وشهد تألق الفرق واللاعبين الأسطوريين، لذا دعونا نستعرِض معاً تاريخ بطولة كأس آسيا، والتي تجسد الروح الرياضية والتنافس الشديد في قلب كل مشجع آسيوي.
ما هي بطولة كأس أمم آسيا؟
كأس أمم آسيا هي إحدى أبرز البطولات القارية لكرة القدم في منطقة آسيا، وإنَّ تنظيم هذه البطولة يتم بواسطة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم (AFC)؛ إذ تأسست البطولة في عام 1956، وتقام كل أربع سنوات، وتعدُّ فعَّالية رياضية هامة تجمع بين أبرز المنتخبات في القارة.
يشمل كأس أمم آسيا مراحل متعددة، وتبدأ بالتصفيات المؤهلة حتى تحديد المنتخبات المشاركة، ويتبع ذلك المرحلة النهائية التي تتنافس فيها المنتخبات المتأهلة على لقب البطولة، ويُعدُّ الفوز في كأس أمم آسيا فخراً كبيراً لأي منتخب، ويضع اللاعبين والمدربين في صدارة الأحداث الرياضية على الصعيدين الوطني والقاري.
تسهم البطولة في تعزيز التنافس الرياضي وتعزيز التواصل بين مختلف الثقافات في آسيا، وإضافة إلى ذلك يمكن للمنتخب الفائز بالبطولة التأهل مباشرة لكأس العالم لكرة القدم؛ وهذه فرصة لاحقة لتمثيل القارة الآسيوية على المستوى العالمي، وبقاء اسمها محفوراً في تاريخ بطولة كأس آسيا.
تاريخ بطولة كأس آسيا:
تاريخ كأس آسيا لكرة القدم عريق ومنظم من قبل الاتحاد الآسيوي لكرة القدم (AFC)، فهي بطولة مرموقة تحدد بطل القارة الآسيوية؛ بل إنَّها ثاني أقدم بطولة لكُرة القدم القارية في العالم بعد كوبا أمريكا، وشهدت البطولة تطورات وإنجازات كبيرة منذ إنشائها في عام 1956.
تم اقتراح فكرةَ إقامة منافسة آسيوية بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن لم تتحقق حتى الخمسينيات، وفي عام 1956 وبعد عامين من إنشاء الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، أُقيمت أولى نسخ كأس آسيا لكرة القدم في "هونغ كونغ"، وشارك سبعة من الأعضاء المؤسسين الاثني عشر في البطولة، وهذا جعلها ثاني أقدم بطولة قارية في العالم.
المنتخبات المتوجة بكأس آسيا:
أظهرت النسخ الأولى من تاريخ كأس آسيا تفوق فريق كوريا الجنوبية، والذي فاز بالبطولة في 1956 و1960 مسجلاً أفضل إنجازاته في البطولة، ومع استمرار البطولة بدأت فرق أخرى في الظهور بوصفهم منافسين جادين.
أرست إيران هيمنتها في غرب آسيا في السنوات التالية، فقد فازت بثلاث بطولات متتالية في 1968 و1972 و1976، وتظل إيران الفريق الوطني الوحيد في آسيا الذي حقق هذا الإنجاز، وقد قدمت نسخة عام 1972 من تاريخ بطولة كأس آسيا في تنسيق المرحلة النهائية بنظام تصفية المجموعات، والذي تم اتباعه في البطولات التالية مع بعض التعديلات.
شهدت فترة الثمانينيات استمرار هيمنة الفرق الغربية الآسيوية، فأصبحت الكويت أول دولة عربية تفوز بالبطولة في عام 1980.
ظهرت المملكة العربية السعودية بوصفها قوة صاعدة، فقد فازت بلقبين متتاليين في 1984 و1988، وشكلت هذه الانتصارات بداية المشاركة السعودية في المنافسات الكبرى ووضعتها في مكانة هامة في كرة القدم الآسيوية.
بدأ صعود اليابان في كرة القدم الآسيوية في التسعينيات؛ إذ شاركت اليابان التي كانت سابقاً لا تمتلك اسماً كبيراً في الرياضة في كأس آسيا لكرة القدم لأول مرة في عام 1988، ومع تطور المشهد الكروي المحترف في اليابان تحسنت طبقتهم على الساحة الدولية أيضاً.
استضافت اليابان كأس آسيا لكرة القدم في عام 1992، والتي شملت ثماني فرق مقسمة إلى مجموعتين، وفي نهائي تاريخي تغلبت اليابان على السعودية البطلة السابقة لتحقق أول شرف دولي كبير لها، فهذا الانتصار كان نقطة تحول لكرة القدم اليابانية وسعيها للنجاحات المستقبلية.
