10 مخاوف تمنعك من الإبداع

لعلَّك سمعت الناس يقولون أنَّ الجميع مبدعون، ولا شك أنَّ الأطفال الصغار كذلك أيضاً؛ ومع ذلك، يفقد الكثيرون منَّا تلك المَلَكة الإبداعية في فترة المراهقة وحتى البلوغ، ونتحول بذلك إلى أشخاص يخشون الأفكار الإبداعية ويتجنبونها.



يعتقد الدكتور ويل سكاتز (Dr. Will Schutz) -عالم نفسي بارز ورائد في "حركة الإمكانات البشرية"- أنَّ الخوف هو أكبر عائق للإبداع، حيث يُقيَّد الكثيرون منَّا لأنَّنا نبذل قصارى جهدنا لتجنُّب عواقب خوفنا بدلاً من ابتكار شيء جديد.

تقول إليزابيث غيلبرت (Elizabeth Gilbert)، وهي مؤلفة كتاب "طعام، صلاة، حب" (Eat, Pray, Love): "الخوف والإبداع توأمان ملتصقان، حيث يقتل جميع الأشخاص الإبداع في محاولة منهم لقتل الخوف، وهذا ما يعيقهم عن الإبداع".

تهيمن الرسائل التي تحفز على التشابه والانضباط على مدارسنا وأماكن عملنا، وذلك رغم توقنا للإبداع كبشر؛ لكن يحظى الابتكار بدرجة عالية من التقدير، ويعدُّ مساراً علينا اتباعه لمنع الخوف من كبح جماحنا في سبيل تحقيق ذلك.

إليكم المخاوف الأكثر شيوعاً وآلية التغلب عليها:

1. الخوف من أنَّك لست شخصاً مبدعاً:

لا يعتقد الأشخاص الذين لديهم هذا النوع من المخاوف أنَّهم مبدعون في المقام الأول، حيث أنشؤوا تعريفاً لذاتهم يقصي احتمال أن يكونوا مبدعين أصلاً، ويرون أنفسهم في بعض الأحيان عقلانيين للغاية، أو مملين جداً ليكونوا أشخاصاً مبدعين؛ وقد يقولون أشياء مثل: "لا أمتلك أي مَلَكة إبداعية"؛ كما أنَّهم غالباً ما ينسون الطرائق العديدة التي يُظهِرون من خلالها الإبداع في حياتهم، ويتجاهلون ذلك تماماً.

لقد روت إحدى النساء قصتها عن وقت نفد فيه أحمر الشفاه منها، ولم يكن بإمكانها تحمُّل تكلفة شراء واحد آخر؛ ولكن كان مظهرها هاماً جداً بالنسبة إليها؛ لذلك استخدمت فرشاة لدمج كميات صغيرة من أسفل أنبوبي أحمر شفاه قديمَين، وصنعت بذلك لوناً جديداً يكفي لتضعه بقية الأسبوع؛ وقد تلقت الإطراءات طيلة ذلك اليوم على أحمر شفاهها.

لقد تفجر إبداعها من خلال أمر بسيط بسبب الظروف التي وجدت نفسها فيها.

ما الذي يمكنك فعله تجاه هذا الأمر؟

لقد توصلت الجامعات والجمعيات الاستشارية التي تدعم الأشخاص الذين يرغبون في أن يكونوا أكثر إبداعاً إلى أنَّ وظيفتهم لا تكمن في تعليمهم ذلك، بل في مساعدتهم على إعادة اكتشاف الثقة الإبداعية المتأصلة التي كانوا يتمتعون بها كأطفال.

ابدأ توسيع مفهوم الإبداع لديك، فليس عليك أن تكون فان كوخ (Van Gogh)، بل ابحث عن الطرائق التي تتغلب بها على الصعاب، ولاحظ كم أنَّك مبدع بالفعل.

هل أنت شخص يمكنه إصلاح خلل ما في الكمبيوتر؟ هل تعرف ما الذي يمكنك استبداله في وصفة معينة عندما لا يتوفر لديك عنصراً ما؟ هل يمكنك إنشاء جداول بيانات من لا شيء؟

تنم هذه الأنشطة جميعها عن الإبداع بشكل أو بآخر؛ فصحيح أنَّك قد لا تكون فناناً تشكيلياً، ولكن لا يعني هذا أنَّك لست مبدعاً كأي فنان منهم.

