لكن حينها كانت النظرة المتعلقة بالتعليم عن بُعد سلبية، فيعد أدنى درجات التعليم، أما الآن وبعد الثورة التكنولوجية المذهلة في عالم الحواسيب والإنترنت، يتمتع التعليم الإلكتروني بدرجة عالية واهتمام كبير، سواء بوصفه مساعداً للتعليم التقليدي أعطى الدمج بين التعليم التقليدي والإلكتروني نتائج جيدة جداً، أم بوصفه بديلاً عنه في الظروف الصعبة كما حدث في السنوات السابقة خلال فترة انتشار فيروس كورونا، إذ مكَّن التعليم الإلكتروني الطلاب من متابعة تعليمهم دون الخروج من المنزل لحماية أنفسهم وعائلاتهم من الجائحة.
لكن بالرغم من التطورات الكبيرة في مجال التكنولوجيا والتي جعلت العالم يبدو قرية صغيرة والفرصة الهامة التي يقدمها التعليم الإلكتروني للكثيرين في متابعة تعليمهم، إلا أنَّ التعليم الإلكتروني يواجه العديد من التحديات، والتي يحدثك عنها مقالنا الحالي وعن كيفية التغلب عليها لتكوِّن فكرة واضحة قبل اتخاذ قرار الاعتماد على التعليم عن بعد في متابعة تعليمك فتتجنب المشكلات قبل وقوعها.
فوائد وأهمية التعليم الإلكتروني:
يمتلك التعليم الإلكتروني فوائد هامة لا يمكن تجاهلها مهما كانت التحديات التي تواجهه، فتكمن أهمية التعليم الإلكتروني فيما يأتي:
- يساعد التعليم الإلكتروني المتعلم على الوصول إلى المحتوى التعليمي الذي يريد في أي زمان أو مكان، فسابقاً كان الطالب مضطراً للسفر إن أراد الدراسة في جامعة عالمية، أما الآن أصبح الأمر أقل عناء وتكلفة أيضاً، كما أنَّه يتيح للطالب التعلم في الوقت المناسب له، فلا يتعارض ذلك مع التزاماته في الحياة.
- ثمة أيضاً التعليم الإلكتروني المتزامن، الذي يتطلب حضور المحاضرات عبر شبكة الإنترنت بشكل مباشر في أثناء شرحها من قبل المعلم، ويوجد النوع الآخر وهو التعليم الإلكتروني غير المتزامن، والذي يتيح للطالب الحصول على المحاضرة بشكل مسجل مسبقاً، ويمكن للطالب أيضاً الدمج بين النوعين للاستفادة من مزايا كل منهما.
- يقدم التعليم الإلكتروني المحتوى التعليمي بالشكل المناسب للطالب بخلاف التعليم التقليدي الذي يقدم المعلومة بالأسلوب ذاته للجميع، إضافة إلى ذلك فإنَّ الأساليب المتبعة في التعليم الإلكتروني ممتعة ومشوقة تبعد الطالب عن الملل وتثير اهتمامه وتجذبه لمتابعة التعلم.
- يتيح التعليم الإلكتروني إمكانية الوصول إلى مصادر المعرفة الغنية والمتنوعة بسهولة وفي زمن قصير.
- التعليم الإلكتروني فرصة لمن يريد تطوير مهاراته الذاتية ويكتسب معارف ومعلومات جديدة ليبقى مواكباً للتطورات الحاصلة في تخصصه الدراسي.
- يعد التعليم الإلكتروني أسلوباً ممتازاً لإعداد جيل جديد حديث مواكب للتطورات التكنولوجية المستمرة.
التحديات التي تواجه التعليم الإلكتروني:
يواجه التعليم الإلكتروني مجموعة من التحديات التي تعوق سير العملية التعليمية بشكل سليم أبرزها ما يأتي:
1. صعوبة التكيف مع النمط التعليمي الجديد:
كما ذكرنا آنفاً فإنَّ التعليم الإلكتروني مختلف تماماً عن النمط التقليدي الذي اعتدنا عليه لسنوات طويلة، ويواجه كثيراً من الطلاب صعوبة في التحول والتكيف مع هذا الاختلاف، ومَن كانت مقاومته للتغيير عالية فصعوبة تكيفه عالية أيضاً، والوقت الذي تحتاجه إلى التكيف مع الأساليب التعليمية الجديدة طويل نوعاً ما، ويتطلب ذلك أحياناً اتباع دورات أو الدخول في المجموعات المخصصة للأشخاص ممن يتبعون التعليم الإلكتروني لتعلم الأساليب والتعرف إلى طرائق الاستفادة من كل منها، ومن الضروري الابتعاد عن الانتقادات السلبية والإقبال على التعليم الإلكتروني بقلب وعقل منفتحَين.
