وغالباً لا يعود ذلك إلى نقص في التصميم الداخلي أو عدم ملاءمة الموقع أو تأخر التكنولوجيا أو حتى عدم تناسب الخدمة؛ بل يرجع ذلك إلى عدم تحقيق تلك المؤسسات لتوقُّعات العملاء.
في الواقع، يكمن سر استمرارية الأعمال وازدهارها في القدرة على فهم وتلبية تلك التوقعات بشكل فعال، فالأعمال لا يمكن أن تستمر دون عملاء؛ لذا فيجب على المنظمات أن تدير أعمالها بالطريقة التي تكفل تحقيق رضى العملاء، ومن ثم الحفاظ عليهم.
خدمة العملاء:
في عالم الأعمال اليوم، تُعَدُّ خدمة العملاء العنصر الحيوي الذي يميز بين النجاح والفشل في ساحة المنافسة المتزايدة، فإنَّ تقديم تجربة إيجابية للعملاء ليس مجرد تفاصيل فنية؛ بل يُعَدُّ ركيزة أساسية لبناء علاقات قائمة على الثقة والولاء.
تُعرَف خدمة العملاء بأنَّها توفير الدعم والمساعدة للعملاء وحل مشكلاتهم وتوفير المعلومات التي يحتاجونها في أي وقت، فخدمة العملاء هي الجهود المبذولة لتحسين تجربة العملاء عموماً، ويتضمن ذلك تبسيط العمليات، وتحسين سهولة التواصل، وتقديم حلول فعالة لضمان رضى العملاء وتجنب حدوث مشكلات مستقبلية.
ماذا تتضمن خدمة العملاء؟
1. الترحيب بالعميل:
استقبال العميل بشكل حار وودي، وهذا يجعله يشعر بالراحة والترحيب، فيمكنك البدء بالترحيب بعبارات "مرحباً" أو "أهلاً" أو "صباح الخير، مساء الخير"، ومن ثم الاهتمام بالتفاصيل واستخدام عبارات: "كيف يمكنني مساعدتك اليوم؟" أو "هل تحتاج إلى مساعدة للعثور على شيء معين؟".
2. الاتسام بالأدب واللباقة:
يجب التعامل مع العملاء بأدب واحترام، فهذا يساهم في تعزيز تجربتهم، فاستخدم عبارات مثل "نحن سعداء برؤيتك"، و"إنَّه من دواعي سروري أن أكون في خدمتك"، و"نحن هنا لتلبية احتياجاتك"، و"فريقنا مستعد لتوفير أفضل الخدمات لك"، و"نحن هنا لجعل تجربتك رائعة"، و"أخبرنا إذا كنت بحاجة إلى أي شيء آخر".
3. حسن الإنصات الجيد للعميل:
ركز تركيزاً كاملاً وتجنَّب التشتت والتفكير في أمور أخرى في أثناء التحدث مع العميل، وأكِّد فهمك لحاجة العميل من خلال استخدام عبارات مثل "إذا فهمتك فهماً صحيحاً، فهل تعني أنَّك بحاجة إلى...؟"، أو "هل يمكنني تلخيص ما قلته للتأكد من أنَّني فهمتك فهماً صحيحاً؟".
انتظر حتى ينتهي العميل من التحدث قبل الرد، وتجنب مقاطعته أو التدخل في حديثه، واستخدم العلامات غير اللفظية مثل الموافقة بالرأس أو التعابير الوجهية لتُظهِر انتباهك وفهمك وعبارات مثل "أتفهَّم تماماً كيف يكون ذلك محبِطاً"، أو "أشكرك على مشاركتك معي هذه المعلومات أو المشكلات".
4. الإنجاز السريع للخدمة:
الإنجاز السريع للخدمة يعني تقديم خدمة أو حل لاحتياجات العميل بشكل فوري وفعال، ويشمل ذلك تحديد المشكلة بسرعة، وتقديم الإرشاد أو الحلول، وضمان حصول العميل على تجربة سلسة ومُرضية دون تأخير.
شاهد بالفديو: 8 قواعد لخدمة عملاء جيدة
5. استخدام اللغة المناسبة للعميل:
يجب تجنُّب استخدام مصطلحات فنية صعبة لدى التحدث مع العملاء ما لم يكونوا ملمين بها؛ وذلك لتجنُّب الالتباس وضمان فهمهم الصحيح.