شاهد بالفديو: 6 نصائح تساعد على تنمية التفكير الإبداعي

2. الخوف من الفشل:

يُقال لنا مراراً وتكراراً أنَّ أفضل طريقة للتعلُّم هي بالعمل والاجتهاد؛ ولكن رغم ذلك، نتعرض طيلة حياتنا إلى الانتقادات عندما نخطئ؛ لذ لا عجب أنَّنا نخشى الفشل، ولا عجب أنَّ المثالية -المقصود بها هنا التميز المشوه لدرجة كبيرة- منتشرة بكثرة في وقتنا الحالي.

تبدو العواقب المترتبة على الفشل هائلة، حيث يقولون أنَّنا لن نحصل على وظيفة أبداً إذا رسبنا في امتحاناتنا، كما أنَّنا سنفقد مصدر رزقنا حين نخفق في عملنا؛ حيث يجعل الفشل كل شيء نُقدم عليه محفوفاً بالمخاطر؛ ومع ذلك، غالباً ما يفشل أعظم رواد الأعمال والمخترعين خلال مسيرتهم، لكنَّهم يتحلون بالمرونة للتعامل مع الفشل حال حدوثه؛ وذلك لأنَّ تعلُّم آلية التغلب على الفشل هو الطريقة الوحيدة لإطلاق العنان لأنفسنا للبدء بنشاط جديد.

ما الذي يمكنك فعله تجاه هذا الأمر؟

يقول صموئيل بيكيت (Samuel Beckett): "افشل مراراً وتكراراً كي تفشل بشكل أفضل".

ابحث عن طرائق لتجربة أشياء جديدة دون الرضوخ لعواقب الفشل التي يصعب التعامل معها، وصِف الأشياء التي تقوم بها على أنَّها "تجارب" وليس إخفاقات، وستختبر بذلك شيئاً معيناً وتتعلم منه؛ كما يمكنك أيضاً تنمية حب الاستطلاع لديك من خلال إعادة تعريف النجاح على أنَّه عملية استكشاف لا تقتصر على النتيجة فحسب.

حاول تحضير وجبة تكون أنت الشخص الوحيد الذي سيتعين عليه تناولها إذا لم تكن لذيذة، وارسم بالطلاء أو الطين، واحتفظ بالنتائج لنفسك، وتذكر: يمكن أن تؤدي الأخطاء إلى أفضل النتائج، فمن يدري أي اختراع قد ينتج عن أخطائك.

إقرأ أيضاً: لم يعتبر الفشل أمراً ضرورياً قبل تحقيق النجاح!

3. الخوف من المجهول:

يتطلَّب الإبداع ألَّا يكون الناس واضحين ومحددين بشأن النتيجة النهائية لإبداعهم، وأن يتركوا المجال مفتوحاً على كل الاحتمالات؛ حيث تأخذ الابتكارات الجديدة غالباً شكلاً لم يكن يتوقعه مصممه أصلاً، سواء كان ذلك الابتكار صورة أم برنامج كمبيوتر أم عملاً جديداً.

غالباً ما تكون الابتكارات المذهلة مختلفة جداً عن الرؤية الأولية لمبتكريها، حيث يتطلب الاستعداد لخوض رحلة الإبداع التخلي عن أفكارك المسبقة، كما يتطلب أن تكون على استعدادٍ تامٍّ لاستكشاف جوانب متعددة لست معتاداً عليها.

هذا صعب عندما يبدو أنَّ البقاء تحت السيطرة هو الطريقة التي نتبعها في إدارة حياتنا المشغولة وإنجاز أعمالنا المتعددة.

ما الذي يمكنك فعله تجاه هذا الأمر؟

اعتد القيامَ بنشاطات بلا تخطيط مسبق، واذهب في نزهة سيراً على الأقدام في مناطق جديدة دون خريطة، وزُر المتاجر والمتاحف وصالات العرض التي لم تكن تزورها عادة، وحاول التواصل مع الأشخاص الذين لديهم وجهات نظر مختلفة حول العالم، والذين يمكنهم أن يساعدوك على اكتشاف احتمالات وإمكانيات جديدة لم تكن توليها انتباهك من قبل.

