تساعد المهارات الشخصية في بناء الثقة وتحسين جودة التواصل، والتعاون مع الزملاء، والعملاء، والمسؤولين، مما يسهم في تعزيز العلاقات المهنية ضمن مكان العمل. تقول "أليكس ساغز" (Alex Suggs) مؤسسة شركة "ديفرينت" (Different): "لطالما أعطيت الأولوية لبناء الثقة في علاقتي مع أعضاء الفريق، والموظفين، وشركاء العملاء. لقد ساعدتني هذه الثقة في استثمار إمكانيات فِرَق العمل ومساعدة شركاء العملاء في التغلب على صعوبات وتعقيدات مبادرات تغيير ثقافة المؤسسة".
تساهم المهارات الشخصية في تعزيز قدرة الفرد على التعامل مع مختلف أنماط الشخصية وأساليب العمل بسهولة وأريحية، كما يتيح إتقانها وتطبيقها في الحياة العملية إمكانية إحراز التقدم المهني المنشود.
تقول "ساره لوكس لي" (Sarah Lux-Lee) الرئيسة التنفيذية في شركة "مايندر" (Mindr): "لقد دفعني فضولي إلى الاستفادة من آراء المستخدمين وتغذيتهم الراجعة في تطوير منتجاتي وسمعتي في السوق، والاعتماد على مبدأ التعاطف والمرونة في نهجي القيادي، وهو ما زاد من متعة التجربة وجودة النتائج المُحرَزة".
يقدم المقال مجموعة من المهارات الشخصية التي يوصي بها نخبة القادة، والكوتشز، والمدراء التنفيذيين حول العالم.
مهارات شخصية لتحقيق النجاح المهني
فيما يلي 10 مهارات شخصية ضرورية لتحقيق النجاح المهني
1. الكفاءة الثقافية
تقول المديرة التنفيذية "فيفيان أكواه" (Vivian Acquah) أنَّ الكفاءة الثقافية ضرورية في كافة الوظائف ومجالات العمل لأنها تؤدي دوراً محورياً في تحقيق النجاح المهني، وهي تتطلب قبول الاختلافات، واحترامها، وتقدير فائدتها، والمساهمة في بناء بيئة عمل شاملة ترحب بكافة الخلفيات ووجهات النظر.
وتستفيض قائلة: "تبرز أهمية الكفاءة الثقافية أثناء العمل على مشاريع عالمية تضم موظفين ينتمون إلى شرائح ثقافية مختلفة. لقد تعرضت لموقف مماثل ذات مرة، وعندها قررت أن أستعلم أكثر عن هذه الثقافات، وأنماط التواصل، وأخلاقيات العمل الخاصة بها بهدف بناء الثقة والألفة ضمن الفريق، وهو ما أدى إلى زيادة فعالية التعاون والعمل المشترك، والتوصل إلى حلول مبتكرة ونتائج واعدة في نهاية المشروع.
لقد لاحظ المدير قدرتي على إدارة الاختلافات الثقافية ورشحني لمنصب قيادي، وكلفني بإجراء برامج منتورينغ تهدف لنشر الوعي الثقافي ومبدأ الشمولية في مكان العمل.
ساعدتني هذه التجربة في إحراز التقدم في مسيرتي المهنية، وإبراز أهمية الكفاءة الثقافية في تحقيق الأهداف الشخصية والمهنية."
2. الإصغاء الفعال
تشير الكوتش "فيبي غافن" (Phoebe Gavin) لإلى أنَّ الإصغاء الفعال يُعتبَر من أبرز مهارات بناء العلاقات التي تسهم في تحقيق النجاح المهني، وهو لا يقتصر على الاستماع لكلام زميلك في العمل، بل إنه يتطلب تقدير مشاعره الإنسانية. تسهم هذه المهارة في تحسين أسلوب التواصل، والتعاون، والتفاوض.
4 عناصر أساسية تتحكم في وضع مكان العمل
- الأفراد: تحديد الأشخاص المعنيين بالموقف، وعلاقتهم به سواء كانوا أصحاب قرار، أم مؤثرين، أم منفذين.
- الأولويات: تحديد الأولويات التي تركز عليها الشخصيات المعنية، والنتائج التي يسعون لتحقيقها.
- الخيارات الشخصية: تحديد أنماط التواصل التي تفضلها هذه الشريحة، والاهتمامات التي تؤثر على الوضع الراهن سواء كانت شخصية أم متعلقة بالعمل.
