12 شيئاً يفعله الأشخاص الناجحون بشكل مختلف الجزء الأول

لطالما كنتُ معجباً بالأشخاص الذين ينجحون دوماً فيما يفعلونه، خاصة أولئك الذين يحظون بالنجاح مدى الحياة في مجالات مختلفة من حياتهم، ومنهم من تفوَّق في مجال الترفيه مثل كلينت إيستوود (Clint Eastwood) وأوبرا وينفري (Oprah Winfrey)، وآخرون سطع نجمهم في مجال الأعمال التجارية مثل ستيف جوبز (Steve Jobs) ووارن بافيت (Warren Buffett)، فنعرف جميعنا أمثلة عن أشخاص ناجحين يثيرون إعجابنا، لكن كيف يحققون كل هذا النجاح؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (Marc Chernoff)، ويُحدِّثنا فيه عن مجموعة من الممارسات الَّتي تميِّز الأشخاص الناجحين عن غيرهم.

لقد درستُ على مرِّ السنين حياة العديد من الأشخاص الناجحين، فقد قرأتُ كتبهم، وشاهدتُ مقابلاتهم، وبحثتُ عنهم عبر الإنترنت، وما إلى ذلك، وقد تعلمتُ أنَّ معظمهم لم يولدوا في ظروفٍ أعدَّتهم للنجاح، وإنَّما ببساطة فعلوا وما زالوا يفعلون أشياء تساعدهم على تحقيق إمكاناتهم الكاملة.

إليك فيما يأتي 12 شيئاً يفعلها الأشخاص الناجحون بشكل مختلف:

1. تحديد أهداف ذكية والسعي إلى تحقيقها (Smart Goals):

الأشخاص الناجحون موضوعيون، إذ يحددون أهدافاً واقعية، ويعرفون ما يبحثون عنه ولماذا يقاتلون من أجله؛ ويحددون أهدافاً ذكية (Smart Goals) ويسعون إلى تحقيقها.

تتميز الأهداف الذكية بكونها محددة، وقابلة للقياس، وقابلة للتحقيق، وذات صلة، ومحددة زمنياً، وفيما يأتي ملخص لكل من هذه الميزات:

محددة:

إن كان هدفك العام هو الحصول على جسم رشيق، يكون الهدف المحدد ذو الصلة به هو الانضمام إلى نادٍ صحي وممارسة التمرينات الرياضية 3 أيام في الأسبوع لمدة سنة، فامتلاك هدف محدد يزيد فرصك في تحقيقه؛ وذلك لأنَّه يحدِّد ما يلزم من متطلبات وضوابط.

قابلة للقياس:

يجب أن تكون لديك طريقة منطقية لقياس التقدُّم المُحرز في الهدف، فلتحديد ما إذا كان هدفك قابلاً للقياس، اسأل نفسك أسئلة مثل: كم من الوقت أحتاج؟ وما هو إجمالي هذا الوقت؟ كيف أعلم متى أكون حققت هدفي؟ فعندما تقيس ما تحرزه من تقدُّم، تضمن بقاءك على المسار الصحيح، وتنجز مهامك في مواعيدها المحددة، وتعيش فرحة الإنجاز الَّتي تحفزك للاستمرار ببذل الجهود المطلوبة لتصل إلى هدفك.

قابلة للتحقيق:

يجب أن تحدد هدفاً تكون مستعداً وقادراً على العمل من أجله لكي يكون قابلاً للتحقيق؛ بمعنى آخر، يجب أن يكون الهدف واقعياً، والسؤال الهام هنا هو: كيف يمكن تحقيق الهدف؟

ذات صلة:

تؤكد الصلة أهمية اختيار الأهداف الهامة، على سبيل المثال، قد يهدف رائد أعمال عبر الإنترنت لتحضير 75 شطيرة تونة بحلول الساعة الثانية ظُهراً، وهو هدف محدد وقابل للقياس وقابل للتحقيق ومحدد زمنياً، ولكنَّه يفتقر الصلة بالهدف الشامل لروَّاد الأعمال المتمثِّل في بناء نشاط تجاري مربح عبر الإنترنت.

محددة زمنياً:

يجب وضع الهدف ضمن إطار زمني، من خلال تحديد موعد نهائي للهدف، فيساعدك الالتزام بالموعد النهائي على تركيز جهودك على إكمال الهدف في الموعد المحدَّد أو قبله حتى، ويساعد الإطار الزمني على تفادي الانشغال عن هدفك بالمشتتات اليومية.

عندما تحدد أهدافاً ذكية (Smart Goals) تهمك حقاً، تصبح متحمساً لاكتشاف طرائق لتحقيقها، وبذلك تُطوِّر العقلية والقدرات والمهارات اللازمة لذلك.

