ما هو الذباب؟
الذباب حشرات تنتمي إلى رتبة الذبابيات، و"Diptera" هو الاسم اليوناني القديم للرقم "اثنين" Dip و"جناح" Tera على التوالي، ولديها جناحان للطيران، ولديها أيضاً مجموعة ثانية من الأجنحة تعمل معززات دوران، وتسمح لها أجنحتها بأداء حركات أكروباتية، وهو السبب في صعوبة اصطيادها.
لقد عُثِر على الذباب في السجل الأحفوري منذ 250 مليون سنة، وجاءت حشرات الخنافس أولاً قبل 300 مليون سنة، ثم الذباب، ثم الدبابير والفراشات قبل 150 مليون سنة، ولقد كانت حية لفترة أطول بكثير منا.
نجا الذباب من الانقراض الجماعي للديناصورات وتغيُّر المناخ الذي أسفر عن انقراض الكائنات الضخمة في العصر الجليدي الأخير، وقد نتساءل ماذا سيحدث إذا انقرض.
يوجد حوالي مليون نوع مقدَّر من الذباب في رتبة الذبابيات تتراوح بين الذباب المنزلي وذباب الزهور وغيرها، وتشمل أنواع الذباب الذباب المنزلي الشائع وذباب الفضلات، ذلك الذباب الذي يدخل منزلك ويضع بيضه على طعامك المكشوف.
ينتشر النوعان عبر العالم ويحلِّق للبحث عن الفضلات والجثث، ويأكل الذباب المنزلي كل شيء ويضع بيضه على أي شيء يتعفن ومن ذلك النباتات، ولكن لدى ذباب الفضلات انتقائية أكبر، فيختار الجثث أو حتى الحيوانات الحية ذات الجروح المفتوحة، فإذا لاحظت وجود كثير من ذباب الفضلات، فهذا يعني وجود شيء ميت أو مصاب بالقرب، في كلا النوعين، عندما يفقس البيض، تبدأ اليرقات بأكل ما يوجد تحتها.
فكرة انقراض الذباب:
عاش الذباب لملايين السنين، وفي أستراليا وحدها قد يكون هناك حوالي 30,000 نوعاً من الذباب، وتعد فكرة انقراضها هائلة وستتطلَّب تغييرات وتدابير.
إنَّها مهمة تقترب من المستحيل؛ لأنَّ بعض يرقات الذباب يمكن أن تعيش فعلاً في بيئات قاسية وغير مألوفة مثل داخل خلايا النحل، والينابيع الساخنة (أو مناطق أخرى ذات درجات حرارة متطرفة) وحتى على البترول، وحالياً يمكنك رؤية قدرة الذباب العظيمة على البقاء عند محاولة القبض عليه أو ضربه، فلديها خفة جوية رائعة، وقد تطورت أنظمتها العصبية لتجنب الأعداء والتهديدات الأخرى.
ببساطة، نشأ الذباب للبقاء والازدهار، ولقد عاش لملايين السنين ونجح في البقاء من جيل إلى جيل، ولكن نعود لتساؤلنا، هل سينقرض الذباب على الرغم من ميزات تطوره؟ الجواب القصير هو لا، ومن المحتمل جداً أن يبقى على قيد الحياة بعد انقراض البشر.
مفاتيح تطور الذباب وبقائه الناجح:
توجد أربع مجموعات رئيسة من الحشرات الطائرة التي نشعر غالباً بالقلق حيالها، وهي البعوض Mosquitoes (الاسم نفسه يعني "ذباب صغير" بالإسبانية)، وذباب الأشجار، وذباب الفضلات وذباب المنزل، فلديها فترة حياة قصيرة لكنَّها مخصصة بالكامل للتغذية والتزاوج ووضع البيض، مع وجود بضعة أسابيع فقط للعيش، تكرِّس حياتها للبقاء وإنتاج الجيل التالي.
إذا تم إنتاج مزيد من الذباب الجديد وبمعدل أسرع من الذباب الذي يموت أو يتم قتله، فتوقع زيادة أعداده بشكل هائل، على سبيل المثال، يمكن لإناث الذباب المنزلي وضع ما يصل إلى 150 بيضة في دفعة واحدة (ما يصل إلى 500 بيضة في حياتها)، وحتى لو لم تتحول جميعها إلى يرقات وذباب بالغ، لكن ما يزال عددها كبيراً.
