11 استراتيجية علمية لمزيد من الثقة (الجزء الأول)

هل تعرف كيف تكون واثقاً بنفسك؟ أو كيف تشعر بالقوة في تعاملاتك المهنية والاجتماعية والرومانسية؟ توجد خرافة عن الثقة تقول: "إنَّ الذين لا يمتلكون الثقة لا يستطيعون أن يمتلكوها مهما فعلوا".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "فانيسا فان إدواردز" (Vanessa Van Edwards)، وتخبرنا فيه عن بعض النصائح الهامة لزيادة الثقة بالنفس.

لكنَّني في هذا المقال أرغب في دحض هذه الخرافة وإخبارك بأنَّ الثقة ليست مهارة فطرية؛ بل تستطيع تطويرها مثل أي مهارة أخرى من خلال التدريب.

إليك 11 استراتيجية علمية لمزيد من الثقة:

1. الظهور بمظهر واثق من خلال لغة الجسد:

لنبدأ بالمظهر الخارجي، ولا أقصد بذلك ملابسك أو شعرك؛ بل كل شيء عن لغة جسدك، فإذا أردت الخروج في موعد، أو النجاح في عمل ما، أو التأثير في الناس، يجب أن تتحضر وتعزِّز ثقتك بنفسك من الداخل والخارج، فغالباً ما نركِّز فقط على الكلمات التي نقولها في رسائل البريد الإلكتروني، أو في مقابلات التوظيف، أو في المحادثات؛ لكنَّ وسائل التواصل هي وسائل غير لفظية غالباً؛ أي الطريقة التي نعبِّر بها عما نريد قوله يشكِّل التواصل غير اللفظي فيها 60% على الأقل من قدرتنا على التواصل، فإذا ركَّزت فقط على كلماتك وماذا تقول، فأنت تستخدم 40% فقط من قدرتك؛ لذا يجب أن تعتاد على إظهار الثقة من خلال تواصلك اللفظي وغير اللفظي.

هل تظهر بمظهر المسيطر على الموقف عندما تشارك في حدث ما، مثل مؤتمر أو عندما تكون في مكتبك أو في المطعم؟ قد يبدو هذا سؤالاً غريباً، لكن توضح الأبحاث التي أجرتها جامعة "كولومبيا البريطانية" (University of British Columbia) ما يعني ذلك؛ إذ نبدو أكبر وذوي بنية جسدية أكثر متانة وثباتاً عندما نشعر بالفخر، ويحدث خلاف ذلك تماماً عندما نشعر بالهزيمة أو بالخجل فنبدو هزيلين وذوي بنية جسدية أصغر.

لقد راقب الباحثون الرياضيين المبصرين، والذين فقدوا حاسة البصر نتيجة حادثٍ بعد الولادة، وأولئك الذين وُلدوا كفيفين في أحداث الألعاب الأولمبية وأولمبياد ذوي الاحتياجات الخاصة المختلفة، ووجدوا تشابهاً في المجموعات الثلاثة جميعها؛ في تعبيرات الفخر عندما يفوز رياضي في حدث ما، وتعبيرات الهزيمة عندما يخسر رياضي حدثاً ما، وقد أثبتت هذه الدراسة أنَّ استجاباتنا غير اللفظية للفخر والهزيمة ليست تعبيرات نتعلمها من رؤية سلوك الآخرين في الفوز والخسارة؛ بل ردود فعلٍ فطرية.

إقرأ أيضاً: 26 إشارة من إشارات لغة الجسد تشير إلى أنَّك غير واثق من نفسك

إذاً لكي تبدو واثقاً من نفسك، يجب أن تُظهر ذلك في لغة جسدك:

أولاً: أسهل طريقة لذلك هي أن يكون لك حيزك الخاص وأن تسيطر على جسدك وتفرض وجودك من خلال الوقوف منتصب القامة أو الجلوس بظهر مشدود، وأن تُبقي ذراعيك ممدودتين بجانبك، أو أن تضع إحدى يديك أو كلتاهما على وركيك، وأن تشد كتفيك وتفتح صدرك؛ إذ ستُظهر هذه الوضعيات للآخرين أنَّك واثقٌ من نفسك؛ وتجنَّب الوضعيات الضعيفة مثل عقد ذراعيك أو تدلي كتفيك لأنَّها تشير إلى الخجل أو روح الانهزام.

