10 خرافات شائعة ومفاجئة في علم النفس والعلم الحقيقي الكامن وراءها

قد يكون معظم ما تعرفه عن علم النفس كذبة، فعلى مدى العقود الماضية، أدَّى علم النفس الشعبي إلى ظهور عشرات الخرافات التي أعطت الناس إحساساً زائفاً بفهم كيفية عمل أدمغتهم وكيفية تفسير سلوك مَن حولهم.



إنَّ الهدف من هذا المقال هو تعليم العلم الحقيقي الذي يقود أفكارنا وسلوكاتنا؛ لذلك نستعرض أكثر عشر خرافات شائعة في علم النفس، مع شرح سبب كونها خاطئة:

1. إنَّ الابتسام سرُّ السعادة:

الخرافة:

روَّج علم النفس الإيجابي لفكرة أنَّك إذا كنت تمرُّ بيومٍ سيِّئ، فكل ما عليك فعله هو الابتسام وستصبح سعيداً؛ فإذا كان من السهل تحسين حالتك المزاجية، فيمكننا جميعاً أن نكون سعداء كل يوم، لكن كما أنَّ الابتسام لا يمكن أن يحلَّ مشكلاتنا، فلا يمكنه أيضاً أن يزيل التعاسة التي تنجم عن خوض تجربةٍ من الأحداث السلبية، والاعتقاد بأنَّها قد تؤثر سلباً في الصحة العقلية.

توجد مشكلة أخرى في هذه الخرافة، وهي أنَّها تروِّج لفكرة أنَّنا يجب أن نكون سعداء طوال الوقت، وهذا قد يجعل الناس يشعرون بالسوء، فإنَّ الابتسامة المزيفة لا تكفي لجعل الناس يشعرون بالتحسُّن.

مع ذلك، توجد بعض الحقيقة في هذه الخرافة، فإذا كنت تقضي يوم إجازة دون أي مشاعر سلبية يمكن تحديدها، كالحزن أو الغضب أو الخوف وما إلى ذلك، فإنَّ الابتسام يمكن أن يحسِّن من مزاجك، وهذا لأنَّك لا تحاول إجبار نفسك على الانتقال من عاطفة قوية إلى أخرى، لكن بدلاً من ذلك تختار الانتقال من حالة محايدة نسبياً إلى حالة إيجابية، ومفتاح ذلك يكمن في تأدية ابتسامة حقيقية، وليس ابتسامة مزيفة.

فقد تتسبَّب السعادة الحقيقية في تنشيط العضلات القريبة من العين، لذلك إذا حرَّكت شفتيك فقط للأعلى، فلن يتلقَّى عقلك الإشارة ليكون سعيداً.

العلم وراء الخرافة:

إذا كنت تمرُّ بمشاعر سلبيةٍ، مثل الغضب أو الحزن أو الخوف أو ما إلى ذلك، فإنَّ الابتسامة المزيفة لإخفاء عواطفك ستزيد من شعورك سوءاً، ويُظهر أحد الأبحاث أنَّ كبت المشاعر يرفع من مستوى التوتر لديك، ويمكن أن يتسبَّب في التفكير في المشاعر السلبية لفترةٍ أطول ممَّا لو عبَّرت عن مشاعرك في تلك اللحظة.

من الواضح أنَّ بعض الظروف - مثل البيئات المهنية أو الأماكن العامة الأخرى - قد لا تكون أماكن مناسبة للتعبير عن مشاعرك؛ لذا قد تكون الابتسامة المزيفة ضرورية، لكن عندما تفعل ذلك تحقَّق داخلياً من مشاعرك حتى لا تواجه الآثار السلبية لكبتها بالكامل.

2. يزيد التظاهر بالقوة ثقتك بنفسك:

الخرافة:

في أكثر الأحاديث شهرة على منصة "تيد" (TED)، شاركت اختصاصية علم النفس بجامعة "هارفارد" (Harvard) "إِمي كادي" (Amy Cuddy) بحثها عن أنَّ التظاهر بالقوة جسدياً قدر الإمكان، يقلِّل من هرمونات التوتر لديك، ويزيد من مستويات هرمون "التستوستيرون" هرمون القوة، ويجعلك تشعر بمزيدٍ من الثقة.

لقد انتشرت دراستها على نطاقٍ واسع، وأصبحت وضعية القوة هي الشيء الذي يجب القيام به قبل الاجتماعات والمقابلات والعروض التقديمية الهامة لتحرص على نجاحك.