بجانب التكاثر السريع والمثمر، ثمة مفتاح آخر للتطور والبقاء بنجاح، وهو القدرة على العيش في أنواع مختلفة من البيئات، كما ذكرنا آنفاً، قد توجد يرقات الذباب في مجموعة متنوعة من البيئات ذات درجات حرارة وتركيبات فيزيائية وكيميائية مختلفة؛ ونتيجة لذلك، لديها نوع من التأمين الذي يضمن أنَّ الجيل التالي سيعيش بصرف النظر عن الظروف السائدة.
هذه القدرة على العيش والتكيف في بيئات مختلفة تسمح للأنواع المختلفة بالبقاء وأن تصبح قوية على مر القرون والألفيات، فالموت هو جزء طبيعي من كل ذلك، ولكن ما دامت الأجيال القادمة مستعدة دائماً، ستستمر الأنواع في العيش.
ماذا يفعل الذباب للعالم؟
إضافة إلى تناوله للجثث المُتعفِّنة والفضلات، يلقِّح الذباب النباتات، ويقلل عدد الأنواع الطفيلية من اليرقات التي تأكل المحاصيل.
أكبر عائلة من الذباب الطفيلية هي تاكينيد، فتضع بيضها على الآفات التي تفقس منها يرقات تتغذى على المواد الغذائية، وهذا يقلل من الحاجة إلى استخدام المواد الكيميائية التي تقتل الملقحات، والذباب أيضاً مصدر غذاء لعدة أنواع من الحيوانات مثل العناكب والضفادع والطيور والزواحف، وحتى الأسماك.
ماذا سيحدث إذا انقرض الذباب؟
إذا انقرض الذباب، سيمتلئ العالم بالفضلات العضوية المُتعفِّنة؛ ذلك لأنَّ الذباب هو محلل عظيم للفضلات، ويعمل فرازات جنباً إلى جنب مع السلحفاة البحرية على تناول ووضع البيض على الحيوانات الميتة والفضلات والخشب الميت وأي شيء يتعفن، كما أنَّه ملقِّح ممتاز، يأتي في المرتبة الثانية بعد النحل.
قد لا تعجبنا رؤيته يغط على طعامنا أو يطير حول منازلنا، ولكن الذباب هام جداً ونحتاج إليه، وإذا اختفى، سنغرق تحت موجة من الجثث المُتعفِّنة والقذارة، ومن المؤسف حقاً أنَّ الذباب لا يمكنه التعامل مع النفايات البلاستيكية بنفس الطريقة.
مع مرور الوقت، من المحتمل أن تتطور البكتيريا وغيرها من الحشرات التي تحلل المواد العضوية وتزداد في العدد لتعويض مكانه، ولكنَّ ذلك سيأخذ وقتاً طويلاً.
ما هي فوائد عدم وجود الذباب؟
على الرغم من أنَّ الذباب محللٌ رائع، لكن لديه بعض السلبيات الملحوظة (والتي ربما هي السبب في تساؤلك عن إمكانية بقاء العالم بخير من دونه). وفيما يلي أبرز فوائد عدم وجود الذباب:
- يسبب الذباب أضراراً اقتصادية تصل إلى عشرات المليارات، خاصة في صناعات مثل الزراعة، فيلحق الضرر ليس فقط بالنباتات ولكن أيضاً بالماشية.
- ينقل الذباب مجموعة متنوعة من الأمراض؛ وذلك بسبب عادته في الهبوط على الفضلات والأشياء المُتعفِّنة، والتي تؤدي إلى التصاق البكتيريا بأرجله، فعندما يغط علينا أو على طعامنا، يمكنه نقل السالمونيلا والإيشيريشيا كولاي والإسهال ونشر العدوى.
- يسبب لنا لدغات مؤلمة وإزعاجاً وحكة.