- المشكلات: معرفة التحديات التي تواجهها هذه الشريحة أثناء التعامل مع الوضع الراهن.
يعتمد الإصغاء الفعال بدرجة كبيرة على التواضع، وليس ثمة شخص يعرف كافة الحلول والأجوبة، لهذا السبب عليك أن تتعلم من الآخرين ولا تسمح لغرورك بالتحكم في علاقاتك. ويساعد الإصغاء الفعال في تعزيز جودة التواصل، وتحقيق النجاح والتنمية المشتركة، والتطور على الصعيد المهني والشخصي.
شاهد بالفيديو: المهارات الشخصية وأهميتها في النجاح في سوق العمل
3. بناء الثقة
تؤثر مهارة بناء الثقة، بحسب "أليكس ساغز"، على جودة علاقات العمل والنجاح المهني بالنسبة لكل من القادة الكبار والموظفين المسؤولين عن تأدية المهام اليومية.
ويقول: "تقتضي الثقة في مكان العمل الالتزام بتطبيق القرارات المُتفَق عليها، وتقديم نتائج تستوفي معايير الجودة المطلوبة، واتخاذ قرارات مدروسة ونزيهة، والحفاظ على السرية، وتفويض مهام العمل وتوزيعها على أعضاء الفريق، ومنحهم الصلاحيات اللازمة. يؤدي غياب مهارة بناء الثقة إلى تعرض الموظف لبعض الرفض من طرف زملائه، ويمكن أن تقل صلاحياته والمهام الموكلة إليه مما يمنعه من الترقي في العمل.
لطالما أعطيت الأولوية لبناء الثقة في علاقتي مع أعضاء الفريق، والموظفين، وشركاء العملاء. لقد ساعدتني هذه الثقة في استثمار إمكانيات فِرَق العمل ومساعدة شركاء العملاء في التغلب على صعوبات وتعقيدات مبادرات تغيير ثقافة المؤسسة."
4. الفضول
تقول "ساره لوكس لي": "يغفل كثير من الأفراد عن أهمية الفضول في تحقيق النجاح المهني، حيث يقتضي التطبيق العملي لمهارة الفضول طرح الأسئلة الهادفة، والاستفادة من أفكار الآخرين ومعلوماتهم، واستشارة أشخاص من خارج تسلسل القادة والمدراء، وطلب الحصول على التغذية الراجعة والاستفادة منها في تطوير المهارات والإمكانيات.
لقد ساهم تطبيق الفضول في تحسين مسيرتي المهنية، وأتاح لي إمكانية بناء علاقات مثمرة مع أصحاب المصلحة، والعملاء، وهو ما ساعد الشركة في تحقيق أهدافها، ودفعني إلى الاستفادة من آراء المستخدمين وتغذيتهم الراجعة في تحسين جودة المنتجات وسمعة الشركة في السوق.
لقد مكَّنني هذا الفضول من تطبيق مبدأ التعاطف والصلابة في نهجي القيادي، مما زاد من متعة التجربة وجودة النتائج المُحرَزة. تبرز هذه الأفعال عقلية النمو والعمل التي أعتمدها في ممارساتي القيادية، وهو ما ساهم في تعزيز سلطتي ومكانتي في الشركة، وساعدني في نقل هذه السلوكيات إلى أعضاء فريقي، ونشر ثقافة الفضول في كافة أقسام المؤسسة وإلهام الآخرين باكتساب هذه المهارات."
5. مهارات التفويض
غالباً ما يتميز الموظف الفاعل في مكان العمل بمهارات تفويض بارزة، حيث يركز هؤلاء الأشخاص انتباههم على النتائج النهائية ويستثمرون وقتهم وجهدهم بفعالية، ويوزعون المهام على الموظفين بطريقة تضمن تحقيق أقصى فائدة ممكنة من القدرات والمواهب المتوفرة في الشركة. يساعد هذا النظام في تنويع الآراء والمساهمة في إنشاء أسلوب عمل شامل وتقليل احتمال التعرض للأزمات والمشكلات التي يمكن أن تؤثر على سير العمل.
