12 طريقة تستمد فيها الحكمة والقوة من آلامك

ستدرك في مرحلةٍ ما من حياتك أنَّ عيش الحياة الجيدة ينطوي على قدرٍ من الألم الضروري، وأنَّ هذه الآلام متنوعة ومختلفة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (MARC CHERNOFF)، ويُخبرنا فيه عن تجربته في تحويل تجاربه في الحياة وآلامه إلى حكمة وقوة.

ألا تشعر بألم الفراغ عندما تُنهي مرحلةً معينةً من حياتك؟ كشعور الألم الذي ينتابك عند تخرُّجك من الجامعة، وعند اتخاذك خطوة جديدة في حياتك، أو عند خروجك عن وضع مألوف وآمن كنت قد اعتدته والغوص بما هو مجهول وغامض.

ثمة أيضاً آلام هائلة من صعوبات الحياة التي تؤثِّر في كل خططك وتوقعاتك الكبيرة، وبعض الآلام الحادة نتيجة ارتكاب الأخطاء، وكذلك ألم النجاح الغامض عندما لا ترضى عن نجاحك كما كنت تحسب، وآلام الخيانة والغدر العنيفة والقاسية، وثمة أيضاً بعض الآلام اللذيذة في أثناء بحثك عمَّن يستحقون وقتك واهتمامك ومحبتك ومساعدتك لهم في مراحل حياتهم، وهم يكبرون ويمرحون ويتعلمون، وكذلك الألم المستمر الناتج عن التعاطف مع الآخرين الذي تتجاهله وتحاول إخفاءه حتى تتمكن من الوقوف إلى جانب صديق أو حبيب متألم ومساعدته على مواجهة مشكلاته.

قد تشعر في أفضل أيامك بتلك الآلام اللطيفة التي تمنحك شعوراً بالرعشة في جميع أنحاء جسمك عندما تدرك أنَّك تقف في لحظة من الكمال اللذيذة، أو لحظة الإنجاز العظيمة، أو السعادة، أو الضحك التي في الوقت نفسه من الممكن ألا تدوم، ومع ذلك سيبقى هذا الشعور مرافقاً لك لبقية حياتك.

نكره جميعنا شعور الألم، وعادة ما نقول عندما نعاني ألماً معيناً أنَّنا نمر بأيامٍ سيئة ناسين أن نفكر بأمرٍ هامٍ للغاية بشأن ما نمر به، وهو أنَّ الألم للأشخاص الأحياء، لأولئك الذين ما تزال لديهم الفرصة في الحياة؛ فالموتى فقط هم من لا يشعرون بالألم؛ لأنَّ أيامهم قد انتهت.

مع وضع كل ما سبق في حسبانك، إليك فيما يأتي اثنتي عشرة طريقة ذكية لتحويل آلامك كلها وجراحك اليومية إلى حكمة وقوة:

1. الاعتراف بألمك العاطفي حتى تتمكن من معاملته والشفاء منه:

الألم العاطفي لا يمكن ملاحظته بسهولة مثل الألم الجسدي، لا سيما إذا لم ننظر إلى الداخل؛ لكنَّه أشيع، وتحمله أصعب من تحمل الآلام الجسدية، وقد تزيد المحاولة المتكررة لإخفائه من العبء؛ لذا لا تعذِّب نفسك بهذه الطريقة، بالتأكيد من الأسهل أن تقول: "ساقي تؤلمني" بدلاً من أن تقول: "قلبي مكسور"؛ لكنَّ هذا لا يعني أنَّ قلبك يحتاج إلى رعاية أقل من ساقك؛ ففي الواقع العكس هو الصحيح.

إقرأ أيضاً: عش بطريقة فريدة

2. التخلي عمَّا كان يعنيك ولم يعد موجوداً:

عندما تدرك أنَّه لم يعد لك ولا يمكنك المطالبة أو الاحتفاظ به في النهاية، وعندما تكون على استعداد للتخلي عن ارتباطك بأيِّ شيء تعدُّه ملكاً لك ستكون حراً فجأةً؛ إذ ليست هناك فائدة من التشبث فيما لم يعد لك، ومع ذلك إنَّ أحد أصعب الدروس في الحياة هو التخلي، سواء كانت ممتلكات، أم هواجس، أم غضباً، أم حباً، أم خسارة فالتغيير ليس سهلاً أبداً.