هل البعوض نوع من الذباب؟
البعوض ليس ذباباً، ولكنَّه ينتمي إلى نفس عائلة الذبابيات، والفرق الرئيس هو في كيفية تناوله للطعام، فيتذوق الذباب المنزلي طعامه المحتمل بأرجله، ويقوم بتقيؤ عصارة هضمية فوق الطعام ويمتص السائل عبر أنبوب الفم الإسفنجي الماص، بينما يستخدم البعوض إبرة صغيرة لاختراق الجلد وامتصاص السوائل مثل الدم، كما أنَّه يأكل الطعام "حياً" بينما يأكل الذباب المواد العضوية الميتة والمُتعفِّنة.
شاهد بالفيديو: 6 طرق للتخلص من الحشرات في فصل الصيف
لماذا من الصعب اصطياد الذباب؟
إذا كنت قد قضيت وقتاً طويلاً في مطاردة الذباب في منزلك، فإنَّك ستفهم هذا السؤال جيداً جداً، فمن الصعب اصطياد الذباب لأنَّه يمتلك رؤية بزاوية 360 درجة، فلا يحتاج إلى تحريك عيونه لرؤية كل شيء لأنَّها كروية الشكل، وهذه القدرة على "رؤية كل شيء" إضافة إلى أجنحته الثانوية التي تسمح بتغيير اتجاهه تماماً في الجو، تجعله صعب الاصطياد.
لكن هذا ليس كل شيء، فالذباب يعالج الصور بسرعة أكبر منا، ويُطلق عليها "معدل اندماج الوهج" وعادةً ما تكون المعالجات الأسرع لدى الأنواع الأصغر حجماً، فقد اكتشف الخبراء أنَّ بعض أنواع الذباب يرى الحركة بمعدل ست مرات أسرع منا، وأسرع معالج ينتمي إلى ذبابة "كوينوسيا القاتلة"، فهي ذبابة أوروبية سريعة لدرجة أنَّها تلتقط ذباباً آخر في الجو.
ماذا سيحدث لو اختفى البعوض من العالم؟
إذا اختفى البعوض من العالم، سيكون لذلك تأثيرات واسعة النطاق في البيئة، ويعد البعوض جزءاً من النظام البيئي، وله دور في تنظيمه، وتشمل بعض التأثيرات المحتملة لانقراضه:
1. التأثير في الطيور والحيوانات:
البعوض يشكل جزءاً من طعام عدة كائنات حية، مثل الطيور والحشرات الأخرى، وقد يؤثر اختفاء البعوض في توازن سلسلة الطعام.
2. انتشار الأمراض:
يشكل بعض أنواع البعوض ناقلاً للأمراض مثل الملاريا والحمى الصفراء، وقد يؤدي اختفاء البعوض إلى تقليل انتشار هذه الأمراض، ولكن يجب مراعاة أنَّه قد يكون له تأثيرات جانبية سلبية في النظام البيئي.
3. التأثير في النباتات:
يؤدي بعض أنواع البعوض دوراً في عملية التلقيح؛ لذلك قد يؤدي اختفاؤه إلى التأثير في التنوع النباتي.
4. التأثير في الحياة المائية:
يعد البعوض مصدراً للطعام للكائنات المائية، وخاصة في المناطق الرطبة، فقد يؤثر اختفاء البعوض في الأنظمة البيئية المائية.
5. التأثير في الإنسان:
رغم أنَّ البعوض يسبب الإزعاج وقد يكون ناقلاً للأمراض، لكنَّه يشكِّل جزءاً من النظام البيئي، وقد تكون له تأثيرات غير متوقعة إذا اختفى.
مع ذلك، يجب مراعاة أنَّ تلك التأثيرات قد تكون معقدة وتعتمد على الظروف المحيطة والتفاعلات البيئية.
في الختام:
يظهر أنَّ انقراض الذباب قد يؤدي إلى تأثيرات واسعة النطاق في البيئة والتوازن البيولوجي، فيقوم هذا الكائن الصغير بدور حيوي في نظام الطبيعة من تفكيك الفضلات والجثث، ورغم أنَّ انقراضه يعد فكرة صعبة التحقيق، لكن على الإنسان أن يتسلَّح بالوعي ويتخذ إجراءات للحفاظ على التنوع البيولوجي وضمان استمرار وجود هذه الكائنات الصغيرة ولكن الكبيرة في دورها.
أضف تعليقاً