يتكون مبنى التوربينات من العديد من التوربينات البخارية التي يكون الغرض منها تحويل الحرارة الموجودة في البخار إلى طاقة ميكانيكية، إضافة إلى المولد اللازم لتوليد الطاقة الكهربائية؛ إذ يقع المفاعل النووي في مبنى الاحتواء المكون من الخرسانة المسلحة، كما يبلغ سمك الخرسانة المسلحة المستخدمة في مبنى الاحتواء 1م، وهذا يمنع تسرب الإشعاع، وأيضاً يوجد برج تبريد في محطة الطاقة النووية؛ حيث يتم تبريد الماء الساخن وإعادته إلى مبنى الاحتواء.
يُستخدم البخار الناتج في تدوير التوربين لإنتاج طاقة كهربائية، وتنتج الحرارة عن طريق الانشطار النووي؛ إذ تنقسم الذرات لتطلق طاقةً حراريةً، ويحدث هذا التفاعل في وعاء مفاعل مضغوط يحتوي على مئات من مركبات الوقود.
يتكون مركب الوقود الفردي من العديد من قضبان الوقود، فالوقود النووي موجود في قضيب الوقود، وتتكون قضبان الوقود هذه من اليورانيوم أو عناصر ثقيلة أخرى تجعل التفاعل النووي المتسلسل ممكناً، ويتم إطلاق الطاقة الحرارية في تفاعل سلسلة الانشطار.
في هذه المرحلة هناك حاجة إلى الماء لامتصاص الطاقة الحرارية المنبعثة من التفاعل المتسلسل، فلا يغلي هذا الماء؛ إذ يتم الحفاظ على الضغط بواسطة جهاز الضغط، وينتقل الماء الساخن إلى مبادل حراري؛ إذ يقوم بتسخين أنابيب المبادل الحراري الذي يحتوي على الماء.
يبدأ هذا الماء بالغليان ويتحول في النهاية إلى بخار، وتتم تغذية البخار الناتج في مبنى التوربينات بمساعدة الأنابيب، وبعد هذه المرحلة يتم تحويل البخار مرةً أخرى إلى الماء باستخدام مكثف، ثم تتم إعادته إلى المبادل الحراري وإعادة استخدامه، ومع ذلك فإنَّ المياه المستخدمة للتبريد في المكثف مأخوذة من المسطحات المائية الطبيعية القريبة ولا تتم إعادة استخدامها.
هل تسبب محطات الطاقة النووية التلوث؟
تستخدم محطات الطاقة النووية اليورانيوم بوصفه وقوداً لإنتاج الطاقة الحرارية، وتُطلق عملية تعدين اليورانيوم ثنائي أوكسيد الكربون الذي يسبب التلوث، لذلك فإنَّ إنشاء محطات طاقة نووية جديدة يطلق ثنائي أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، كما تنتج محطات الطاقة النووية ثلاثة أنواع على الأقل من مجاري النفايات التي لها آثار ضارة في البيئة، ومجاري النفايات الثلاثة هي:
- الوقود النووي المستهلك الذي يشمل نواتج الانشطار ومخلفات البلوتونيوم.
- نفايات الصخور في مصانع تعدين اليورانيوم.
- إطلاق كميات غير محددة من المواد المشعة في أثناء الحوادث.
بصرف النظر عن إنتاج النفايات فإنَّ تلوث المياه هو المشكلة الرئيسة المرتبطة بالطاقة النووية، إلا أنَّ تشغيل محطات الطاقة النووية لا يسبب أي تلوث للهواء، ولهذا السبب تُعَدُّ من أنظف مصادر الطاقة.
هل محطات الطاقة النووية تسبب الإشعاع؟
تُعَدُّ المادة النووية من أكثر المواد السامة على وجه الأرض، ومع ذلك يتم إعاقة معظم إشعاع محطة التشغيل من خلال هيكلها والخرسانة المحيطة بالمفاعل أو يتم تبديدها في مصدر المياه، وهذا يقلل من كمية النشاط الإشعاعي إلى درجة يصعب قياسها، ومع ذلك فقد وقعت العديد من الحوادث؛ إذ سربت محطات الطاقة النووية كميةً كبيرةً من الإشعاع، فمحطة الطاقة النووية العاملة تطلق الغازات المشعة إلى حد ما.
إضافة إلى ذلك تحتوي مفاعلات الماء المغلي في المصانع على قاذفات هواء يكون عادمها أيضاً مشعاً، ويتم تصنيع مثل هذه العوادم للمرور عبر أنابيب إعاقة وإعادة دمج الهيدروجين، وخزانات التخزين قبل إطلاقها في الغلاف الجوي للتأكد من أنَّ مستويات الإشعاع تتوافق مع اللوائح.
