ما هي متلازمة نونان؟
متلازمة نونان هي حالة وراثية تحدث بنسبة 1 في 1,000 إلى 1 في 2,500 ولادة حية.
تتضمن السمات الشائعة لهذه الحالة أمراض القلب الخلقية وقصر القامة وسحنة وجه مميزة واضطرابات النزيف وصعوبات التعلم، على الرغم من شيوع هذه السمات، فإنَّ أياً منها لا يحدث 100% من الوقت، وتظهر الحالة بشكل متغير، وقد لا تظهر لشخص يعاني من متلازمة نونان كل السمات مجتمعة.
يعتمد علاج المريض المصاب بمتلازمة نونان على السمات الفردية.
تظاهرات متلازمة نونان:
1. التظاهرات القلبية:
يُقدَّر أنَّ 50-80% من الأفراد الذين يعانون من متلازمة نونان يعانون من عيب قلبي خلقي، وأكثر عيب قلبي شائع هو تضيُّق الصمام الرئوي، الذي هو تضيُّق في الصمام المرتبط بالشريان الذي يحمل الدم من القلب إلى الرئتين.
تُشاهد أيضاً أنواع أخرى من عيوب القلب الخلقية في المرضى الذين يعانون من متلازمة نونان، ومن ذلك عيوب الجدار القلبي "ثقب في القلب" ورباعية فالو.
تتظاهر ضخامة العضلة القلبية (فرط التنسج العضلي القلبي) في حوالي 20% من مرضى متلازمة نونان، وقد تكون موجودة منذ الولادة أو تتطور لاحقاً.
2. التظاهرات غير القلبية:
- الغدد الصماء: يعاني معظم الأفراد الذين يعانون من متلازمة نونان من القامة القصيرة، ومن المشترك أن يكون الطول والوزن دون النسبة المئوية الثالثة على مخطط النمو النموذجي، ويتأخر في الغالب سن البلوغ لدى الأفراد الذين يعانون من متلازمة نونان.
- اضطرابات النزيف: يتبين أنَّ بعض الأفراد يعانون من اضطرابات النزيف، وتتمثل بشكل رئيسي في مشكلات في تجلُّط الدم، قد تشمل الأعراض الخفيفة التكوُّن السهل للكدمات أو فترات الحيض الغزيرة للنساء، ويجب التعرف إلى هذه المشكلات قبل أي إجراء جراحي.
3. التعلم والتطور:
تأخر التعلم والتطور العقلي شائع بين الأفراد الذين يعانون من متلازمة نونان، والصعوبات في التغذية شائعة أيضاً خلال الرضاعة الطبيعية.
يعاني حوالي 25% من الأطفال من صعوبات في التعلم، ويحتاج بعضهم إلى بيئة صفية تعليمية خاصة، ويميل متوسط الذكاء ليكون أقل من أفراد العائلة الآخرين الذين لا يعانون من متلازمة نونان.
4. التظاهرات الجسدية:
يملك الأفراد الذين يعانون من متلازمة نونان سحنة وجه متشابهة تميل إلى التغيير مع مرور الوقت، وعلى الرغم من مشاركتهم للعديد من سمات الوجه، يشبه الأفراد الذين يعانون من متلازمة نونان أيضاً أفراد عائلاتهم.
يكون لدى المرضى الذين يعانون من متلازمة نونان عنق عريض أو ملتو، وتُشاهد في المرضى الذين يعانون من متلازمة نونان اختلافات في بنية عظمة القص، الموجودة في وسط الصدر.
5. سمات أخرى:
معظم الأفراد الذين يعانون من متلازمة نونان يظهرون نوعاً من مشكلات العيون و/أو الرؤية، وتكون نسبة صغيرة جداً منهم مصابة بفقدان السمع إلى حد ما.
حوالي 10% من الأفراد يعانون من شذوذات في الكلية، وتكون عادة طفيفة وذات أهمية سريرية ضئيلة، يزيد وجود مشكلة كلوية هيكلية من احتمالية حدوث التهابات المسالك البولية.
متلازمة ليوبارد:
متلازمة ليوبارد هي نوع فرعي من متلازمة نونان، يتميز بأنَّه يظهر دائماً بنمط أعراض محددة.