2. المعوقات التقنية:
يحتاج حضور المحاضرات المباشرة والتفاعل مع المدرس والزملاء الافتراضيين إلى توفُّر إنترنت قوي، وهذا ما تفقده كثير من المناطق في العالم، وذلك يجعل التعليم الإلكتروني صعباً جداً بالنسبة إليهم.
إضافة إلى ذلك فإنَّ معظم الطلبة يواجهون مشاكل وصعوبة في تحمُّل التكاليف اللازمة من امتلاك كمبيوتر وشبكة إنترنت، وبالرغم من أنَّ معظمهم يمتلك ذكاء تكنولوجياً واتبع دورات لتقوية ذاته بحل مشكلات أجهزة الكمبيوتر، لكنَّهم يحتاجون إلى الاستعانة بمختصين في كثير من الأحيان، وأيضاً الأمر مكلف مادياً، ويعوق سير العملية التعليمية بشكل سليم في حال حدوث عطل في أثناء متابعة المحاضرة مثلاً.
3. وجود الدافع الذاتي:
تفرض الطريقة التقليدية في التعليم على الطالب الالتزام بوقت الحضور وتقديم الامتحانات وبطرائق محددة في التعلم، أما أسلوب التعليم الالكتروني يحتاج إلى دافع ذاتي يساعد على مواجهة مختلف التحديات وتحمُّل الصعوبات مثل حضور دورات والتعامل مع التكنولوجيا ومشكلاتها التقنية التي تجعل كثيراً من الطلاب يشعرون بفقدان الشغف والاستسلام أمام الصعوبات وعدم متابعة الطريق.
4. صعوبة إدارة الوقت:
من ميزات التعليم الالكتروني الهامة المرونة كما تحدثنا آنفاً، والتي تُشعِر الطالب بالراحة في كثير من الأحيان، ولكن تسبق ذلك الصعوبة في إدارة الوقت بالنسبة إلى مَن يتحمل مسؤوليات متعددة في الوقت ذاته، وخاصة لمَن يريد اتباع نمط التعليم الإلكتروني المتزامن؛ لذلك يعد أمر إدارة الوقت تحدياً كبيراً يواجه الطلاب.
5. التفاعل القليل:
يحتاج الطالب إلى جو محفز يوجد فيه الزملاء ممن لديهم الاهتمام ذاته والدروس والامتحانات ذاتها، فيوفر ذلك إمكانية الدردشة والمناقشة والاستفادة من ملاحظاتهم، وهذا الأمر يغيب في التعليم الإلكتروني، فيعاني معظم الطلاب من العزلة وخاصة ممن يتبعون نمط التعليم الإلكتروني غير المتزامن، الذي يغيب فيه التفاعل مع الزملاء والمعلمين.
6. صعوبة في التركيز:
يتوفر عبر الإنترنت كثيراً من الأشياء المسلية، مثل مقاطع الفيديو والأصدقاء وغير ذلك من الأشياء التي تمنع تركيز الطالب بشكل كبير على دراسته فقط، فالتعليم الإلكتروني مرن وسهل لكنَّه يحتاج إلى تركيز شديد، فالمشتتات كثيرة.
شاهد بالفيديو: التعليم التقيلدي والتعليم عن بعد: ايجابيات وسلبيات
كيفية التغلب على تحديات التعليم الإلكتروني:
يمكن التغلب على التحديات التي تواجه الطلاب ممن يدرسون بالاعتماد على التعليم الإلكتروني من خلال ما يأتي:
1. البحث عن الدافع الذاتي:
غياب الدافع الذاتي أمر صعب جداً ويجب توفره لضمان النجاح، فلا تهدر الوقت عبثاً، بل ابحث عن الدافع الذاتي الذي يجعلك تتحمل مختلف الصعوبات في سبيل تحقيق الهدف المرجو، ولا تدرس تلبية لرغبات الآخرين؛ لأنَّك لن تتحمل تلك المصاعب.
