يرى العالم الحديث الكارما مفهوماً للسبب والنتيجة؛ إذ تُترجَم الأعمال الصالحة إلى تأثيرات إيجابية والأعمال السيئة تؤدي إلى تأثيرات سلبية، وهذا الاعتقاد في السبب والنتيجة هو ما يشكل الهيكل لعلاقة كارمية، فالسبب والنتيجة في الحياة قد يكونان وسيلة هامة لتعليم الدروس، والعلاقات الكارمية تتعلق بالتعلم.
ما هي الكارما؟
الكارما هي مصطلح ينحدر من التراث الهندي والفلسفة الهندوسية والبوذية، وتعبِّر عن قانون العمل والعواقب في الحياة؛ إذ يُعتقد أنَّ الأفعال والسلوك في هذه الحياة يؤثران في حياة الفرد في الحاضر والمستقبل.
1. العمل (كارما):
تعني الكارما الأعمال أو الأفعال، ووفقاً للفلسفة الهندوسية والبوذية، يُعَدُّ الفرد مسؤولاً عن أعماله، وهي تؤثر في تجربته في حياته.
2. العواقب (فال):
تشير إلى النتائج أو العواقب التي تنتج عن الأعمال، فالعواقب قد تظهر في هذه الحياة أو في حياة مستقبلية.
3. التجسد (سمسارا):
تُعَدُّ الكارما مسبباً لدورة التجسد والتناسل؛ إذ يُعتقَد أنَّ الفرد يتجسد مراراً وتكراراً في حياة جديدة لتجربة نتائج أفعاله.
4. تصحيح الكارما (موكشا):
يمكن للفرد تحقيق تحريره من دورة الكارما من خلال النية الصافية والتفرغ الروحي، وهذا يؤدي إلى التحرر (موكشا) من دورة إعادة التجسد.
في المفهوم الغربي، يُستخدَم مصطلح الكارما للدلالة على فكرة العمل والتأثير؛ إذ يُستخدَم للإشارة إلى فكرة أنَّ أفعال الشخص تؤثر في حياته وتجاربه.
ما هي العلاقة الكارمية؟
العلاقة الكارمية ليست تشخيصاً رسمياً أو تصنيفاً سريرياً؛ بل إنَّها تسمية لعلاقة روحية تُستخدَم لشخصين يجتمعان من حيوات سابقة لحل قضايا غير منتهية أو لتعليم بعضهم دروساً حياتية هامة.
يُعتقَد أنَّ العلاقات الكارمية تنشأ من قضايا غير محلولة تُحمل من حياة سابقة، وهذا ينشئ دورة من الدروس والنمو الشخصي، وتعمل هذه العلاقات بوصفها مرايا تعكس لنا الجوانب التي تحتاج إلى اهتمام وشفاء في أنفسنا.
تكون العلاقات الكارمية غالباً مكثفة ومتحدية ومشحونة عاطفياً، وقد تكون قصيرة الأمد لأنَّها تثير أعلى المشاعر وأدناها أيضاً، وهذا يؤدي إلى إرهاق عاطفي.
العلاقات الكارمية مقابل توائم الروح والأرواح المتشابهة:
لا تُعَدُّ العلاقات الكارمية علاقات "صحية"؛ بل هي علاقات مضطربة وعنيفة، وقد تستدعي عدداً من العواطف والتجارب السلبية؛ إذ إنَّ توأم الروح والأرواح المتشابهة عادةً ما تتعلق بأفراد يكون مستوى توافقهم مع بعضهم بعضاً كبيراً وينشئ اتصالاً رومانسياً أكثر تناغماً.
يُعَدُّ توأم الروح جزأين من نفس الروح، وروح الشخص الآخر هي المرآة التوأم لروحك، وهذا يعني أنَّها تستطيع عكس جميع السمات الإيجابية والسلبية داخل نفسك.
الأرواح المتشابهة هي أرواح منفصلة تشترك في اتصال عميق، بخلاف العلاقات الكارمية وتوائم الروح، تحظى الأرواح المتشابهة بوجود متوازن ومنسجم جداً، فهي تكمل بعضها بعضاً وقد تكون أطول عمراً بين الروابط الثلاثة.