تقول المديرة التنفيذية "بريا ستارمر" (Brea Starmer) في هذا السياق: "لقد شهدت على تطور عدد كبير من القادة وتقدمهم في مسيرتهم المهنية، ولاحظت تغير معايير النجاح والتميز من الجد والاجتهاد وساعات العمل الطويلة إلى أنظمة العمل المستدامة التي تعتمد على استثمار الموارد البشرية بأقصى فعالية ممكنة. إني أستلهم أسلوب العمل في الوقت الحالي من كل قائد يعتمد على النتائج النهائية بدل عدد ساعات العمل في تقييم النجاح."
6. التعاطف
بحسب المستشار "جيسون بيريلسون" (Jason Perelson)، يتفق معظم الأفراد على أهمية مهارات التعاطف، وثمة مجموعة من التأويلات العلمية والنفسية التي تثبت فعاليتها في تحقيق النجاح المهني.
يعبر مفهوم التعاطف عن قدرة الفرد على إدراك المشاعر وتفهمها ومشاركتها، ولكن يُعنى اصطلاح التعاطف العصبي الكيميائي في البحث عن مصدر هذه المشاعر وأسباب نشأتها وتطورها والظروف التي آلت إليها. كثيراً ما يغفل الفرد عن الأسباب الكامنة خلف ردود فعله، وسلوكياته، وقراراته.
يؤدي التوتر على سبيل المثال إلى ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول في الجسم وهو ما يؤثر على قدرة تحمل المخاطر عند الفرد. تتسبب هذه الحالة النفسية في ميل الفرد لتجنب المخاطر واتخاذ قرارات خاطئة وهو ما يؤدي إلى إحباط القائد. بالمقابل، يزداد إقدام الفرد على خوض المخاطر خلال أوقات النجاح والازدهار والمعنويات العالية نتيجة ارتفاع مستويات هرمون السيروتونين.
لقد أثبتت العديد من الكتب، والمجلات العلمية، والأوراق البحثية أهمية القدرة على فهم أسباب، وتأثيرات، ونتائج، وطبيعة السلوكيات في تحسين أداء القادة في كافة المستويات.
تفيد هذه المهارة في تحقيق التقدم المهني بطريقة أخلاقية، وصادقة، وملهمة.
7. الذكاء العاطفي
يعتبر الكوتش "دو براون" (Doug Brown) الذكاء العاطفي، والتصرف المدروس، والإصغاء الفعال من أبرز مهارات بناء العلاقات التي تساعد في تحقيق النجاح المهني. يستفيد القائد البارز من هذه المهارات في اكتشاف أسباب الصعوبات والمشكلات التي يعاني منها أعضاء الفريق، مما يساعده في التفكير بشكل حيادي وموضوعي ويدفعه إلى البحث عن الحقائق، والاستجابة بطريقة مدروسة بعيداً عن ردود الفعل المتهورة بداعي الإحباط وخيبة الأمل.
فيما يلي 4 أسئلة لمساعدة العملاء في تطوير مهارات الذكاء العاطفي:
- "ما هي النتيجة التي أريد أن أتوصل إليها؟"
- "كيف يبدو الوضع من وجهة نظر الآخرين؟"
- "ما هي الأسئلة المفتوحة التي يجب أن أطرحها لأحل المشكلة؟"
- "ما هي طبيعة الدعم الذي أريده أو أحتاج إليه لو كانت الأدوار معكوسة؟"
8. عقلية التعلم من الفشل
أشار المدير التنفيذي "باتريك ريكاردز" (Patrick Riccards) لإلى أنَّ البعض يميل إلى إنكار وجود الأخطاء وتجاهلها مما يمنعهم من الاستفادة منها. ثمة فائدة كبيرة من الاعتراف بالأخطاء المهنية، والبحث في أسبابها، وتطبيق الدروس المستخلصة منها في التجارب المستقبلية. يتعلم الإنسان من الأخطاء والفشل أكثر من النجاحات السريعة، وهذا يتطلب تقبل الفشل، واستثماره في التعلم والتطور وزيادة فعالية العمل دون اعتباره عيباً في الشخصية. يجب تطبيق هذه العقلية ضمن إطار المؤسسات عبر التركيز على الدروس المستفادة من التجربة بدل الانشغال بفكرة الفشل.
9. التحليل التفاعلي
أكد الكوتش "جيما بوليفانت" (Gemma Bullivant) أنَّ نجاح الفرد يتأثر بمدى قدرته على تسوية النزاعات باستخدام طريقة التحليل التفاعلي التي وضعها عالم النفس "إريك بيرن" (Eric Berne).
