قبل الإجابة عن هذا السؤال، نحن بحاجةٍ إلى أن نُجيب عن السؤال التالي:
ما هو "توأم الروح" أو النصف الآخر؟
يُعرِّف الكاتب الأمريكي ريتشارد باخ النصف الآخر بأنَّه: "شخصٌ بيده مفتاح قلبك، وبيدكَ مفتاح قلبه. شخصٌ يُكمِلُ نواقصك وتكملُ نواقصه". وفي حين قد يبدو هذا التعريف للبعض غايةً في "الرومنسية"، إلا أنَّ ذلك مردُّه لكونهم غالباً ما يخلطون بينها وبين "المثالية"؛ فلا يجدر بنصفك الآخر أن يكون شخصاً مثالياً؛ فهو مثله مثل سائر البشر: شخصٌ يتمتع بمزايا وتعتريه نواقص.
إذاً ما الفارق بينه وبين أيّ شخصٍ آخر؟ حسناً؛ إنَّ ما يجعل توأم الروح مميزاً هو مقدار ما يضيفه إلى حياتك من قيمة؛ إذ تصبح أكثر شجاعةً واستعداداً للمخاطرة وتقبلاً لنفسك حينما تقابله.
كيف تعلم إن كنت قد وجدت نصفك الآخر؟
يُجمعُ معظم خبراء العلاقات الزوجية على أنَّه عندما يجد أحدنا نصفه الآخر، تنساب العلاقة معه بسهولةٍ تامة؛ إذ يتفَهَّم طَرَفَي تلك العلاقة ويتقبلون بعضهما بعضاً، وتصبح حياةُ كُلٍّ منهما أكثرَ ثراءً. وغالباً ما يصف الناس تجربة العثور على شريك العمر بكونها: "قِطَعٌ صغيرةٌ تتجمّع معاً لتشكل صورةً كبيرةً تُغيِّرُ نظرة المرء إلى الحياة برُمَّتها؛ فيتخلى عن عقليته "المتفردة" في طرائق تفكيره، ويتبنى نهج التفكير المُشترك مع الشريك، واضعاً رغبات شريكه واحتياجاته ووجهات نظره في عين الاعتبار".
ولكي نتعمَّق أكثرَ في حديثنا هذا، إليكَ 13 علامة تدلّ على أنَّك قد وجدت الشريك المُناسب:
1. عندما تكون على سجيَّتكَ معه:
هذه دلالةٌ واضحةٌ على التوافق بين شخصين اثنين، فأن تحظى بصحبة شخصٍ مميزٍ لا يُرغمكَ على التصنُّع أو التصرّف بما لا يتماشى وشخصيتكَ الحقيقية؛ لهوَ خيرُ دليلٍ على أنَّك قد وجدت شريك الحياة المُناسب.
تقولُ المؤلفة "لوري بروكواي": "عادةً ما يَشعرُ شركاءُ العمر بالألفة والراحة تجاه بعضهم بعضاً، ويعبِّرونَ عن مدى سهولة أن يكونوا على سجيتهم في لحظات قوّتهم وضعفهم حينما يكونون رفقةَ ذلك الشريك".
مَرَدُّ ذلك إلى أنَّه حينما يكونُ المرء صادقاً مع نفسه، يَسهُلُ عليه التَّصرف بطرائق تبني وتُثري علاقاته العاطفية وتجعلها أكثر إرضاءً.
2. حينما تَتَّسق أهدافكما وقيمكما:
إحدى أكثر أسباب فشل العلاقات العاطفية شيوعاً هي اختلاف أهداف وقيم طرفَيها، بيد أنّ واقع الحال لن يكون على هذه الشاكلة حينما تجد شريك العمر؛ إذ تُبيِِّنُ دراسةٌ نُشرت في مجلة "Social and Personal Relationships" إلى أنَّنا نسعى إلى إيجادِ شركاء يتوافقون واحتياجاتنا الأولية.