العلم وراء الخرافة:

كرَّر مجموعة من الباحثين دراسة "إِمي كادي" باستخدام خمسة أضعاف عدد المشاركين، ولم يجدوا أي مؤشرٍ على أن نتائجها صحيحة؛ إذ يُشتبه في أنَّ "كادي" وزملاءها الباحثين إمَّا قد ارتكبوا خطأ في الدراسة و/ أو تلاعبوا ببياناتهم لتحقيق نتيجة ذات دلالة إحصائية.

بعد أن عَلِم الناس بدراسة "كادي"، أكَّد معظمهم أنَّ اتخاذ وضعيات القوة قد ساعدتهم على الشعور بمزيد من الثقة؛ إذ من المُحتمل أن تكون مشاعرهم ناتجةً عن تأثير الدواء الوهمي والناجم عن الإصغاء إلى شخصٍ خبير يُخبرهم عن مدى فاعلية اتخاذ وضعية القوة، ومع ذلك لا يوجد بحث داعم يشير إلى أنَّ التظاهر بالقوة له التأثير البيولوجي الذي تدَّعي "كادي" أنَّه يمتلكه.

شاهد بالفديو: 12 قانون في علم النفس إذا فهمتها ستُغيّر حياتك

3. تتجاذب الأضداد وتصنع شركاء أفضل:

الخرافة:

يعتقد بعض الأشخاص أنَّ الناس ينجذبون إلى أشخاصٍ مختلفين تماماً عنهم، لكنَّ تلك خرافة أخرى، فأحد الأسباب الرئيسة لشعبية هذه الخرافة هو أنَّ الناس يؤمنون بالمنطق الخاطئ الذي يقول إنَّنا ننجذب إلى الشركاء الذين لديهم سِمات مخالفة لسماتنا، لأنَّهم أكثر إثارة للاهتمام، وذلك سيؤدي إلى علاقة متوازنة.

العلم وراء الخرافة:

يوجد كثير من الأبحاث التي تُظهر أنَّ خلاف ذلك هو الصحيح، فنحن ننجذب إلى الشركاء الذين يشبهوننا، وليس ذلك فحسب، بل يُعَدُّ التشابه أيضاً مؤشراً على نجاح العلاقة على الأمد الطويل؛ لأنَّ الأشخاص المتشابهين يتفقون عادةً على مزيد من الأمور، ويتشاركون نفس أساليب التواصل.

4. يصبح الناس أكثر إبداعاً عندما يقومون بالعصف الذهني ضمن مجموعات:

الخرافة:

أصبح عالم الأعمال اليوم أكثر حرصاً من أي وقتٍ مضى على تعزيز التعاون بناءً على الاعتقاد الشائع بأنَّ كثرة الآراء أفضل من رأي واحد، ففي حين أنَّه من الصحيح أنَّنا نستفيد من الحصول على التغذية الراجعة والتعلُّم من بعضنا بعضاً، إلا أنَّه من الخرافة الاعتقاد أنَّ المجموعات يمكنها القيام بالعصف الذهني بأسلوب أفضل من الأفراد وحدهم.

العلم وراء الخرافة:

وفقاً لِـ "المعهد الأمريكي للفنون التصويرية" (American Institute of Graphic Arts)، ومجموعةٍ من الأبحاث الأخرى، تملك جلسات العصف الذهني الجماعية ثلاث خصائص تحدُّ من الإبداع، وهي:

1. الارتساء:

وهو التحيُّز المعرفي الذي يجعلنا نواجه صعوبة في النظر في خياراتٍ أخرى بمجرد أن "نثبت" على خيارٍ نحبه؛ إذ غالباً ما يسمع أفراد المجموعة فكرةً جيدةً في بداية جلستهم، ويفشلون في التوصُّل إلى المزيد، وربما إلى أفكار أفضل بعد ذلك.

2. التفكير الجماعي:

يتعزَّز الارتساء من خلال التفكير الجماعي، فالتفكير الجماعي هو عندما يؤدي ضغط الأقران - سواء كان مقصوداً أم لا - إلى تفكير أعضاء المجموعة بنفس الطريقة، ممَّا يمنع من سماع الأفكار الفريدة أو حتى التحدث بها بصوتٍ عالٍ.

3. الضغط:

إنَّ الاضطرار إلى ابتكار أفكار جيدة في الحال وأنت محاط بزملاء العمل الذين قد يرغبون في إثارة الإعجاب، يمكن أن يشكِّل ضغطاً لا يُصدَّق على بعض الأشخاص، وهذا يحدُّ من قدراتهم على التفكير الإبداعي.