يمكنك تحقيق أي هدف تحدده تقريباً إن رتَّبتَ خطواتك بحكمة وأنشأت إطاراً زمنياً يتيح لك تنفيذ هذه الخطوات، وبذلك تصبح الأهداف الَّتي بدت بعيدة المنال أقرب إليك وتصبح قابلة للتحقيق، ليس لأنَّ أهدافك تتقلص، وإنَّما لأنَّك تنمو وتعزز إمكاناتك لتتناسب معها.

إقرأ أيضاً: تحديد الأهداف طريقك للنجاح

2. اتخاذ إجراءات حاسمة وفورية:

للأسف قلة قليلة من الناس ينجحون في تحقيق أحلامهم؛ وذلك لأنَّ الغالبية ببساطة لا تتخذ أي إجراء لتحقيق أهدافهم، فاكتساب المعرفة لا يعني أنَّك تنمو، فأنت تنمو عندما تنعكس معرفتك على أسلوب حياتك، ويعيش كثيرون من الناس في حالة خدر كامل، وفي الواقع، هم لا يعيشون حياةً حقيقية بل ببساطة يتدبرون أمورهم فحسب لأنَّهم لا يتخذون أبداً الإجراءات اللازمة لتحقيق أهدافهم، والسعي وراء أحلامهم.

لا يهم إن كان لديك معدَّل ذكاء عال أو دكتوراه في فيزياء الكم، لا يمكنك تغيير أي شيء أو إحراز أي نوع من التقدُّم على أرض الواقع دون البدء بالعمل، فيوجد فرق كبير بين معرفة كيفية القيام بشيء ما والقيام به بالفعل، فالمعرفة والذكاء معدوما الفائدة من دون عمل، فالأمر بهذه البساطة.

يتوقف النجاح ببساطة على اتخاذ القرار بعيش حياة حقيقية، ودفع نفسك في رحلة العمل على أحلامك وأهدافك؛ لذا اتخذ هذا القرار.

3. التركيز على العمل المنتج لا الانشغال العشوائي:

يقول الكاتب ورائد الأعمال تيم فيريس (Tim Ferriss) في كتابه "أربع ساعات عمل في الأسبوع" (The 4-Hour Workweek): "تمهَّل وتذكَّر أنَّ معظم ما نفعله لا يُحدِث فرقاً، فغالباً ما يكون الانشغال شكلاً من أشكال الكسل العقلي؛ أي التفكير الكسول والعمل العشوائي".

بمعنى آخر، اعمل بكفاءة أكبر وجهد أقل، والَّتي تعد واحدة من أكثر النصائح المبتذلة انتشاراً في العصر الحديث، ولكنَّها كمعظم النصائح المبتذلة تنطوي على قدر كبير من الحقيقة، وقليل من الناس يلتزمون بها بالفعل.

ألقِ نظرة سريعة من حولك وستجد أنَّ عدد الأشخاص المنشغلين يفوق عدد المنتجين بفارق كبير، وإنَّ حياة الناس المنشغلين في حالة فوضى عارمة، فيتأخرون عن مواعيدهم معظم الوقت، ومنهمكون بالعمل والمؤتمرات والاجتماعات والالتزامات الاجتماعية وما إلى ذلك؛ بالكاد لديهم وقت فراغ كافٍ للقاءات العائلية، ونادراً ما يحصلون على قسط كاف من النوم.

رغم كل ذلك تستمر رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالأعمال بالتراكم لديهم، ويمتلئ برنامج عملهم اليومي بالالتزامات، فيمنحهم جدولهم المزدحم إحساساً بالإنجاز، لكن كل هذا محض وهم؛ فهُم مثل فأرٍ على عجلة دوارة، يركض ويركض دون بلوغ أي مكان.

الحل هو أن تتمهل وتراجع التزاماتك وأهدافك؛ أي رتِّب أولوياتك ونفِّذ مهامك واحدة تلو الأُخرى، وخذ استراحةً كل بضع ساعات، وتذكَّر دائماً أنَّ النتائج أكثر أهمية من الوقت المستغرق لتحقيقها.

شاهد بالفيديو: 8 علامات تدل على أنك شخص ناجح

4. اتخاذ قرارات منطقية وواعية:

في بعض الأحيان نفعل أشياء حمقاء بناءً على شعور عابر من الاستياء أو الحماسة، وعلى الرغم من أهمية غرائزنا العاطفية في بعض المواقف العابرة، فعندما يتعلق الأمر بتحقيق تقدُّم مستدام طويل الأمد في أي مجال من مجالات الحياة، فإنَّ القرارات العاطفية غالباً ما تشتت المرء، فعادةً ما تفتقر القرارات المبنية على المشاعر الجياشة إلى التفكير الواعي، وتستند في المقام الأول إلى المشاعر اللحظية بدلاً من الإدراك الواعي.

