تُعلِّمنا لغة الجسد عند الأطفال أن ننظر إلى الحياة بعيون القلب، ونسمع بآذان الروح، لنفهم أكثر معاني الوجود وجمال البساطة، فعندما يضحك الطفل، يرقص العالم من حوله في فرح، وعندما يبكي، تتألَّم النجوم في السماء، الطفل وقبل أن ينطق بأية كلمة، يبدأ في التحدُّث بلغة لا يفسِّرها إلَّا من استطاع فهم لغة الجسد، إنَّها اللغة التي تُترجِم مشاعره، وتكشف عن أفكاره وحاجاتهم وتنطق بصدق بما لا يستطيع التعبير عنه بالحروف، فلغة الجسد عند الأطفال تكون النافذة الأولى التي نطِلُّ من خلالها إلى عوالمهم الداخلية.
ما هي لغة الجسد لدى الأطفال وما أهمية معرفتها؟
لغة الجسد عند الأطفال هي وسيلة تعبيرٍ غير لفظية، وغالباً لا تكون مقصودة على خلاف التواصل اللفظي أو لغة الإشارة، فيستخدمها الأطفال للتواصل مع الآخرين وللتعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم دون استخدام الكلمات، وتشمل لغة الجسد عند الأطفال الإيماءات، والتعابير الوجهية، وحركات العين وحركات الجسم، والتفاعلات البدنية الأخرى التي تعبِّر عن المشاعر والمواقف.
أهمية فهم لغة الجسد عند الأطفال:
إنَّ فهم لغة الجسد عند الأطفال هامٌّ لعدة أسباب:
- فهم لغة الجسد لدى الأطفال يساعد الآباء على فهم ما يشعرون به وما يرغبون في التعبير عنه، حتَّى لو لم يستطيعوا التحدُّث بوضوح بعبارات لفظية.
- مراقبة لغة الجسد لدى الأطفال، تمكِّن الآباء من التعرُّف إلى احتياجاتهم ومشاعرهم بدقَّة أكبر، وهذا يمكنهم من تقديم الدعم والاهتمام المناسبَين.
- فهم لغة الجسد لدى الأطفال يُمكِّن من بناء علاقات أقوى بينهم وبين الآباء وتحقيق التواصل الصحي بينهم.
- فهم لغة الجسد لدى الأطفال يساعد على تحديد سلوكاتهم الإيجابية وتشجيعها، وكذلك في التعامل مع السلوكات السلبية بطريقة فعالة وموجَّهةٍ نحو التحسين.
- مراقبة لغة الجسد للطفل تُمكِّن الآباء من معرفة المشاعر التي تسود المنزل، يمكنهم إدراك وجود الخوف أو العدائية أو الملل وغيرها، واتِّخاذ ما يلزم من إجراءات.
- فهم لغة جسد الأطفال أداة جيدة لحلِّ النزاعات واتِّخاذ القرارات السليمة، فهي أداة تواصل فعالة.
تطوُّر لغة الجسد عند الأطفال من الولادة إلى سنوات الطفولة المبكرة:
يبدأ تطور لغة الجسد عند الأطفال منذ الولادة ويستمر بالنمو مع نمو الطفل في مراحل عمره المختلفة، في سِنِّ الرضاعة يعتمد الرضيع على البكاء بوصفه وسيلةً للتواصل والتعبير عن احتياجاته، كما يبدأ في التعبير عن السعادة والرضى من خلال الابتسامات والتفاعلات البدنية البسيطة، خلال العام الأول حتَّى السنتين، يتعلَّم الطفل استخدام التعابير الوجهية وحركات اليدين للتواصل تواصُلاً أوسعَ.
تتحسَّن مهاراتهم غير اللفظية من خلال الابتسامات والأصوات اللطيفة، في الفترة من عمر السنتين حتى خمس سنوات، يزداد تعقيد لغة الجسد لدى الأطفال، وهذا يساعدهم على تحسين مهاراتهم الاجتماعية والتفاعلية، ويبدؤون في استخدامها للتواصل مع مجموعة أوسع من الأشخاص، بمجرد أن يصل الأطفال إلى سِنِّ الستِّ سنوات، يتحسَّن تحكُّمهم في تعابير الوجه ويصبحون أكثر قدرة على التعبير عن مشاعرهم بدقة.
