للاستثمار أنواع متعدِّدة وأكثرها شيوعاً الاستثمار بالأسهم؛ أي شراء الأسهم في شركة ما ليصبح الشاري مساهماً في الشركة، وعند ارتفاع سعر الأسهم تزاد الأرباح، وأيضاً الاستثمار في السندات، وعند شراء السند تقرض المال إلى الشركة أو الحكومة، أما الاستثمار في العقارات فهو شراء أصول ملموسة تعود بعائد مالي ناتج عن إيجار أو ارتفاع أسعار الأصول.
أيضاً من الأنواع الشائعة صناديق الاستثمار، وهي جمع الأموال من عدة مستثمرين واستثمارها في أصول متنوعة، والاقتصاد العالمي يتطور باستمرار وينتج عنه ظهور كثير من الشركات الناشئة التي تسعى إلى إحداث تغيرات هامة في العالم، لكن كثيراً ما تجد تلك الشركات صعوبة في الحصول على ما تحتاجه من تمويل لتنمو وتنجح، وهذا ما أدَّى إلى ظهور المستثمرين الملائكة، فهل سمعت عن الاستثمار الملائكي سابقاً؟
مَن هم المستثمرون الملائكة، وما هو دورهم، وما هي الإيجابيات والفوائد للاستثمار الملائكي؟
ستجد الإجابة عن تلك الأسئلة في مقالنا، فتابع القراءة.
مفهوم الاستثمار الملائكي:
المستثمرون الملائكة هم أفراد أو مجموعات أحياناً، ممن يمتلكون ثروة عالية تجعلهم يبحثون عن فرص استثمارية، تتميز بأنَّها عالية العائد المالي بمعدل أعلى من المعدل الذي تقدِّمه الاستثمارات التقليدية، لكنَّها عالية المخاطر في الوقت ذاته، وما يجعلهم يهتمون بمشروع ما ويُقبِلون على أفكار محفوفة بالمخاطر هو إيمانهم الداخلي بقوة الشخص الذي يقف وراء المشروع، وهذا ما يميز المستثمر الملائكي عن المؤسسات المصرفية التي تستثمر في الأعمال المربحة.
يدعم المستثمر الملائكي شركة مقابل شروط تضمن حقوقه، ويقدم المستثمر الملائكي المبلغ المطلوب من قبل الشركة الناشئة دفعة واحدة أو على شكل أقساط تُقدَّم بحسب الأهداف التي تحققها الشركة في الفترات الزمنية المتَّفق عليها، فلا يشترط أن يكون المستثمر الملائكي غنياً جداً ويمتلك كثيراً من المال أو من رواد الأعمال، فكثير منهم محامون أو أطباء أو أشخاص متقاعدون يريدون استثمار أموالهم الفائضة ليحصلوا على دخل جانبي إضافة إلى دخلهم، ومن خلال ما سبق نستنتج أنَّ تسمية هذا النوع بالاستثمار الملائكي لكونه يشبه الأجنحة التي تحلِّق بالشركة الناشئة وتنتقل بها نحو النجاح.
كيف يضمن المستثمر الملائكي حقوقه؟
يقدِّم المستثمر الملائكي المال مقابل العائد المالي الذي يعود على الشركة عند نجاح المشروع، ويضمن حقوقه بأحد الأشكال الآتية:
1. ملكية في حال نجاح المشروع:
هي الطريقة الأكثر شيوعاً، فيقدم المستثمر الملائكي قرضاً يتم تحويله إلى حصة 20% إلى 30% من الشركة في حال نجح المشروع، وهذا ما يجعله صاحب صوت في مجلس إدارة الشركة.
2. أسهم قابلة للتحويل:
يبقى المستثمر في هذه الحالة عضواً في مجلس إدارة الشركة، ويؤجل دفع توزيعات الأرباح للأسهم إلى تاريخ لاحق.
3. الملكية المباشرة:
في هذه الحالة يحصل المستثمر الملائكي على حصة في الشركة أيضاً تتراوح بين 20 و30% ولكن بشكل مباشر، ويحق له أن يعيِّن مساعداً أو أكثر في الشركة لمساعدته في إدارة أعماله.