توسعت البطولة إلى اثنتي عشرة فريقاً في عام 1996 وأُقيمت في الإمارات العربية المتحدة، ووصلت السعودية إلى النهائي للمرة الرابعة على التوالي، ولكنَّها خسرت أمام المستضيف في ركلات الترجيح.
انتصرت اليابان على السعودية في نهائي مليء بجماهير السعودية المتحمسة في نسخة عام 2000 من تاريخ بطولة كأس آسيا في لبنان.
توسع كأس آسيا إلى 16 فريقاً في عام 2004، ولكن السعودية فشلت في الوصول إلى النهائي للمرة الأولى، وفازت الصين في تلك البطولة للمرة الأولى، وظلت محفورة في الذاكرة بسبب طبيعتها التنافسية.
شمل انضمام أستراليا إلى الاتحاد الآسيوي في نسخة 2006 مزيداً من التغييرات على كأس آسيا، ومن ثم استضافت البلاد النسخة في عام 2015، فشهدت توسعاً لتشمل 16 فريقاً، وسجلت أستراليا انتصار جنوب شرق آسيا الأول بعد فوزها على كوريا الجنوبية في النهائي.
شهدت بطولة كأس آسيا 2019 مزيداً من التطورات مع إدخال حكام الفيديو المساعدين (VAR)، وتوسيع البطولة لتشمل 24 فريقاً؛ إذ استضافتها الإمارات العربية المتحدة، وشهدت فوز قطر بلقبها الآسيوي الأول بتغلبها على اليابان في النهائي، ولم تخلُ المسابقة من الجدل، فقد أثرت أزمة قطر الدبلوماسية وحوادث أخرى في بعض المباريات.
كأس آسيا لكرة القدم:
تغيرت جوانب كثير في تاريخ بطولة كأس آسيا لكرة القدم على مر السنين، وكانت الجائزة الأصلية المستخدمة من عام 1956 إلى 2015 تصميماً على شكل وعاء يَزنُ 15 كيلوغراماً، وكانت قاعدة الجائزة السوداء تحتوي على لوحات منقوشة بأسماء الدول الفائزة، ففي عام 2019 تم تقديم جائزة جديدة نموذجها على شكل زهرة اللوتس رمزاً لآسيا، ويبلغ طولها 78 سنتيمتراً وعرضها 42 سنتيمتراً، ومصنوعة من الفضة.
أبرز اللاعبين في بطولة كأس آسيا على مر التاريخ:
أبرز اللاعبين في تاريخ بطولة كأس آسيا هم:
1. ماجد عبد الله (المملكة العربية السعودية):
إذ قضى ماجد عبد الله معظم مسيرته الرياضية في نادي النصر، وهو هدَّاف النادي التاريخي برصيد 189 هدفاً في 194 مباراة.
المهاجم الذي وُلد في جدة هو أيضاً أفضل هدَّاف في تاريخ بلاده برصيد 72 هدفاً في 117 مباراة، إضافة إلى هدفه الوحيد في مشاركة السعودية الأولمبية في لوس أنجلوس عام 1984.
2. هونغ ميونغ-بو (جمهورية كوريا):
في حين أنَّ "بارك جي-سونغ" كان عنواناً في أوروبا مع فريقي (PSV) إيندهوفن ومانشستر يونايتد؛ إذ لم يترك بصمته حقاً في كأس آسيا، ولكن زميله في كأس العالم 2002 "هونغ ميونغ-بو" فعل ذلك بالتأكيد.
شارك "هونغ" في أربع كؤوس العالم متتالية بدءاً من إيطاليا 1990، ومن ثم لعب 137 مباراة مع منتخب كوريا الجنوبية، ويلقَّب بـ "بيكنباور آسيا" تيمناً بالنجم الألماني "فرانز بيكنباور".
3. ناكامورا شونسوكي (اليابان):
حقق "ناكامورا شونسوكي" شهرةً في أوروبا بفضل فتراته في نادي ريجينا الإيطالي والعمالقة في سلتيك الاسكتلندي، ولكنَّه كان أيضاً واحداً من أعظم لاعبي تاريخ كأس آسيا.
ساهم لاعب الوسط الذي يلعب بالقدم اليسرى في تأهيل منتخب اليابان تحت 23 سنة لأولمبياد سيدني 2000 وأصبح بسرعة لاعباً أساسياً في المنتخب الوطني الأول، وذلك بعد أن لمع في فريق "يوكوهاما إف" مارينوس، وبعد مساهمته في وصول اليابان إلى ربع نهائي سيدني، شغل دوراً رئيساً في تتويج "الساموراي الزرق" بلقب كأس آسيا التي أُقيمت في لبنان.
