10 عادات مؤذية تستنزف طاقتك

أنصت إليَّ قليلاً، أتعلم تلك اللحظة عندما تقود سيارتك في مكانٍ غير مألوف رافعاً صوت المذياع في حين تتابع توجيهات جهاز تحديد المواقع على الشاشة؟ ثمَّ تصل فجأة إلى مسارٍ مُحيِّر؛ فتضعف صوت المذياع على الرَّغم من عدم تأثيره في قدرتك على قراءة التوجيهات.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (Marc Chernoff)، ويُحدِّثنا فيه عن عشرة عادات مؤذية تستنزف طاقتك.

هذه اللحظة تمثِِّل حياتك، والمذياع الذي اضطررت إلى تخفيض صوته لتستطيع التركيز يمثل الضجيج المشتت القابع في رأسك مستنزفاً طاقتك، فخفض صوت مذياع السيارة يعيد النشاط إلى دماغك ويمنحك الصفاء الذهني الذي تحتاج إليه، وأنت لا تعرف سبب ذلك؛ لكنَّك تعي تأثيره.

الآن دعنا نطبِّق المبدأ نفسه على كل ضجيج في حياتك بدءاً بالضجيج في رأسك، لكن كيف؟

عليك أولاً أن تقصي العادات المؤذية التي تستنزف طاقتك وتدعم هذا الضجيج، بعد عشر سنين من الخبرة في تقديم تدريب الحياة أقدِّم لك قائمة بعشرٍ من هذه العادات التي رأينا أنا وزوجتي أنجل آلاف الناس يعانونها مراراً:

قائمة بعشرٍ من العادات التي تستنزف طاقتك:

1. التظاهر بأنَّ الأمور على ما يرام على الرَّغم من كونها على النقيض من ذلك:

أتشعر بالإرهاق؟ وترغب في الاستسلام؟ لا بأس في ذلك، لست رجلاً آلياً، وإن كنت كذلك حتماً ستتوقف لضرورة الإصلاحات أحياناً، فلا عار في أن تصارح نفسك حيال شعورك بالإرهاق أو الشك والضعف.

إنَّه جانب طبيعيٌّ من إنسانيتنا، ووعيك بهذه الحقيقة البسيطة يعني قدرتك على تغيير مسار الأمور، لا ضرر بالانهيار لفترة، فأنت لست مضطراً أن تتظاهر بالقوة طوال الوقت، ولا حاجة لأن تثبت أنَّ كل شيءٍ على ما يرام.

لا تشغل نفسك بما يفكر فيه الآخرون أيضاً، عليك البكاء إن احتجت إلى ذلك، فالبكاء فعل صحيٌّ كلَّما أسرعت بالقيام به اقتربت أكثر من استعادة سعادتك.

شاهد بالفيديو: 12 طريقة للعودة إلى المسار الصحيح عندما تسوء الأمور

2. السماح لألم الماضي بتخريب الحاضر:

إنَّني أقوى بسبب الصعاب، وأكثر حكمة بسبب أخطائي، وأكثر سعادة لأنَّني تذوقت الحزن، وأنت أيضاً كذلك، مع كل حديث شائك خضته مع أي شخص تعلمتَ شيئاً عن نفسك، وفي كل محاولة توجد فرصة لفهم أعمق لذاتك والتعلم من ذلك، وفي كل ضيقٍ وألم وعذاب وخيبة أمل وخوف توجد حكمة؛ لذا تذكر أنَّ لا شيء سيِّئ بالقدر الذي يبدو عليه، وتوجد فائدة ونعمة خفية في طيات كل تجربة ونتيجة.

إيَّاك أن تتخلى عن الحاضر بناءً على ما كان عليه الماضي، لا تثقل نفسك به حتى، فكل يومٍ هو يومٌ جديد للمحاولة مجدداً.

