من أكبر الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها المعلمون وأولياء الأمور عند محاولتهم تحسين قدرات الطفل التعليمية هي أنَّهم يكتفون بتعليمه من خلال الفصول الدراسية فقط، وفي حين أنَّه من الممكن أن يكون الفصل الدراسي هو المصدر الأساسي للتعلُّم، إلَّا أنَّه يجب أن يكتسب الطالب خبرات فكرية واجتماعية وأكاديمية خارج الفصل الدراسي.
إذا كنتَ تريد حقاً تعزيز قدرة طفلك ورغبته في التعلَّم، فستجد في هذا المقال 12 نصيحة مُجرَّبة تحفِّز طفلك على التعلُّم مع جعله يشعر بالمتعة في عملية اكتساب المعلومات.
1. أَنشِئ مناخاً يشجِّع طفلك على القراءة:
يصِرُّ بعض الأشخاص على أنَّ القراءة هي سر النجاح في الحياة، وقد يعتقد بعضهم أنَّ شيئاً آخر هو العامل الحاسم في النجاح، ولكنَّ ما لا يختلف عليه اثنان هو أنَّ القراءة هي على أقل تقدير العامل الأساسي لتحقيق النجاح في عملية التعلُّم، فالأطفال الذين ينمو لديهم حب القراءة، ينمو لديهم أيضاً حب التعلُّم، وعلى العكس من ذلك، فإنَّ الأطفال الذين يجدون صعوبة في القراءة يجدون صعوبة في التعلُّم.
لا تساعد القراءة الأطفال على تعلُّم مفردات جديدة فحسب؛ بل أيضاً تعزز لديهم القدرة على التعامل مع المفاهيم والتواصل مع غيرهم، وتتجاوز المهارات التي يكتسبها الأطفال من القراءة تحسين أدائهم في فصول اللغة، لتشمل تحسُّن قدراتهم في عملية التعلُّم في كل المواد، بما فيها المواد التطبيقية مثل العلوم والتجريدية مثل الرياضيات؛ لذلك إذا أردت أن تنمِّي مهارات القراءة لدى طفلك، فيجب أن توفِّر له جواً يشجِّع على القراءة، سواء من خلال توفير الكتب المناسبة أم من خلال القراءة له وجعله يقرأ بصوت مرتفع.
خصِّص وقتاً لتقرأ فيه العائلة كلها؛ إذ يقرأ كل فرد منكم لمدة 20 دقيقة، وستتمكن من خلال تقديم نفسك كقدوة لطفلك أو لتلاميذك كقارئ وتوفير مصادر للقراءة من روايات وصُحف وملصقات - سواء في الفصل الدراسي أم المنزل - من خلق جو يشجِّع على القراءة ويوضِّح لهم أهميتها.
يكمن السر لجعل الأطفال والتلاميذ قرَّاء جيدين في جعل القراءة ممتعة بدلاً من أن يشعروا بأنَّها نشاط ممل؛ وذلك لأنَّه إذا شعر الطفل بالملل، فلن يرغب في القراءة ومن ثم ستتضاءَل قدرته على التعلُّم؛ لذلك حتى تتجنَّب هذه المشكلة يفضَّل أن تسمح للطفل باختيار الكتب التي يرغب في قراءَتها، مع مساعدته على القراءة، وإنشاء نشاطات تجعل القراءة ممتعة.
2. امنَح طفلك الحرية في عملية التعلُّم قدر المُستطاع:
عندما نتحدَّث عن تعليم الأطفال فإنَّنا نعتقد أنَّه من الضروري أن نكون المسيطرين حتى تنجح العملية التعليمية، لكن يؤدي شعور الطفل بأنَّه خاضع تماماً إلى السيطرة إلى التخلي عن محاولة التعلُّم.
الحل هو توجيه الطفل خلال العملية التعليمية في الوقت الذي تمنحه فيه التحكُّم بالتجربة، وسواء في التعلُّم من خلال الفصول الدراسية أم التعلُّم في المنزل؛ يجب أن توفِّر للطفل القدرة على تقديم آرائه المباشرة في عملية التعلُّم، والطريقة المُثلى لتحقيق ذلك هي توفير خيارات للأطفال؛ على سبيل المثال عندما تطلب من الأطفال الكتابة عن شيء ما، اسمَح لهم باختيار الموضوع الذي سيكتبون عنه.