لذا بدلاً من العصف الذهني الجماعي، امنح الأشخاص الفرصة للتحدث بطريقة فردية أو في مجموعات صغيرة، حتى يتمكَّنوا من التوصُّل إلى عدة لأفكار إبداعية قدر الإمكان، ثمَّ اطلب منهم مشاركة أفكارهم مع الفريق للحصول على التغذية الراجعة.

إقرأ أيضاً: استراتيجية العصف الذهني ودورها في حل المشاكل

5. يساعدك التنفيس على التغلُّب على الغضب:

الخرافة:

كما تحدَّثنا في خرافة السعادة، فإنَّ كبت المشاعر ضار، وكذلك ينطبق نفس الأمر على التنفيس عنها؛ إذ يعتقد كثير من الناس أنَّ أسرع طريقة للتعامل مع الغضب هو الصراخ والعنف وإخراج كل شيءٍ في داخلهم.

العلم وراء الخرافة:

يظهر بحث أنَّ التنفيس يملك تأثيراً مناقِضاً للغاية المُرادَة؛ فبدلاً من أن يهدِّئك ذلك، فإنَّه يزيد من غضبك، وهذا يجعلك أكثر غضباً ولفترةٍ أطول من الوقت؛ لذا بدلاً من التنفيس عن غضبك، عبِّر عنه بطريقة أكثر إنتاجية، مثل الابتعاد قليلاً عن الموقف المحفِّز للغضب، وتحديد أسباب غضبك، ومعرفة ما إذا كنت تستطيع إصلاح أي منها، أو توجيه غضبك نحو نشاطٍ معين، مثل التمرينات الرياضية، أو الفن.

6. هيمنة أحد النصفين الأيمن أو الأيسر من الدماغ:

الخرافة:

ربما قد سمعتَ شخصاً مبدعاً يدَّعي أنَّ النصف الأيمن من الدماغ يُهيمن عليه، أو شخص يفكِّر بصورة تحليلية يقول إنَّ النصف الأيسر من الدماغ يهيمن عليه؛ فإنَّ فكرة أنَّ لدينا جانباً مهيمناً في دماغنا يحدِّد مستوى فنِّنا أو منطقنا تستند إلى الكيفية التي يتحكَّم فيها كل نصف من دماغنا بالنشاطات المختلفة.

العلم وراء الخرافة:

إنَّ فكرة أنَّ لدى الناس جوانب مختلفة مهيمنة في أدمغتهم خاطئة تماماً؛ إذ يظهر بحثٌ أنَّ كلَّ شخصٍ يستخدم كلا الجانبين من دماغه بالتساوي، فمع أنَّ معظم القدرات تستند إلى مناطق مختلفة من الدماغ، فإنَّه يمكن تنفيذها من خلال الروابط التي تتكوَّن بين الأجزاء المختلفة.

فبناءً على نمط حياة الفرد، من الممكن أن تصبح أقسام معينة من الدماغ أقوى، لأنَّ الدماغ قد تكيَّف في هذه الحالة ليكون خاضعاً لنفس الظروف لفترةٍ طويلةٍ من الزمن؛ ومع ذلك يحدث ذلك في أجزاء منفردة من الدماغ وليس في نصف كامل منه.

إقرأ أيضاً: 22 حقيقة مذهلة عن دماغ الإنسان

7. لدى الرجال والنساء أساليب مختلفة تماماً في التواصل:

الخرافة:

لا بُدَّ أنَّك قد سمعت صديقاً يشتكي من أنَّه يواجه صعوبة في التواصل مع الجنس الآخر، أو في فهم ما يفكِّر فيه الجنس الآخر، وتستند هذه الخرافة إلى الاعتقاد بأنَّ الرجال والنساء مختلفون تماماً، كما لو أنَّهم يتحدثون لغات مختلفة.

العلم وراء الخرافة:

نظراً لأنَّ ثقافتنا أصبحت أكثر قبولاً للأشخاص الذين لا يتصرَّفون وَفقاً للأدوار المحددة لكل من الجنسين، فقد وجدت الأبحاث أنَّ الرجال والنساء لا يختلفون نفسياً كما يمكن أن نعتقد.

ففي مقالٍ نشرته "جمعية علم النفس الأمريكية" (American Psychological Association)، يميل الناس إلى التواصل والتصرف وَفقاً لاختلاف أدوار كل من الجنسين في بيئتهم، لكن عندما تزيل توقعاتك عن التواصل وَفقاً لاختلاف الجنس، سترى أنَّ الرجال والنساء يتواصلون بأسلوب مشابه جداً.