4. يونس محمود (العراق):
الرجل الوحيد الذي سجَّل في أربع بطولات لكأس آسيا، ويتذكر الناس يونس محمود بشكل أفضل لقيادته العراق للتتويج في عام 2007، وقبل ذلك بثلاث سنوات شارك بشكل رئيسي في تأهل العراق لأولمبياد أثينا 2004 وحقق فوزهم المذهل 4-2 في افتتاح البطولة على حساب البرتغال، والتي كان في صفوفها النجم "كريستيانو رونالدو".
احتل العراق المركز الرابع في تلك البطولة، وأصبح محمود، الذي لعب وسجَّل في كأس آسيا 2004 قائداً للمنتخب الأول اعتباراً من عام 2006 ولمدة عقد حتى اعتزاله.
4. تيم كاهيل (أستراليا):
انضمت أستراليا إلى الاتحاد الآسيوي في عام 2006، وأنهت اليابان آمالها في الفوز باللقب في ربع النهائي.
"تيم كاهيل" الذي أصبح نجمَ فريق "إيفرتون" الإنجليزي، وتم تقييده في ذلك الوقت للمشاركات بوصفه بديلاً بسبب إصاباته المستمرة في القدم والركبة، ومع ذلك تمكن من تسجيل أول هدف لأستراليا في كأس آسيا في الدقيقة 92 لتحقيق تعادل ضد عمان، وفي عام 2011 قام بنفس الإنجاز بتسجيل هدفين في مباراة الفوز الافتتاحية على حساب الهند، ولكنَّه لم يتمكن من التسجيل مرة أخرى في البطولة، فقد أخمدت اليابان آمال "السوكيروس" هذه المرة بالتفوق 1-0 في النهائي بفضل هدف "لي تاداناري" في الوقت الإضافي.
5. هوندا كيسوكي (اليابان):
لاعب وسط متعدد المهام ومبدع، وساعد "هوندا كيسوكي" منتخب اليابان تحت 23 سنة في التأهل لأولمبياد بكين 2008، فقد فشلوا في تحقيق أية نقطة في ثلاث مباريات في مرحلة المجموعات، وفي الشهور التي سبقت بكين انضم "هوندا" إلى نادي VVV-Venlo الهولندي قادماً من ناجويا جرامبوس ايت، وشارك في مباراته الدولية الكاملة.
6. سون هيونغ-مين (جمهورية كوريا):
اللاعب الحالي الوحيد الذي يظهر في هذه القائمة، نجح "سون هيونغ-مين" في تحقيق نفسه بوصفه أحد أفضل لاعبي العالم بفضل تألقه في الأندية في ألمانيا وإنجلترا، وبعد مغادرته أكاديمية "إف سي سيول" للانضمام إلى نادي هامبورغ الألماني عندما كان عمره 16 عاماً شارك في دوري الدرجة الأولى الألماني في موسم 2010-2011، وسجَّل أول هدف له في الدوري قبل أربعة أشهر فقط من عيد ميلاده الـ 18، وبعد أسابيع تم استدعاؤه لتمثيل المنتخب الوطني في كأس آسيا 2011.
سجل "سون" مشاركتين بوصفه بديلاً في مرحلة المجموعات، فقد سجل هدفه الدولي الأول ليختتم فوزاً 4-1 على حساب الهند، وهذا جعله أصغر هدَّاف في تاريخ كأس آسيا.
الفرق السائدة واللحظات الأيقونية:
ظهرت العديد من الفرق بوصفها قوة سائدة في البطولة على مر التاريخ في كأس آسيا لكرة القدم؛ إذ تتصدر اليابان القائمة بأربعة ألقاب، وتليها السعودية بثلاثة ألقاب على مقربة، وتشمل الفرق الناجحة الأخرى إيران، وكوريا الجنوبية، والكويت، كل منها حققت العديد من الانتصارات.
في الختام:
في ختام هذه الرحلة الممتعة عبر تاريخ بطولة كأس آسيا، نجد أنَّ هذا الحدث الكروي الرائع يحمل معه قصصاً استثنائية ولحظات تاريخية لا تُنسى، ونجحت البطولة منذ انطلاقتها في عام 1956 في تطوير نفسها، وشهدت تغيرات هامة في القوانين والتوسع الجغرافي، وذلك من لحظات السيطرة الأولى لكوريا الجنوبية إلى هيمنة غرب آسيا في الفترة من 1964 إلى 1988، ومروراً بتوسيع البطولة وانضمام أستراليا في 2006؛ إذ كان تاريخ بطولة كأس آسيا مشوقاً، وعرضاً باهراً لتنافس القارة الآسيوية، فمن الأبطال الذين أثروا في تاريخ البطولة إلى الأحداث الرائعة التي شهدتها الملاعب الآسيوية، فإنَّ كأس آسيا يظل مسرحاً للتميز والعطاء الكروي.
أضف تعليقاً