يُنصَح أيضاً بالسماح للأطفال باختيار النشاطات اللا منهجية "النشاطات خارج المناهج الدراسية"، فكلما شعر الأطفال بمزيد من الحرية مع الاهتمام بالبيئة والنشاطات والأسلوب التعليمي، ازدادت حماستهم للتعلُّم.
شاهد بالفيديو: 10 طرق لعلاج صعوبات التعلّم عند الطفل
3. شجِّع طفلك على التواصل الصادق والصريح:
شجِّع الطفل أو التلميذ على التعبير عن رأيه فيما يتعلق بالعملية التعليمية؛ إذ يتطلب ذلك خلق جو من الصراحة يشعر فيه الطفل بالقدرة على التعبير بأريحية عن هواجسه وما يحبَّه وما لا يحبه.
عندما يعبِّر عن رأيه، فأَظهِر له أنَّك تقدِّر مشاعره حتى لو كنتَ لا توافق على رأيه؛ وذلك لأنَّه إذا شعر الطفل بأنَّك لا تهتم بوجهة نظره، أو لا يوجد أي مجال للتجديد، فعلى الأرجح ستنخفض حماسته للتعلُّم، وأحد العوامل التي تجعل من الطفل مُتعلماً جيداً هي إدراكه لأهمية رأيه وشعوره بالاطمئنان؛ إذ يعرف أنَّ في إمكانه التعبير عن رأيه حول العملية التعليمية بأريحية دون أن يُحكَم عليه أو يتم تجاهله أو يُهمَل.
4. ركِّز في اهتمامات طفلك:
عندما يجذب أسلوب التعليم الأطفال للمشاركة في مجالات ومواد تقع ضمن اهتماماتهم، يصبح التعلُّم نشاطاً ممتعاً للأطفال يثير لديهم الحماسة؛ لذلك إذا كنتَ تسعى إلى تحسين قدرات طفلك على التعلُّم، فشجِّعه على اكتشاف المواضيع والمجالات التي تثير اهتمامه، فإذا كان يحب الديناصورات مثلاً، فساعده على اختيار كتب وقصص عن الديناصورات، ومن ثم اطلُب منه بأسلوب التحدي أن يحدد أفضل خمسة ديناصورات لديه مع شرح الأسباب التي تجعله يفضِّلها.
5. استخدِم أساليب مختلفة في التعليم:
كل طفل لديه أساليب يفضلها في التعلُّم لأنَّها تتناسب أكثر من غيرها مع طريقته في اكتساب المعلومات، ولدى بعض الأطفال أسلوب أساسي يتبعونه للتعلُّم، وبعضهم الآخر يدمج بين عدة أساليب؛ لذلك فإنَّ الأسلوب الفعال مع طفل قد لا يكون كذلك بالنسبة إلى طفل آخر، ويجب أن تساعد الطفل على اكتشاف الأسلوب الذي يفضِّله حتى تتمكن من استخدام التقنيات التي يقوم عليها هذا الأسلوب، ومن ثم تحسِّن من سرعة وجودة تعلُّمه.
توجد سبعة أساليب رئيسة للتعلُّم وهي: الأسلوب البصري، والأسلوب السمعي، والأسلوب اللفظي، والأسلوب الجسدي، والأسلوب المنطقي، والأسلوب الجماعي، والأسلوب الفردي.
مثلاً لنفترض أنَّك تشرح حدوث ظاهرة لمجموعة من الأطفال، سيتعلَّم الأطفال الذين يفضِّلون الأسلوب البصري بشكل أفضل عندما يرون كيف تحدث الظاهرة، في حين أنَّ الأطفال الذين يفضِّلون الأسلوب السمعي في التعلُّم سيفهمون بشكل أفضل عندما تتحدث إليهم عن الظاهرة؛ لذلك من المفيد أن تجعل الأطفال الصغار يكتشفون أساليب مختلفة للتعلُّم، ومن ثم توظفها من أجل تحسين جودة العملية التعليمية.