حاول أن تجد المتعة في هذه الأنشطة الجديدة، وتخلَّ عن التحكم ببعض جوانب حياتك، وتذكر كلمات "مارغريت أتوود" (Margaret Attwood): "لو انتظرت الكمال، لما تمكَّنت من كتابة كلمة واحدة على الإطلاق".

4. الخوف من أن تكون غير منظم وغير منطقي:

تحظى العقلانية بدرجة عالية من التقدير في ثقافتنا الحالية؛ ولكن في حين يكون النصف الأيسر للكرة المخية في دماغنا مسؤولاً عن العمليات المنطقية، يسمح النصف الأيمن بإطلاق العنان لإبداعنا بالفعل؛ وقد عبَّر ألبرت أينشتاين (Albert Einstein) عن ذلك وفق التالي: "إنَّ العقل النير نعمة مقدسة، والفكر العقلاني خادم مخلص، وقد أنشأنا مجتمعاً يكرِّم الخادم في الوقت الذي ينسى نعمه".

ما الذي يمكنك فعله تجاه هذا الأمر؟

يقول الملحن الموسيقي "جون كيج" (John Cage): "لا تحاول القيام بالإبداع والتحليل في الوقت نفسه، فهما عمليتان مختلفتان تماماً".

تذكر أنَّ لعمليات كلٍّ من نصف الكرة المخية الأيمن والأيسر مكانة في حياتك، فاستخدم جانبك غير المنظم لتوليد العديد من الأفكار مهما بدت سخيفة، واسمح لكلٍّ منها أن تصبح نقطة انطلاق لمزيد من الإبداع؛ فعندما تطلق العنان لنصف الكرة المخية الأيمن، تترك نصف الكرة المخية الأيسر حراً لصقل تلك الأفكار وتحديد أيٍّ منها ذو فائدة في حياتك.

إقرأ أيضاً: ما الذي يقوله العلماء حول تدريب العقل على بلوغ أقصى درجات الإبداع

5. الخوف من الانتقاد:

يمكن أن تجرحنا انتقادات الآخرين السيئة أحياناً، وتحرجنا أو تشعرنا بالسوء تجاه أنفسنا، وقد تمسنا هذه الأحكام في الصميم.

قد تجرحنا حتى الانتقادات غير المقصودة؛ فنشعر بعدم التقدير والإهمال، أو بالابتذال، أو بأنَّه قد أُسِيئ فهمنا حتى عندما يمتدح شخص معين عملنا لأجل أسباب نعتقد أنَّها خاطئة. يبدو أحياناً أنَّ الطريقة الوحيدة لتجنب أحكام الأخرين هي عدم فعل أي شيء يجعلنا محط انتقاد؛ ولكن باتباع هذه الطريقة، فإنَّنا نقلل من شأن أنفسنا، ونهدر الإمكانات الهائلة الكامنة فينا.

في الواقع، إنَّه لمن المرجح أن يكون أكبر ناقد لك هو عقلك بحد ذاته؛ فنحن جميعاً لدينا ناقد داخلي يزعجنا ويغذي خوفنا، حيث يحاول حمايتنا من أحكام الآخرين وانتقاداتهم؛ ولكن يمكن لذلك أن يمنعنا حتى من خوض المخاطر المعقولة أو تجربة شيء جديد في خضم هذه العملية؛ كما سيحاول اتخاذ الإجراءات الاعتيادية واتباع الأنماط الافتراضية نفسها، حتى لو لم تكن تشكل مشكلة لنا بعد الآن.

ما الذي يمكنك فعله تجاه هذا الأمر؟

لا تحكم على نواتجك الإبداعية بسرعة، واسمح لنفسك تجربة مختلف الأمور في أثناء مرحلة إبداعك وإنتاجيتك تلك، وأطلق العنان لإبداعك مهما حصل؛ وفي خضم هذه العملية، تكون وظيفتك الوحيدة هي المحافظة على سير الأمور بصورة جيدة.

يمكنك إجراء التعديلات المطلوبة بعد انتهائك من ذلك، ويكون لديك بهذه الطريقة ما تعمل عليه وتحسنه، بدلاً من خنق العملية الإبداعية في مهدها.