تقتضي هذه المهارة إدراك حالات الذات وهي الوالد، والبالغ، والطفل بهدف ضمان سلاسة التواصل وجودته. تساعد هذه المنهجية في تحسين قدرة الموظف على تسوية النزاعات، والتصرف كإنسان بالغ متزن وراشد بدل أن يستجيب بطريقة انفعالية كما في حالة الوالد أو الطفل، وهو ما يساعده في تحسين جودة عمليات التفاعل والتواصل التي يجريها مع الآخرين.
تساعد الممارسة العملية في زيادة قدرة الفرد على التعامل مع الخلافات بعقلية تركز على التفاهم والوصول إلى اتفاق يرضي الجميع بدل اللوم والتنصل من المسؤولية. مثال: قد لا يسير المشروع وفق الخطة الموضوعة، وعندها لا يجب أن تركز على تبرئة نفسك والتنصل من المسؤولية (حالة الطفل)، أو تنتقد الآخرين وتلقي اللوم عليهم (حالة الوالد) بل ينبغي عليك أن تتصرف كإنسان بالغ راشد وتطلب من زملائك مراجعة مراحل العمل والبحث في إمكانية تحسينها بهدف ترسيخ ثقافة التعاون والعمل المشترك ضمن الشركة. تساعد هذه المنهجية في حل المشكلات وتعزيز الثقة بين الموظفين.
ويقول بوليفانت: "لقد ساهم تطبيق التحليل التفاعلي في تحسين جودة ممارساتي القيادية، مما سمح لي ببناء علاقات عمل قوية، وضبط عواطفي وانفعالاتي، وتفهم احتياجات أعضاء فريقي، كما ساعد نشر ثقافة الفضول الإيجابي الذي يركز على التفاهم والدعم المتبادل في زيادة مستوى الرضا الوظيفي، وتحسين الإنتاجية، وتعزيز ترابط أعضاء الفريق وجودة علاقاتهم وتفاعلاتهم."
تؤدي هذه المهارة إلى زيادة ثقة أعضاء الفريق بأنفسهم، وتعزيز قدرتهم على العمل بمفردهم وتقليل اعتمادهم على القادة، وتزويدهم بالمهارات والمؤهلات التي يحتاجون إليها للتعامل مع المشكلات، وزيادة التزامهم بتحقيق التنمية الشخصية والمهنية.
10. مهارات التفاوض
تقول الرئيسة التنفيذية "إيمي ديفيرو" (Amie Devero): "يغفل معظم الأفراد عن أهمية مهارات التفاوض وخاصة ضمن مكان العمل.
اعتدت أن ألبي جميع طلبات شريكي في شركة الخدمات الاستشارية مهما كنت مشغول في العمل، إلى أن أتى إلي ذات يوم وطلب مني تنفيذ مهمة وعندها انتفضت في وجهه وأعربت عن استيائي من سلوكه، فما كان منه إلا أن تقبل رد فعلي، واقترح التفاوض بشأن الموضوع، وأعرب عن ترحيبه بأي عرض أو خيار بديل يناسبني.
كل طلب هو بمثابة فرصة للتفاوض وتقديم عرض مقابل يناسب وقتك وإمكانياتك. لا يمكنك أن ترفض طلبات الآخرين على الدوام، ولكن بوسعك أن تقدم عرض يناسبك وتقترح مواعيد أو ترتيبات معيَّنة لإنجاز المهام. في حال كان الطلب صادر عن مديرك، عندئذٍ عليك أن تناقشه بمسألة الأولويات والمواعيد النهائية بشكل صريح. التفاوض عملية طبيعية وضرورية لتحقيق الأهداف المشتركة؟"
في الختام
في الختام، تمثل المهارات الشخصية عنصراً أساسياً في تحقيق النجاح المهني وبناء مسيرة مهنية متينة. لا يمكن الاكتفاء بالمهارات التقنية وحدها في بيئة العمل التنافسية الحالية، بل تزداد الحاجة إلى تطوير مهارات ناعمة كالقدرة على بناء الثقة، والإصغاء الفعّال، والتفويض بذكاء، والذكاء العاطفي.
هذه المهارات تساهم في تحسين جودة العلاقات المهنية وتفتح الأبواب نحو فرص جديدة. إتقانها وتطبيقها بشكل عملي يعزز من قدرة الفرد على التفوق في بيئته العملية، ويوفر له أسساً قوية لتحقيق النجاح المستدام في مسيرته المهنية.
أضف تعليقاً