2. إنشاء روتين خاص ومنظَّم:
لا تنتظر لينظِّم أحد جدولك الدراسي الخاص، فالآن أنت المسؤول الوحيد عن تنظيم وقتك؛ لذلك خذ وقتاً كافياً وحدد مسؤولياتك، واستغن عن مختلف المشتتات والالتزامات غير الضرورية، وأنشئ جدولاً منظماً يحدد وقت العمل والراحة ووقت الدراسة.
في حال اتبعت نمط التعليم الإلكتروني المتزامن، فعليك ترتيب مسؤولياتك الأخرى بناءً على أوقات المحاضرات، فالأولوية الكبرى لهم، ولا تنس تخصيص وقت يومي للراحة؛ للتخلص من الإرهاق والابتعاد عن التوتر، ويمكن الاستعانة بقوائم المهام والتقويمات لتقسيم المهام الدراسية من الأكبر إلى الأصغر عندما تكثر المشاريع والمهام.
3. تجنُّب المشكلات الفنية:
يتطلب تجنبها اتباع دورة تعلم كيفية معالجة المشكلات البسيطة المتعلقة بالحاسوب وشبكة الإنترنت، وقبل أن يحين موعد المحاضرة أو تقديم الامتحان تأكَّد من الاتصال الجيد بالإنترنت ومن توافق الأجهزة، وعند الشك بوجود مشكلة ما لا تؤجِّل حلَّها، بل استعن بأخصائي ليتأكد من سلامة الحاسوب وشبكة الإنترنت، لكيلا تقع بالمشكلات في الأوقات الخاطئة.
4. التفاعل مع الزملاء:
يجب تجنُّب العزلة والابتعاد عن الآخرين؛ لأنَّ التعليم الإلكتروني أيضاً يتيح إمكانية تكوين صداقات مع زملاء من مختلف أنحاء العالم، وما عليك فعله هو الدخول في المجموعات الدراسية، والمشاركة بمختلف النقاشات، وطرح قضايا دراسية متنوعة، وتنظيم لقاء مع الزملاء الافتراضيين عبر الإنترنت بواسطة مكالمات الفيديو للعمل على المشاريع معاً والاستفادة من خبراتهم.
لتشعر بأنَّك ضمن الجامعة، خصص زاوية في منزلك وضع فيها طاولة وكرسياً مريحة ومختلف الأدوات التي تحتاجها في الدراسة، وتأكد من توفر إضاءة مناسبة، واستخدم الأدوات التي تعزلك عن المحيط الخارجي مثل سماعات الرأس، فكل ما سبق يساعد على إنشاء بيئة تعليمية فعالة تساهم في زيادة التركيز.
في الختام:
التعليم الإلكتروني من المفاهيم الحديثة نوعاً ما، والذي يوفر التعليم بالاعتماد على الوسائط الإلكترونية من حاسوب وشبكة إنترنت وأجهزة ذكية مختلفة تجعل الطالب يحصل على المحتوى التعليمي في أي زمان ومكان ويصل إلى مصادر المعرفة بسهولة، وما يميز التعليم الإلكتروني أيضاً أنَّه يضيف المتعة والتشويق إلى التعلم، وهذا ما يجذب كثيراً من الطلاب.
لكن يواجه التعليم الإلكتروني (التعليم عن بعد) تحديات وصعوبات تعوق سير العملية التعليمية بشكل سليم أحياناً، مثل الحاجة إلى التكيف مع النمط التعليمي الجديد، وهذا ما يصعب تقبُّله بالنسبة إلى أصحاب العقلية القديمة، إضافة إلى المشكلات التقنية والأعطال المفاجئة وكيفية التعامل معها، كما يحتاج التعليم الإلكتروني إلى قدرة على إدارة الوقت ووجود دافع ذاتي للتعلم؛ لذلك ابحث جيداً في داخلك عن دافع يساعدك على مواجهة مختلف التحديات، واستعن بقوائم تنظِّم الوقت، وحدد أولوياتك في الحياة.
لإنشاء بيئة تعليمية فعالة؛ خصص مكاناً في منزلك لحضور المحاضرات، واحرص على التواصل مع الزملاء، فوسائل التواصل متعدِّدة، ولا تنس التأكد دائماً من سلامة الحاسوب وشبكة الإنترنت؛ تجنُّباً للأعطال المفاجئة.
أضف تعليقاً