إنَّ من يبحث عن شريكٍ يُلبي رغباته قصيرة الأمد؛ غالباً ما ينجذب إلى شخصٍ آخر مختلف اختلافاً جذريَّاً. بينما ينجذب من يبحث عن علاقةٍ طويلة الأمد إلى أشخاص يتشاركون وإيَّاه الأذواق والقيم والأهداف نفسها. وفي حين لن تتطابق هذه الأهداف بكلّ معنى الكلمة؛ ولكنَّها ستتطابق في معظمها على أقلِّ تقدير؛ إذ يكون لطرفي تلك العلاقة مهنٌ وأصدقاء وهوايات مختلفة، بيد أنَّهم يتَّفقون على شيءٍ واحد: مستقبل تلك العلاقة.
3. حينما تتعاملان مع خلافاتكما بعقلانية ونضج:
المشاحنات والخلافات أمورٌ حتمية تحدث في جميع العلاقات؛ بيد أنَّ من يجدون شريك الحياة يتمكّنون من حلّها وإيَّاه بطريقةٍ صحيَّةٍ وواعية.
وهو ما تؤكد عليه خبيرة العلاقات "كايلا لوردز" قائلةً: "لا يعني وجود خلافاتٍ أنَّ العلاقة ليست قوية أو صحية، أو أنَّها لن تستمر لفترةٍ طويلةٍ بالضرورة؛ فهذا عائدٌ إلى كيفية التعامل مع تلك الخلافات وحلِّها عبرَ إيجاد أرضيّةٍ مشتركةٍ تمنع ظهورها مستقبلاً: فما يُميِّزُ طَرفَي أيّ علاقةٍ عاطفيةٍ ناجحةٍ عن سواهما هو العمل بروح الفريق، وذلك رغم كونهما أشخاصاً مختلفين بطبعهم".
4. عندما تكونان قد تغلبتما على العقبات والشدائد معاً:
جميعنا يُدركُ أنَّ الحياة صعبة، لذا يحدث في بعض الأحيان أن تَحَوْلَ كثرةُ العوائق دون استمرار العلاقات. لكنَّك ستعرف أنَّك عثرت على شريك حياتك إذا ما كنتما قد واجهتما معاً أسوأ المحن، فخرجتما منها أقوى من ذي قبل.
يقول أحد متعهدي الزواج في هذا الصدد: "لقد تغلب الكثير من الأزواج الذين عقدت قرانهم على العنصرية أو التحديات الثقافية والدينية لأنَّهم أيقنوا أنَّه مقدرٌّ لهم أن يكونوا معاً. لقد كانت علاقتهم وثيقة جداً، رغم أنَّهم كانوا ينحدرون من عوالم مختلفة".
وفي حين ما يزال يتعيّن على شركاء العمر دفع الفواتير وتربية الأطفال والتصدي إلى مشكلات وفوضى الحياة وما شابه ذلك من أمورٍ دُنيوية؛ بيد أنَّ الشريكين الذين ينظران إلى نفسيهما على أنَّهما "روحين في جسدٍ واحد" يجمعهما رباطٌ مقدسٌ لا تفصمه التحدياتُ والظروف، وإنَّما تزيده قوة على قوةٍ ومتانةً على متانة.
5. حينما تسود مشاعر الامتنان العلاقة التي تجمعكما:
إنَّ غياب مشاعر الامتنان المتبادلة إحدى أسباب تفكك الكثير من العلاقات العاطفية، لذا ستعلم أنَّك قد حظيت بشريك العمر إذا أظهرَ -دونَ خشيةٍ- امتنانه لوجودك في حياته.
يقول المستشار وخبير العلاقات "ديفيد بينيت": "الامتنان أمرٌ هامٌ يعزز العلاقة ويزيدها قوّة؛ إذ لا تُظهر الأبحاث أنَّ التعبير عن مشاعر الامتنان يُسعدُ الأزواج فحسب، بل وتؤدي إلى علاقاتٍ أطولَ وأكثرَ التزاماً".
لذا إن حظيت بشريك الحياة المناسب؛ فلن يَسَعَكَ سوى أن تشعُرَ بمشاعرِ الامتنان لوجوده في حياتك.
شاهد بالفيديو: 5 فوائد مثبتة للشعور بالامتنان
6. حينما يدفعك لأن تكون شخصاً أفضل:
لن يشعر شريك الحياة بالغيرة من نجاحك، ولن يُعيقك عنه أو يدفعك إلى أن تشكك في قدراتك؛ وإنَّما سيحثُّكَ على أن تكون شخصاً أفضل ويبذل ما وَسِعَه من جهدٍ في سبيل ذلك. وفي حين قد لا يكون ذلك الشخص كاملاً، ولا الظروف التي تجمعكما معاً ظروفاً مثالية؛ لكنَّ الفارق سيكمن في أنَّه سيصنعُ من هذه الظروف والتحديات "غراءً" يبقيكما معاً في أحلك الأوقات والظروف؛ بما يُسهم في أن تخرجا منها وأنتما -وعلاقتكما- أكثر قوة وأفضل حالاً.
