كيف تربي الأم العاملة أطفالا أصحاء وسعداء؟
تمثِّل تربية الأطفال تربيةً صحيةً وسعيدةً تحدياً كبيراً للأمهات العاملات اللواتي يتعيَّن عليهنَّ الموازنة بين مسؤوليات العمل ومتطلبات الأسرة، ولتحقيق هذا التوازن، تحتاج الأم العاملة إلى استراتيجيات فعَّالة توفِّر الوقت والاهتمام الكافييَن لأطفالها، مع المحافظة على نجاحها المهني، ومن بين هذه الاستراتيجيات:
1. تنظيم وتوزيع الوقت
تتميَّز الأم العاملة بقدرة عالية على التنظيم، بسبب طبيعة العمل التي تتطلب جدولة دقيقة لكل نشاط خلال اليوم، سواء كان كبيراً أم صغيراً، وتحديد عدد معيَّن من الساعات لإنجاز مهامها المتعددة، وهذا التنظيم ينعكس انعكاساً إيجابياً على حياتها وحياة أطفالها، وهذا بدوره يُسهم في تحقيق التوازن والاستقرار الأسري.
2. منح الأفضل للأطفال
تشعر الأم العاملة غالباً بالقلق من التقصير تجاه أسرتها، فتعتقد أنَّ الوقت الطويل الذي تقضيه خارج المنزل يؤثِّر في حق بيتها وأبنائها، لذلك تعوِّض الأم العاملة هذا الشعور من خلال بذل أقصى جهد لإرضاء أطفالها وتقديم الأفضل لهم.
3. التجدُّد ومواكبة الموضة
تفرض حياة الأم العاملة عليها التفاعل يومياً مع شخصيات متنوعة ومختلفة من البشر، وهذا يمنحها مهارات متقدمة في التعاملات الشخصية، وإضافة إلى ذلك، تكتسب معلومات جديدة باستمرار وتتابع التحديثات والتطورات الثقافية، وهذا ينعكس إيجابياً على تربية أبنائها وأساليب التعامل معهم.
4. القيادة والسلطة
بفضل طبيعة عملها التي تتطلَّب التنظيم والإدارة، تتمتَّع الأم العاملة عادة بشخصية قوية وثقة عالية بالنفس، وتلك الصفات تمكِّنها من أن تكون قدوة لأبنائها ومرشدة لهم إرشاداً فعَّالاً، وبفضل قدرتها على القيادة، تستطيع توجيههم بحكمة والتأثير بهم بإيجابية، وهذا يعزِّز التواصل العاطفي والثقافي بينها وبينهم، ويسهم ذلك في نموهم الشخصي والاجتماعي بطريقة ملموسة ومؤثِّرة.
5. الدعم والتشجيع
تكمن أهمية الدعم النفسي والمعنوي للأمهات العاملات في إحساسهنَّ بالرضى والثقة في تربية أطفالهن، فهن يسعين جاهدات لدعم نجاحهم وسعادتهم النفسية والعلمية، وهذا يشكِّل أحد التحديات الرئيسة التي تواجه الأم العاملة، فالعاملات لديهنَّ فرصاً أكبر في التفوق العلمي، ويرجع ذلك إلى الاكتسابات التي يحصل عليها الأطفال من الحضانة والتفاعل مع زملائهم، وهذا يعزِّز تطورهم تعزيزاً إيجابياً.
طرائق للأم العاملة لتربية أطفالها جيدا
تبحث الأم العاملة دائماً عن الطرائق الفعَّالة لتحقيق التوازن بين حياتها المهنية وتربية أطفالها تربيةً صحيةً وسعيدةً، وتعدُّ هذه المهمَّة تحدياً يتطلَّب التخطيط والتنظيم، وفي هذه الفقرة سنقدِّم مجموعة من الطرائق العملية للأم العاملة، لتمكينها من توفير الرعاية المثلى والتطور الشخصي لأطفالها دون التضحية بنجاحها المهني:
1. تنظيم الوقت
يعدُّ التنظيم أساساً للنجاح في أي مجال، لدوره الفعَّال في تطوير الذات، والأم العاملة تحتاج إلى التنظيم والتخطيط الجيِّدَين، خاصة عندما يتعلق الأمر بإدارة الوقت لتوزيع المهام بفاعلية ودون إجهاد، وفيما يأتي بعض النصائح العملية التي تساعد الأمهات العاملات على تنظيم وقتهنَّ:
1.1. استخدمي المفكِّرة
استعمال المفكِّرة لتسجيل المهام وتخطيطها على مدار الأيام والأسابيع، يساعد على إنجازها بفاعلية ودون تعب، ويمكنك بصفتك أماً عاملة أن تستفيدي من المفكِّرة لتدوين أهدافك، وأفكارك، ومواعيدك، ومسؤولياتك المتعددة، فسوف تساعدك على تذكُّر ما يجب القيام به، والتخطيط لكل يوم وكل أسبوع تخطيطاً فعَّالاً.