قراءة لغة جسد الطفل الرضيع:
يتطلَّب فهم لغة جسد الطفل الرضيع كثيراً من الصبر والتركيز، فربَّما لا يكون الرضيع قادراً على التحدُّث بالكلمات، ولكنَّه يعبِّر عن احتياجاته ومشاعره بوسائل أخرى، من خلال ملاحظة تفاصيل صغيرة مثل تعابير الوجه وحركات الجسم والصوت، يمكن للوالدين فهم ما يشعر به الرضيع والتفاعل معه تفاعُلاً مناسباً مثل:
لغة الجسد (السلوك) |
دلالته |
البكاء العالي والحركات المتقطِّعة لليدين |
التعبير عن الشعور بالاستياء وأنَّه يحتاج إلى شيء ما (طعام، تغيير ملابس، شرب الماء، بيئة نوم مريحة) |
تقوُّس الجسم |
عدم الشعور بالراحة في المكان الذي يوجد فيه، يمكنك مساعدة الطفل على النوم بشكل أفضل، ووضع ذراعيه برفق على صدره |
الإجفال، العبوس، تغطية العينين، تغطية الأذنين |
الخوف من شيء مفاجئ (حركة أو ضوء أو صوت)، يمكنك التقليل من الضوضاء والضوء الساطع، وحمل الطفل بهدوء ورفق |
نظرة الذعر، عينين مفتوحتين أكثر من الحد الطبيعي، يقظ أكثر من اللازم |
توجد محفزات بصرية كثيرة (هواتف محمولة، ألعاب، ألوان، أدوات صوت) |
إغلاق العينين أو إبعاد النظر |
يرغب في الاستراحة وعم التواصل في اللحظة الحالية |
يمسك بيدك ويرفعها نحو وجه، وجه مبتسم وهادئ |
أريد اللعب |
إصدار الأصوات المختلفة والبكاء أو الضحك |
أريد الاهتمام ولا أريد البقاء وحيداً |
النظر المباشر |
أرغب بالتواصل |
رفع القدمين للأعلى |
إشارة إلى وجود ألم في البطن أو وجود غازات |
شد الأذن، مص الأصابع |
حركات تساعد الرضيع على الحصول على الراحة |
تحريك القدمين على طريقة البدال (حركة تشبه حركة القدمين في أثناء قيادة الدراجة) |
نوع من اللعب وأحيانا تكون للتعبير عن الانزعاج من شيء ما |
تغير اتجاه الرأس |
إشارة إلى التعب |
قراءة لغة جسد الأطفال من عمر السنتين وحتى مراحل الطفولة المتقدمة:
السلوك |
الدلالة |
وضعيات الاسترخاء (فتح اليدين، التنفس المسترخي) الحفاظ على الاتصال البصري أو استمرار النظر بين فترة وأخرى |
الرغبة في التواصل مع الآخرين |
الصمت والاستماع والنظر باستمرار |
علامة الاهتمام بما يحدث من حوله |
الإيماء بالرأس للأسفل |
الفهم والموافقة |
الإيماء بالرأس للأعلى أو حركة الرأس يميناً ويساراً |
عدم الفهم أو عدم الموافقة |
الاقتراب وتقليل المسافات بين الطفل والشخص الآخر |
كسر الحواجز والعوائق لدى الطفل تجاه الشخص الآخر |
الابتسامة |
الفرح، السعادة، قبول الآخرين |
التثاؤب، التحرك كثيراً في المكان |
الملل، عدم الاهتمام بما يدور من حوله، رغبته بالتخلص من الوضع المحيط |
الانفعالات الحادة كالغضب والصراخ أو قطع الكلام، إغلاق الفم وفتحه، الرغبة في التحدث مع رفع اليدين |
الرفض والرغبة في إحداث تغيير ما بما يحدث |
تقاطع الأذرع عند الصدر، عقد الحاجبين، العبوس |
الغضب |
وضع اليدين على الوجه |
الملل |