كن حذراً بشأن الأسلوب الذي تستخدمه عندما تقيِّم جهودك التي بذلتها في سبيل هذا العمل، وعامل نفسك بلطف، وتجنَّب الانتقادات السلبية غير المفيدة، وكن محدداً بشأن ما يجب عليك تحسينه بدلاً من ذلك.

6. الخوف من الكشف عن نفسك:

يمكن أن يكون الإبداع أمراً شخصياً للغاية، ومن شأن ذلك أن يُشعِرك بالضعف إذا أظهرته للآخرين؛ لكن كلَّما عملت بجد واجتهاد أكثر في سبيل أمر ما، ازدادت قدرتك على تجاوز منطقة راحتك، وازدادت معها أهمية الأمر بالنسبة إليك، وعَظُم شعورك بالمجازفة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالانفتاح على النقاد الخارجيين.

ما الذي يمكنك فعله تجاه هذا الأمر؟

كلَّما ازدادت أهمية عمل معين بالنسبة إليك، ازداد شعورك بالضعف؛ لذا اقلب هذه الحقيقة رأساً على عقب، كما يوصي ستيفن بريسفيلد (Steven Pressfield) في حرب الفن (War of Art): "كلَّما كنَّا أكثر خوفاً من العمل أو المهنة، علينا أن نصبح أكثر ثقة بضرورة أداء ذلك العمل".

بدلاً من التورط في الخوف، أعد التفكير في الأسباب التي تجعله يشكل أهمية كبيرة بالنسبة إليك، وفي الأمور التي تجعل ذلك الأمر ممكناً؛ واستخدم كل ذلك كحافز للتغلب على الخوف.

7. الخوف من الرفض:

نحن البشر مخلوقات اجتماعية بطبعنا، ولا تؤثر الوحدة في صحتنا النفسية فحسب، بل في صحتنا البدنية ومتوسط عمرنا المتوقع؛ لذلك، ليس مستغرباً أن نخشى الرفض.

تعلِّمنا مدارسنا الالتزام بالمعايير والأعراف الاجتماعية، فغالباً ما يُوسَم المبدعون بصفتهم أشخاصاً غريبي الأطوار، أو غير تقليديين وغريبين؛ وهذا ليس بالأمر الجديد، فقد استُبعِد الرواد على مر التاريخ لأنَّهم يتحدون الأعراف ويعرقلون العمل النمطي للمؤسسات، حيث أُجبِر غاليليو (Galile) على التراجع عن دليله بأنَّ الأرض تدور حول الشمس بدلاً من دعمه لاكتشاف المزيد، ولم يبع فان جوخ (Van Gogh) إلَّا لوحة واحدة فقط طوال سِنِي حياته، وهو أحد أكثر الفنانين إثارةً للإعجاب في العالم الآن.

ما الذي يمكنك فعله تجاه هذا الأمر؟

يوجد لدينا في العالم الحديث ميزة كبرى لم يتمتع بها غاليليو ولا فان جوخ، إذ جعل الإنترنت وتقنيات الاتصالات الأخرى العالم قرية صغيرة، وبات من الممكن لنا أن نجد مجموعة من الأشخاص يشاركوننا شغفنا وأفكارنا مهما كانت غريبة.

يقول هنري ماتيس (Henri Matisse)، الذي يعدُّ من الفنانين الرائدين في العالم: "يتطلَّب الإبداع الكثير من الشجاعة"؛ لذا اتخذ نهجاً تدريجياً للخروج من قوقعة إبداعك، واختر مجموعة تثق بها من الداعمين لك لتشارك عملك معهم؛ وعندما تكتسب الثقة بأنَّك لن تُرفَض، وسِّع تدريجياً دائرة الأشخاص الذين تريهم إبداعاتك تلك حتى لا تخفيها على الإطلاق.

8. الخوف من أنَّك لا تستحق شيئاً ما:

يقارن الكثيرون منَّا أنفسهم بالآخرين، ونجد أنَّنا راغبون في ذلك حقاً؛ لكن في الواقع، يمكن لأنجح رواد الأعمال أيضاً أن يؤمنوا أنَّهم ناجحون فقط عن طريق الصدفة، وأنَّهم خدعوا الآخرين كي يحققوا نجاحهم، وبالتالي هم لا يستحقون أن يكونوا في مكانتهم هذه.