1.2. استخدمي جدول الأسرة
يُقصد بها الورقة التي في غرفة الطعام، والتي تحتوي جدولاً أسبوعياً يمكن لكل أفراد الأسرة رؤيته، وسجِّلي عليه مواعيد الأطبَّاء والنشاطات المختلفة لأطفالك، وهذا التنظيم سيساعدك على ترتيب أولوياتك، ويعلِّم أسرتك بأهمية الالتزام بالمواعيد المحددة لكل شيء.
1.3. تجنَّبي إضاعة الوقت
حافظي على عدم إضاعة الوقت في الأمور الصغيرة التي قد تهدر وقتك وتشتِّت تركيزك، مثل التصفُّح الدائم لصفحات التواصل الاجتماعي على هاتفك.
2. ترتيب وتنظيم المهام
يجب على الأم العاملة أن تبتعد عن الإرهاق بقيام عدد من المهام يومياً، فذلك قد يؤثِّر سلباً في الفاعلية والصحة، ومن الأفضل توزيع المهام الكبيرة على مدار الأسبوع بدلاً من تكرارها يوماً بعد يوم، ويمكن تخصيص أيام معيَّنة لأعمال كبيرة، مثل غسيل وكوي الملابس، وهذا يسهِّل إدارة الوقت ويقلِّل من الإجهاد، ويمكن أيضاً تخصيص يوم في نهاية الأسبوع للتحضيرات الغذائية، مثل تقطيع الخضار وتحضير اللحوم، لتوفير الوقت عند إعداد الوجبات اليومية، واستغلال عطلتك للقيام بمهام التنظيف الشامل، مثل غسل الأرضيات وتنظيف النوافذ، سيوفر وقتك اليومي في ترتيب المنزل، كما يمكنك الاستعانة بالأجهزة المنزلية الذكية لتقليل الجهد وتوفير الوقت.
3. الحصول على المساعدة
يجب على الأم العاملة عدم تحمُّل أكثر مما تستطيع، وإنَّ الإجهاد الناتج قد يؤثر سلباً في صحتك مع مرور الوقت، فيمكنك الاستعانة بعاملة منزلية بدوام كامل لمساعدتك على مهام تنظيف المنزل، والطبخ، والاعتناء بأطفالك في وجودك في العمل، وفي حال لا ترغبين في الاستعانة بخادمة بدوام كامل، يمكنك استخدام عاملة بدوام جزئي تعمل لعدد قليل من الساعات يومياً أو أسبوعياً، وهذا سيخفِّف عنك بعض الأعباء، ويتيح لك التركيز على الأشياء الأخرى والتي تعد أهم.
إذا كنت لا ترغبين في هذا أيضاً، فيمكنك دعم زوجك وتشجيعه على المساهمة في هذه المهام، فهذا يوفر عليك الوقت والجهد، وسيقربكما أكثر من بعضكما، فيعزِّز التعاون والشراكة بينكما، ومن الهام أيضاً تشجيع أطفالك على المساهمة في المهام المنزلية، فهذا سيخفِّف عنك بعض الضغوطات، وسيُطوِّر مهاراتهم ويُشعرهم بالمسؤولية، وسيكون لهذا الأثر الإيجابي تأثيراً في نموهم الشخصي وقدراتهم على الاستقلالية في المستقبل.