6. الاهتمام بشكاوى العميل:
يتطلب الاهتمام بشكاوى العملاء الاستماع بعناية إلى ما يقولونه، فيجب أن يُظهِر الموظفون اهتماماً حقيقياً ويُبدُوا استعداداً لفهم المشكلة بشكل كامل، كما يجب أن يؤكدوا فهمهم للشكوى عن طريق تكرار ملخص للقضية أو طرح أسئلة للتحقق من الفهم الصحيح، ويجب على فريق خدمة العملاء أن يُظهِروا اعتذاراً صادقاً ويعبِّروا عن فهمهم للتحديات التي يواجهها العميل، ومن ثم تقديم وعد صريح بحل المشكلة.
يمكن استخدام عبارات مثل "سنعمل على حل هذه المشكلة بأسرع وقت ممكن"، ومتابعة الوضع والتحقق من رضى العميل بالحلول المُقدَّمة، وفي بعض الحالات يمكن تقديم خصم أو تعويض العميل عن المشكلة للمحافظة عليه.
7. تقديم خدمة أو منتج يتفق مع توقعات العميل:
تتطلب هذه النقطة تحقيق توازن بين تقديم منتج أو خدمة عالية الجودة وفهم دقيق لاحتياجات وتوقعات العميل، فيجب أن يكون المنتج أو الخدمة متناسبَين مع ما يتوقعه العميل، سواء من حيث الأداء أم الجودة أم تجربة الاستخدام؛ إذ إنَّ تحقيق ذلك يساهم في إرضاء العميل وبناء علاقة قوية ومستدامة.
8. عدم وجود أخطاء في معاملات العملاء:
يجب تنفيذ معاملات العملاء بدقة ودون أخطاء، سواء كانت في الفواتير أم وثائق الطلب أم أيَّة عمليات أخرى، فالاهتمام بتفاصيل المعاملات يسهم في بناء ثقة العملاء ويُجنِّب الالتباسات أو المشكلات المحتملة.
9. عرض البدائل في حال عدم توفُّر منتج أو خدمة العميل:
عندما يكون المنتج أو الخدمة غير متاحَين للعميل، يتعين على فريق خدمة العملاء تقديم بدائل بطريقة فعالة، وتشمل هذه البدائل مقترحات لمنتجات أو خدمات مماثلة تلبي احتياجات العميل.
10. عدم البحث عن أخطاء العميل؛ بل التركيز على الفرص والحلول:
بدلاً من التركيز على السلبيات، يُشجَّع على البحث عن فرص التحسين وتقديم حلول إيجابية، على سبيل المثال، في حالة تقديم عميل اقتراحات لتحسين المنتج، يمكن تقديم شكر له ودراسة كيف يمكن تنفيذ هذا الاقتراح.
11. التعبير عن الامتنان:
يتضمن ذلك إظهار الامتنان للعملاء عن طريق التعبير عن شكرهم لاختيارهم للشركة وتقديرهم لوجودهم، ويمكن ذلك عبر رسائل الشكر، والتفاعل الإيجابي، أو حتى تقديم عروض خاصة بوصفها رمزاً للامتنان.
كيف تعرف أنَّ خدمة العملاء في منظمتك ناجحة؟
يُعَدُّ فهم مدى نجاح خدمة العملاء أمراً هاماً لتحسين التفاعل مع العملاء وضمان رضاهم والمحافظة عليهم بوصفها طريقة وحيدة للمحافظة على بقاء المنظمة واستمرارها، وإليك بعض الأفكار التي يمكنها المساعدة على معرفة إن كانت خدمة العملاء ناجحة أم لا:
1. ملاحظة رضى العملاء:
يمكنك قياس مستوى رضى العملاء من خلال استطلاعات الرضى، وتقييمات المنتجات أو الخدمات، وتعقُّب التفاعلات الإيجابية والسلبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على سبيل المثال، عندما يشارك العملاء تجاربهم على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكنك مراقبة التعليقات والتفاعلات، فإذا كان يوجد عميل يشكر خدمة جيدة أو يعبِّر عن رضاه، فإنَّ ذلك يُعَدُّ تفاعلاً إيجابياً، وعلى الجانب الآخر، قد تشير شكاوى متكررة إلى تحديات يجب معالجتها.