أعراض متلازمة ليوبارد:
- بقع بنية إلى سوداء على الجلد.
- عيوب في القلب.
- مسافة أوسع من المعتاد بين العيون (توسع العينين).
- تضيق الصمام الرئوي.
- مشكلات في تطور الأعضاء التناسلية، مثل الخصيتان الهاجرتان.
- قصر القامة.
- فقدان السمع.
شاهد بالفيديو: أشهر الأمراض النادرة في العالم
أسباب متلازمة نونان:
متلازمة نونان ناتجة عن عيب جيني، والذي ينتقل عادةً من أحد الوالدين إلى الطفل. ولا توجد أدلة تشير إلى أنَّ الخلل الوراثي ينجم عن عوامل بيئية، مثل النظام الغذائي أو التعرض للإشعاع.
جينات متلازمة نونان:
تم ربط العيوب فيما لا يقل عن 8 جينات مختلفة بمتلازمة نونان، وأكثر الجينات هي:
- جين PTPN11.
- جين SOS1.
- جين RIT1.
- جين RAF1.
- جين KRAS.
لا يمكن العثور على خلل وراثي محدد في حوالي 1 من كل 5 حالات.
عادةً ما يتم ربط جين PTPN11 المعيب بتضيُّق الصمام الرئوي (تضيُّق صمام القلب)، ويكون جين RAF1 المعيب أكثر ارتباطاً بالتصلب القلبي العضلي.
كيف تنتقل متلازمة نونان وراثياً؟
في حوالي 30-75% من الحالات، تنتقل متلازمة نونان وراثياً بنمط معين يُعرف بالسيادة التلقائية؛ وهذا يعني أنَّه يكفي أن يحمل أحد الوالدين نسخة من أحد الجينات المعيبة لنقلها، وسيكون لدى كل طفل احتمال 50% للولادة بمتلازمة نونان.
لدى الوالد الذي يحمل الجين المعيب الحالة نفسها، على الرغم من أنَّها قد تكون خفيفة جداً، وفي الحالات الأخرى، تكون الحالة ناتجة عن خلل وراثي جديد لا يتم نقله من أي من الوالدين.
ما هي فرص الإنجاب لطفل آخر يعاني من المتلازمة؟
إذا كان لديك طفل يعاني من متلازمة نونان ولم يتم تشخيصك أو شريكك بها، تحدَّث مع طبيبك للحصول على إحالة إلى مستشار وراثي.
قد تكون قادراً على إجراء اختبار دم وراثي لرؤية ما إذا كنتما تحملان أحد الجينات المعيبة المرتبطة بالحالة، وإذا لم يحمل أيٌّ منكما جيناً معيباً، فإنَّ خطر إنجاب طفل آخر يعاني من المتلازمة ضئيل جداً (يُقدَّر بأقل من 1%).
إذا كان أحدكما يحمل جيناً معيباً أو تم تشخيص أحدكما بمتلازمة نونان، فثمة خطر يصل إلى 50% لكل طفل آخر تقومان بإنجابه بأن يولد بالحالة.
يمكن لمستشار وراثي شرح المخاطر وخياراتكما لإنجاب طفل آخر، وقد تشمل هذه الخيارات:
- إجراء اختبار في أثناء الحمل لمعرفة ما إذا كان طفلك سيعاني من متلازمة نونان.
- تبني طفل.
- التشخيص الوراثي قبل الزرع؛ فيتم تخصيب البويضات واختبارها في المختبر، ويتم زرع البويضات التي لا تحتوي على الجينات المعيبة لمتلازمة نونان في الرحم.
علاج متلازمة نونان:
لا يوجد علاج واحد لمتلازمة نونان، ولكن من الممكن علاج معظم جوانب هذه الحالة، فقد يحتاج طفلك في البداية إلى كثير من العلاج والدعم للتعامُل مع مشكلاته المتنوعة، ومع ذلك، سيحتاج عادة إلى رعاية أقل بكثير مع تقدُّمه في العمر.
على الرغم من أنَّه سيحتاج على الأرجح إلى إجراء بعض الاختبارات والفحوصات الروتينية لمراقبة أعراضه، يمكن لمعظم البالغين الذين يعانون من متلازمة نونان أن يعيشوا حياة طبيعية.