3. الإيمان بأنَّ أفضل أيامك قد ولَّت، أو لمَّا تأتِ بعد:

إنَّك تُمضي حياتك في متاهة متأملاً كيف ستجد المخرج يوماً، وكم سيكون هذا مذهلاً، ويمدك تَأمُّل هذا المستقبل النقي بالحماسة للمضي؛ لكنَّك عوضاً عن ذلك تتسمَّر مكانك وتلجأ إلى المستقبل للهروب من الحاضر، وهذا بالذات ما يغلب كثيراً منَّا ويحرمهم السعادة، والأمر نفسه ينطبق على انشغال التفكير بالماضي.

عليك تقبُّل أنَّ لديك يومان فقط في السنة لا تستطيع تغييرهما، الأمس والغد؛ لذا اليوم وبالتحديد الآن هو دوماً الوقت الصحيح للحب، والضحك، والعمل، والعيش بشجاعة، وهذه اللحظة تحتاج اهتمامك الخالص؛ إذ إنَّها الزمان والمكان الوحيدين اللذين تكون فيهما فعلاً على قيد الحياة.

إقرأ أيضاً: 9 عادات تُعيقك عن المضي قدماً نحو النجاح

4. محاولة التمسك بما كنت عليه قبل إحدى انتكاسات الحياة:

المِحن كالأعاصير التي تجري رياحها بخلاف ما تشتهيه سفنك، ولا يكمن أثرها بمنعك من الوصول لوجهتك فحسب؛ بل تنتزع منك كل شيء عدا ما لا يمكن انتزاعه من جوانب ذاتك البشرية المتجذِّرة.

لذا بعدها ترى ذاتك على حقيقتها لا كما تمنيت أن تبدو، إنَّه لأثرٌ عظيم، قد يبدو مستحيلاً الآن إلا أنَّك ستنظر يوماً ما إلى الماضي؛ لترى المحن التي مررت بها وتشكرها بصمت، فمحن الحياة هي ما علَّمت كثيراً منَّا صفات التعاطف واللطف والنبل التي كنا ربَّما سنُحرم منها دونها إلا أنَّنا ننعم بها الآن، ونستطيع تشاركها مع من حولنا؛ إذ أصبحت متجذِّرة داخلنا.

5. ممانعة التغير والنمو:

عليك دوماً متابعة ذاتك، والسؤال: "هل أنا أسعى خلف السعادة أم النمو؟"؛ إذ إنَّ النمو ليس عملية تؤدي إلى السعادة دوماً، والسعادة ليست شعوراً يؤدي إلى النمو دوماً.

كلاهما هدف سليم عند الموازنة بينهما، والأمر الهام هو أن تعي دوماً أهمية المرور بمشاعر مضطربة، وغالباً ما يأتي شعور عدم الارتياح هذا في الوقت المناسب؛ لذا لا تتجنبه؛ بل تقبَّله، وسخِّر طاقتك في تغيير ما يحتاج التغيير، فعملية النمو تبدأ في فترات اضطرابك؛ لذا عندما تلمس شعوراً مشابهاً داخلك، اعلم أنَّ التغيير الذي يوشك على الحدوث هو بداية جديدة في حياتك لا نهاية.

6. القلق دون اتخاذ إجراء:

القلق عدو عيش اللحظة الراهنة، وجل ما يفعله هو سرقة فرحتك وشغلك في عبثٍ لا طائل منه؛ كأن تُشغِل خيالك فيما لا يرضيك؛ لذا أوقف هذه العادة المؤذية، فإرهاق نفسك في بذل المجهود أفضل من استنزاف نفسك في القلق فقط؛ لذا لا تضيِّع جهدك في تفادي بذل الجهد؛ بل انطلق وأنجز مهامك، و اسأل نفسك عن أولوياتك وتحلَّ بالشجاعة لعيش يومك بناءً على إجابتك.

7. التضحية بنفسك من أجل الآخرين:

دعك من التضحية بنفسك طوال الوقت؛ فإن فعلت لن يبقَ كثيرٌ في جعبتك لتقدمه لأيِّ أحد ولا حتى أحبائك، كلَّما شعرت بأنَّك مقيَّد وعلى وشك الاختناق دعني أذكرك أن توفر لنفسك مجالاً للاسترخاء أولاً، فالاعتناء بنفسك لا يجعل منك شخصاً أنانياً؛ بل شخصاً معطاءً، في الحقيقة، إنَّه أبهى حلل العطاء التي يمكن أن تتحلى بها.