6. أَظهِر حماستك للتعلُّم:
ينخفض شعورنا بالحماسة وخاصةً عندما نحاول تعلُّم شيء جديد، لكن عندما يشعر الطفل أو التلميذ بأنَّ لديك حماسة حقيقية للتعلُّم، فإنَّه يشعر أيضاً بحماسة كبيرة للتجربة، وسواء في مادة التاريخ أم العلوم أم القراءة أم الكتابة أم حتى الرياضيات، يجب أن تجعل الطفل يشعر بأنَّ التعلُّم رحلة ممتعة من الاكتشافات المستمرة.
اغتنِم كل فرصة - دون مبالغة أو الظهور بمظهر المسيطر - لتشجيع الطفل على اكتشاف معلومات جديدة معه، فعندما يرى الطفل كيف يضفي التعلُّم على حياتك المتعة والإثارة، فإنَّه سيتحمَّس لتعلُّم أشياء جديدة أيضاً.
7. اجعَل التعلُّم ممتعاً من خلال دمج اللعب بالتعلُّم:
التعلُّم الذي يعتمد على الألعاب ليس مفهوماً جديداً؛ بل هو موجود منذ فترة طويلة وهو مفيد جداً لأسباب عديدة، فلا يوفِّر استخدام الألعاب كأداة تعليمية إمكانية تعلُّم معلومات نوعية وتطوير المهارات غير المعرفية فحسب؛ بل يشجِّع الأطفال على التعلُّم بشكل عام، فعندما يشارك الطفل في لعبة ما، فإنَّه يشعر بمتعة تعلُّم قواعدها، وهذا ينطبق سواء كانت اللعبة ترفيهية مثل ألعاب الفيديو أم واقعية مثل ألعاب محاكاة الحروب من خلال بيئة واقعية.
توفِّر الألعاب فائدة إضافية تتمثل في تحفيز الأطفال على المشاركة في عملية التعلُّم وزيادة الرغبة لديهم في تعلُّم المزيد، كما يُعَدُّ التعلُّم بواسطة الألعاب أسلوباً فعالاً للتعلُّم من خلال الفريق، والذي يمكن أن يكون مفيداً بشكل خاص للأطفال في الفصول الدراسية، أَضِف إلى ذلك أنَّ الأطفال عادةً ما يبذلون جهداً أكبر في التعلُّم القائم على الألعاب أكثر من التعلُّم من خلال المناهج الدراسية؛ والسبب أنَّ الألعاب أكثر جاذبية بالنسبة إلى الطفل.
يوجد أيضاً الجانب التنافسي؛ إذ يحاول الأطفال الفوز سواء بالمنافسات الفردية أم منافسات الفُرق، ويسعون جاهدين إلى تقديم أداء أفضل لكسب المزيد من النقاط أو من أجل المتعة.
من أجل كل ما سبق، يُعَدُّ التعلُّم بواسطة الألعاب طريقة رائعة للآباء والمعلمين يستطيعون من خلالها تقديم أفكار ومفاهيم وقواعد ومعارف جديدة وبطريقة تحفِّز الأطفال على التعلُّم.
8. ركِّز في عملية التعلُّم أكثر من التركيز في نتائج الاختبارات:
بدلاً من سؤال الطفل عن أدائه في اختبار الرياضيات بمجرد عودته من المدرسة، اطلُب منه أن يعلِّمك ما تعلَّمه في درس الرياضيات اليوم.
ركِّز فيما يتعلَّمه طفلك بدلاً من التركيز في أدائه، ففي حين أنَّ الأداء هام، إلَّا أنَّ التركيز في تجارب التعلُّم بحد ذاتها سيوصل فكرة لطفلك مفادها أنَّ التعلُّم الفعلي أكثر أهمية من درجات الاختبارات، وأنَّ النتائج ليست الشيء الأكثر أهمية، وأنَّك مهتم به أكثر من اهتمامك بأدائه، وفي النهاية عندما تركِّز في نهاية اليوم الدراسي فيما تعلَّمه طفلك بدلاً من نتائجه، فإنَّك تمنحه الفرصة ليعيد صياغة ما تعلَّمه بمفرداته الخاصة وترسيخ ما اكتسبه من معلومات.
