم تهميشهم بأنَّهم غير محبوبين أو غير مقدرين، وهذا يؤدي إلى نمو روح التنافس والغيرة بين الأخوة والأخوات وإلى تدهور العلاقات الأسرية، ولتجنًّب هذا الخطأ، يجب على الوالدين معاملة الأبناء بالعدالة وتوجيه الاهتمام والدعم لكل واحد منهم وفقاً لاحتياجاته الفردية.

8. ازدواجية القيم:

تشير ازدواجية القيم في التربية إلى تعارض القيم والمبادئ التي يتم تعليمها للأطفال مع سلوكات أو تصرفات الوالدين القائمة على قيم مختلفة، ويؤدي هذا النهج إلى تشويش في تطوير قيم وأخلاقيات الأطفال ويثير الارتباك لديهم، على سبيل الافتراض إذا كان الوالدان يعلِّمون الأطفال أنَّ الصدق والأمانة أمور هامة ويجب عليهم دائماً قول الحقيقة وأداء وعودهم، ولكن في نفس الوقت يراقب الأطفال الوالدين وهم يقدمان معلومات مضللة أو يختلقان القصص للتستر على أخطائهما، فإنَّ هذا الازدواج في القيم سيثير تناقضاً كبيراً في تعليم الأطفال.

9. فرض كل من الوالدين نهجه الخاص في التربية:

عندما يتعارض الوالدان في أساليب تربية الأطفال ويحاول كل واحد منهما فرض وجهة نظره وأسلوبه الخاص على الأطفال بصرف النظر عن رغبات أو طلبات الشريك الآخر، يؤدي إلى التشتت والتناقض في توجيهات الوالدين ويحدث لدى للأطفال ارتباك لا ينتهي، لتجنُّب هذا الأسلوب الخاطئ يجب على الوالدين التواصل والتفاوض مع بعضهما بعضاً بشكل منفتح بشأن أساليب التربية والعمل معاً لإطلاق خطة تربوية مشتركة تعكس توجُّهاتهما وقيمهما المشتركة.

إقرأ أيضاً: 10 تصرفات تشير إلى أنَّنا نسيء تربية أطفالنا دون أن نعلم

10. إخضاع الطفل للمقارنة غير العادلة:

يحدث عندما يُقارن الطفل بشكل غير عادل مع أشخاص آخرين، سواء كانوا أشقاءهم أم أطفالاً آخرين، وذلك بناءً على أدائهم أو إنجازاتهم، ويؤدي هذا الأسلوب إلى انخراط الطفل في تنافس غير صحي وتدهور تقديره لذاته، في بعض الأحيان، يقارن الوالدان الطفل بأخيه أو أخواته في مجال معين مثل الدراسة أو الرياضة، إذا كان أحد الأشقاء متفوقاً، يتم مقارنة الأخ الأكبر أو الأخت الأصغر بشكل غير عادل وتوجيه الضغوطات إليه لتحقيق نفس النجاح دون مراعاة اختلافاتهم الفردية.

11. الخضوع لشروط الطفل:

خضوع الوالدين لشروط الطفل هو خطأ في التربية يحدث عندما يسمح الوالدان للطفل بالسيطرة على العلاقة والسلوكات الأسرية من خلال وضع شروطه ومتطلَّباته وتهديداته، يؤدي هذا الأسلوب إلى فقدان السيطرة الوالدية وتدهور سلوك الطفل، مثلاً قد يشترط الطفل لأداء واجباته الدراسية شراء لعبة جديدة أو جهاز إلكتروني مكلف، إذا وافق الوالدان على ذلك من دون التفكير في الحاجة الفعلية إلى الشراء أو التكلفة المالية، سيكونان قد سمحا للطفل بالسيطرة على عمليات اتخاذ القرار في الأسرة.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح هامة لتربية الطفل على نحو صحيح

12. الإفراط في تقديم الوعود للطفل:

يحدث عندما يعد الوالدان الطفل بأشياء أو أحداث قد يصعب تحقيقها أو تنفيذها بالواقع أو عدم جاهزيتهما لتنفيذها، يؤدي هذا السلوك إلى خيبة أمل الطفل وفقدانه للثقة في كلمة الوالدين، لتجنب هذا الخطأ، يجب على الوالدين أن يكونا صادقين وواقعيين في تقديم الوعود للأطفال والتأكد من قدرتهم على تنفيذها، ويمكن تجنُّب هذا السلوك من خلال التفاوض مع الأطفال بشأن ما يمكن تحقيقه وتقديم الدعم والحب بصرف النظر عن الهدايا.

13. إهمال بناء ثقة الطفل بنفسه:

إهمال بناء ثقة الطفل بنفسه هو أسلوب خاطئ في التربية يؤثر سلبياً في تطور الطفل وثقته في مهاراته وقدراته الشخصية، يشمل ذلك عدم تشجيع الطفل على استقلاليته وقدرته على اتخاذ القرارات ومواجهة التحديات بنجاح، ولتجنُّب هذا الخطأ، يجب على الوالدين تشجيع الطفل على استقلاليته ومساعدته على بناء ثقته بنفسه من خلال إعطائه الفرص لاتخاذ القرارات وحل المشكلات بنفسه والمشاركة في المهام اليومية وعدم نعته بالصفات السلبية، ومساعدته على إقامة علاقات اجتماعية ناجحة وغير ذلك.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة للآباء في تربية الأبناء

14. التجاوز عن سلوكات الطفل السلبية وعدم معاقبته العقوبة المناسبة للسلوك:

يؤدي هذا الأسلوب الخاطئ إلى ترسيخ سلوك غير مقبول وعدم فهم الطفل للعواقب السلبية لأفعاله، ويتضمن ذلك تجاهل سلوك الطفل السلبي أو تهميشه دون اتخاذ إجراءات مناسبة لتصحيحه، لنفترض أنَّ الوالدين حددا قاعدة بأنَّه لا يجوز للطفل استخدام الهاتف الجوال خلال وجبات الطعام، فإذا انتهك الطفل هذه القاعدة ولم يتم تطبيق أي عقوبة عليه، سيكون لديه انطباع أنَّه يمكنه تجاوز القواعد دون عواقب، وسيستمر في استخدام الهاتف خلال الوجبات.

15. عدم إشباع حاجات الطفل من الحب والعطف:

عدم حصول الطفل على القدر الكافي من الحب والعطف والرحمة والحنان يترك في نفسه آثاراً سلبية تتحول مع مرور الوقت إلى مشكلات نفسية وتؤثر في النمو النفسي والاجتماعي للطفل، ولتجنُّب هذا الأسلوب الخاطئ في التربية اعتمد على تصرفات توحي من خلالها بالحب لطفلك، فمثلاً، ادعه ليشاركك بعض الأعمال البسيطة، وأنصت لطفلك بشكل جيد، ومارس معه بعض النشاطات والألعاب وغير ذلك.

في الختام

غالبا ما يعزى سلوك الطفل إلى تربية والديه، في الحقيقة مهمة تربية الأطفال ليست بالشيء السهل والذي يُقدَّم كوصفة جاهزة للجميع، فكل طفل له خصائصه وصفاته وقدراته التي تميزه عن غيره؛ لذا لا يوجد أسلوب واحد للتربية، لكن مما لا شك فيه وجود أساليب خاطئة مرفوضة في التربية مهما كانت صفات الطفل، وما ذُكِرَ آنفاً هو جزء من تلك الأساليب؛ لذا يجب التأكيد في النهاية على تجنُّب تلك الأساليب والتحلِّي بالصبر ومحاولة تفهُّم الطفل قدر الإمكان وتقديم الحنان والحب غير المشروطَين لضمان نموه السليم.




مقالات مرتبطة