شاهد بالفديو: 8 نصائح لتبدأ استثمارك بنجاح
كيف يساهم المستثمر الملائكي في نجاح الشركات الناشئة؟
توجد عدة أشكال لمساهمة المستثمر الملائكي في تطور ونمو الشركات الناشئة، وأبرزها ما يأتي:
1. تمويل مرحلة النمو:
هو الشكل الأكثر شيوعاً والذي تحدَّثنا عنه سابقاً، فتحتاج الشركات الناشئة إلى مصادر تمويل تساعدها على تحقيق أهدافها وتطوير الخدمات والمنتجات التي تقدِّمها بشكل أسرع، فتحقق نقلة نوعية.
2. الاستشارة والخبرة:
هذا النوع خاص بالمستثمرين الملائكة ممن لديهم خبرة بمجال تفتقر له الشركة الناشئة، مثل التسويق أو غيرها من جوانب العمل التي تؤدي دوراً هاماً في تطوير شركة وتساعدها على تجاوز العقبات التي تعاني من وجودها.
3. العلاقات العامة:
تفتقر الشركات الناشئة في بعض الأحيان إلى وجود شبكة اجتماعية وعلاقات تساعدها على التعاون مع ماركات عالمية مثلاً أو شركات هامة تساعدها على الحصول على تمويل إضافي، وهنا يؤدي المستثمر الملائكي دورَه.
4. الثقة:
تحتاج الشركات الناشئة إلى الحصول على ثقة العملاء لبناء مصداقية وسمعة جيدة، فتجذب بذلك اهتمام شركات وعملاء هامين، وهنا يجب أن يكون المستثمر الملائكي شخصية عامة ذات سمعة جيدة.
أنواع المستثمرين الملائكة:
توجد أنواع رئيسة للمستثمرين الملائكة، وهي كما يأتي:
1. أفراد العائلة:
هذا النوع من الاستثمار الملائكي ناتج عن أسباب عاطفية ومعنوية، فالمستثمر يمتلك معرفة شخصية وتربطه روابط عائلية مع رائد الأعمال صاحب المشروع، ويريد دعمه ليحقق حلمه وينجح في فكرته التي بنى الشركة لأجلها، وهذا النوع من الاستثمارات الملائكية ناجح لأنَّه بعيد عن الدوافع المادية التي تنتج عنها مشكلات كثيرة لاحقاً في بعض الحالات.
2. صديق أو زميل عمل:
في هذه الحالة المستثمر الملائكي هو شخص لديه ثقة بإمكانات مؤسس المشروع وإيمان بقدراته على نجاح المشروع، وإن كان المستثمر زميلاً في العمل فيمكنه إضافة خبرة إلى مشروعك فيساعد على نجاح الشركة.
3. الخبير:
هو المستثمر الذي يمتلك خبرة كافية في مجال عمل الشركة، فقد قضى حياته المهنية في نفس المجال مثلاً، فيمكن الاستفادة من خبرته في تجنُّب الوقوع في المشكلات التي تواجه عمل هذا النوع من الشركات.
4. المحترف:
هو مستثمر محترف في مجال عمل الشركة أو في أحد جوانب العمل الرئيسة ولديه دراية كافية بفكرتك، ولكن هذا النوع من المستثمرين يصعب إقناعهم في المشاركة في المشروع عادة.
5. رئيس المستثمرين الملائكة:
هو النوع الأهم بين الأنواع السابقة كما هو شائع، وهذا سبب تسميتنا له بالرئيس؛ لأنَّه المستثمر المشهور صاحب التاريخ والسجل الحافل بالاستثمارات التي حققت نجاحات مميزة، والذي يكون صاحب أشغال كثيرة عادة، وهذا ما يمنعه من المشاركة الكبيرة بأعمال الشركة، ولكن وجوده مكسب كبير للشركات الناشئة وعلى مختلف الأصعدة. يمكن أيضاً تصنيف المستثمرين الملائكة في فئات رئيسة بالشكل الآتي:
- الثروة: يمكن تصنيف المستثمرين الملائكة إلى أصحاب الملايين وأصحاب المليارات وهكذا.