أنت تحارب من أجل التشبث كما تحارب من أجل التخلي؛ لكنَّ التخلي هو دائماً الطريق الأفضل للمضي قدماً؛ فهو يزيل كل ما هو عالق من أفكار سامة من الماضي؛ لذا عليك أن تحرر نفسك عاطفياً من الأشياء التي كانت تعني لك كثيراً في السابق؛ حتى تتمكن من تجاوز الماضي والألم الذي يسببه لك، ومرة أخرى يتطلب الأمر عملاً شاقاً للتخلي عن أفكارك وإعادة تركيزها؛ لكنَّ الأمر يستحق كل جهد يمكنك بذله.

3. فصل نفسك عاطفياً عن مشكلاتك:

أنت كائن بشري حي يتنفس، وأكثر تعقيداً بكثير من كل مشكلاتك الفردية مجتمعة؛ وهذا يعني أنَّك أقوى من مشكلاتك، ولديك القدرة على تغييرها وتغيير الطريقة التي تشعر بها تجاهها.

شاهد بالفيديو: 6 حقائق قاسيّة ولكنّها واقعيّة عن الحياة

4. عدُّ كل تحدٍّ تواجهه درس تتعلَّم منه:

إذ يمنحنا كل موقف في حياتنا درساً نتعلم منه، وبعض هذه الدروس تساعدك على أن تصبح أقوى، وأن تتواصل تواصلاً أكثر وضوحاً، وأن تثق في غرائزك، وفي كيفية التعبير عن مشاعرك، ومعرفة متى تسامح، ومتى تتخلى، وتساعدك على تجربة وتعلم أشياء جديدة، وأن تتقدم في حياتك دون النظر إلى الوراء.

5. التركيز على الأسئلة الإيجابية:

إذا طرحتَ أسئلة سلبية ستحصل على إجابات سلبية، فلا توجد إجاباتٍ إيجابية عن سؤال "لماذا أنا؟" و"لماذا لم أفعل؟" و"ماذا لو؟"، لكن هل ستسمح لشخص آخر أن يسألك الأسئلة المُحبِطة التي تطرحها على نفسك أحياناً؟ أنا أشك في ذلك؛ لذا تمهل، واستبدل بها الأسئلة التي تدفعك في اتجاه إيجابي؛ على سبيل المثال "ما الذي يمكنني فعله الآن للمضي قدماً؟".

6. إجراء تعديلات طفيفة حتى تكتشف ما هو المُجدي وما هو غير المُجدي في حياتك:

إنَّ جزءاً كبيراً من حياتك هو نتيجة للاختيارات التي تتخذها، وإذا كنت لا تحب جزءاً ما من حياتك فقد حان الوقت لبدء إجراء تغييرات واتخاذ خيارات أفضل، وقد لا يكون هذا التغيير سهلاً؛ لكنَّه ممكن؛ فالعادات التي تؤخر تقدمنا تُكتسب في كل لحظة، ويوماً بعد يوم، والإقلاع عن هذه العادات يأخذ المسار نفسه بالضبط؛ لذا ركز على الأشياء الصغيرة التي يمكنك فعلها الآن، لا على الأشياء الكبيرة التي لا يمكنك القيام بها؛ إذ ستضيف هذه التغييرات اليومية الصغيرة نتائج هائلة في النهاية.

7. الاستمرار في التقدُّم:

قال رئيس الوزراء السابق في المملكة المتحدة ونستون إس. تشرشل (Winston S. Churchill) ذات مرة: "إذا كنت تواجه صعوباتٍ كثيرة وكبيرة فاستمر"؛ بعبارة أخرى لا تستسلم أبداً؛ فالصعوبات والمعوقات في الحياة كثيرة، وهي لم توجد لتثنيك عن تحقيق أهدافك؛ بل وُجدت لإعطائك فرصة لإظهار مدى رغبتك في شيء ما، ولتميزك عن أولئك الذين ليس لديهم قدر حماستك.

8. الحفاظ على الهدوء والتركيز على الإيجابيات:

الشخص الواقعي يرى الواقع على أنَّه مادة صلبة لا يمكن تغييرها، في حين يراه المتفائل ليناً كالطين يستطيع تشكيله كما يريد؛ لذا كن متفائلاً واصنع واقعك كما تتمناه، واستفد ممَّا تعلمته وابنِ شيئاً جديداً؛ بعبارة أخرى لا ترَ الصعوبات في الفرص المتاحة أمامك؛ بل ابحث عن الفرص في الصعوبات التي تواجهها، وقل لنفسك دائماً إنَّ اليوم هو فرصة العمر، وتذكر أنَّ هناك دائماً سبب للاحتفاء؛ فالاحتفاء بالمكاسب الصغيرة يعزز الزخم والإلهام للاستمرار، أنا أشجع أصدقائي وعملائي في التدريب دائماً على الاحتفاء بكل مكسب صغير في الحياة، وبكل فرصة يحصلون عليها.