رغم وجود أدلة تثبت عكس ذلك، والتي قد تشتمل على المديح والمؤهلات أو النتائج الإيجابية؛ فهم يشعرون بتلك المشاعر السلبية، ويعدُّ هذا الشعور شائعاً بشكل كبير، لدرجة أنَّه سُمِّي بمتلازمة المحتال (imposter syndrome)، والتي تنتشر بكثرة بين النساء ومجموعات الأقليات والأشخاص الذين جرى التشكيك في إمكانياتهم بشكل مباشر أو غير مباشر خلال حياتهم.

يمكن للأشخاص الذين يعانون من متلازمة المحتال (imposter syndrome) أن يأخذوا أي إشارة توحي بأنَّ عملهم ليس مثالياً كـ "برهان" على اعتقادهم بأنَّهم ليسوا جيدين بما فيه الكفاية، وهذا من شأنه أن يردعهم حتى عن المحاولة في المستقبل.

ما الذي يمكنك فعله تجاه هذا الأمر؟

تذكر أنَّ الأفكار الإبداعية لا تكون مثالية تماماً عند اكتشافها؛ إذ لا ينطوي أي مسعى إبداعي على الكمال، ويجب أن تفكر في ذلك كأمر طبيعي بدلاً من أن يكون علامة على عدم جدارتك.

لقد حزن الشاعر روبرت براوننج (Robert Browning) على حتمية عدم الكمال، لكنَّه قال أيضاً ما يأتي: " ينبغي أن تتجاوز قدرة الإنسان ما بين يديه، وإلَّا ما الغاية من وجود النعيم؟".

قد يجد حتى أكثر الأشخاص إبداعاً أنَّ تحقيق رؤاهم بالكامل أمر مستحيل، وتلك هي طبيعة الإنسان؛ إذ لا يعني التطلع إلى المزيد مطلقاً أنَّ جهودك ليست جديرة بالعناء.

شاهد بالفديو: 10 خطوات تجعلك مبدعاً في عملك

9. الخوف من عدم وجود مكافآت لقاء العمل:

تهيمن الصورة التقليدية للفنان الجائع الذي يعيش في كوخ صغير على ثقافتنا، ممَّا يجعلنا نعتقد أنَّ الانغماس في إبداعنا لن يؤدي إلَّا إلى الفقر والخمول؛ كما نعتقد أنَّه من الضروري اتباع مسارات وظيفية "عقلانية" للمضي قدماً، أو حتى لمجرد إطعام أسرنا؛ وتشكل أي وظيفة أخرى وصفة أكيدة للمشقة المالية.

ما الذي يمكنك فعله تجاه هذا الأمر؟

ذكِّر نفسك بالعديد من المهن الإبداعية الناجحة والمستدامة مالياً، حيث يكسب المخرجون ومبدعو الإعلانات التسويقية ومصممو الجرافيك وغيرهم لقمة عيشهم من الأنشطة الإبداعية.

تنطوي بعض هذه المهن على قدر وافر من الحظ، حيث لم يتمكن جميع الممثلين أو الرسامين والنحاتين من تحقيق نجاح كبير في حياتهم؛ ولكنَّ الجمع بين المساعي الإبداعية والوظيفة التي تكفي قوت يومنا وتبقي الخيارات الإبداعية مفتوحة هي استراتيجية يستخدمها الكثيرون بنجاح.

لا يجب أن تكون هذه الوظائف البديلة في مجالات معينة فقط، حيث يمكن لممثل معين القيام بالبرامج والحوارات الإذاعية، وتعليم الأطفال أو العمل مع رجال الأعمال على مهارات العروض التقديمية؛ كما يمكن أن ينشئ المخرجون الذين لا ينجحون في صناعة الأفلام حملات للجمعيات الخيرية أو إعلانات تسويقية للشركات.

لا تنسَ أنَّ الإبداع جزء متأصل في كل وظيفة تقريباً، ويمكن اعتبارك شخصاً مبدعاً طالما كان بإمكانك إيجاد طريقة أفضل للقيام بعمل معين حتى لو كنت تعمل في مصنع.

يجعل تثبيط الإبداع المتأصل في البشر استبدالنا بالروبوتات أمراً سهلاً جداً؛ لذا اجعل نفسك قيِّماً من خلال استخدام إمكاناتك الإبداعية في أي دور وظيفي تشغله.