ستُدركُ إذاً أنَّك قد وجدت الشخص المنشود إن دعمك وعمل جاداً على تمكينك من تحقيق نجاحك الشخصي.
7. عندما تُدرِكَان أنَّ الحب أكثر من مجرَّد انجذاب وانسجام:
إليك حقيقةً يجهلها كثيرٌ من المُحبين: الحبُّ يتطلب بذل كثيرٍ من الجهد.
تؤكد عالمة النفس "سامانثا رودمان" على هذا الأمر قائلةً: "تكمن إشكاليّة هذه الفكرة في أنَّ الناس يظنُّونَ أنَّهم لن يضطروا إلى العمل على إنجاحِ علاقتهم إذا ارتبطوا بشريك حياتهم. لكن في الحقيقة؛ يجب عليك دائماً أن تتجنّب النظرَ إلى شريك حياتك بصفته "أمراً مسلَّماً به"، وذلك بغض النظر عن مدى سعادتكما أو مدى توافقكما معاً".
8. حينما تشطُب كلمة "أنا" من قاموس مفرداتك وتستبدلها بـِ "نحن":
ستجد نفسك تتكلّم بصيغة المثنى كثيراً، إذ لن تفكر حينئذٍ في خططك لوحدك فحسب؛ وإنَّما ستصبح خططه وأفكاره جزءاً لا يتجزأ من خططك وأفكارك أيضاً.
تقول عالمة النفس الاجتماعية "تيريزا دي دوناتو": "اللغة عبارةٌ عن مدخلٍ يُفسِّرُ كيف تنظرُ إلى علاقاتك والآخرين. فمثلاً: يُكثِرُ الأشخاص المقربون من استخدام كلمات تدل على صيغة المثنى من قبيل "نحن" في محادثاتهم، على حساب الضمائر الفردية مثل "أنا" و"أنتَ" و"أنتِ"؛ فمن المرجّح أن يصاحب مشاعر الحب ميلٌ إلى عدم استخدام ضمائر المفرد".
9. عندما تَجِدُ فيه سَكنَكَ وسُكناك:
سيمنحُكَ مجرد وجوده بقربك شعوراً بالراحة والألفة لم تعهدهما من قبل؛ ولعلَّكَ تكون قد عشت هذا في وقت مبكرٍ من علاقتكما معاً. إنَّه لأمرٌ يصعب تفسيره، ولكن يتولّد شعورٌ بالسَّكينة حينما يجد المرء شريك حياته، فتصبح حياته أسهل عندما يعرف أنَّه قد بات جزءاً لا يتجزء من علاقةٍ متينة. ولن يكترث إلى أين يذهب أو إلى ما يفعل طالما جرى ذلك بصحبة شريكه. لذا نجده يضحك وإيَّاه على توافه الأمور في أحلك الأوقات؛ فمجرد وجودهما معاً، يصنعُ من كلّ موقفٍ مغامرةً مثيرة.
10. حينما تقدمان التضحيات تجاه بعضكما بعضاً:
بما أنَّ الأمر تطلَّب كثيراً من البحث إلى أن وجد كلّ منكما نصفه الآخر؛ سيُدرِكُ كلاكما مدى أهمية أن تكونا معاً. وهو ما يُفسِّرُ تقديم المحبين التضحيات والتنازلات تجاه بعضهم بعضاً، فكلاهما يريدان إسعاد الآخر قدر الإمكان.
تشرح "تيريزا دي دوناتو" ذلك قائلة: "غالباً ما يكون من يُظهِرُون سلوكاتٍ تدلّ على شدة التزامهم في العلاقة التي قد انخرطوا فيها أكثرَ ميلاً إلى بناء علاقة طويلة الأمد مع شركائهم. قد يتضمن بعض هذه السلوكات تضحياتٍ مالية أو عاطفية، أو تضحياتٍ تتعلق بالوقت مثل تفهُّمِ الأمور التي خطط الشريك للقيام بها. ومن الجدير ذكره أنَّ غياب مثل هذه السلوكاتِ قد يضرُّ بالعلاقات على المدى الطويل".