8. يعاني معظم الناس من أزمة منتصف العمر:

الخرافة:

يبلغ الناس الأربعينيات من العمر وفجأةً إمَّا أن يدركوا أنَّ حياتهم لا تسير بالطريقة التي أرادوها دائماً، أو يشعرون بالرعب من انتهاء سنوات شبابهم، والشيء التالي الذي يحدث هو أنَّهم يشترون الممتلكات للاستمتاع، ويقومون بتغييرات جذرية في حياتهم المهنية، أو يصبغون شعرهم، أو يطلبون الطلاق، أو يقومون بتغييرات اندفاعية أخرى للتعامل مع التقدم في العمر.

العلم وراء الخرافة:

يقدِّر الباحثون أنَّ نحو 10% من السكان يعانون من أزمة منتصف العمر، وأنَّ البقية يتقدَّمون في عمرهم خلال الأربعينيات والخمسينيات دون أن يفقدوا عقلانيتهم؛ إذ سنواجه عدة تحديات، وقد نقوم ببعض الأمور النمطية للتعامل مع أزمة منتصف العمر، لكن دون أن نخسر أنفسنا في هذه العملية.

شاهد بالفديو: 7 نصائح للرجال لاستقبال سن الأربعين بنجاح

9. تستقر شخصيتك عندما تصبح بالغاً:

الخرافة:

يعتقد كثير من الناس أنَّك عندما تبلغ الـ 25 من العمر، يكون دماغك قد تطوَّر تماماً، وأنَّه باستثناء تأثيرات التجارب المؤلمة، تظل شخصيتك البالغة مستقرة نسبياً، وينطوي جزء من جاذبية هذه الخرافة على أنَّه بحلول العام الـ 25 يشعر معظم الناس أنَّه يجب أن يتقدَّموا نحو أهداف مستقرة، فنحن لا نحب أن نعتقد أنَّنا غير مستقرين بطبيعتنا بصفتنا بشراً.

العلم وراء الخرافة:

أخذت دراسةٌ بياناتٍ شخصيةً من 132,515 شخصاً، ووجدت أنَّ السمات الآتية تتغيَّر مع مرور الوقت:

  • يصبح الناس أكثر قبولاً؛ (أي على استعداد للتعاون مع الآخرين) مع تقدمهم في السن.
  • تصبح النساء أقل عصبية (حساسة عاطفياً) مع تقدمهن في العمر.
  • يصبح الرجال والنساء أقل انفتاحاً؛ (أي يصبحون حريصين ومستعدين لخوض تجارب جديدة) مع تقدمهم في العمر.
  • تزيد أخلاقيات العمل (والتركيز على التفاصيل) مع التقدم في العمر.

فقد تبدل هذه التغيُّرات رغباتنا وسلوكاتنا مع تقدمنا في العمر، وتفضح زيف فكرة أنَّ شخصياتنا تنضج تماماً في مرحلة البلوغ.

10. يستخدم الشخص العادي 10% من قدرة دماغه:

الخرافة:

بدأت هذه الخرافة في منتصف القرن التاسع عشر إلى أواخره، وذلك عندما قارن الباحثون قدرات التعلُّم وإنجازات الطفل المعجزة بالشخص العادي، والذي يكون أقل تحفُّزاً فكرياً.

لقد توسَّعت الخرافة في القرن العشرين عندما لاحظ الباحثون الذين لم يفهموا وظائف جميع أجزاء الدماغ أنَّ أجزاءً كثيرةً من أدمغة الناس بدت غير نشطة، وهذا دفعهم إلى الاعتقاد بأنَّ الناس يستخدمون نحو 10% من السعة الكاملة للدماغ.

العلم وراء الخرافة:

يُظهر بحث حديث أنَّه على مدار اليوم نستخدم 100% من أدمغتنا، فالمفتاح هنا هو أنَّ ذلك يتم على مدار اليوم بأكمله وليس دفعةً واحدة؛ إذ يقوم كل جزء من دماغنا بوظائف مختلفة.

لذلك، في حين أنَّ الأقسام التي تتحكَّم بالعمليات الأساسية مثل التنفس والحواس تبقى نشطةً بلا توقف، فإنَّ الأجزاء الأخرى المسؤولة عن نشاطاتٍ مثل الاستجابة للخوف، وحل المشكلات، وما إلى ذلك، تتنشط فقط عند الضرورة، وبالنظر إلى ذلك، فإنَّ أنماط حياة بعض الناس تجعل أدمغتهم أكثر نشاطاً من الآخرين، لكنَّنا جميعاً نستفيد من كل قدرات أدمغتنا.

المصدر




مقالات مرتبطة