شاهد بالفديو: 6 نصائح بسيطة لتجاوز علاقة الحب الفاشلة
علامات تدل على أنَّك في علاقة كارمية:
يُعتقَد أيضاً أنَّ العلاقات الكارمية - التي لا تستند إلى علم - تبدأ بسرعة وتشعر بأنَّها "مغناطيسية" أو "مقدَّرة"؛ لذا لا توجد لائحة تستطيع تلخيص كل علاقة كارمية، ولكنَّ العلامات الشائعة التي تشير إلى أنَّك في علاقة كارمية تشمل:
- الشعور باتصال فوري وقوي مع الشخص الآخر.
- الشعور بأنَّك قد التقيت بهذا الشخص من قبل.
- نمطاً من النزاع المستمر.
- ملاحظة تحديات غير محلولة من علاقات سابقة أو من الطفولة.
- الشعور بالالتزام بدلاً من اتصال حقيقي.
- العيش في دوامة عاطفية.
- تجربة جاذبية شديدة وانزواء لذلك الشخص.
- التأرجح بين "أفضل شيء يمكن تصوره" إلى "أسوأ شيء ممكن".
- زيادة تكرار النقاط المنخفضة مع مرور الوقت، وهذا يجعل النقاط العليا تبدو مثيرة.
- استهلاك معظم وقتك وطاقتك على العلاقة.
- عدم وجود وقت للتركيز على النمو الشخصي أو العلاقات الأخرى.
- تكرار المناقشات والوعود بإنهاء أو تغيير العلاقة.
- دوامة من الانفصال والمصالحة السريعة.
مخاطر تسمية العلاقة بالعلاقة الكارمية:
في السياق الروحي، يبدو أنَّ فكرة علاقة تأتي لتلقينك دروساً ومساعدتك على النمو الشخصي أمر إيجابي، ولكنَّ تسمية علاقة بأنَّها كارمية قد تضعك في موقف الاعتداء، فقد تعني أنَّه من المفترض أن تكون حيث أنت، أنَّ القدر يريدك أن تمر بتجربة معينة.
تعلُّم الدروس ليس سبباً لتبرير البقاء في مكان غير آمن عقلياً أو جسدياً، فإذا كانت العلاقة الكارمية تجعلك تشعر بعدم الأمان، فمن الواجب إنهاؤها.
كيفية إنهاء علاقة كارمية:
- تحديد الدروس الكارمية والأنماط التي حدثت في العلاقة.
- التفكير في الموضوعات المتكررة والنزاعات والعواطف قد يوفر رؤية عما يُفترَض أن تتعلمه من هذا الاتصال.
- العمل مع معالج روحي إذا كانت هذه الجوانب في العلاقة تنطبق عليك، أو تحديد وقت ومكان لتقوم بطقوس إنهاء العلاقة، وقد يتضمن هذا الطقس كتابة رسالة وحرقها، أو رمي شيء في الماء بوصفه رمزاً لنهاية العلاقة.
وسائل للمساعدة على إنهاء العلاقة بنفسك:
مع العناية بالاحتياجات الروحية، قد تساعدك وسائل أخرى على إنهاء العلاقة، وتشمل:
- جمع شبكة دعم إيجابية لتعزيز قرارك.
- تطوير روتين العناية الذاتية والتوكيدات التي تؤكد على حب النفس والمغفرة.
- التقليل تدريجياً من الوقت الذي تقضيه في العلاقة.
- استخدام التعبير الفني للمساعدة على معالجة العواطف.
- التركيز على تصور مستقبلك للمساعدة على الحفاظ على زخمك في التقدم.
- الاستعانة بوسيط محترف.
ليس على جميع العلاقات الكارمية أن تنتهي بشكل سلبي، فلا توجد قاعدة تقول إنَّ شخصين لا يمكنهما أن يتعلما وينموا معاً نحو مستقبل إيجابي، وسواء كان يجب أن تنهي علاقة كارمية أم تحولها إلى شيء أفضل، فإنَّ ذلك يعتمد عليك، لكن بمساعدة الاختصاصيين النفسيين، قد يساعدك هذا المفهوم بالتأكيد على فهم ما تواجهه، ويعطيك القوة للعثور على ما يناسبك بشكل أفضل.