هل ما زلت غير مقتنع؟ وجدت الأبحاث المنشورة في مجلة "هيلث سايكولوجي" (Health Psychology) أنَّ المشاركين في مقابلة عمل وهمية والذين جلسوا جلسة مستقيمة أفادوا بشعورهم بمزاجٍ أفضل وثقة أكبر بالنفس مقارنة بنظرائهم المتراخين.

إليك هنا جزء من هذه الدراسة:

"أفاد المشاركون الذين يتصرفون ويجلسون بثبات وباستقامة أنَّهم شعروا بمزيد من الحماسة والإثارة والقوة، بينما أفاد المشاركون ذوو الوضعيات التي تعكس الضعف أنَّهم شعروا بمزيد من الخوف والعداء والعصبية والخمول والسلبية والبلادة والنعاس والركود".

ثانياً: يُعرَف الأشخاص الواثقون من أنفسهم بقوة التواصل البصري؛ لذا لزيادة ثقتك بنفسك، تأكَّد من النظر في أعين الآخرين في أثناء تبادل الأحاديث؛ فكثيراً ما نحاول أن نشيح بنظرنا بعيداً، أو نتحقق من هواتفنا، أو نُجيل نظرنا في الغرفة في أثناء الحديث وهذا ليس تصرفاً سيئاً وحسب؛ بل يدل على ثقة ضعيفة جداً.

ثالثاً: الاندماج من خلال المواجهة الجسدية؛ أي أن توجِّه جذعك بالكامل وأصابع قدميك نحو الشخص الذي تتحدث معه؛ إذ تُعدُّ هذه الطريقة من استخدام لغة الجسد علامة على الاحترام؛ فعندما تفعل هذا، تبدو مُركِّزاً تماماً مع الشخص الآخر وواثقاً أيضاً وذا شخصية آسرة؛ لذا تأكَّد دائماً من توجيه أصابع قدميك وجذعك إلى الشخص الذي تتحدث معه.

خطوة عملية: تدرَّب على فرض وجودك والتواصل بالعين والمواجهة في محادثتك الآتية.

شاهد بالفيديو: 5 علامات تدل على أنك تفتقد الثقة بالنفس

2. التحدث بثقة:

الآن بعد أن تعلَّمت كيف تبدو واثقاً من خلال التركيز على لغة الجسد، دعنا نناقش قوة الصوت.

لا بدَّ أن يُظهر صوتك ثقتك الداخلية عندما ترد على الهاتف، أو عندما تبدأ بمحادثة جديدة؛ ففي أحيان كثيرة، نترك انطباعنا الأول لدى الآخرين من خلال التحية عند الرد على الهاتف، فهل صوتك يساعد على إظهار ثقتك أم لا؟

أجرينا هنا في مختبر "سينس أوف بيبل" (Science of People) لأبحاث السلوك البشري تجربة رائعة على القوة الصوتية، وتوصَّلنا إلى نصائح رائعة عن كيفية تحسين صوتك والاستفادة من كل محادثة هاتفية.

لقد طلبنا من المشاركين في هذه التجربة تسجيل صوتهم وهم يقولون كلمة "مرحباً" في ستة أساليب مختلفة:

  • مرحباً "عادية" (تعني السيطرة).
  • مرحباً "سعيدة" (التفكير في شيء يجعلهم سعداء وإظهار ذلك من خلال تعبيرات الوجه).
  • مرحباً "حزينة" (التفكير في شيء يسبب لهم الحزن وإظهار ذلك من خلال تعبيرات الوجه).
  • مرحباً "غاضبة" (التفكير في شيء يجعلهم غاضبين وإظهار ذلك من خلال تعبيرات الوجه).
  • مرحباً "التظاهر بالقوة" (في أثناء تبنِّي وضعية القوة).
  • مرحباً عادية.