يمكن استخدام الوقود النووي مثل اليورانيوم لفترة زمنية محددة، وبعد ذلك يُعَدُّ نفاياتٍ ويحتاج إلى عزل بسبب انبعاث الإشعاع، كما يتم تخزين معظمه في الماء الذي يحمي البيئة من الإشعاع، ومع ذلك إذا فشل أي نظام في محطة الطاقة النووية، فإنَّ النفايات النووية تطلق إشعاعاتٍ ضارةً بالبيئة، وهذه النفايات المشعة مصدر قلق كبير؛ وذلك لأنَّها تبقى نشطةً لمئات وآلاف السنين.
كيف تؤثر محطات الطاقة النووية في البيئة؟
يتطلب إنشاء محطات الطاقة النووية مساحةً كبيرةً، لذلك يتم إزالة الغابات، وهذا يزعج الموائل الطبيعية للنباتات والحيوانات، كما أنَّ التوازن البيئي في المنطقة يضطرب، وأيضاً تحتاج محطات الطاقة النووية إلى الماء لأغراض التبريد، فبادئ ذي بدء يحصل نظام التبريد على المياه من المحيطات والبحار التي تسحب الأسماك معها، الأمر الذي يؤدي إلى هلاكها كلها تقريباً.
ثانياً، بعد إجراء عملية التبريد يتم إرجاع الماء إلى المسطحات المائية، والماء الذي تم إرجاعه يكون أدفأ بما لا يقل عن 25 درجة من الماء الذي تم أخذه في الأصل، وهذا يضر بالنباتات والحيوانات المائية المختلفة، ويؤدي عمل محطات الطاقة النووية أيضاً إلى إطلاق ثنائي أوكسيد الكبريت الذي يسبب تلوث الهواء؛ إذ يؤدي هذا إلى هطول أمطار حمضية تقلل من إنتاجية التربة وتلوث المسطحات المائية وتؤثر في الغطاء النباتي.
هل محطات الطاقة النووية تُلوث المياه؟
يتم استخدام مجارٍ مائية مختلفة في أثناء عمل محطة الطاقة النووية، وهي:
- مجاري المياه المعالجة.
- مجاري مياه التبريد.
تنتقل مياه المعالجة إلى غرفة التفاعل؛ حيث يتم تسخينها وتبخيرها إلى بخار، ثم يتم تمرير هذا البخار فوق التوربينات التي تبدأ بالدوران وتنتج طاقةً كهربائيةً، وتتم إعادة استخدام هذا البخار وتكثيفه وإعادته إلى غرفة التفاعل، كما تنتقل مياه التبريد من المسطحات المائية الطبيعية لتبريد مياه المعالجة، فلا تتم إعادة استخدام مياه التبريد وتتم إعادتها إلى المسطحات المائية؛ إذ إنَّ المياه التي يتم إرجاعها لها درجة حرارة أعلى وتؤثر في النظام البيئي للكائنات المائية.
يؤدي ارتفاع درجة حرارة المسطحات المائية إلى استنفاد مستويات الأوكسجين في الماء وزيادة درجة الحموضة؛ هذا لأنَّ الماء الدافئ لا يمكنه حمل الأوكسجين مثل الماء البارد، وفي درجات الحرارة الأكثر دفئاً، تتحلل المادة العضوية بمعدل سريع، وتؤدي هذه الزيادة في المادة المتحللة إلى زيادة تكاثر الطحالب، وهذا بدوره يؤدي إلى التخثث (الإغناء بالمغذيات).
تُعَدُّ الطحالب مصدراً غذائياً للميكروبات الهوائية التي تزداد بالعدد وتقلل من مستويات الأوكسجين، فلا تستطيع العديد من الكائنات الحية البقاء على قيد الحياة في مستويات منخفضة من الأوكسجين وتموت في النهاية، إضافة إلى ذلك فإنَّ الماء الدافئ يزيد من عملية التمثيل الغذائي للحيوانات البحرية ذوات الدم البارد مثل الأسماك؛ وهذا يسبب سوء التغذية بسبب الكمية المحدودة من الطعام المتاح.
هل تُلوث محطات الطاقة النووية الهواء؟
تُعَدُّ الطاقة النووية من أنظف أشكال الطاقة؛ وذلك لأنَّها لا تسبب تلوث الهواء في أثناء التشغيل، ومع ذلك في أثناء تعدين خام اليورانيوم وتنقيته يتم استخدام الوقود الأحفوري الذي تنبعث منه الغازات في الغلاف الجوي عند حرقه، كما تسبب الطاقة النووية تلوثاً أقل مقارنةً بمصادر الطاقة الأخرى؛ إذ يمكن أن تساعد على تقليل المشكلات الصحية المتعلقة بتلوث الهواء لدى البشر وكذلك الحيوانات.
