إنَّهم بارعون في إقناع الناس، وعندما يتعلق الأمر بإقناع أنفسهم هم حقاً يتقنون ذلك، حتى أنَّه لا يمكن لأي شخص أن يجادلهم.
لذلك يقنعون أنفسهم في لحظات الخوف والمقاومة، بعدم القيام بالشيء الذي قالوا لأنفسهم إنَّهم أرادوا فعله؛ وينتج عن ذلك عدم الالتزام بوعودهم، وعدم اتباع العادات التي يريدونها، وعدم القيام بالأعمال الهامة ذات المعنى التي لطالما رغبوا في القيام بها.
كيف نتغلب إذن على تبريراتِنا المقنعة؟ لقد تعلمتُ بعض الأمور من خلال العمل مع هؤلاء الناس الرائعين والأذكياء، فدعني أشاركها معك:
1. البدء بأفضل عقلية لديك:
كان لدى الملاكم الأمريكي "مايك تايسون" (Mike Tyson) عبارة شهيرة تقول: "كل شخص لديه خطة حتى يُلكَم في وجه"، على الرغم من أنَّني لا أحب العنف في العبارة، ولكن أحب الاعتراف بأنَّ أفضل خططنا تفشل عندما نواجه الخوف؛ لذا علينا أن نتدرب على كيفية الاستجابة للخوف حتى لا ننهار.
ولكن قبل أن نفعل ذلك، من الهام أن تبدأ التفكير في هذا الأمر عندما تتمتع بأفضل عقلية أو على الأقل طريقة تفكير لا تتمحور حول مقاومة ما ترغب فيه؛ وذلك لأنَّه في تلك المرحلة أنت فقط ستبرر تجنبك للقيام به.
أفضل عقلية هي عندما يمكنك النظر إلى الوضع بموضوعية وتقرير ما تريد فعله حقاً عندما تكون هادئاً ولا تشعر بالرغبة في المقاومة.
إذاً، ماذا تريد؟ ولماذا تهتم بذلك؟ وماذا سيعني ذلك لك وللآخرين؟ وما مدى أهميته بالنسبة إليك؟ دوِّن إجاباتك وانظر إليها عندما يلكمك الخوف في وجهك وتريد الهروب.
2. تجهيز الحجج التي تثبت عكس تبريراتك:
الآن، أنت تعرف ماذا تريد ولماذا؛ لذا تدرَّب على تقديم حجج مضادة لنفسك، وابدأ بسرد الأسباب التي تعطيها لنفسك لعدم القيام بالشيء الذي تخشاه؛ واذكر الأسباب التي تتذكرها الآن فكل تبرير سيكون على الأقل صحيحاً جزئياً؛ وهذا هو سبب قوَّتهم؛ لذا عليك أن تتغلب عليها بمزيد من الحقيقة.
على سبيل المثال:
- يجب أن أنام، فأنا أحتاج إلى النوم: صحيح أنَّ النوم هام؛ ولكنَّه يعني أنَّه يجب أن تبدأ بالنوم أبكر؛ إذيمكنك أن تستيقظ اليوم وتعاني قليلاً، ولكن بعد ذلك كن جدياً حول الخلود إلى النوم في الوقت المحدد؛ إذ يمكنك أن تلتزم بجدولك الزمني الذي تحتاج إلى التركيز فيه.
- لماذا يجب أن أفعل ذلك، فأنا بالفعل سعيد: وهذا صحيح أيضاً؛ ولكنَّ الاستسلام لمخاوفك لا يؤدي إلى السعادة على الأمد الطويل، وكسر وعدك لنفسك لا يؤدي إلى الثقة بالنفس، فالقيام بالشيء الذي قلت إنَّك تريد فعله حقاً سيقودك إلى السعادة على الأمد الطويل.