11. حينما يُدمِنُ أحدكما على الآخر بطريقةٍ صحيَّة:
الحب عاطفة مُسْكِرَة؛ لكن في حالة شركاء العمر، يكون الأمر مختلفاً.
إذ يوجد جاذبٌ لا يمكن إنكاره يجعلك ترغب في أن تكون مع هذا الشخص طوال الوقت؛ ذلك لأنًَّ جسمك وعقلك يكونان في حالة اندفاعٍ "كيميائي-عاطفي" لن تقدر على تجاهله. تقول عالمة النفس "غلاديس فرانكل": "يتسبب اندفاع الدوبامين في ظهور حالةٍ شعورية من الإثارة، والتي تخلق بدورها إحساساً قويّاً بالحنين؛ فتثارُ أجزاء الدماغ ذاتها التي تنشطُ في حالات الإدمان. ولهذا السبب تحديداً قد يجلس أحدهم وهو يفكر في محبوبه طوال الوقت".
12. حينما ينشأ بينكما انجذاب جسدي:
بصرف النظر عن الشعور بانجذابٍ عاطفيٍّ وروحيٍّ شديدٍ تجاه شريك العمر، سيظهر أيضاً ارتباطٌ جسديٌّ ملموسٌ معه.
وفقاً لعالمة النفس السريري وخبيرة العلاقات الدكتورة "كارمن هارا": "من شأن إمساك يد المحبوب أن يجتاح روحك كإعصار، حتى بعد مرور عدة سنوات على علاقتكما معاً. تشير الأبحاث إلى أنَّ السلوكات الجسدية مساهمٌ كبيرٌ في إطالة أَمَدِ العلاقة؛ إذ تمثّل في واقع الأمر آليةً تجمع بين الأزواج، وخاصةً في العلاقات طويلة الأجل. وفي حين لا يشكّل الانجذاب الجسديّ وصفةً كاملةً لإنجاح أيّ علاقة، بيد أنَّه يبقى أمراً لا يمكن التغافل عن مدى تأثيره؛ إذ تؤكد الدراسات على أنَّ الشغف لا يصبح حباً مستداماً إلا إذا صاحبه توافقٌ ملموسٌ وعلاقةٌ داعمةٌ والتزامٌ متبادل".
13. عندما يظهر لديك شعورٌ غريزيٌ يُخبركَ بأنَّه هو "الشخص المنشود":
لا تسأل كيف ولماذا؛ إذ ستكتشف ذلك بمفردك: هكذا وبكلّ بساطة!!
تؤكّد على ذلك المؤلفة "لوري بروكواي" قائلة: "عادةً ما تكون هنالك دلالةٌ واضحةٌ تتيح إليك معرفة أنَّ "حبَّك الحقيقي" قد باتَ أمام ناظريك؛ كأن تسمع صوتاً داخلياً يخبرك بهذا، أو يجتاحك شعورٌ غامضٌ بالألفة، أو أن تخبرك غريزتك بأنَّه شخصٌ مميّزٌ بالنسبة إليك. وبغضّ النظر عما تكون قد مررت -أو تمرُّ- به في حياتك، سيخبرك إحساسك الداخليّ بأنَّك على أعتابِ علاقةٍ عاطفيةٍ صحيّة؛ فتثق بمحبوبك ويبادلك ثقته في المقابل، وتشعران بالراحة والألفة حينما تتواجدان معاً، ويَقدِرُ كلاكما على مناقشة الموضوعات الصعبة بنضج وتعقُّل".
لا يمكننا شرح ذلك حقيقةً، بيد أنَّك ستفهم عندما يحصل هذا معك.
والآن، وبعد أن أجبنا عن سؤالِ "كيف تعلم إن كنت قد وجدت نصفك الآخر؟"، أصبحنا بحاجةٍ إلى أن نعرف إجابة "كيف تعثرُ على نصفك الآخر؟": فهل من إجابةٍ لمثل هكذا سؤال؟ هذا ما ستعرفه عزيزي القارئ في مقالةٍ أخرى في موقعنا.
أضف تعليقاً