إقرأ أيضاً: التغلب على عقبات الحياة من خلال العبر في القصص القديمة

9. تعزيز أملك الداخلي:

يوجد قول مأثور في الفلسفة التيبتية مفاده: "يجب استخدام المأساة بوصفها مصدراً للقوة"؛ فبصرف النظر عن نوع الصعوبات، أو مدى صعوبة التجربة وما تسببه من ألم إذا فقدت الأمل فهذه هي مأساتك الحقيقية؛ لذا تذكر مهما كان ما مررت به من خسارة، أو قلق، أو مرض، أو حلم تحطَّم؛ خذ نفساً عميقاً مرة واحدة على الأقل يومياً، وضع يديك على قلبك وقل بصوت عالٍ: "الأمل يعيش هنا، في داخلي".

10. تذكير نفسك دائماً أنَّك لست وحدك:

معاناتك من قلة النوم وإحساسك بالقلق على صديق، والصعوبة في التعافي بعد أن يخذلك شخص ما، وخوفك من الفشل من تجربة شيء جديد ذلك كله لا يعني أنَّك مضطربٌ؛ بل يعني فقط أنَّك إنسان، وأنَّك بحاجة إلى قليل من الوقت لتقويم نفسك وسلوكك، وأنَّك لست وحدك؛ فبصرف النظر عن مدى شعورك بالحرج أو الشفقة تجاه وضعك يوجد آخرون يعانون تلك المشاعر نفسها، وعندما تسمع نفسك تقول: "أنا وحيد كلياً" اعلم أنَّ عقلك يحاول خداعك.

شاهد بالفيديو: 9 خطوات تساعدك على السيطرة على القلق

11. عدم الاهتمام بآراء الآخرين:

الحقيقة هي أنَّ ما يقوله الناس وما يفعلونه لك يتعلق بهم أكثر ممَّا يتعلق بك أنت، وردود أفعال الناس تجاهك تتعلق بوجهات نظرهم وآلامهم وتجاربهم، وسواء ظنَّ شخص ما أنَّك رائع أم أنَّك شخصٌ مروع؛ فذلك أيضاً يتعلق به أكثر منك أنت، أنا لا أقول أن نكون نرجسيين وأن نتجاهل جميع التغذيات الراجعة؛ لكنَّني أقول إنَّ كثيراً من الأذى وخيبة الأمل والحزن في حياتنا يأتي من أخذ آراء الآخرين على محملٍ شخصي، وفي معظم الحالات من الأفضل أن تتخلى عن آراء الآخرين الجيدة أو السيئة عنك، وأن تتصرف وفق حدسك وحكمتك.

12. تقبُّل التغييرات التي طرأت على شخصيتك:

أنت لست كما كنت، ولا بأس في ذلك؛ فقد تأذيت ومررت بتقلبات الحياة الكثيرة التي شكَّلت شخصيتك الجديدة، وعلى مر السنين حدثت أشياء كثيرة غيَّرت وجهة نظرك وعلمتك دروساً ودفعتك إلى النمو؛ فمع مرور الوقت لا أحد يبقى على حاله، لكن بعض الناس يواصلون إخبارك بأنَّك قد تغيرت؛ لذا أجبهم: "بالطبع لقد تغيرت؛ فهذا هو جوهر الحياة، ما زلت الإنسان نفسه، لكن فقط أقوى قليلاً الآن مما كنت عليه من قبل".

في الختام:

تذكَّر أنَّ القوة لا تأتي من الراحة؛ بل تأتي من توسيع منطقة الراحة الخاصة بك والتغلب على كل الأشياء التي كنت تحسب أنَّك لا يمكنك معاملتها، وعندما تجد نفسك في أكثر اللحظات إيلاماً في حياتك فاعلم أنَّك على موعد مع أكبر تغيير إيجابي.

في النهاية أقوى الأشخاص هم من يشعرون بالألم ويتقبلونه ويتعلمون منه ويتجاوزونه ويحولون جراحهم إلى حكمة وقوة.




مقالات مرتبطة