2. تحليل معدلات التحويل:
مراقبة معدلات التحويل من الاستفسارات إلى مبيعات فعلية، فقد تشير الزيادة في هذه المعدلات إلى فاعلية عملية خدمة العملاء، مثلاً إذا كنت تدير خطاً ساخناً لخدمة العملاء، يمكنك تحليل عدد المكالمات الواردة وكمية الاستعلامات التي تحولت إلى عمليات شراء فعلية.
إذا كانت نسبة التحويل تزيد، فهذا يشير إلى قدرة العميل على العثور على المعلومات التي يحتاجونها، وتوجد أيضاً فترات زمنية معينة تشهد زيادة في معدلات التحويل، مثل فترات العروض الترويجية أو الحملات التسويقية، ويمكن تحليل هذه الفترات.
3. مراقبة معدلات الاحتفاظ بالعملاء:
تتبُّع مدى استمرارية العملاء في التعامل مع منظمتك على الأمد الطويل؛ إذ يُعَدُّ ارتفاع معدل الاحتفاظ إشارة إيجابية، مثلاً إذا لاحظت أنَّ العملاء يزيدون عدد مرات الشراء لديك على مر الزمن، فذلك يشير إلى أنَّ خدمة العملاء وتجربة العملاء تلبي توقعاتهم بشكل جيد، أو إذا استمر العملاء في التعامل مع منظمتك لفترة طويلة، فهذا يعكس رغبتهم في الاستمرارية، أو إذا حدثت زيادة في عدد العملاء الذين يشاركون في برامج الولاء، مثل الخصومات أو الهدايا المميزة للزبائن الدائمين، فإنَّ هذا يشير إلى استمرارهم في التفاعل مع العلامة التجارية.
4. قياس مدى تفاعل العملاء:
مراقبة تفاعل العملاء مع فريق خدمة العملاء عبر وسائل الاتصال المختلفة، مثل الهاتف والبريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي.
5. تقييم أوقات الاستجابة:
قياس مدى سرعة وفاعلية استجابة فريق خدمة العملاء لاستفسارات وشكاوى العملاء، مثلاً قد تقيِّم أوقات الانتظار قبل الرد على المكالمات الهاتفية، وسرعة الرد على استفسارات العملاء عبر البريد الإلكتروني، وتقييم وقت الاستجابة لاستفسارات العملاء عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
شاهد بالفديو: 7 مهارات يحتاجها موظفو خدمة العملاء
6. تحليل البيانات والتقارير:
استخدام البيانات والتقارير الخاصة بخدمة العملاء لفحص الاتجاهات وتحديد المجالات التي يمكن تحسينها.
7. رصد مشكلات العملاء المكررة:
تحليل مشكلات العملاء المكررة واتخاذ إجراءات لتجنُّب تكرارها، مثلاً إذا كانت الشكاوى تقلُّ بشكل ملحوظ ولم يعد العملاء يحتاجون إلى الاتصال مراراً وتكراراً بنفس القضية، فذلك يشير إلى تحسُّن في تقديم الخدمة أو إذا كانت استطلاعات الرضى تُظهِر نتائج إيجابية وعالية، أو زيادة التفاعل الإيجابي على وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا يعني أنَّ العملاء يشعرون بالرضى تجاه الخدمة التي يتلقونها.
في الختام:
خدمة العملاء ليست مجرد عملية تقديم الدعم الفني؛ بل هي ركيزة أساسية لنجاح أيَّة منظمة، فإنَّ فهم احتياجات العملاء، وتلبية توقعاتهم، وحل مشكلاتهم بشكل فعال يتطلب تكامل العوامل البشرية والتقنية، ولتحقيق خدمة عملاء ناجحة، يجب أن تكون المنظمة ملتزمة بالتطوير المستمر والاستماع الفعال لملاحظات العملاء.
الآن، بفضل تكنولوجيا المعلومات وأدوات التحليل، يمكن للمنظمات اليوم تحسين أدائها في خدمة العملاء، فإذا تمكنت المنظمة من بناء علاقات إيجابية مع العملاء وتحقيق رضاهم، فإنَّ ذلك يؤدي إلى الولاء والتكرار في العمليات، ويعزز سمعتها ونجاحها في السوق عموماً.
أضف تعليقاً