ثم أضفنا هذه التسجيلات الصوتية إلى موقعنا الإلكتروني وطلبنا من قرائنا إخبارنا بمدى إعجابهم (أو عدم إعجابهم) بالشخص الموجود في التسجيل بناءً على "الترحيب" الذي سمعوه، واستمع القراء إلى كل مقطع وحدَّدوا الإجابات الآتية:

  • أعجبني هذا الشخص كثيراً.
  • أعجبني قليلاً هذا الشخص.
  • لم يعجبني هذا الشخص.

كانت الطريقة الأكثر إعجاباً والفائزة في إلقاء التحية من بين كل تلك الأنواع هي "التحية السعيدة"، فقد كشفت البيانات أنَّ التسجيلات السعيدة تلقت معدلات استحسان أعلى بكثير من أي ترحيب آخر، وهذا اكتشاف كبير لأنَّه يُظهر أنَّ الناس يستطيعون تحديد حالتك المزاجية عن طريق الاستماع إلى صوتك، بينما كانت التحية الغاضبة هي صاحبة التأثير الأسوأ.

خطوة عملية: يؤثِّر مزاجك في صوتك؛ إذ إنَّنا نفضِّل سماع الحالة المزاجية السعيدة بدلاً من الحالة المزاجية الغاضبة؛ لذا حاول إجراء مكالماتك الهاتفية عندما تكون في مكان هادئ، وفي حالة مزاجية هادئة ومستقرة، وقاوم الرغبة في الرد على المكالمات عندما تكون عالقاً في الزحام أو عندما تمر بيوم سيئ.

نصيحة إضافية مرتبطة بالصوت: تجنَّب نبرة السؤال

واحدة من أكبر الأخطاء التي يرتكبها الناس عندما يحتاجون إلى إظهار ثقتهم بأنفسهم بعيداً عن الكلمات هي نبرة الصوت؛ فالأشخاص الواثقون لا يستخدمون أبداً صيغة السؤال في أثناء كلامهم أو تصريحاتهم؛ على سبيل المثال، احرص على عدم نطق اسمك بوصفه سؤالاً كأن تقول "اسمي فانيسا؟"، فإذا كنت تريد لهذه الجملة أن تجعلك واثقاً حاول تخفيض نبرة الصوت في نهاية الجملة "اسمي فانيسا".

تأكَّد من استخدام النبرة الواثقة عندما تجيب عن سؤال لتظهر أنَّك متأكد من كلماتك، فقد توصلت الأبحاث إلى أنَّ النساء اللواتي يستخدمن طريقة صيغة السؤال مع رفع نبرة الصوت هُنَّ أقل جدارة بالثقة بالنسبة إلى الرجال.

3. السعادة تعني الثقة:

كثيراً ما يُسأل عن كيفية زيادة الثقة، فربما أنت تشعر بالثقة بالفعل، وهذه أخبار ممتازة، لكن ربما تطلعت إلى زيادة مستويات ثقتك أو أنَّك تسعى إلى إظهار الثقة بالنفس بانتظام في علاقاتك وتفاعلاتك اليومية في العمل.

إذا كنت مهتماً بكيفية أن تكون أكثر ثقة في العمل، فإنَّ إحدى أفضل الطرائق للشعور بالثقة المهنية هي أن يكون لديك معنى وقيمة في عملك؛ هل تعرف ما هي رسالة شركتك؟ هل تعرف ما هو تأثير عملك؟ عندما لا نعرف كيف تساهم مسؤولياتنا اليومية في المهمة الكبرى، يمكن أن نشعر بضعف الاندماج أو باليأس في مكان العمل.