عيوب القلب:
يجب إجراء تقييم كامل لوظائف قلب طفلك عند تشخيص متلازمة نونان، سيساعد هذا على تحديد ما إذا كان يعاني من أي نوع من أمراض القلب الخلقية، وسيعتمد العلاج الذي يحتاجه طفلك على نوع العيب القلبي الذي لديه ومدى شدته، على سبيل المثال:
- قد لا يحتاج تضيُّق الصمام الرئوي إلى أي علاج إذا كان خفيفاً، ولكن قد تتطلب الحالات الأشد عملية لتوسيع الصمام القلبي المتضيق أو استبداله بصمام جديد.
- قد يحتاج تضخم عضلة القلب إلى علاج بواسطة أدوية مثل حاصرات بيتا أو جراحة لإزالة بعض العضلات القلبية الزائدة.
- قد لا تحتاج عيوب الجدار القلبي إلى أي علاج إذا كانت صغيرة؛ لأنَّها قد تتحسن مع العمر، ولكن قد تتطلب الحالات الأشد عملية لإغلاق الفتحة في القلب.
سيتم إجراء اختبارات دورية لفحص وظائف القلب عادة حتى البلوغ.
تقييم النمو المقيد:
سيتم تقييم حجم ومعدل نمو طفلك بانتظام طوال طفولته، فإذا تبيَّن أنَّ معدل نموه يقل بشكل خطير، قد يُقترح العلاج بواسطة هرمون النمو البشري.
يبدأ العلاج عادة في سن 4 أو 5 سنوات ويستمر حتى يتوقف نمو طفلك، ويُستخدم عادة دواء يُسمى سوماتروبين، ويُعطى عن طريق حقنة يومية واحدة.
نادراً ما تحدث آثار جانبية للسوماتروبين، لكن قد يشعر طفلك ببعض الألم المؤقت والحكة والاحمرار في موقع الحقنة.
مشكلات التغذية والنطق:
لدى الأطفال الذين يعانون من متلازمة نونان، تتسبب العضلات الضعيفة في الفم أحياناً في مشكلات في النطق والتغذية، وقد يُحالون إلى أخصائي نطق للحصول على المساعدة والدعم.
سيساعد أخصائي النطق طفلك على تطوير العضلات في فمه ومحاولة تعليمه كيفية استخدام عضلاته بشكل فعال.
في حالات الفقر الشديد في التغذية، قد يحتاج طفلك الرضيع إلى أنبوب تغذية لبضعة أشهر.
الخصية الهاجرة:
إذا كان لديك طفل ذكر مع خصية هاجرة، أو كانت الخصيتان لا تنزلان بشكل طبيعي في غضون بضعة أشهر من الولادة، فيُفضل عادة إجراء عملية جراحية تصحيحية، ويتم ذلك عادة قبل سنتين من العمر؛ لأنَّ معالجة المشكلة في وقت مبكر تزيد من فرص عدم تأثر الخصوبة.
العملية الجراحية المعروفة باسم أوركيدوبيكسي هي العلاج الاعتيادي للخصية الهاجرة، يشمل ذلك إجراء شق صغير في البطن أو فخذ الطفل ونقل الخصية إلى الموضع الصحيح.
صعوبات التعلم:
إذا تم تشخيص طفلك بصعوبات تعلُّم، فذلك لا يعني بالضرورة أنَّه لا يمكن تعليمه في مدرسة عامة، ومع ذلك، قد يستفيد الأطفال ذوو الإعاقات الشديدة أكثر من دخول مدارس متخصصة.
لضمان حصول طفلك على الدعم اللازم، قد يكون من الضروري إعداد خطة التعليم والصحة (EHC)، فهذا النوع من خطط الرعاية مصمم لتلبية احتياجات صحة وتعليم طفلك.
في الختام:
تظهر متلازمة نونان بوصفها حالة وراثية معقدة تتسم بمجموعة متنوعة من الأعراض والتحديات، ورغم التباين في السمات بين الأفراد، يظل الدعم الطبي والتعليمي أمراً حاسماً لتحسين جودة حياتهم، ويتطلب الفهم الشامل وتقديم الرعاية الملائمة تحقيق تكامل أفضل للأفراد المتأثرين ودمجهم بشكل فعَّال في المجتمع.
أضف تعليقاً