هل من الآمن العيش بالقرب من محطة للطاقة النووية؟
كان هناك قلق متزايد بشأن سلامة العيش بالقرب من محطات الطاقة النووية، فالعيش بالقرب من محطة للطاقة النووية لا يشكل خطراً وفقاً للخبراء، ومع ذلك فإنَّ المشكلة الوحيدة في محطات الطاقة النووية هي الحوادث المرتبطة بها التي تُعَدُّ نادرةً للغاية؛ إذ يشكل الحادث النووي تهديدين صحيين رئيسين هما:
- الإشعاع المباشر.
- الابتلاع.
ينتشر الإشعاع المباشر بعيداً عن المصدر بوتيرة سريعة، وقد يشكل الابتلاع مخاطر صحيةً أكبر للأشخاص الذين يعيشون حولها؛ إذ تصبح النظائر المشعة محمولةً في الهواء بعد الانفجار، ويمكن أن يؤدي تناول هذه النظائر إلى الإصابة بسرطان الغدة الدرقية أو أنواع كثيرة من السرطانات.
كيف تحمي نفسك من التسرب الإشعاعي؟
توجد ثلاثة عوامل لحماية نفسك من التسرب الإشعاعي، وهي الوقت والمسافة والدرع؛ إذ تعمل إجراءات الوقت والمسافة والدرع على تقليل تعرضك للإشعاع بنفس الطريقة التي تحميك بها من التعرض المفرط للشمس.
حماية نفسك:
1. الوقت:
بالنسبة إلى الأشخاص الذين يتعرضون للإشعاع إضافة إلى الإشعاع الطبيعي، فإنَّ الحد من وقت التعرض أو تقليله يقلل الجرعة المتلقاة من مصدر الإشعاع.
2. المسافة:
مثلما تقل حرارة النار كلما ابتعدت، تقل جرعة الإشعاع كثيراً كلما زادت المسافة بينك وبين المصدر.
3. الدرع:
توفر حواجز الرصاص أو الخرسانة أو الماء الحماية من اختراق أشعة غاما والأشعة السينية، وهذا هو السبب في تخزين بعض المواد المشعة تحت الماء أو في غرف خرسانية أو مبطنة بالرصاص، ولهذا يضع أطباء الأسنان بطانيةً من الرصاص على المرضى الذين يتلقون صوراً بالأشعة السينية لأسنانهم، فإنَّ إدخال الدرع المناسب بينك وبين مصدر الإشعاع سيقلل أو يلغي الجرعة التي تتلقاها كثيراً.
الطوارئ الإشعاعية:
في حالة تسرب إشعاعي واسع النطاق مثل حادث محطة طاقة نووية أو حادث إرهابي، تم اختبار النصيحة التالية وثبت أنَّها توفر أقصى قدر من الحماية، ففي حالة حدوث حالة طوارئ إشعاعية يمكنك اتخاذ إجراءات لحماية نفسك وأحبائك وحيواناتك الأليفة؛ فادخل وابقَ في الداخل وابقَ على تواصل ومواكباً للأخبار واتبع نصائح المستجيبين والمسؤولين في حالات الطوارئ.
- ادخل إلى المنزل: في حالة الطوارئ الإشعاعية، قد يُطلب منك الدخول إلى مبنى والاحتماء لفترة من الوقت، ويسمى هذا الإجراء "الاحتماء في المكان".
- انتقل إلى منتصف المبنى أو القبو بعيداً عن الأبواب والنوافذ.
- أحضر الحيوانات الأليفة إلى الداخل.
- ابقَ في الداخل: سيقلل البقاء بالداخل من تعرضك للإشعاع.
- أغلق النوافذ والأبواب.
- استحم أو امسح الأجزاء المكشوفة من جسمك بقطعة قماش مبللة.
- اشرب المياه المعبأة وتناول الطعام المعبأ في عبوات محكمة الغلق.
- ابقَ متابعاً: يتم تدريب مسؤولي الطوارئ على الاستجابة لحالات الكوارث، وسيقدمون إجراءاتٍ محددةً للمساعدة على الحفاظ على سلامة الناس.
- احصل على أحدث المعلومات من الراديو والتلفزيون والإنترنت والأجهزة المحمولة وما إلى ذلك؛ إذ سيقدم مسؤولو الطوارئ معلوماتٍ عن المكان الذي يجب أن يتوجهوا إليه لفحص التلوث.
في الختام:
الطاقة النووية طاقة نظيفة بمضمونها، لكن تحتاج عملياتها إلى استخدام مواد تضر بالبيئة، كما أنَّ عدم توفر طرائق لتصريف النفايات الخارجة عنها هو مشكلة حقيقية يجب العمل على حلها، ويجب أخذ الحيطة والحذر في إعداد أنظمتها؛ وذلك لأنَّ أي تسريب إن لم يجرِ احتواؤه بسرعة كبيرة فسيخلف أضراراً لا تُحمد عقباها.
أضف تعليقاً