مدى استمرار العلاقة الكارمية:
يعتقد بعض الناس أنَّ العلاقات الكارمية قد تستمر بين أسبوعين وأشهر عدة، على الرغم من أنَّ انفصالات وعودات عدة قد تحدث في الفترة بينها، وتستمر العلاقات الكارمية الأخرى لسنوات أو عقود اعتماداً على الأفراد المعنيين، فإنَّ بعض الأشخاص قد يستغرقون وقتاً أطول للاعتراف بطبيعة العلاقة غير الصحية، خاصةً إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي يختبرون فيها علاقة مكثفة بتلك الطريقة.
علامات انتهاء العلاقة الكارمية:
قد تكون العلاقة الكارمية في طريقها للنهاية إذا لاحظت أياً من الأمور الآتية:
- تركيز الشركاء على حياتهم الشخصية أكثر.
- قلة الاستثمار في العلاقة.
- عدم الشعور بالإثارة في العلاقة كما كان في السابق.
- زيادة تكرار دورات الصعود والهبوط (مثل تسارع الخلافات من كل أسبوع إلى كل يوم، على سبيل المثال).
- الإرهاق من متغيرات العلاقة الدائمة.
تتميز العلاقة الكارمية بالتقلب المستمر ذاتياً، لذلك قد يكون تحديد نقطة نهاية دقيقة صعباً، لكن لا يمكن لأحد أن يتحمل تلك المستويات من الصراع لفترة طويلة؛ لذا في نقطة ما، ستكون إحدى تلك الصراعات هي الأخيرة؛ وذلك لأنَّ الأشخاص في العلاقة سيفقدون القدرة على تحمُّل حتى محاولة واحدة إضافية.
شاهد بالفديو: 10 توقعات صحية في العلاقة
كيفية الشفاء من العلاقة الكارمية:
إنَّ الشفاء من العلاقة الكارمية سيستغرق وقتاً ويتطلب كثيراً من العمل، وحتى لا تعود إلى النمط الكارمي الدوري، توجد طرائق عدة يمكنك الالتزام بها للشفاء، مثل التأمل وممارسة الرعاية الذاتية واللجوء إلى الدعم الخارجي.
ابدأ بالتأمل الصادق في العلاقة، ومن ذلك ما تعلمته عن نفسك وما جذبك إلى العلاقة، فقد يسمح لك ذلك باستخراج معانٍ أعمق واستخلاص درس من العلاقة، كما أنَّ نشاطات الرعاية الذاتية، مثل التأمل وكتابة اليوميات والنشاط البدني، تُعَدُّ هامة في الشفاء، وقد تساعد إقامة روتين صحي على إعادة الراحة والهدوء إلى حياتك.
الفكرة الكامنة وراء العلاقات الكارمية هي أنَّه على الرغم من أنَّها قد تكون مليئة بأنماط السلوك غير الصحية بسبب قضايا غير محلولة في الماضي، إلا أنَّ أحد الشركاء أو كليهما سيتعلمان وستعود عليهما بالفائدة من التجربة بعد انتهاء العلاقة.
مع ذلك، ومن وجهة نظر إكلينيكية حديثة، قد يتم عَدُّ العلاقات الكارمية غير صحية، وفي بعض الحالات، يُحتمَل أن تكون إساءة، لذلك حتى وإن لم يكن ذلك واضحاً بالنسبة إلى المنخرطين فيها، ولكنَّ العلاقة التي تُعَدُّ غير جيدة لشخص واحد، فهي غير جيدة لأي من الطرفين، سواء كانت العلاقة كارمية أم لا، وإنهاء مثل هذه العلاقة أفضل لكلا الشخصين دائماً.
في الختام:
تستند العلاقات الكارمية إلى مفاهيم التعلم والنمو الشخصي، ويُعتقَد أنَّها علاقات مع أشخاص متصلين بك من حيوات سابقة عاشوا مرة أخرى لحل قضايا غير مكتملة أو لتعليم دروس حياتية، فالتشويش العاطفي والنزاع والإرهاق العاطفي هي سمات شائعة في العلاقة الكارمية، على الرغم من أنَّك قد تشعر برابط عميق مع الشخص الآخر.
معرفة متى أو كيف تنسحب من هذا النوع من العلاقات ليست سهلة، ولكنَّ البقاء في مكان تشعر فيه بعدم الأمان بدافع النمو الشخصي لا يستحق أبداً إرهاق صحتك النفسية أو الجسدية.
أضف تعليقاً