- الاستسلام لمرة واحدة لن يضر، فهو ليس بالأمر الهام: هذا صحيح، إلَّا أنَّه أمر هام لأنَّك تكسر وعدك لنفسك، وسوف يضرك لأنَّ أحدهم يقود حتماً إلى الآخر، وهكذا فأنت تشكل نمطاً سيؤذيك، فهل تعتقد أنَّ التبرير آذاك أو ساعدك؟
- أنا مشغول جداً: نعم أنت مشغول، ولكن هل الأمور الأخرى التي تقوم بها أهم من ذلك؟ وهل يمكنك أن تقول ذلك بيقين مطلق؟ لأنَّك قررت بالأمس أنَّ هذا هام والأشياء الأخرى لم تكن بالأهمية نفسها ربما لا يجب عليك إعادة التفاوض مع نفسك الآن ولكن انتظر حتى تكون في أفضل حالة ذهنية لإعادة تحديد أولوياتك.
شاهد: 10 نصائح لمحاربة اليأس والاستسلام
هذه فقط بضعة أشياء شائعة، فربما يمكنك التفكير في بعض من أشيائك الآن، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فانتبه إلى ما تقوله لنفسك في المرة القادمة التي تحاول فيها تأجيل أمورك الهامة، ودوِّن الحجج المنطقية. ما الذي أقنعك بعدم تصديق تبريراتك؟ اكتبها وأخبرها لنفسك في اللحظات العصيبة.
3. التدرب في لحظات المقاومة:
تختلف كتابة الأمور وتجهيز الحجج - التي تثبت عكس تبريراتك لنفسك - اختلافاً كبيراً عن مواجهة الخوف، فهذا يتطلب تدريباً ويجب أن تتمرن على هذا بشكل متعمد كل يوم، لكي تتحسن أكثر فأكثر في التغلب على المقاومة ولا تنهار عندما يواجهك الخوف.
التدريب هو كالتالي:
- حدِّد لنفسك وقتاً للتمرُّن، والتزم بالقيام بالتدريبات كل يوم في ذلك الوقت.
- حدِّد شيئاً لنفسك لتقوم به في وقت التدريب؛ أي أمر يشعرك ببعض المقاومة.
- نفِّذ قسماً صغيراً منه فقط، فإذا كنت تريد أن تكتب كتاباً على سبيل المثال، فاكتب فقط من 10 إلى 20 دقيقة اعتماداً على مدى صعوبة ذلك بالنسبة إليك، ولا تجعل الأمر شديد الصعوبة في البداية.
- لاحظ ما يحدث عندما يحين الوقت للتمرن، فما هي المبررات التي تعطيها لنفسك؟ وما هي وسائل الراحة التي تتجه إليها؟ ومِمَّ تشتكي؟ فقط لاحظ الأمر، دون إطلاق أي حكم.
- ابقَ للحظة في مواجهة الخوف والمقاومة، وتحسس ذلك.
- جرِّب ما إن كانت أيَّاً من حججك المضادة تنجح، وذكِّر نفسك لماذا هذا الأمر هام.
- فكِّر في فعل الأمر من موقف يتمحور حول الحب، وكيف يكون فعل ذلك تعبيراً عن المحبة لنفسك وللآخرين؟ وما مدى أهمية هذا الحب؟ وهل يمكنك أن تدع نفسك تشعر بالحب والتعاطف الآن تجاه نفسك والآخرين؟ دع هذا يحركك.
- حاول أن تنجز حتى لو ما يعادل دقيقة واحدة، لترى إن كان ذلك ممكناً، أو ربما لعشر ثوانٍ فقط، وغداً أنجز المزيد إن أمكن أو على الأقل الكمية نفسها.
سيساعدك التدريب اليومي على عدم الحاجة إلى الهروب وسوف تفقد المبررات قوَّتها مع مرور الوقت؛ وذلك لأنَّ الخوف لن يكون مخيفاً بالقدر نفسه.
المصدر: 1
أضف تعليقاً