- التجربة: يقسم المستثمرين الملائكة إلى أشخاص أصحاب خبرة وتجربة متقاعدين وأشخاص نشيطين.
- الاهتمامات: يصنف المستثمرين الملائكة إلى عدة فئات مختلفة بحسب مجالات اهتماماتهم، فيوجد مستثمرون ملائكة مهتمون في مجال التكنولوجيا فقط، وغيرهم في مجال الصحة وهكذا.
إيجابيات العمل مع المستثمرين الملائكة:
توجد عدة إيجابيات تدفع الشركات الناشئة للتعامل مع المستثمرين الملائكة دوناً عن غيرهم من مصادر التمويل، ويمكن ملاحظة ذلك من النقاط السابقة التي ذكرناها، كخبرتهم لسنوات عديدة والتي تجعل المستثمر يقدم للشركة الناشئة نصائح هامة يمكنها المساهمة بتطور ونمو الشركة.
لكن الأهم من ذلك كله أنَّ المستثمر الملائكي قادر على تحمُّل المخاطر بشكل أكبر من تحمل المصادر الأخرى للتمويل، مثل البنوك، ففي حالة سحب القروض من البنوك يجب عليك دفعها في مواعيد محددة، ولا يهم البنك فشل المشروع أو نجاحه، أما عند التعامل مع المستثمر الملائكي، فالشركة غالباً لن تحتاج إلى إرجاع الأموال التي قدمها في حال فشل المشروع، وهذا ما تحتاج إليه معظم الشركات الناشئة صاحبة الأفكار الجديدة.
سلبيات العمل مع المستثمرين الملائكة:
على الرغم من وجود إيجابيات كثيرة خاصة بالتعامل مع المستثمرين الملائكة تجعلهم فرصة ثمينة للشركات الناشئة، لكن بعض الأشخاص لا يفضلون التعامل معهم؛ لأنَّ ذلك يكسبهم حق السيطرة على الشركة في كثير من الأحيان، فيشارك المستثمر أصحاب المشاريع في اتخاذ القرارات، وقد تكون المشاركة أبدية فالمستثمر سيحصل على حصة في الشركة، وقد يطلب حصة كبيرة بحسب ما يقدمه للشركة، ويمكن للمستثمر أن يطلب من الإدارة التزامات تشكل عبئاً على الشركة مثل تقديم تقارير يومية أو أسبوعية عن أداء الشركة والمبيعات والتسويق وما شابه.
في الختام:
الاستثمار الملائكي هو أحد أشكال الاستثمارات التي تتصف بالمغامرة، فيقوم شخص غالباً أو عدة أشخاص بتقديم الدعم المادي لشركة ناشئة مقابل أسهم أو حصة في الشركة عند نجاح المشروع أو بشكل مباشر، ويمكن للمستثمر الملائكي تقديم المساعدة للشركة إضافة إلى تمويل نموها بتقديم خبرته في مجال العمل أو بناء مصداقية للشركة أو بناء علاقات عامة هامة وكل ما سبق هام لشركة ناشئة.
أما بالنسبة إلى أنواع المستثمرين الملائكة فهم أفراد العائلة ممن تدفعهم عواطفهم لدعم المشروع أو الأصدقاء، وزملاء العمل ممن يمتلكون إيماناً بقدرات صاحب الفكرة على النجاح، أو أصحاب الخبرة أو المحترفين، ويصعب كسب هذا النوع من المستثمرين، أما النوع الأهم فهم المستثمرون ممن يمتلكون سجلاً طويلاً في الاستثمار الملائكي.
يمتلك الاستثمار الملائكي ميزة هامة هي أنَّ صاحب المشروع لا يضطر إلى إرجاع الأموال في حال فشل الشركة، ولكن من السلبيات أنَّه يضطر إلى التخلي عن حصة من شركته للمستثمر الملائكي، فيفقده ذلك السيطرة الكاملة على شركته؛ لذلك إن أردتَ الاستعانة بهذا النوع من المستثمرين، فعليك التفكير جيداً قبل اتِّخاذ القرار.
أضف تعليقاً