9. ساعِد طفلك على ترتيب لوازمه المدرسية وتنظيم واجباته:
إنَّ مساعدة طفلك على ترتيب أوراقه وكتبه وتنظيم مهامه تساعد جداً على تحفيزه على التعلُّم، ويُعَدُّ عدم التنظيم أمراً شائعاً لدى الأطفال في سن الدراسة، ولكنَّه قد يؤدي إلى شعورهم بالإرهاق، ويُضيع الأطفال المرهقون الكثير من الوقت في الشعور بالاحباط والقلق أكثر مما يقضونه في التعلُّم.
تحلَّ بالصبر وثابر على مساعدة طفلك على ترتيب اللوازم المدرسية وتنظيم واجباته، فهذا يساعده على الشعور بالانضباط والتخلُّص من الإرهاق وامتلاك حافز أكبر للتعلُّم.
شاهد بالفيديو: 9 عادات دراسية بسيطة لتحسين التعلم
10. لاحِظ إنجازاته وكافِئه عليها:
من الهام أن تقدِّر إنجازات طفلك وتكافئه عليها بغض النظر عن مدى حجم هذه الإنجازات، وهذا هام بشكل خاص لأطفال المرحلة الابتدائية الذين يحتاجون إلى تعزيز إيجابي مستمر كي يبقوا متحفزين للتعلُّم وتقديم أفضل ما لديهم.
لا نعني بذلك أن تمدح أداء طفلك العادي؛ وإنَّما قدِّر إنجازاته واحتفِ بها؛ فمثلاً يستحق طفلك معاملة خاصة عندما يتجاوز اختباراً صعباً، فإذا أبلى بلاءً حسناً في اختبار الرياضيات، يمكنك أن تصطحبه إلى تناول المثلجات، والفكرة هي أن تستخدم التعزيز الإيجابي كوسيلة لتحفيز طفلك على التعلُّم.
11. ركِّز في نقاط قوته:
قد يكون التركيز في نقاط القوة لدى طفلك أمراً صعباً عندما يعاني طفلك الكثير من الصعوبات في تعليمه، لكن على الرغم من ذلك فإنَّ التركيز في نقاط قوة طفلك أمر بالغ الأهمية لتُطوِّر شخصيته عاطفياً وأكاديمياً بشكل صحي، وهو شكل آخر من أشكال التعزيز الإيجابي الذي يحفِّزه على مواصلة التعلُّم.
على العكس من ذلك يؤدي التركيز في نقاط الضعف لدى طفلك إلى إحباطه وشعوره بالانزعاج وعدم الرغبة في التعلُّم.
فلنفترض أنَّ طفلك رسب في اختبار الرياضيات ولكنَّه حاز على درجات عالية في اختبار العلوم، قدِّم له مساعدة إضافية في المادة الأولى، لكن أثنِ على درجاته في مادة العلوم.
12. اجعَل التعلُّم عملية يومية:
قد تبدو هذه النصيحة مبالغاً فيها، ولكنَّها في الواقع ليست كذلك أبداً إذا قمت بها بالطريقة الصحيحة.
شجِّع طفلك كلما وُجِدَت فرصة على استكشاف العالم من حوله، وطرح الأسئلة والربط بين الأفكار، وساعده على تصنيف أفكاره والتفكير النقدي حول ما يراه ويختبره.
سيساعد تحويل يوم طفلك إلى فرصة للتعلُّم على تحسين الحافز الذاتي لديه للتعلُّم في الفصل الدراسي أو في المنزل أو في أي مكان قد يكون فيه.
في الختام:
من خلال تطبيق هذه النصائح سيشعر طفلك بحماسة مستمرة للتعلُّم في الفصل الدراسي وخارجه، وسيستثمر كل فرصة لكسب المزيد من المعلومات مع شعوره بالمتعة.
أضف تعليقاً