فقط الاعتناء بنفسك سيمكنك من الاعتناء بالآخرين، ولكي تحظى بعلاقة عطوفة وداعمة مع أحدٍ ما عليك أولاً أن تكون صديق نفسك المخلص؛ أي تعلَّم أن تحبَّ نفسك، وبذلك تشارك هذا الحب مع من يهتم لأمرك عوضاً عن البحث عن الحب لتعوض نقص الحب لذاتك.

8. أخذ كل شيءٍ على محمل شخصي:

ستنعم بكمٍّ هائل من الراحة عندما تتجنب أخذ الأشياء على محمل شخصي، ونادراً ما سيفعل الناس شيئاً بسببك في كل الأحوال، الناس تفعل ما تفعل لأسبابها الخاصَّة؛ لذا حتَّى إن بدا الأمر شخصياً تذكَّر احتمالية عدم كونه كذلك، وإن وجدت نفسك ساخطاً متألماً أو ضحية فعل أحدٍ ما حاول أن تجد داخلك أيَّة بذرة سلام، ففي صميم سلوكه ستجد انعكاساً للألم الذي يخالجه، كم هي مضطربة روحه، كم كابد قلبه كي يسمح لنفسه بالتصرُّف بطريقة لا تمتُّ للنزاهة بصلة.

إقرأ أيضاً: 10 ملاحظات لنفسك ستمنعك من أخذ الأمور على محمل شخصي

9. السماح للتفكير السلبي بالسيطرة عليك:

لا تصدق كل ما تسمع، حتى في حديثك مع ذاتك اختر أن تكون بائساً وستجد وابلاً من الأسباب لبؤسك، واختر أن تكون راضياً وستجد وابلاً من الأسباب للرضى؛ الأمر بهذه البساطة معظم الأحيان، فالحديث عن همومنا هو أكبر إدمان نعانيه نحن البشر؛ لذا تخلَّص من هذه العادة، وعوضاً عن ذلك تحدَّث عن أحلامك وعن مشاعر السعادة والحب التي تعتريك، وكن إيجابياً وودوداً ومبدعاً ومضحكاً وممتعاً في الوقت نفسه وستكون بحال أفضل.

10. الامتناع عن إطلاق العنان لنفسك وتجربة أشياء جديدة:

الوصول للسعادة الحقيقية يتطلب الشجاعة، و"المخاطرة بأن تكون عرضة للظهور بمظهر المغفَّل"؛ أقصد هذا النوع من الشجاعة، فليس هيِّناً التساهل حيال نقاط ضعفك، فأن تغوص عميقاً في جوهر وجودك وليس فقط أن تحب عيوبك وتتقبلها؛ بل أن تشاركها أمام الآخرين؛ لذا عليك بالمبادرة لكسر النمطية والتوقف عن الاكتراث بآراء الآخرين، واتخاذ موقف؛ إذ علينا جميعاً التمهل للابتعاد عن وتيرة حياتنا السريعة، واستثمار لحظةٍ لتأمل السماء دون مراقبة صندوق الرسائل الواردة، ولمشاهدة الغروب دون مشاركة صوره على إنستغرام، وتحرير أنفسنا لنكون من نحن حقاً، وعلينا أن نُنحِّي غرورنا جانباً ونقول نعم للحظة الراهنة، وللحب، وللمخاطرة، وتقبُّل الألم المرافق لها، والأهم أن نقول "نعم" لفرص الحياة.

في الختام:

إن شعرت أنَّك تمتلك إحدى هذه العادات المؤذية تذكر أنَّك لست وحدك، فجميعنا نتوه في ضجيج أرواحنا من حين إلى آخر ونقوم بأشياء تحدُّ من إمكاناتنا؛ الحل هو الوعي وملاحظة عاداتنا، وتغييرها عند الحاجة.




مقالات مرتبطة