إقرأ أيضاً: تعرّف على أنواع الخوف وأهم طرق السيطرة عليه

10. الخوف من اتخاذ الخطوة الأولى:

يشكل البدء عادة الجزء الأصعب عند القيام بأي عمل يستحق العناء، وقد يدفعك وضع الآمال والتوقعات للعمل الذي تريد القيام به إلى الخوف قبل البدء، وقبل الانخراط في القضايا والمشكلات الحقيقية أصلاً.

قد يصبح عقلك مشوشاً بالتفكير السلبي في هذا الوقت بالذات، ويملؤك القلق بدلاً من العمل؛ أو يحصل ما هو أسوأ من ذلك، ويصبح عقلك خالياً من الأفكار المفيدة، ويعيقك عن العمل.

تعدُّ حالة قفلة الكاتب (Writers block) معروفة جيداً بالنسبة إلى جميع الكتَّاب، ولكن ينطبق التأثير نفسه على الأنشطة الإبداعية كافة؛ ممَّا يترك الناس يماطلون ويشوهون سمعتهم المهنية، حيث تؤثر حالة قفلة الكاتب (Creative block) حتى على الأشخاص المعروفين والمبدعين بحق.

لقد جعل "دوجلاس آدامز" (Douglas Adams) -مؤلف كتاب "دليل المسافر إلى المجرة" (The Hitchhikers Guide to the Galaxy)- محرري كتبه يحتجزونه في جناح فندقي لمدة ثلاثة أسابيع لحمله على تأليف كتاب "وداعاً وشكراً على جميع الأسماك" (So Long and Thanks for all the Fish)، وهو الكتاب الرابع في سلسلة المسافر (Hitchhiker series)؛ ذلك لأنَّه قد أجَّله لفترة طويلة جداً.

ما الذي يمكنك فعله تجاه هذا الأمر؟

يقول العديد من المؤلفين أنَّهم لا يؤمنون بحالة قفلة الكاتب (Writers block)، ويضيفون بأنَّ كل ما تحتاجه فعلاً هو الانضباط لتبدأ مجدداً.

اكتب أي شيء يخطر في بالك، حتى ولو كان ذلك مجرد هراء؛ وصِف المشهد خارج نافذتك، وتخيل نفسك تبدأ في منتصف القصة بدلاً من بدايتها، ولا تقلق بشأن جودة القصة؛ وابدأ فحسب، وستكرُّ السُبَّحة لا محالة.

ينطبق الأمر نفسه على الأنشطة الإبداعية الأخرى، فمثلاً: التقط فرشاة رسم ولطِّخ قطعة من القماش بالألوان، واعزف نوتة على آلتك الموسيقية، وجرب حلاً لمشكلة معينة حتى إذا كنت تعتقد أنَّه لن ينجح.

إقرأ أيضاً: الإبداع في زمن الكورونا

حاول أن تجد حلولاً للمشكلات بدلاً من ترقبها، وحدد وقتاً تلتزم فيه بفعل شيء معين أنت تختاره حتى لو كنت تعلم أنَّ ذلك لن يكون بالأمر اليسير؛ ففي جميع الأحوال، يمكنك التعديل على ما فعلته لاحقاً، حيث يشطب الكتُّاب في أغلب الأحيان الفقرة الأولى من كتابهم، أو حتى الفصل الأول بالكامل ويعيدون كتابته بما يتلاءم مع سير القصة.

يذكرنا فرانكلين روزفلت (Franklin D. Roosevelt) بذلك من خلال حديثه: "اسمحوا لي أن أؤكد إيماني الراسخ بأنَّ الشيء الوحيد الذي يجب أن نخشاه هو الخوف نفسه؛ فذلك هو الذعر مجهول الهوية، وغير المستند إلى المنطق، وغير المبرَّر الذي يشل الجهود اللازمة لتحويل التراجع إلى تقدم".

كي تحول التراجع إلى تقدم، عليك أن تتخلَّص من مخاوفك، وتطلق العنان لإبداعك؛ لذا افعل ذلك، وامضِ قدماً لتحقيق ما تريد.

 

المصدر




مقالات مرتبطة