التشتت، ضعف الانتباه، اللعب العشوائي |
ضعف في القدرات الذهنية |
الرفرفة باليدين كالطائر |
الهروب من شيء ما أو الفرار أو الرغبة في الهجوم |
الإمساك بيد البالغ |
الرغبة في الحصول على الأمان، الرغبة في الحصول على شيء ما كطعام أو لعبة، أو جذب انتباهك |
القفز |
التعبير عن الفرح |
فتح العينين بوضوح |
التعبير عن الدهشة والاستغراب |
الحركة النشطة وعدم الجلوس |
الحماسة |
تجنب النظر أو الاختباء |
الخجل، الارتباك، الشعور بالخوف |
الضم والعناق |
التعبير عن الحب |
وضع اليد على الخد والانحناء إلى الأمام |
التفكير |
ضرب الرجلين ببعضهما |
الغضب |
شبك اليدين |
الاستعداد للدفاع |
فرك العينين |
النعاس |
وضع اليد على الفم في الكلام |
ربَّما تدل على الكذب |
نصائح لمساعدة الآباء على تعلم لغة الجسد لدى الأطفال:
- كن واعياً لتعابير الوجه والملامح الجسدية لطفلك وحاول فهم ما يُعبِّر عنه.
- ابحثْ واقرأ: اقرأ الكتب والمقالات والدراسات عن لغة الجسد للأطفال لفهم أفضل للإشارات والتعبيرات الجسدية.
- حاوِر الخبراء: اطلب المشورة من خبراء تطوير الطفولة أو المرشدين الأسريين لفهم أفضل للتعبيرات الجسدية للأطفال.
- مارِسْ وتفاعَلْ: مارِس التواصل غير اللفظي مع طفلك ممارسةً مستمرةً، وانتبه لتفسير تعابير وحركات جسده.
- وثِّق الملاحظات: وثِّق الملاحظات والتجارب التي تعينك على فهم لغة جسد طفلك فهماً أفضلَ.
- جرِّب وكرِّر: جرب مختلف التفاعلات والتحفيزات مع طفلك وراقب كيف يستجيب جسده لكل منها.
- اتَّصلْ بالطفل: أعطِ طفلك الوقت والفرصة للتعبير عن مشاعره واحتياجاته بوسائل غير لفظية، وكن متفهِّما ومتعاطفاً.
- ابحَثْ عن الإشارات الجسدية التي تصدر عن طفلك، وحاول أن تحدِّد نوعها؛ مشاعر الفرح، الحزن، الغضب، والخوف.
- استخدِمْ لغة الجسد في التواصل مع طفلك، مثل التحدث بوضعية جسدية مفتوحة ولطيفة.
- شجِّع الطفل على استخدام لغة الجسد للتعبير عن مشاعره واحتياجاته من خلال استخدامك لبعض السلوكات أمامه مقرونة بالحركات.
- اعتمِدْ على التفاعل الجسدي مثل العناق والقبلات لتعزيز الرابطة العاطفية بينك وبين طفلك.
- كنْ حساساً لإشارات الجسد التي تدل على الرغبة في الاحتضان أو الاحتياج للخصوصية.
- كُنْ متفهِّماً لتعبيرات الجسد المختلفة لكلِّ طفل، فتختلف لغة الجسد بين طفل وآخر.
في الختام:
لغة الجسد عند الأطفال هي إشارات تحمل معاني عديدة، لغة صامتة تعبِّر عن كثير من المشاعر والاحتياجات، وفي غالب الأحيان تكون أكثر صراحةً وصدقاً من أية كلمة ينطقها الطفل، وبفهمنا للتعبيرات الجسدية للأطفال، نستطيع التواصل معهم تواصُلاً أفضلَ وتقديم الدعم والرعاية التي يحتاجونها، لذا يجب علينا الاهتمام بتلك الإشارات الصامتة والاستماع للغة الجسد التي يتحدث بها أطفالنا، فهي تحمل مفاتيح فهم أعمق لعالمهم الداخلي واحتياجاتهم الحقيقية.
أضف تعليقاً