أفضل نصيحة عن ذلك هي ببساطة ألا تدع عواطفك تتغلب على تفكيرك، فتمهَّل وفكِّر في الأمور قبل اتخاذ أي قرارات تغيِّر حياتك.

5. تجنُّب فخ المثالية:

يسعى كثيرون منا وراء المثالية؛ لذا نضع لأنفسنا معايير عالية ونبذل أفضل مجهود لدينا، ونكرِّس كثيراً من الوقت والاهتمام في عملنا لكي نحافظ على معاييرنا الشخصية العالية، ويدفعنا شغفنا بالتميز إلى بذل جهد إضافي بلا توقف ولا هوادة، ويساعدنا هذا التفاني نحو الكمال بلا شك على تحقيق النتائج المرجوة ما دمنا لا نبالغ بالأمر، ولكن ماذا يحدث عندما ننساق وراء الكمال؟

نشعر بالاستياء والإحباط عندما نفشل في تلبية المعايير المستحيلة الَّتي وضعناها لأنفسنا، مما يجعلنا مترددين في مواجهة تحديات جديدة أو حتى إنهاء المهام الَّتي بدأناها بالفعل، ويتسبب إصرارنا على التركيز في أدق التفاصيل في انخفاض كفاءتنا، وعرقلة تقدُّمنا وإرهاق أنفسنا وتحقيق نتائج دون المستوى.

دائماً ما يواجه الأشخاص المهووسون بالكمال صعوبةً في بدء الأشياء وإنهائها، لدي صديقة أرادت لعدة سنوات أن تبدأ العمل في مجال تصميم الجرافيك، لكنَّها لم تفعل ذلك بعد، وإن دققتَ في كل ما تختلقه من أعذار، تجد أنَّ جميعها تتمحور حول مشكلة واحدة وهي سعيها إلى الكمال؛ مما يعني أنَّها لا تعتقد ولن تعتقد أبداً أنَّها جيدة بما يكفي لتنشئ عملها الخاص في مجال التصميم.

تذكَّر أنَّ العالم الحقيقي لا يكافئ الأشخاص المهووسين بالكمال؛ بل يكافئ الأشخاص الذين ينجزون مهامهم، والطريقة الوحيدة لإنجاز المهام هي أن تتفادى السعي إلى المثالية في معظم الأحيان، فيتطلب الأمر سنوات من التدرب والعثرات حتى تستطيع تحقيق شيء من الكمال؛ لذا خذ قرارك وابدأ العمل، وتعلَّم من النتائج، واتَّبِع هذه الطريقة في جميع مجالات الحياة.

6. العمل خارج منطقة الراحة:

أكثر ما يعوق الأشخاص الأذكياء هو ترددهم في انتهاز الفرص لمجرد أنَّهم لا يعتقدون أنَّهم جاهزون؛ بمعنى آخر، يشعرون بعدم الارتياح ويعتقدون أنَّهم يحتاجون إلى معرفة ومهارة وخبرة إضافية قبل أن يتمكنوا من المشاركة في هذه الفرصة بشكل مناسب، للأسف، هذا هو نوع التفكير الذي يعرقل النجاح والنمو الشخصي.

في الحقيقة لا أحد يشعر بأنَّه جاهز تماماً عندما تسنح الفرصة؛ لأنَّ معظم الفرص العظيمة في الحياة تُجبرنا على النمو عاطفياً وفكرياً، وتوسيع نطاق إمكاناتنا ومناطق الراحة الخاصة بنا، مما يعني أنَّنا لن نشعر بالراحة التامة في البداية، وعندما لا نشعر بالراحة، لا نشعر أنَّنا جاهزون.

ستأتي وتذهب العديد من الفرص الهامة لتحقيق النمو الشخصي والنجاح طوال حياتك، فإذا كنت تتطلع إلى إجراء تغييرات إيجابية واكتشافات جديدة في حياتك، فستحتاج إلى اغتنام الفرص رغم أنَّك لن تشعر أبداً أنَّك جاهزٌ كلياً لها.

شاهد بالفيديو: كيف تتجاوز منطقة الراحة؟

في الختام:

لقد سلَّطتُ الضوء في هذا الجزء من المقال على ستةٍ من أهم الأشياء الَّتي يفعلها الأشخاص الناجحون بشكل مختلف والَّتي يمكننا الاقتداء بها وتطبيقها في حياتنا، وسأكمل مناقشة الستة الأخرى في الجزء الثاني والأخير منه؛ لذا تابعوا معي.




مقالات مرتبطة