شاهد بالفيديو: المرأة العاملة كيف توفق بين أسرتها وعملها؟
4. قضاء الوقت مع أطفالك
يجب أن تكون رعاية واهتمام الأطفال في قمة أولويات الأم، فهي تبذل جهوداً كبيرة لتأمين وجبات صحية ومساعدة الأطفال على إتمام واجباتهم المدرسية، ولا يمكن لأي شخص آخر أن يحل محلها في قضاء الوقت معهم من خلال الحديث واللعب، وتتجاوز التربية الجوانب المادية والتعليمية، وهنا يكمن دور الأم في حياة أطفالها بعمق أكبر، فمن الهام تخصيص وقت يومي للتحدث مع الطفل والاستماع له، وهذا يسمح بتبادل الحديث عما حدث في اليوم ومشاركة الأمور التي تثير الاهتمام المشترك.
يجب على الأم أن تعبِّر لطفلها يومياً عن حبها له، وتشرح له أنَّ انشغالها أحياناً بسبب العمل ليس رغبة في الابتعاد عنه؛ بل هو جزء من ضرورات الحياة، وغالباً ما تواجه الأم العاملة تحديات تُشعِرها بالذنب، لأنَّها تبتعد عن بيتها وأطفالها، وهذا قد يدفعها إلى تدليل أطفالها أو التغاضي عن سلوكاتهم السلبية، وأحياناً إلى تعويضهم بالهدايا والحلويات، فعلى الرغم من أنَّ هذه الأفعال قد تمنح الأم شعوراً جيداً، إلا أنَّها قد تؤثر سلباً في تربية الأطفال وسلوكهم، وتحويل العلاقة الأمومية إلى علاقة مادية خالية من العواطف.
لذلك يجب أن تحقِّق الأم العاملة التوازن بين عطفها على أطفالها وشعورها بالذنب، وعدم السماح لهذا الشعور بالسيطرة على علاقتها بأطفالها، فعليها أن تكون حنونة وعطوفة، وفي الوقت ذاته صارمة وقوية حين يلزم ذلك، فإنَّ التوازن والوسطية أساسيان في التعامل مع الأطفال لضمان تربية سليمة ومتوازنة.
تحديات تواجه النساء العاملات
تواجه النساء العاملات عدة تحديات تتعلق بتوازن حياتهنَّ بين العمل والأسرة، وهذه التحديات تتراوح بين الجوانب العملية كتنظيم الوقت وإدارة المهام، إلى الجوانب النفسية، مثل التعامل مع الضغوطات النفسية ومخاوف فقدان الوظيفة، وتعدُّ هذه التحديات أساسية في الحوار الاجتماعي عن دور المرأة في سوق العمل وفي الأسرة، وتستدعي استراتيجيات متقدِّمة للتوفيق بين متطلبات الحياة المهنية والأسرية، ومن بين هذه التحديات:
1. تحديات التحولات
مثل التكيُّف مع العودة إلى العمل بعد فترة إجازة الأمومة، وإدارة التوترات المرتبطة بالانتقال من دور الأم إلى دور الموظَّفة.
2. تحديات عملية
تتمثَّل في التحكم في المهام والمواعيد تحكُّماً فعَّالاً دون التخلي عن الاهتمام بالأطفال واحتياجاتهم.
3. مرونة العمل
هي القدرة على ضبط جداول العمل بما يتناسب مع متطلبات الحياة الأسرية، وهذا يتيح المرونة في الحضور والانصراف واستخدام خيارات العمل المرنة.
4. تحديات نفسية
مثل التعامل مع القلق والخوف من فقدان الوظيفة وتأثير ذلك في الحياة العائلية والشخصية.
5. مخاوف الهوية
التي تتمثَّل في البحث عن التوازن بين الأولويات الشخصية والمهنية، والتأكُّد من أنَّ النساء العاملات يعرفن من هنَّ، وما الذي يرغبن في تحقيقه في حياتهنَّ.
تستدعي هذه التحديات من النساء العاملات القدرة على التكيُّف والابتكار لتحقيق توازن مثالي يسمح بالاستمتاع بحياة مهنية وحياة أُسرية سعيدة ومستقرة.
في الختام
تتطلَّب تربية أطفال سعداء وأصحَّاء بواسطة الأم العاملة توازناً بين الحياة المهنية والأسرية، فيجب على الأم العاملة أن تنظِّم وقتها بذكاء، وتحدِّد أولوياتها بحكمة، مع الاهتمام الدائم بالصحة والسعادة لأطفالها.
أضف تعليقاً