لكي تشعر بمزيد من الحافز والوعي بكيفية تأثير عملك في المؤسسة الكبرى، يجب أولاً اكتشاف بيان رسالة الشركة، فقد يكون ذلك مدرجاً في صفحة "معلومات عن الشركة" على موقع الويب الخاص بهم أو قد تحتاج إلى سؤال مديرك المباشر، وإذا لم يكن لشركتك بيان رسالة فاكتب بيان رسالتك الشخصي، وضعه في مكان يسهل رؤيته على مكتبك أو علِّقه على جدار القسم.

سيكون هذا التذكير بمنزلة حافز ملموس يحثُّك على تحقيق رسالتك، ويعزِّز ثقتك في أنَّ ما تفعله هام، ومن أدوات السعادة الأخرى الاحتفاظ بمجلد نجاح على جهاز الكمبيوتر الخاص بك يحتوي على سجلات الإنجازات والشهادات وأي أمثلة أخرى جعلتك شخصاً مميزاً في العمل، فإذا مررت بيوم سيئ، افتح مجلد النجاح هذا لتذكير نفسك بقيمتك.

شاهد بالفيديو: 19 نصيحة للعثور على السعادة في الأوقات العصيبة

4. إظهار الثقة حينما تشعر بالقلق الاجتماعي:

إذا شعرت بالتوتر في المواقف الاجتماعية، فمن المحتمل أنَّك تعاني القلق الاجتماعي، ويحدث القلق الاجتماعي عندما تشعر بالعصبية أو التوتر أو عدم الارتياح في المواقف الاجتماعية لأنَّك قلق من آراء الآخرين عنك، وقد عانى الجميع تقريباً القلق الاجتماعي بوقت أو بآخر؛ فالحياة ملأى بلحظات من الوعي الذاتي، من مقابلات التوظيف إلى المواعيد الأولى؛ إذ نشعر جميعاً أحياناً بالتوتر تجاه الآخرين.

لسوء الحظ، يستطيع القلق الاجتماعي أن يثبط ثقتنا الداخلية ويجعل من المستحيل أن نكون اجتماعيين بطريقة حقيقية، لكن لحسن الحظ توجد أساليب للتغلب على قلقك الاجتماعي بعلاج يُعرف باسم العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive behavioral therapy).

يُعرف العلاج المعرفي السلوكي بأنَّه من أكثر خيارات العلاج فاعلية للقلق الاجتماعي، وقد اعتمدت عليه مؤسسات الصحة العقلية الرائدة، مثل المعهد الوطني الأمريكي للصحة العقلية (U.S. National Institute of Mental Health)، وهيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة (U.K. National Health Service).

العلاج السلوكي المعرفي هو مجموعة من النشاطات التي ثَبُتَ أنَّها تقلِّل من قلقك من خلال الممارسة المتكررة، ويتكون من جزأين رئيسين: العلاج المعرفي والعلاج السلوكي.

يعتمد الجزء المعرفي من العلاج السلوكي المعرفي على فكرة أنَّ الموقف الاجتماعي ليس هو ما يجعلك قلقاً؛ لكنَّ تفسيرك لهذا الموقف هو ما يجعلك كذلك، بينما يتضمن الجزء السلوكي من العلاج السلوكي المعرفي مواجهة المواقف التي تجعلك قلقاً للتغلب على خوفك منها تدريجياً.

إقرأ أيضاً: متى تهتز الثقة بالنفس؟ الأسباب والعلاج

في الختام:

كان هذا الجزء الأول من مقال استراتيجيات زيادة الثقة، ولقد تحدَّثنا فيه عن الثقة بالنفس وكيف نستطيع إظهارها في المواقف الاجتماعية من خلال التحكم بلغة الجسد، وكيف نتحدَّث بثقة عالية ونسمح لنبرة الصوت من خلال الحديث أن تعبِّر عن مدى ثقتنا بأنفسنا؛ وسنتابع في الجزء الثاني والأخير حديثنا عن بعض الاستراتيجيات الأخرى التي تخص زيادة الثقة بالنفس، فتابعوا معنا.




مقالات مرتبطة