فالسعيد منّا من رتب أوراقه وهيأ نفسه للاستفادة من هذا الشهر من أول أيامه ولم لا؟ ومعظمنا يشكو من قسوة قلبه وضعف إيمانه فالسجدة بلا روح والصلاة بلا خشوع وآيات القرآن تقرأ بلا تدبّر.
قال تعالى "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" البقرة - 183، ففضل الصوم عظيم وثوابه كبير، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "قال اللهُ عزَّ وجلَّ: كلُّ عَمَلِ ابنِ آدمَ لهُ، إلَّا الصُّومُ، فإنَّهُ لي، وأنا أَجْزِي بهِ، والصِّيامُ جُنَّةٌ، فإِذَا كان يومُ صِيامِ أَحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ، ولا يَصْخَبْ، فإنْ سابَهُ أحدٌ أوْ قاتَلهُ فَلْيَقُلْ: إِنِي صائِمٌ، إِنِي صائِمٌ، والذي نَفْسُ محمدٍ بيدِهِ لَخُلوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عندَ اللهِ من رِيحِ المِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُما، إذا أفْطَرَ فَرِحَ بفطرِهِ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ".
فها هو الظل الوارف والروضة الندية والحديقة الغناء، ها هي الفرصة الثمينة التي لا تعوّض، إنّه شهر رمضان المبارك الذي فيه قياد النفس، وتمكّن فيه المنشطات الإيمانية، لذا وجب عليك أن تكون لك في هذا الشهر وقفة المسلم الحقة، وقفة المسلم الذي يريد أخذ الزاد لضمان استكمال الطريق، ولنبادر إلى التوبة الصادقة، حيث أنّ الذنوب سبب حرمان العبد مـن خيري الدنيا والآخرة قال تعالى: "وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ" الشورة - 30، ولا مصيبة أعظم من الحرمان من الأعمال الصالحة.
فاعقد العزم على اغتنام هذا الشهر وعمارة أوقاته بالأعمال الصالحة فمن صدق الله صدقه وأعانه على الطاعة ويسر له سبل الخير، قال تعالى: "فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ" محمد - 21، وادعو الله بالعون على طاعته فالله يقول في كتابه: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" غافر - 60، كأن يكرر هذا الدعاء: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادتك".
وأخيراً جدّد توبتك، وأنب إلى ربك، واستقم كما أمرت وابدأ خطوة جديدة في حياتك، إنّها خطوة في طريق الدعوة إلى الله فابدأ بنفسك ثم بمن حولك، وأرشدهم وأنصحهم وكن لهم خير معين.
المصدر: مجلة المقالات
أضف تعليقاً